بالياء لأنه جنس والمفصل أيضا (١) ، وقوله «من بعد» أي من (بعد) (٢) اللائي نصصنا لك على إحلالهنّ كما تقدم (٣) ، وقيل : من بعد إباحة النساء المسلمات دون الكتابيّات (٤).
فصل
قال المفسرون : من بعد أي من بعدهن. قال ابن الخطيب : والأولى أن يقال لا تحل لك النساء من بعد اختيارهن الله ورسوله ورضاهن بما تؤتيهن من الوصل والهجران (٥) ، وقال ابن عباس وقتادة : من بعد هؤلاء التسعة (٦) خيرتهن فاخترنك ، وذلك أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لما خيرهن فاخترن الله ورسوله شكر الله لهن ، وحرّم عليه النساء سواهن ونهاه عن تطليقهن وعن الاستبدال بهن ، واختلفوا في أنه هل أبيح له النساء من بعد ، قالت عائشة : ما مات رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ حتى أحل له النساء. وقال أنس : مات على التحريم ، وقال عكرمة : معنى الآية لا تحل لك النساء إلا اللاتي أحللنا لك أزواجك ، الآية ثم قال: لا تحل لك النساء من بعد اللاتي أحللنا لك بالصفة التي تقدم (٧) ذكرها. وقيل لأبي بن كعب : لو مات نساء النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كان يحل له أن يتزوج ، قال : (و) (٨) ما يمنعه من ذلك؟ قيل : قوله عزوجل : (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ) قال : إنّما أحلّ الله ضربا من النساء فقال : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ) قال : (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ) (و) (٩) قال أبو صالح : أمر أن لا يتزوج أعرابية ولا غريبة ويتزوج من نساء قومه من بنات العم والعمة والخال والخالة إن شاء ثلاثمائة. وقال مجاهد: معناه لا تحل لك اليهوديّات بعد المسلمات (١٠)(وَلا أَنْ تَبَدَّلَ) بالمسلمات غيرهن من اليهود والنصارى يقول : لا تكون أم المؤمنين يهودية ولا نصرانية (إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ) أحلّ له ما ملكت يمينه من الكتابيات أن يتسرى بهنّ ؛ وروي عن الضحاك معنى (وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ) ولا أن تبدل بأزواجك اللاتي هن في حبالك أزواجا غيرهن بأن تطلق فتنكح غيرهن فحرم عليه طلاق النساء اللواتي كن عنده وجعلهن أمهات المؤمنين وحرمهن على غيره حين (١١) اخترنه ، فأما نكاح غيرهن فلم يمنع عنه(١٢). وقال ابن زيد في قوله : (وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَ
__________________
(١) الإتحاف للبناء ٣٥٦ ، والسبعة لا بن مجاهد ٥٢٣ وحجة ابن خالويه ٢٩١ والتيسير في القراءات ١٧٩ والنشر ٢ / ٣٤٩ وقد قال فيه : «فقرأ البصريان بالتاء على التأنيث» والدر المصون ٤ / ٣٩٩.
(٢) ما بين القوسين ساقط من «أ» وزيادة من «ب».
(٣) يشير إلى الآية ٥٠ من نفس السورة.
(٤) هذا قول مجاهد وغيره وانظر : بحر أبي حيان ٧ / ٢٤٣ و ٢٤٤.
(٥) انظر : تفسيره ٢٥ / ٢٢٢.
(٦) في «ب» التسع وهو الصواب نحويا وانظر : زاد المسير ٦ / ٤٠٩.
(٧) انظر هذه الأقوال في تفسير البغوي ٥ / ٢٧٠.
(٨ و ٩) زيادتان عن «أ» و «ب».
(١٠) ذكره الإمام أبو الفرج ابن الجوزي في تفسيره زاد المسير ٦ / ٤١٠.
(١١) في «ب» إذ.
(١٢) المرجع السابق.