قوله : (لا يُؤْمِنُونَ بِهِ) في الجملة وجهان :
أحدهما : الاستئناف على جهة البيان والإيضاح لما قبله.
والثاني : أنها حال من الضمير في «سلكناه» أي (١) : غير مؤمن به (٢).
ويجوز أن يكون حالا من «المجرمين» لأنّ المضاف جزء من المضاف إليه (حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) يعني : الموت (٣).
قوله : «فيأتيهم» و (٤) «فيقولوا» عطف على «يروا» (٥).
وقرأ العامة بالياء من تحت. والحسن وعيسى بالتاء من فوق (٦).
أنّث ضمير العذاب. لأنه في معنى العقوبة (٧). وقال الزمخشري : أنّث على أن الفاعل ضمير (٨) الساعة (٩). قال الزمخشري : فإن قلت : ما معنى التعقيب في قوله : «فيأتيهم»؟ قلت : ليس المعنى التعقيب في الوجود ، بل المعنى ترتّبها في الشدة ، كأنه قيل : لا يؤمنون بالقرآن حتى تكون رؤيتهم العذاب أشدّ منها ، ومثال ذلك أن تقول : إن أسأت مقتك الصّالحون فمقتك الله (١٠) فإنك لا تقصد أنّ مقت الله بعد مقت الصّالحين ، وإنما قصدك إلى ترتيب شدة الأمر على المسيء (١١).
وقرأ الحسن : «بغتة» بفتح الغين (١٢).
فصل
المعنى : يأتيهم العذاب «بغتة» أي : فجأة (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) به في الدنيا ، (فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ) أي : لنؤمن ونصدق ، يتمنون الرجعة (١٣) والنظرة ، وإنما يقولون ذلك استراوحا عند تعذر الخلاص ، لأنهم يعلمون في الآخرة ألّا (١٤) ملجأ لهم (١٥). قال مقاتل : لما وعدهم النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بالعذاب (١٦) قالوا : إلى متى توعدنا بالعذاب؟ ومتى هذا
__________________
(١) أي : سقط من الأصل.
(٢) انظر الكشاف ٣ / ١٢٨.
(٣) في ب : عند الموت.
(٤) و : سقط من ب.
(٥) انظر التبيان ٢ / ١٠٠٢.
(٦) المختصر (١٠٨) ، المحتسب ٢ / ١٣٣ ، قال ابن جني : (الفاعل المضمر الساعة ، أي : فتأتيهم الساعة «بغتة» فأضمرها لدلالة العذاب الواقع فيها عليها ، ولكثرة ما تردد في القرآن من ذكر إتيانها) وانظر أيضا البحر المحيط ٧ / ٤٢.
(٧) انظر البحر المحيط ٧ / ٤٢.
(٨) ضمير : سقط من ب.
(٩) وعبارة الزمخشري : (وقرأ الحسن : «فتأتيهم» بالتاء يعني : الساعة) الكشاف ٣ / ١٢٨.
(١٠) فمقتك الله : تكملة من الكشاف.
(١١) الكشاف ٣ / ١٢٨. بتصرف يسير.
(١٢) المختصر (١٠٨) ، الكشاف ٣ / ١٢٨ ، البحر المحيط ٧ / ٤٣.
(١٣) في ب : الرجفة.
(١٤) في ب : لا.
(١٥) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٧٠.
(١٦) بالعذاب : سقط من ب.