يعود إلى الفاعل ، أو لدفع ضرر عنه ، وعلى هذا لا يجوز تسمية القديم تعالى مكتسبا لاستحالة المنافع والمضارّ عليه كما تقدم في فصل غنيّ أنّه لا يجوز عليه المنفعة والمضرة. وأما المباشر (١) : فهو الفعل الذي يوجد بالقدرة في محلها ابتداء. وأمّا المتولّد : فهو الفعل الذي وجد بحسب فعل آخر على جهة الإيجاب.
وأما الموضع الثاني : وهو في حكاية المذهب وذكر الخلاف. فذهب المسلمون إلى أنّ العبد فاعل لتصرفاته دون الله تعالى ، وهذا هو مذهب جميع النبيين وصحابتهم أجمعين. والخلاف في ذلك مع القدرية. فذهبت الجهمية منهم (٢) إلى أنها من الله تعالى مبتدأة كانت أو متولّدة. وذهبت الأشعرية إلى أنّها من الله تعالى ، والعباد مكتسبون لها (٣). وذهب ضرار ابن عمرو (٤) إلى القول بالكسب ، إلا أنه يقول : إنّ العباد مكتسبون للمبتدإ منها دون المتولد. وذهبت المطرّفيّة (٥) إلى أن العباد فاعلون لكل ما لا يتعدى من أفعالهم ، ويطلقون على ما هذه حاله أنه فعل العبد ،
__________________
(١) المباشر مثل رمي الحجر. والمتولد ما تولد منه الفعل ، وهو الأثر الذي يحدثه الحجر.
(٢) الجهمية : هم أصحاب جهم بن صفوان قالوا : بأن الإنسان وعمله من فعل الله كشجرة في مهب الريح وقلم في يد كاتب وهم المجبرة الخلّص. ينظر الملل والنحل للشهرستاني ٢ / ٨٦. ورسائل العدل والتوحيد ص ٣٤٨. والقضاء والقدر للرازي ص ٣١. وعدالة الرواة والشهود للمحقق ص ١٧٢.
(٣) ينظر القضاء والقدر ص ٣٢.
(٤) ضرار بن عمرو : وإليه تنسب الضرارية ، كان ظهوره في أيام واصل بن عطاء ، وله كتاب اسمه التحريش.
(٥) «المطرّفيّة» هم أصحاب مطرّف بن شهاب ، فارقوا الزيدية بمقالات في أصول الدين ، مثل قولهم : إن كثيرا من أفعال الله ليس بحكمة ولا صواب ونحوها. كفّرهم كثير من الزيدية بها. وقد انقرضت هذه الفرقة بسيف الإمام المنصور عبد الله بن حمزة عليهالسلام عام ٦١١ ه. ينظر ١ / ١٣٨ من الأساس الكبير للسيد أحمد الشرفي.