خلوة الليل
كثيراً ما تضايقتُ من الليل ، ولازلت ; إذ يأخذني بعتمته فلا ألتذّ براحة الوسن ، هكذا اعتقدت به مؤرِّقاً يسلبني حقّي واسترخائي ، فجنيتُ عليه دون أن أقف متريّثاً متأمّلاً متفحّصاً مستخلصاً أنّ الذي يفعل بي كلّ هذا ليس سوى أعماقي وحناياي ، أفكاري ورؤياي ، آهاتي وبلواي ، أحاسيسي ونجواي ، آمالي ورجواي ، آثامي وشهواي ، همومي وشكواي ، غربتي ولوعتاي ، وحدتي وحنيناي ...
فلولا الليل والأرق لما استقام ما اعوجّ منّي من خُلُق وعود وفهم وإحساس ، إن استقامت حقّاً ، فآناء الليل حيث تنام العيون وتهدأ الأصوات ويأوي كلٌّ إلى عشّه وعرينه وملاذه ، ويعجّ المعجّ إلى ما يسائله ويناغمه ويلهيه ويرويه ، أعجّ أنا إلى مناطق النقص في ذاتي ومواطن الضعف في روحي وفجوات أفعالي وفلتات أقوالي وهفوات تقريري ، فلا أعثر على كهف يضمّني منها ويحميني سوى دموع الندم ومرارة الآه.
وكم فعلت ذلك كراراً ومراراً لكني أعود بجهلي وغفلتي وغروري وطغواي ورغبتي فأقترف الذنب وأرتكب الخطأ وأفعل المحرّم مستصحباً