والنجم (١) ، والواقعة (٢) والباقون بالقصر ، وهما لغتان كالرأفة (٣) ، والرآفة ، وانتصابهما على المصدر (٤) المحذوف الزوائد والأصل : الإنشاءة ، أو على حذف (٥) العامل ، أي ينشىء فتنشّئون النّشأة ، وهي مرسومة (٦) بالألف وهو يقوي قراءة (٧) المد والمعنى ثم الله الذي خلقها ينشئها (٨) نشأة ثانية بعد الموت ، فكما لم يتعذر عليه إحداثها مبتدئا لا يتعذر عليه إنشاؤها معيدا.
وقوله : (ثُمَّ يُعِيدُهُ) ، (ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ) مستأنفات من إخبار الله تعالى ، فليس الأول داخلا في حيز (٩) الرؤية ، ولا الثاني في حيز (١٠) النظر ، (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
قوله تعالى : (يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (٢١) وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ)(٢٢)
قوله تعالى : (يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ) ، قدم التعذيب في الذكر على الرحمة مع أن رحمته سابقة كما قال عليه (الصلاة و) (١١) السلام عنه تعالى (١٢) : «سبقت رحمتي غضبي» (١٣) ؛ لأن السابق ذكر الكفار فذكر العذاب يسبق ذكر مستحقه بحكم الإيعاد ، وعقبه بالرحمة فذكر الرحمة وقع تبعا لئلا يكون العذاب مذكورا وحده ، وهذا يحقق قوله عليه (الصلاة و) (١٤) السلام عنه : «سبقت رحمتي غضبي» ، وذلك أن الله تعالى حيث كان المقصود ذكر العذاب ، لم يخصه بالذكر ، بل ذكر الرحمة معه ، فإن قيل : إن كان ذكر هذه الآية لتخويف العاصي ، وتفريح المؤمن ، فلو قال : يعذب الكافر ويرحم المؤمن لكان أدخل في تحصيل المقصود.
وقوله : (يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) لا يرهب الكافر ، لجواز أن يقول : لعلي لا أكون ممن يشاء الله عذابي.
فالجواب : هذا أبلغ في التخويف لأن الله أثبت بهذا إنفاذ مشيئته ، وأنه إذا أراد
__________________
(١) يقصد قوله تعالى : «وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى» [النجم : ٤٧].
(٢) يقصد قوله تعالى : «وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ» [الطور : ٦٢].
(٣) انظر : الدر للسمين الحلبي ٤ / ٣٠٠ ، والتبيان ١٠٣٠ والكشف ٢ / ١٧٨ ، وقد قال الفراء في معانيه : «القراء مجتمعون على قصر الشين وجزمها ، إلا الحسن البصري فإنه مدها في كل القرآن فقال (النشاءة) ومثلها مما تقوله العرب الرأفة ، والرآفة» انظر : المعاني ٢ / ٣١٥.
(٤) انظر : البحر المحيط ٧ / ١٤٦ والدر المصون ٤ / ٢٠٠.
(٥) المرجعان السابقان.
(٦) في ب : موسومة للألف.
(٧) في ب : وهو نفيرا.
(٨) انظر : فتح القدير للشوكاني ٤ / ١٩٧.
(٩) في ب : في جزاء الرواية.
(١٠) في ب : خبر.
(١١) في أ: السلام فقط وما بين القوسين تكملة من «ب».
(١٢) في ب : عن ربه تعالى.
(١٣) ذكره الرازي دون إسناد في تفسيره ٢٥ / ٤٩.
(١٤) زيادة وتكملة من ب.