وكما قال الكميت بن زيد رحمهالله في أهل البيت (ع) (١) :
وطائفة قد أكفروني بحبكم |
|
وطائفة قالوا : مسيء ومذنب |
أي سمّوني كافرا وحكموا عليّ بذلك. فثبت الموضع الأول وهو في تعيين معاني الهدى.
وأما الموضع الثاني : وهو في كيفية إضافته إلى الله تعالى ، وكيفية
حمل ما في القرآن من ذلك.
أمّا كيفية إضافته إلى الله تعالى ، فالهدى بمعنى الدلالة والبيان ، وخلق العلوم الضرورية ـ يجب أن يفعله الله تعالى لجميع المكلفين (٢) سواء كانوا عاصين أو مطيعين ؛ لأنّ تكليفهم من دون ذلك يكون تكليفا لما لا يعلم ، وهو قبيح بالإجماع ، ويكون تكليفا لما لا يطاق وهو قبيح أيضا ، وهو تعالى لا يفعل القبيح على ما تقدم تحقيقه ، وما عدا ذلك من معاني الهدى لا يجوز أن يفعله الله تعالى إلا للمؤمنين دون غيرهم من المكلّفين ـ وهو الهدى بمعنى الثواب ، وبمعنى زيادة التوفيق ـ لأن المجازاة بالثواب لمن لا يستحقّه تكون
__________________
(١) هو الكميت بن زيد الأسدي الكوفي ، ابن أخت الفرزدق. ولد سنة ٦٠ ه. شاعر عارف بآداب العرب ولغاتها وأخبارها وأنسابها له الهاشميات في مدح بني هاشم وأهل البيت ، خطيب بني أسد ، وفقيه الشيعة ، كان فارسا شجاعا سخيّا راميا لم يكن في قومه أرمى منه. اجتمعت فيه خصال لم تجتمع في شاعر ؛ لو لا شعر الكميت لم يكن للغة ترجمان ، ولو لم يكن لبني أسد منقبة غير الكميت لكفاهم ـ وأنا أقول : لو لم يكن لدى الشيعة شاعر غير الكميت لكفاهم. وشعره أكثر من خمسة آلاف بيت ، وأشهر شعره الهاشميات في مدح بني هاشم مطلعها :
طربت وما شوقا إلى البيض أطرب |
|
ولا لعبا مني وذو الشيب يلعب |
وقد ترجمت إلى اللغة الألمانية. توفي سنة ١٢٦ ه. أنظر معجم المؤلفين ٢ / ٦٧١.
والأعلام ٥ / ٢٣٣. والغدير ٢ / ١٩٥. والروضة المختارة شرح القصائد ص ٢٩.
(٢) في (ب) : لكل المكلفين.