الثالث : أنه ضمير المصدر (١) المفهوم من الفعل ، أي : نودي النّداء ، ثم فسّر بما بعده (٢) ومثله (ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ) [يوسف : ٣٥].
قوله : (مَنْ فِي النَّارِ) من قائم مقام الفاعل ل «بورك» (٣) ، وبارك يتعدى بنفسه ، ولذلك(٤) بني للمفعول ، يقال : بارك الله ، وبارك عليك ، وبارك فيك ، وبارك لك (٥) ، وقال الشاعر :
٣٩٣٠ ـ فبوركت مولودا وبوركت ناشئا |
|
وبوركت عند الشّيب إذ أنت أشيب (٦) |
وقال عبد الله بن الزبير :
٣٩٣١ ـ فبورك في بنيك وفي بنيهم |
|
إذا ذكروا ونحن لك الفداء (٧) |
وقال آخر :
٣٩٣٢ ـ فبورك في الميت الغريب كما |
|
بورك (٨) نبع الرّمّان والزّيتون (٩) |
فصل (١٠)
والمراد ب «من» إما الباري تعالى ، وهو على حذف مضاف ، أي من قدرته وسلطانه في النار(١١) ، وقيل المراد به موسى والملائكة ، وكذلك ب (مَنْ حَوْلَها) ، وقيل المراد ب «من» غير العقلاء وهو النور والأمكنة التي حولها (١٢) ، فالأول مروي عن ابن عباس ، وروى مجاهد عنه أنه قال : معناه بوركت النار (١٣). وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس أيضا ، قال : سمعت أبيّا يقرأ : «أن بوركت النار ومن حولها» (١٤) و «من» : قد تأتي بمعنى
__________________
(١) في ب : المضمر.
(٢) انظر التبيان ٢ / ١٠٠٤ ، البحر المحيط ٧ / ٥٥.
(٣) انظر التبيان ٢ / ١٠٠٤.
(٤) في ب : وكذلك.
(٥) انظر اللسان (برك).
(٦) البيت من بحر الطويل ، لم أهتد إلى قائله ، وهو في القرطبي ١٣ / ١٥٨ ، البحر المحيط ٧ / ٥٥.
والشاهد فيه بناء الفعل (بارك) للمفعول ، لأنه فعل متعد.
(٧) البيت من بحر الوافر ، قاله عبد الله بن الزبير ، وهو في الحماسة البصرية ١ / ٤٣٩ ، البحر المحيط ٧ / ٥٥ ، والشاهد فيه كالشاهد في البيت السابق.
(٨) في ب : بورك في.
(٩) البيت من بحر الخفيف ، قاله أبو طالب بن عبد المطلب في رثاء مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس ، وهو في ديوانه (٢١) برواية :
بورك البيت ... كما |
|
بورك نبع ... والتين |
وتفسير ابن عطية ١١ / ١٧١ ، المفضليات (١٩٣) ، اللسان (برك) ، وفيه (نضح) مكان (نبع) البحر المحيط ٧ / ٥٥ ، والشاهد فيه كالشاهد في البيت السابق.
(١٠) فصل : سقط من ب.
(١١) انظر البحر المحيط ٧ / ٥٥ ـ ٥٦.
(١٢) المرجع السابق.
(١٣) انظر البغوي ٦ / ٢٦٠.
(١٤) المرجع السابق ٦ / ٢٦١.