أيضا : يصلون يزكون ، وقيل : الصلاة من الله الرحمة ، ومن الملائكة الاستغفار (١). وقال أبو العالية : صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة وصلاة الملائكة الدعاء (٢) ، روى عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : لقيني كعب بن عجرة فقال : ألا أهدي لك هديّة سمعتها من رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقلت بلى فأهدها إليّ قال : قلنا يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم فكيف نصلي عليك؟ قال : «قولوا اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد» (٣) وروى أبو حميد السّاعديّ أنهم قالوا يا رسول الله : كيف نصلي عليك؟ فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قولوا : اللهم صلّ على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد (٤). وروى ابن مسعود قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «إنّ أولى النّاس بي يوم القيامة أكثرهم عليّ صلاة» (٥). وروى أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : «من صلّى عليّ واحدة صلّى الله عليه عشرا» (٦) ، وروى عبد الله بن أبي طلحة عن أبيه عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أنه جاء ذات يوم والبشر في وجهه فقال : «إنّي جاءني جبريل فقال : أما يرضيك يا محمد أن لا يصلّي عليك أحد من أمّتك إلّا صلّيت عليه عشرا ولا يسلّم عليك أحد من أمّتك إلّا سلّمت عليه عشرا» (٧) وروى عامر بن ربيعة (٨) أنه سمع النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقول «من صلّى عليّ صلاة صلّت الملائكة عليه ما صلّى عليّ فليقلّ العبد من ذلك أو ليكثر» (٩) وروى عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «إنّ لله ملائكة سيّاحين في الأرض يبلّغون عن أمّتي السّلام» (١٠).
فصل
دلت الآية على وجوب (١١) الصلاة على النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لأن الأمر للوجوب ولا تجب
__________________
(١) معالم التنزيل للبغوي ٥ / ٢٧٤.
(٢) زاد المسير ٦ / ٣٩٨.
(٣) السابق.
(٤) رواه البخاري ٣ / ١٧٨ والإمام مالك في الموطأ باب السفر برقم ٦٦ ومسند الإمام أحمد ١ / ٦٣ و ٣ / ٤٧ و ٤ / ١١٨ و ٢٤١ و ٢٤٣ و ٢٤٤ و ٥ / ٢٧٤ و ٢٧٤ و ٤٢٤.
(٥) الحديث في الترمذي ١ / ٣٢ الوتر «باب ما جاء في فضل الصلاة على النبي».
(٦) نقله البغوي في معالم التنزيل ٥ / ٢٧٥ والجامع في أحكام القرآن للقرطبي ١٤ / ٢٣٥.
(٧) المرجعان السابقان القرطبي ١٤ / ٢٣٧ والبغوي ٥ / ٢٧٥ وانظر الخازن ٥ / ٢٧٥ وفي القرطبي «والبشرى في وجهه» بدل «البشر».
(٨) ابن كعب بن مالك العنزي أسلم قديما ، وهاجر إلى الحبشة ، وإلى المدينة وشهد بدرا والمشاهد له اثنان وعشرون حديثا مات سنة ٣٣ ه انظر: خلاصة الكمال ٨٤.
(٩) البغوي ٥ / ٢٧٥.
(١٠) القرطبي ١٤ / ٢٢٧.
(١١) وهو قول محمد بن المواز ، وابن العربي والدارقطني فيما ذكر القرطبي ، والذي عليه الجم الغفير والجمهور الكثير أن ذلك من سنن الصلاة ومستحباتها كالإمام مالك وسفيان الثوري وأهل المدينة وأهل الكوفة.