يصير رجلا (١) ، وقيل : من لا نبي بعده يكون أشفق على أمته وأهدى لهم إذ هو كالوالد لولد ليس له غيره (٢). (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) أي علمه بكل شيء دخل فيه أن لا نبي بعده ، فعلم أن من الحكمة إكمال شرع محمد عليه (الصلاة (٣) و) السلام أن زوجه بزوجة (٤) دعيّه تكميلا للشرع ، وذلك من حيث إنّ قول النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ يفيد شرعا لكن إذا امتنع هو عنه يفيد في بعض النفوس نفرة ، ألا ترى أنه ذكر بقوله ما فهم منه حلّ أكل الضّبّ ، ثم لما لم يأكله بقي في النفوس شيء ، ولما أكل لحم الجمل طاب أكله ، مع أنه في بعض الملل لا يؤكل وكذلك الأرنب (٥) ، روى أبو هريرة أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : «مثلي ومثل الأنبياء كمثل قصر أحكم بنيانه ترك منه موضع لبنة فطاف به النّظّار يتعجّبون من حسن بنائه إلّا موضع تلك اللّبنة لا يجيبون سواها فكنت أنا موضع تلك اللّبنة ختم به البنيان ، وختم بي الرّشد» (٦) ، وقال ـ عليه (الصلاة (٧) و) السلام : «إنّ لي (٨) أسماء أنا محمّد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الّذي يحشر الله النّاس على قدمي وأنا العاقب» والعاقب الّذي ليس بعده شيء.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٤٢) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً (٤٣) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً (٤٤) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (٤٥) وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً (٤٦) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً (٤٧) وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ وَدَعْ أَذاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً)(٤٨)
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً) قال ابن عباس (٩) : لم يفرض الله على عباده فريضة إلا جعل لها حدّا معلوما ثم عذر أهلها في حال العذر غير الذكر فإنه لم
__________________
(١) ذكره الخازن والبغوي في تفسيريهما ٥ / ٢٦٥.
(٢) ذكره الفخر الرازي ٢٥ / ٢١٤.
(٣) زيادة من «ب».
(٤) في «ب» بزوجته وما هنا هو الموافق لتفسير الرازي.
(٥) قاله الإمام الرازي في التفسير الكبير ٢٥ / ٢١٤.
(٦) الحديث رواه الإمام السيوطي في كتابه : «جامع الأحاديث» عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
وانظر كذلك مجمع البيان للطبرسي ٨ / ٥٦٧.
(٧) زيادة من «ب».
(٨) الحديث رواه جابر بن مطعم عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ولقد أورده الإمام البخاري في صحيحه ٣ / ٢٠١.
والإمام مالك في الموطأ رقم «١» من أسماء النبي وأورده أحمد في مسنده ٤ / ٨٠ و ٨١ و ٨٤.
(٩) تفسير البغوي ٥ / ٢٦٥ و ٢٦٦.