أحدهما : أنها لما كان سيقع لوقوع غيره. وعبّر (١) عنها الزمخشري بامتناع لامتناع (٢) ، وناقشه أبو حيان في ذلك. وقد تقدم تحقيقه أول البقرة (٣) ، وعلى هذا جوابها محذوف أي لرأيت أمر فظيعا (٤).
والثاني : أنها للتمني. قال الزمخشري كأنه قيل : وليتك (٥) ترى. وفيها إذا كانت للتمنّي خلاف هل تقتضي جوابا أم لا (٦) ، وظاهر تقدير الزمخشري هنا أنه لا جواب لها.
قال أبو حيان : والصحيح أن لها جوابا (٧) وأنشد :
٤٠٦٥ ـ فلو نبش المقابر عن كليب |
|
فيخبر بالذّنائب أيّ زير |
بيوم الشّعثمين لقرّ عينا |
|
وكيف لقاء من تحت القبور (٨) |
قال الزمخشري : ولو تجيء في معنى التمني كقولك : «لو تأتيني فتحدثني» (كما تقول) (٩) : «ليتك تأتيني فتحدّثني» (١٠) قال ابن مالك : أن أراد به الحذف أي وددت لو تأتيني (١١) فتحدثني فصحيح وإن أراد أنها موضوعة له فليس بصحيح ، إذ لو كانت موضوعة له لم يجمع بينها وبينه كما لم يجمع بين «ليت» والتمني ، ولا «لعل وأترجّى» ، ولا «إلا» واستثني ، ويجوز أن يجمع بين «لو» وأتمنى تقول (تمنّيت (١٢) لو فعلت كذا) ، والمخاطب يحتمل أن يكون النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ شفاء لصدره ، فإنهم (١٣) كانوا يؤذونه بالتكذيب ، ويحتمل أن يكون عاما ، و «إذ» على بابها من المضي ؛ لأن «لو» (١٤) تصرف المضارع للمضي ، وإنما جيء هنا ماضيا لتحقق وقوعه نحو : (أَتى أَمْرُ اللهِ) [النحل : ١]. وجعله أبو البقاء (١٥) مما وقع فيه «إذ» موقع «إذا». ولا حاجة إليه. والمراد بالمجرمين المشركون.
__________________
(١) في «ب» وعرفها.
(٢) قال : «وأن تكون «لو» الامتناعية قد حذف جوابها وهو لرأيت أمرا فظيعا» الكشاف ٣ / ٢٤٢.
(٣) يقصد الآية ٢٠ من سورة «البقرة» وهي قوله تعالى : «وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ».
(٤) ذكره الكشاف في المرجع السابق.
(٥) المرجع السابق.
(٦) ذكره ابن هشام في المغني ٢٦٧.
(٧) البحر المحيط لأبي حيان ٧ / ٢٠١.
(٨) بيتان من تمام الوافر من قصيدة لامرىء القيس بن ربيعة الملقب بمهلهل يذكر فيها ما وقع من أخذه بثأر أخيه و «الذنائب» موضع وكذا «الشعثمان» «وكليب» أخوه والشاهد حصول الجواب «للو» التي لتمني حصول شيء مستحيل. «فلو» هنا للتمني وجوابه ا «لقرّ عينا» وانظر : الأمالي للقالي ١ / ٤ و ٢ / ١٣١ والبحر المحيط ٧ / ٢١٠ ، والمغني ٢٦٧ ، ويس ٢ / ٢٥٩ والأصمعيات ١٥٤ و ١٥٥ ، والحماسة البصرية ١ / ٨٤ ، والأشموني ٤ / ٣٢ وتوضيح المقاصد ٤ / ٢٧٠ وشرح شواهد المغني للسيوطي ٦٥٤.
(٩) ساقط من «ب».
(١٠) انظر : شرح المفصل لابن يعيش ٩ / ١١.
(١١) نقله في شرح الكافية الشافية ٦٥ وكذلك نقله عنه في بحره أبو حيان ٧ / ٢٠١.
(١٢) ما بين القوسين ساقط من «ب».
(١٣) في «ب» : لأنّهم.
(١٤) في «ب» «لم» وهو تحريف.
(١٥) قال : و «إذ» هنا يراد بها المستقبل ، وقد ذكرنا مثل ذلك في البقرة والتقدير : يقولون ربنا ، انظر : التبيان ١٠٤٨.