سلّى نبيه عليه (الصلاة (١) و) السلام فقال : (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ) في نصرتك وإظهارك على عدوك وتبيين صدقك (٢).
قوله : (وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ) العامة من الاستخفاف (٣) ـ بخاء معجمة وفاء ـ ويعقوب ، وابن أبي إسحاق (٤) بحاء مهملة (٥) وقاف من الاستحقاق. وابن أبي (عبلة (٦)) ويعقوب بتخفيف نون التوكيد والنهي من باب : لا أرينك ههنا (٧).
فصل
المعنى ولا يستجهلنّك أي لا يجهلنّك (٨)(الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ) على الجهل واتباعهم في البغي(٩) ، وقيل : لا يستحقّن رأيك وحلمك الذين لا يؤمنون بالبعث والحساب ، وهذا إشارة إلى وجوب مداومة النبي ـ عليهالسلام ـ على الدعاء إلى الإيمان ، فإنه لو سكت لقال الكافرون : إنه متقلب قابل الرأي لا ثبات له.
روى أبو أمامة عن أبيّ بن كعب قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «من قرأ سورة الرّوم كان له من الأجر عشر حسنات بعدد كلّ ملك يسبّح الله بين السّماء والأرض وأدرك ما صنع في يومه وليلته»(١٠). رواه الثعلبي في تفسيره والله أعلم (وأحكم) (١١).
__________________
(١) زيادة من «ب».
(٢) انظر : تفسير الفخر الرازي ٢٥ / ١٣٧ و ١٣٨.
(٣) قال ابن منظور في اللسان : «واستخف فلان بحقّي إذا استهان به واستخفه الفرح إذا ارتاح لأمر».
انظر : اللسان : «خ ف ف» ١٢١٢.
وقال الزجاج في معاني القرآن : «أي لا يستفزنّك عن دينك الذين لا يوقنون ، أي هم ضلّال شاكّون».
انظر : معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٤ / ١٩٢.
(٤) ابن أبي إسحاق : هو أبو بحر عبد الله بن أبي إسحاق زيد الحضرمي البصري اشتهر بكنية والده ، أخذ عن نصر بن عاصم ، ويحيى بن يعمر ، وجدّ في العلم حتى بلغ الغاية فيه مات سنة ١١٧ ه.
انظر : نشأة النحو ٦١.
(٥) أوردها ابن جني في المحتسب في القراءات الشاذة ٢ / ١٦٦ وهي معترض عليها كما قال ابن جنّي لمخالفتها لفظا ومعنى القراءة المعتادة إذ يصير المعنى لا يغلبنك فيصيروا أحق بك منك بنفسك.
(٦) ساقط من «ب».
(٧) انظر هذه القراءة في الإتحاف ٣٤٩ والبحر المحيط ٧ / ١٨١ والكشاف ٣ / ٢٢٨ ، ومعن ى «لا أرينك ههنا» أنه مثال مأخوذ من قولهم في المثل «بعين ما أرينّك» ومعناه اعمل كأني انظر إليك ودخل التوكيد لدخول (ما) لأن ما زائدة للتوكيد ولأجلها دخلت النون. ومثله المثالوالنهي مقصود به هنا الدوام والثبات على الحال التي هو فيها يقول سيبويه في الكتاب ٣ / ٥١٧ : ومن مواضعها أفعال غير الواجب التي في قولك : بجهد ما تبلغنّ ، وأشباهه ، وإنما كان ذلك لمكان «ما».
(٨) في «ب» لا يحملنّك وهو الأصح.
(٩) في «ب» الغيّ.
(١٠) انظر : الكشاف ٣ / ٢٢٨ والبيضاوي ٢ / ١١٩ ومجمع البيان ٨ / ٤٥٩ والسّراج المنير ٣ / ١٧٩.
(١١) زيادة من «ب».