٣٩٠٠ ـ لم(١)أنس يوم الرّحيل وقفتها |
|
وطرفها في دموعها غرق |
وقولها والرّكاب واقفة |
|
تتركني هكذا وتنطلق (٢) |
أي : أتتركني. يقول : تمنّ عليّ أن ربيتني وتنسى جنايتك على بني إسرائيل بالاستعباد والمعاملة القبيحة (٣). أو يريد : كيف تمنّ عليّ بالتربية ، وقد استعبدت قومي؟ ومن أهين قومه ذلّ ، فتعبّدك بني إسرائيل قد أحبط إحسانك إليّ (٤).
وقال الحسن : إنك استعبدت بني إسرائيل ، فأخذت أموالهم وأنفقت منها عليّ فلا نعمة لك بالتربية (٥). وقيل : إن الذي تولى تربيتي هم الذين استعبدتهم فلا نعمة لك عليّ ، لأن التربية كانت من قبل أمي ومن قومي ، ليس لك إلا مجرد الاسم ، وهذا ما يعدّ إنعاما (٦). وقيل : معناه : تمنّ عليّ بالتربية وأنت لو لا استعبادك بني إسرائيل وقتلك أولادهم لما دفعت إليك حتى ربيتني وكفلتني ، فإنه كان لي (٧) من أهلي من يربّيني ويكفلني ، ولم يلقوني في اليمّ ، فأيّ نعمة لك عليّ (٨). وقيل : معناه أنك تدّعي أن بني إسرائيل عبيدك ، ولا منّة للمولى على العبد في تربيته (٩).
قوله تعالى : (قالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٣١) فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ)(٣٢)
قوله تعالى : (وَما رَبُّ الْعالَمِينَ) إنما أتى ب «ما» دون «من» لأنها يسأل بها عن طلب الماهية (١٠) ، كقولك (١١) : ما العنقاء (١٢)؟ ولما كان جواب هذا السؤال لا يمكن
__________________
(١) في ب : ألم.
(٢) البيتان من بحر البسيط ، قالهما عمر بن أبي ربيعة ، وليسا في ديوانه وهما في القرطبي ١٣ / ٩٦.
والشاهد فيهما حذف همزة الاستفهام في (تتركني) ، إذ الأصل : أتتركني. وليس في الكلام (أم).
(٣) انظر البغوي ٦ / ٢٠٩ ـ ٢١٠.
(٤) المرجع السابق ٦ / ٢١٠.
(٥) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٢٦.
(٦) المرجع السابق.
(٧) لي : سقط من ب.
(٨) انظر البغوي ٦ / ٢١٠.
(٩) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٢٦.
(١٠) ماهية الشيء : ما به الشيء هو هو وهي من حيث هي هي لا موجودة ولا كلي ولا جزئي ولا خاص ولا عام. التعريفات ١٩٥.
(١١) في الأصل : قوله.
(١٢) العنقاء : طائر متوهم لا وجود له. المعجم الوسيط (عنق) ٢ / ٦٥٥.