والجواب : أنا نمنعهم من التعلّق بظاهر الآية بوجوه ثم نبين معناها (١) فأما الوجوه المانعة من التعلق بظاهرها : فمنها أنه لم يقل : نور على الإطلاق بل قيد ، فلو كان نورا على الحقيقة لم يكن لذلك فائدة ؛ لأن ما كان نورا على الحقيقة فهو نور لأيّ شيء كان ، فلا وجه لإضافته إلى السموات والأرض وهذا هو الوجه الأول.
وثانيها : أنه لو أراد أنه نورهما على معنى الضياء ، لوجب أن لا يكون في شيء من السموات والأرض ظلمة بحال لأنه دائم لا يزول ، ولم يقل : إنه نورهما في وقت دون وقت. وإن جوّزوا عليه التّغيير لزمهم أن يكون نورا لهما في حال دون حال.
وثالثها : أنه لو كان المراد به الضياء ، لوجب أن يقع به الاستضاءة دون الشمس ، والمشاهدة قاضية بخلافه.
ورابعها : أنه يؤدّي إلى مناقضة القرآن قال الله تعالى : (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) [الأنعام : ١] ، فكيف يكون نورا مع كون النور مخلوقا ، ولفظة النّور عامّة لوجهين : أحدهما عند بعض العلماء ، وهو أنها لفظة جنس معرّفة بالألف واللّام ، وذلك عندهم يقتضي العموم. والثاني : وهو أنها عامة بعلّة الخلقيّة والجعليّة ، ولا يجوز مناقضة القرآن لقوله تعالى : (ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَ) [ق : ٢٩] ، وقوله : (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ) [فصلت : ٤٢] ، وقوله : (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) [النساء : ٨٢].
وخامسها : أنّ قولهم : النور جسم ، غلط ؛ لأن النور هو الضياء وهو عرض
__________________
(١) في (ب) ، (ج) : معانيها.