و «أيك» للجمع ، مثل : أجمة وأجم. والأيك : الشجر الملتف ، فأجود القراءة فيها الكسر وإسقاط الهمزة لموافقة المصحف ؛ ولا أعلمه إلا قد قرىء به (١).
وقال الفارسي : قول من قال : «ليكة» بفتح التاء مشكل ، لأنه فتح مع لحاق اللام (٢) الكلمة ، وهذا في الامتناع كقول من قال : مررت بلحمر. فيفتح الآخر مع لحاق لام المعرفة ، وإنما كتبت «ليكة» على تخفيف الهمز (٣) ، والفتح لا يصح في العربية لأنه فتح حرف الإعراب في موضع الجرّ مع لام المعرفة ، فهو على قياس قول من قال : مررت بلحمر ، ويبعد أن يفتح نافع ذلك مع ما قال عنه ورش (٤). يعني أنّ ورشا نقل عن نافع نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها حيث وجد بشروط مذكورة ، ومن جملة ذلك ما في سورة «الحجر» و «ق» من لفظ «الأيكة» ، فقرأ على قاعدته في السورتين بنقل الحركة وطرح الهمز وخفض التاء (٥) ، فكذلك ينبغي أن يكون الحكم في هذين الموضعين أيضا (٦).
وقال الزمخشري : قرىء (أَصْحابُ الْأَيْكَةِ) بالهمزة وبتخفيفها وبالجر على الإضافة ، وهو الوجه ، ومن قرأ بالنصب وزعم أنّ «ليكة» بوزن : «ليلة» (٧) ـ اسم بلد ـ فتوهّم قاد إليه خط المصحف (٨) .. وإنما كتبت على حكم لفظ اللافظ ، كما يكتب أصحاب (النحو) (٩) لان ولاولى(١٠) على هذه الصورة لبيان لفظ المخفف. وقد كتبت في سائر القرآن على الأصل والقصة واحدة ، على «أنّ ليكة» اسم لا يعرف ، وروي أنّ (أَصْحابُ الْأَيْكَةِ) كانوا أصحاب شجر ملتفّ ، وكان شجرهم الدّوم (١١) ، وهو شجر المقل (١٢). يعني أن مادة (ل ي ك) مفقودة في لسان العرب. كذا قال الثقات ممن تتبّع ذلك.
قال (١٣) : وهذا كما نصّوا على أنّ الخاء والذال المعجمتين لم يجامعا الجيم في لغة
__________________
(١) معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٩٨. وانظر أيضا إبراز المعاني (٤١٩).
(٢) في ب : التاء. وهو تحريف.
(٣) في ب : الهمزة.
(٤) الحجة لأبي علي الفارسي ٦ / ٤٥ ـ ٤٦ وانظر أيضا إبراز المعاني (٤١٩).
(٥) قال ابن مجاهد : (غير أن ورشا روى عن نافع : «الأيكة» ههنا وفي (ق) متروكة الهمزة مفتوحة اللام بحركة الهمزة ، والهمزة ساقطة) السبعة (٣٦٨).
(٦) انظر إبراز المعاني (٤١٩).
(٧) في ب : ليكة. وهو تحريف.
(٨) هنا سقط في عبارة الزمخشري بين قوله : (خط المصحف) وقوله : (إنما كتبت على حكم لفظ اللافظ) ، وهو : (حيث وجدت مكتوبة في هذه السورة ، وفي سورة (ص) بغير ألف ، وفي المصحف أشياء كتبت على خلاف قياس الخط المصطلح عليه ، وإنما كتبت في هاتين السورتين) الكشاف ٣ / ١٢٥.
(٩) النحو : تكملة من الكشاف.
(١٠) يريد : الآن والأولى ، فلما خففت بحذف الهمزة تحركت اللام قبلها لئلا يلتقي ساكنان ، وسقطت همزة الوصل لعدم الاحتياج لها.
(١١) الكشاف ٣ / ١٢٥.
(١٢) انظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٤ / ٩٧ ، إعراب القرآن للنحاس ٣ / ١٩٠.
(١٣) أي : أبو شامة شارح الشاطبية.