العرب ، ولذلك (١) لم يذكرها صاحب «الصحاح» (٢) مع ذكره التفرقة المتقدمة عن أبي عبيد ، ولو كانت موجودة في اللغة لذكرها مع ذكره التفرقة المتقدمة لشدة الاحتياج إليها (٣). وقال الزجاج أيضا : أهل المدينة يفتحون على ما جاء في التفسير أنّ اسم المدينة التي كان فيها شعيب («ليكة» (٤)) (٥).
قال أبو علي : لو صح هذا فلم أجمع (٦) القراء على الهمز في قوله : (وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ) [الحجر : ٧٨] في «الحجر» ، و «الأيكة» التي ذكرت هاهنا هي «الأيكة» التي ذكرت هناك ، وقد قال ابن عباس : الأيكة : الغيضة (٧) ولم يفسرها بالمدينة ولا البلد (٨). قال شهاب الدين : وهؤلاء كلّهم كأنهم زعموا أنّ هؤلاء الأئمة الأثبات إنما أخذوا هذه القراءة من خط المصاحف دون أفواه الرجال ، وكيف يظنّ بمثل (٩) أسنّ القرّاء وأعلاهم إسنادا ، والآخذ القرآن (١٠) عن جملة من (جلّة) (١١) الصحابة أبي الدّرداء وعثمان بن عفان وغيرهما ، وبمثل (٩) إمام مكّة (١٢) ـ شرّفها الله تعالى ـ وبمثل إمام المدينة (١٣) ، وكيف ينكر على أبي عبيد قوله أو يتّهم في نقله؟ ومن حفظ حجة على من لم يحفظ ؛ والتواتر قطعيّ فلا يعارض بالظني ، وأما اختلاف القراءة مع اتحاد القصة فلا يضر (١٤) ذلك ، عبّر عنها تارة بالقرية خاصة وتارة بالمصر الجامع للقرى كلها ، الشامل هو لها ، وأما تفسير ابن عباس فلا ينافي ذلك ، لأنّه عبر عنها بما كثر فيها (١٥).
قوله : (إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ) ولم يقل : أخوهم ؛ لأنه لم يكن من أصحاب الأيكة في النسب ، فلما ذكر مدين قال : «أخاهم» (١٦) لأنه كان منهم ، وكأن (١٧) الله تعالى بعثه إلى قومه ـ أهل مدين ـ وإلى أصحاب الأيكة (١٨).
وفي الحديث : «إنّ شعيبا أخا مدين أرسل إليهم وإلى أصحاب الأيكة» (١٩).
__________________
(١) في ب : وكذلك.
(٢) وقد تقدمت ترجمته.
(٣) إبراز المعاني (٤١٩).
(٤) معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٩٨ ، وانظر أيضا إبراز المعاني (٤١٩).
(٥) ما بين القوسين في ب : أيكة.
(٦) في ب : الجمع. وهو تحريف.
(٧) الغيضة : مغيض ماء يجتمع فينبت فيه الشجر ، وجمعها غياض. اللسان (غيض).
(٨) الحجة لأبي علي الفارسي ٦ / ٤٦ ـ ٤٨. وانظر أيضا إبراز المعاني ٤١٩ ـ ٤٢٠.
(٩) في ب : مثل.
(١٠) في ب : للقرآن.
(١١) جلة : تكملة من الدر المصون.
(١٢) يريد : ابن كثير ، أحد القراء السبعة.
(١٣) يريد : نافعا ، أحد القراء السبعة.
(١٤) في ب : فلا يضمن. وهو تحريف.
(١٥) الدر المصون ٥ / ١٦٦.
(١٦) من قوله تعالى : «وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً»[الأعراف : ٨٥].
(١٧) في الأصل : فكان.
(١٨) انظر البغوي ٦ / ٢٣٦.
(١٩) انظر الكشاف ٣ / ١٢٥ ، الفخر الرازي ٢٤ / ١٦٣.