قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

نفحات الذّات [ ج ٢ ]

نفحات الذّات

نفحات الذّات [ ج ٢ ]

المؤلف :كريم الأنصاري

الموضوع :العامة

الناشر :منشورات دليل ما

الصفحات :456

تحمیل

نفحات الذّات [ ج ٢ ]

154/456
*

أمّا أمثال أنور الجندي فإنّهم يرون في العلمانيّة الخطر الأعظم الذي بإمكانه تمزيق نظام المجتمع الإسلامي وشرذمته.

وليس الفكر الديني بذلك البعبع المخيف الذي يعيق عمليّة التجديد والتطويركما يزعم روّاد العلمانيّة وأقرانهم ، فبالرغم من كونه فكراً يؤمن بالغيب والروحانيّات فإنّه لا يعيش الحاضر والمستقبل بواقع الماضي ، بل يعيش الحاضر والمستقبل بكامل عنفوانهما ، العنفوان المستمدّ قيمه ومبادئه من الاُصول والثوابت التي تدعو بكلّ شفّافيّة إلى الاستفادة من كلّ جديد على قاعدة : «شجرة مباركة تؤتي اُكلها كلّ حين بإذن ربها».

ثم أليس المركزيّة الحزبيّة ـ إحدى نماذج الحداثة ـ نوعاً من أنواع الطائفيّة بلباسها وآلياتها الجديدة ، اللهمّ إلاّ أن يقال بخروج «الحزبيّة» من رحم الفكر الديني الأصيل ، وهذا من السخف العجيب حقّاً ; إذ الفكر الديني المعهود هو الذي يتجاوز الانتماءات والتيّارات والأحزاب والطموحات الفرديّة ، فيعيش في الاُمّة حالةً وثقافةً وممارسةً أبويّة تكون على خطٍّ ومسافة واحدة من الجميع ، قانونها وملاكها العامّ : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهَ أَتْقَاكُمْ) ، هدفها السعادة الدنيويّة والاُخرويّة.

وهذا الفكر الديني بأنساقه ونظامه وأدواته له القدرة على الإجابة عن إشكاليّة «الفرقة الناجية» التي يعدّها البعض من أشكل المشكلات في مضمار تطبيقات الفكر الديني وممارساته الواقعيّة.

إنّنا حين ندّعي ونلتزم بالفكر الديني نسقاً ومنهجاً ومنقذاً للإنسان وكافلاً وضامناً ، لا يعني أنّنا نغلق على الفكر مجالات الحركة والحوار