مخصصا بما ذكرناه ، على انهم قد صرحوا في الأصول بأنه لا يجوز العمل بالعام قبل استقصاء البحث في طلب المخصص بل قال جماعة منهم انه ممتنع إجماعا ، فعلى هذا انما يستدل بالعام بعد الطلب لكل ما يصلح للتخصيص ، وحينئذ فلا حجة في الاستدلال بالعام على الخصم لصراحة المخصص في التخصيص وقبول العام له. واما حمل ذلك المخصص على ما هو بعيد عن سياق عبارته ومفاد ألفاظه ـ بدعوى مقابلته بما هو راجح منه فيخرج عن التخصيص للعام ـ فهو مسلم بعد ثبوت تلك الدعوى وحيث لم تثبت فالتخصيص ثابت. والاستدلال بالعام هنا على المسألة التنازع فيها مع كون الاستدلال متوقفا على عدم صلوح المخصص المشار اليه للتخصيص دور كما لا يخفى.
واما الجواب عن صحيحة عبد الله بن سنان ورواية أبي بصير فقد تقدم في الجواب عن كلام صاحب المدارك وتحقيقه ما تقدم في بحث الأوقات. واما صحيحة سعيد الأعرج فقد تقدم ايضا الجواب عنها في الأوقات. واما موثقة عمار الاولى فقد تقدم الجواب عنها ايضا واما روايته الثانية فهي مخالفة للكتاب والسنة والإجماع وما هذا سبيله فلا تقوم به الحجة الا على الرعاع العادمي الأبصار والأسماع ، إذ جواز القضاء بالنهار ثابت بالثلاثة المذكورة ، وبالجملة فإنه ليس في الاستدلال بمثل هذا الخبر إلا تكثير السواد وإضاعة القرطاس والمداد ، وهذا من جملة أخبار السيد المتقدم ذكره في رسالته ايضا. واما الخبر الثالث عن عمار ايضا فظاهره كما ترى النهى عن القضاء في المكتوبة وغيرها حتى يصلي نافلة قبل الفريضة التي حضر وقتها ثم يقضي ، وليس فيه تصريح بتقديم الفريضة التي هي صاحبة الوقت على القضاء وانما تضمن صلاة ركعتين نافلة ثم القضاء ، ومفاده تحريم القضاء أو كراهته على غير هذه الكيفية ، ولا اعرف به قائلا ولا عاملا إلا ان يكون هذا المستدل الذي أورده واعتمده دليلا إذ هو مقتضى استدلاله ولعله يقول به وأمثاله من اخباره المتقدمة وكفى به شناعة.
فانظر أيدك الله تعالى الى هذه الأدلة المخالفة لأصول المذهب وقواعده كما عرفت