وإنّما الجسم الذي يقوم به النّور دون ذات النور ، هذا عند بعض العلماء وعند بعضهم أنّ النور جسم ؛ لأن النور عندهم هو الأجسام الصقيلة الرقيقة النّيرة كأشعة الشمس والقمر وغير ذلك. والظلمة عندهم هي الأجسام الرقيقة المنبثّة المختصّة بالسواد كالهواء الذي لا شعاع فيه ، وعلى الوجهين جميعا فقولهم باطل ؛ لأنّا قد دللنا فيما تقدم على حدوث الأجسام والأعراض ، وعلى قدمه تعالى. فبطل ما ذكروه.
وسادسها : أن ذلك تحقيق قول الثنوية في زعمهم بالأصلين : النور والظلمة وغير ذلك من الوجوه التي ذكرناها في كتاب الإرشاد.
وأما معنى الآية فقراءة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام : الله نور السموات والارض [النور : ٣٥] أي هادي أهل السموات والأرض (١) ، وهي (٢) قراءة ابن مسعود ، وقيل : نور بمعنى منوّر السموات (٣) ؛ لأنه خلق النور (٤). قوله تعالى : (مَثَلُ نُورِهِ) قيل : هدايته للمؤمن (٥). وقيل الهاء في نوره راجعة إلى غير مذكور (٦) وهو المؤمن ، يعني مثل نور المؤمن الذي في قلبه. وقرأ أبيّ : مثل نور من آمن به (٧).
__________________
(١) ينظر تفسير الرازي مج ١٢ ج ٢٣ ص ٢٣١ حيث فسر بهذا. وكتاب الإرشاد للجويني ص ١٤٨. والماوردي ٤ / ١٠٢. والدر المنثور : ٢ / ٨٧.
(٢) كل النسخ : وهو ، ما عدا (ب) فقد أصلحها «وهي» ، ولذلك أثبتناه لأنه الأولى.
(٣) رواها صاحب الدر المصون ٨ / ٤٠٣. وذكر أن قراءة زيد بن علي ، وأبي جعفر المنصور ، وعبد العزيز المكي شيخ الحرم المكي. وينظر غريب القرآن للإمام زيد ٢٢٤.
(٤) في بقية النسخ : خالق النور.
(٥) في (ج) : للمؤمنين.
(٦) في (ب) : المذكور
(٧) الجامع للقرطبي ١٢ / ١٧٢.