المضارع المنفي بلا لا يؤكد بالنون إلا ما ندر مما لا يقاس عليه والثاني فاسد المعنى.
قوله : (إِنْ فَرَرْتُمْ) جوابه محذوف لدلالة النفي قبله عليه أو متقدم عند من يرى (١) ذلك.
قوله : (وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ) إذن جواب وجزاء ، ولما وقعت بعد عاطف جاءت على الأكثر وهو عدم إعمالها ولم يشذّ (٢) هنا ما شذّ في الإسراء ، فلم يقرأ بالنصب (٣) ، والعامة بالخطاب (٤) في «تمتّعون». وقرىء بالغيبة (٥).
فصل
المعنى : (قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ) الذي كتب عليكم لأن من حضر أجله مات أو قتل (وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً) أي لا تمتعون بعد الفرار إلا مدة آجالكم وهي قليل. وهذا إشارة إلى أن الأمور مقدرة لا يمكن الفرار مما قدره الله لأنه كائن لا محالة فلو فررتم لما دمتم بل لا تمتعون إلا قليلا وهو ما بقي من آجالكم فالعاقل لا يرغب في شيء قليل يفوت عليه شيئا كثيرا (٦).
قوله : (مَنْ ذَا الَّذِي) تقدم في البقرة ، قال الزمخشري : فإن (٧) قلت : كيف جعلت الرحمة قرينة السوء في العصمة ولا عصمة إلا من السوء؟ قلت : معناه أو يصيبكم بسوء إن أراد بكم رحمة ، فاختصر (٨) الكلام وأجري مجرى قوله :
متقلّدا سيفا ورمحا (٩)
__________________
(١) وسيبويه ممن قال بالتقديم فقد قال : (وقد تقول : إن أتيتني آتيك» أي آتيك إن أتيتني) انظر : الكتاب ٣ / ٦٦. وعلى ذلك فالجواب هو : «لن ينفعكم الفرار» النفي بينما رأي المبرد من البصريين والكوفيين غير ذلك ، انظر : الهمع ٢ / ٦٠.
(٢) يشير إلى الآية ١٧٦ : «وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً» فقد قرىء بنصب : «يلبثوا» على إعمال «إذا» ونصب الفعل «بأن» مضمرة وجوبا وهي قراءة أبي بن كعب ذكره أبو حيان في البحر ٦ / ٦٦ والفراء في معانيه ٢ / ٣٣٧ و ٣٣٨.
(٣) وقد عرف أنها قراءة أبي وانظر : المراجع السابق.
(٤) في «ب» على الخطاب.
(٥) ذكرها في البحر المحيط ٧ / ٢١٩ والدر المصون ٤ / ٢٧٢ والقرطبي ١٤ / ١٥١ ولقد ذكر القرطبي قراءة ثالثة وهي «وإذا لا تمتّعوا» نصب «بإذا». وانظر : إعراب القرآن للنحاس ٤ / ٣٠٧.
(٦) انظر : تفسير الفخر الرازي ٢٥ / ٢٠٠.
(٧) الكشاف ٣ / ٢٥٥.
(٨) هكذا هي في الكشاف وما في «ب» فاختص وهو تحريف وبعد عن المعنى المراد.
(٩) هذا عجز بيت من الكامل وصدره :
يا ليت زوجك قد غدا |
|
............ |
وشاهده في قوله : «متقلدا سيفا ورمحا» فإن الظاهر أن التقليد يقع على المعطوف عليه ولكن الأصح : ـ