الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)(٢٤)
قوله : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ) مبتدأ أو خبر أي ومن جملة علامات توحيده وأنه يبعثكم خلقكم واختراعكم و «من» لابتداء الغاية ، وقوله : (مِنْ تُرابٍ) أي خلق أصلنا وهو آدم من تراب ، (أ) (١) وأنه خلقنا من نطفة والنطفة من الغذاء والغذاء إنما يتولد من الماء والتراب على ما تقدم شرحه (ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) في الأرض. والترتيب والمهلة هنا ظاهران فإنهم يصيرون بشرا بعد أطوار كثيرة و «تنتشرون» حال.
و «إذا» هي الفجائيّة ، إلا أنّ الفجائية أكثر ما تقع (٢) بعد الفاء ؛ لأنها تقتضي التعقيب ووجه وقوعها (مع (٣)) «ثم» بالنسبة إلى ما يليق بالحالة الخاصة أي بعد تلك الأطوار التي قصّها علينا في موضع آخر من كوننا نطفة ثم علقة ثم مضغة (ثمّ (٤) عظما مجردا) ثم عظما مكسوّا لحما (فاجأ (٥)) البشرية فالانتشار.
قوله : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) (مِنْ أَنْفُسِكُمْ) يعني من بني آدم ، وقيل خلق «حوّى» من ضلع آدم (لِتَسْكُنُوا إِلَيْها). والصحيح أن المراد من جنسكم كما قال : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) [التوبة : ١٢٨] ويدل عليه قوله : (لِتَسْكُنُوا إِلَيْها) يعني أن الجنسين المختلفين لا يسكن أحدهما إلى الآخر ، أي لا يثبت نفسه معه ، ولا يميل قلبه إليه (وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) (وقيل : مودة (٦)) بالمجامعة ، (ورحمة (٧)) للولد تمسّكا بقوله : (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا) [مريم : ٢] ، وقيل : جعل بين الزوجين المودة (والرحمة (٨)) فهما يتوادّان ، ويتراحمان وما من شيء (٩) أحبّ إلى أحد من الآخر من غير رحم (١٠) بينهما. (إِنَّ فِي ذلِكَ) يحتمل أن يكون المراد منه إن في خلق الأزواج «لآيات». ويحتمل أن يقال : «إن في جعل المودة والرحمة بينهم آيات لقوم يتفكرون» في عظمة الله وقدرته.
قوله : (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ثم لما أشار إلى دلائل الأنفس والآفاق (ذكر(١١)) ما هو من صفات الأنفس وهو قوله : (وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ) أي لغاتكم من عرب وعجم مع تنوع كل من (الجنسين (١٢)) إلى أنواع شتى لا سيّما العجم ، فإن لغاتهم
__________________
(١) زيادة من «ب».
(٢) في «ب» يقع بصيغة التذكير.
(٣) ساقط من «ب».
(٤) ساقط من «ب».
(٥) ساقط من «ب».
(٦) ساقط من «ب» وانظر : القرطبي ١٤ / ١٧.
(٧) ساقط من «ب».
(٨) ساقط من «ب» وانظر : القرطبي ١٤ / ١٧.
(٩) في «ب» أحد بدل شيء.
(١٠) في «ب» رحمة.
(١١) ساقط من «ب».
(١٢) ساقط من «ب».