أرحل أم أبقى
اُغادر أم لا ، أرحل أم أبقى ، كلاهما ذوا حزن وكآبة ، إن غادرتُ فكأ نّي خلّفت قلبي وكلّ كياني مع من بقي ، وإن بقيت تودّ الأعماق لو أنّني مع من رحلوا ... إنّها الحيرة التي لا أفهمها ولا اُدرك سببها ومصدرها ; فالنفس منقسمة لا تعلم أيّهما تروم وتختار.
ديار الحبيب أعشقها إلاّ أنّي لا أبلغ ذلك التفاعل المقصود وأنا بين ظهرانيها ، تكبّلني الآلية التي أنا عليها في تلك الأحوال ، فلا اُيمّم صوب المعشوق بعشقي ورغبتي وشوقي ، بل ألمسها حركات وتمتمات رتيبة لا تحفر في حناياي أيّ أثر كالنادر والمعدوم.
بُعد الأحبّة أنّى كانوا يؤلمني ، برحيلي يذلّني البعد مذلّةً أتوسّل بها الإياب ، ببقائي أندب وأتوق وأنثر تراب المسافات ريحاناً لمن غادروا .. أبقى ، أرحل ، ماذا أفعل .. الرتابة هناك مملّة ; أضف لها الملق الصارخ والترقّب المشدود والتوتّر الدائم والطاعة العمياء وهمّ الجيوب المتأهّبة بانتظار إغداق هذا المتموّل وذاك ، تأهّباً بعيون محدقة وألسن ناطقة مادحة بانتخاب أنجع آلية توصل لذلك الرزق المنشود ..