حق (١). (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) وقد تقدم (٢).
قوله : (وَالْجِبِلَّةَ) العامة على كسر الجيم والباء وشد اللام. وأبو حصين (٣) والأعمش والحسن بضمّهما (٤) وشد اللام (٥). والسّلمي بفتح الجيم أو كسرها مع سكون الباء (٦) وهذه لغات في هذا الحرف ، ومعناه : الخلق المتّحد الغليظ ، مأخوذ من الجبل (٧) قال الشاعر :
٣٩٢٣ ـ والموت أعظم حادث |
|
ممّا يمرّ على الجبلّه (٨) |
وقال الهروي (٩) : الجبلّ والجبلّ (١٠) والجبل لغات ، وهو الجمع الكثير العدد من الناس (١١). وقيل : «الجبلّة» من قولهم : جبل على كذا ، أي : خلق وطبع عليه (١٢) ، وسيأتي في «يس» إن شاء الله تعالى تمام الكلام على ذلك عند قوله : (جِبِلًّا كَثِيراً)(١٣). والمراد ب (الْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ): الأمم المتقدمين ، أي : أنه المنفرد بخلقهم وخلق من تقدمهم.
قوله : (قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ وَما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا). جاء في قصة هود (١٤) «ما أنت» (١٥) بغير واو ، وهاهنا بالواو. فقال الزمخشري : إذا دخلت الواو فقد قصد معنيان كلاهما مخالف للرسالة عندهم : التّسحير والبشرية ، وأنّ الرسول لا يجوز أن يكون مسحّرا ولا بشرا ، وإذا تركت الواو فلم يقصد إلا معنى واحد ، وهو كونه مسحّرا ،
__________________
(١) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٦٣.
(٢) في سورة هود عند قوله تعالى : «وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ» [٨٥].
انظر اللباب ٤ / ٣٦٤.
(٣) ذكر ابن الجزري في طبقات القراء أن أبا حصين ممن أخذ عنه الأعمش ولم يترجم له. انظر طبقات القراء ١ / ٣١٥.
(٤) في ب : بضمها. وهو تحريف.
(٥) المختصر (١٠٧) ، المحتسب ٢ / ١٣ ، البحر المحيط ٧ / ٣٨.
(٦) نقلها بالفتح عنه ابن خالويه : المختصر (١٠٧) ، وقال أبو حيان : (وقرأ السلمي «والجبلة» بكسر الجيم وسكون الباء ، وفي نسخة عنه فتح الجيم وسكون الباء ، وهي من جبلوا على كذا ، أي : خلقوا) البحر المحيط ٧ / ٣٨.
(٧) انظر اللسان (جبل).
(٨) البيت من الكامل ، لم أهتد إلى قائله ، وهو في تفسير غريب القرآن (٣٢٠) ، تفسير ابن عطية ١١ / ١٤٦ ، القرطبي ١٣ / ١٣٦ ، البحر المحيط ٧ / ٣٠.
(٩) تقدم.
(١٠) في ب : الجبل.
(١١) انظر البحر المحيط ٧ / ٣٠.
(١٢) انظر اللسان (جبل).
(١٣) من قوله تعالى : «وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ»[يس : ٦٢].
(١٤) كذا في النسختين. والصواب أن هذا في قصة ثمود. انظر الكشاف ٣ / ١٢٥.
(١٥) من قوله تعالى : «ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ»[الشعراء : ١٥٤].