قوله : (ناكِسُوا) العامة على أنه اسم فاعل مضاف لمفعوله تخفيفا ، وزيد بن علي «نكسوا» (١) فعلا ماضيا «رؤوسهم» مفعول به ، والمعنى مطأطئو رؤوسهم.
قوله : «ربّنا» على إضمار القول ، وهو حال أي قائلين ذلك ، وقدره الزمخشري يستغيثون (٢) بقولهم ، وإضمار القول (٣) أكثر (٤).
قوله : (أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا) يجوز أن يكون المفعول مقدرا أي أبصرنا ما كنّا نكذب وسمعنا ما كنا ننكر. ويجوز أن لا يقدر أي صرنا بصراء سميعين فارجعن ا «(إلى الدنيا) نعمل صالحا» يجوز أن يكون «صالحا» مفعولا به ، وأن يكون نعت مصدر ، وقولهم : (إِنَّا مُوقِنُونَ) أي إنا آمنا في الحال ، ويحتمل أن يكون المراد أنهم ينكرون الشرك كقولهم : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) [الأنعام : ٢٣].
قوله تعالى : (وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٣) فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا إِنَّا نَسِيناكُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٤) إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥) تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦) فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٧) أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ (١٨) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٩) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٠) وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢١) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ)(٢٢)
قوله : (وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها) رشدها وتوفيقها للإيمان ، وهذا جواب عن قولهم : ربنا أبصرنا وسمعنا وذلك أن الله تعالى قال : إني لو رجعتكم إلى الإيمان لهديتكم في الدنيا ، ولما لم أهدكم في الدنيا تبين أني ما أردت وما شئت إيمانكم فلا أردكم ، وهذا صريح في الدلالة على صحة مذهب أهل السنة حيث قالوا إن الله تعالى ما أراد الإيمان من الكافر ، وما شاء منه (٥) إلا الكفر.
__________________
(١) ذكرها أبو حيان ٧ / ٢٠١.
(٢) الكشاف ٣ / ٢٤٢.
(٣) ما بين القوسين كله ساقط من «ب».
(٤) ذكره ابن الأنباري في غريبه ٢ / ٢٥٩ فقال : «تقديره : يقولون ربنا أبصرنا وسمعنا» فحذف القول وحذف القول كثير في كلامهم.
(٥) وبهذا الاعتبار اختار أهل النظر من العلماء أن سموا هذه المنزلة بين المنزلتين كسبا ، وأخذوا هذه ـ