قطعية صدور روايات الكتب الأربعة ـ فاستطاع بذلك دحرهم وتحجيم دائرتهم.
وبذلك اتّضح أيضاً بطلان الرأي القائل بعدم الحاجة إلى علم الرجال بذريعة حجّية كلّ رواية عمل بها المشهور ، وعدم حجّية ما لم يعمل به المشهور ، سواء وُثّقوا رواتها أم ضُعّفوا.
فلو سلّمنا الكلّية المذكورة ، تبقى الحاجة إلى هذا العلم على حالها ، فكثيرٌ من المسائل لا منفذ لنا إلى معرفة فتاوى المشهور فيها ، لعدم إيرادهم لها في عباراتهم ، واُخرى لا شهرة فيها على أحد الطرفين ، فيتساويان ، أو أشهرية أحدهما دون الآخر ، وليس كلّ مسألة فقهية يكون فيها أحد القولين أو الأقوال مشهوراً وما يقابله يكون شاذّاً.
ولقد تجلّت أهمّيّة علم الرجال منذ العصر الأوّل ، حيث عبيدالله بن أبي رافع كاتب أميرالمؤمنين (عليه السلام) كان قد دوّن أسماء الصحابة الذين بايعوه (عليه السلام) وشاركوه حروبه في الجمل وصفّين والنهروان.
ثم في القرن الثاني كتب في الرجال : ابن جبلّة وابن فضّال وابن محبوب وغيرهم.
وهكذا إلى أن تمّ تدوين الاُصول الرجالية الخمسة الشهيرة : الاختيار من كتاب الكشّي والفهرست وكتاب الرجال لشيخ الطائفة الطوسي ، وكتاب الرجال للنجاشي وكتاب الرجال للبرقي. (١)
__________________
١. وإن كان البعض قد عدّها ستّة ، وذلك بإضافة رجال العقيقي.