عرفت من رواية حمران استحباب التربع ولكن لم تبين كيفيته.
وفي المقام اشكال لم أر من تنبه له ولا نبه عليه وهو ان معنى رواية حمران المذكورة استحباب التربع في الصلاة من جلوس وقد عرفت دعوى العلامة اتفاق علمائنا وأكثر العامة على ذلك ، مع ان هنا جملة من الاخبار قد وردت بكراهة ذلك وإطلاقها شامل للصلاة وغيرها ، ومنها ما رواه في الكافي عن ابي بصير عن ابي عبد الله (عليهالسلام) (١) قال : «قال أمير المؤمنين (عليهالسلام) إذا جلس أحدكم على الطعام فليجلس جلسة العبد ولا يضع احدى رجليه على الأخرى ولا يتربع فإنها جلسة يبغضها الله تعالى ويبغض صاحبها». وفي بعض الاخبار (٢) «كان رسول الله (صلىاللهعليهوآله) يجلس ثلاثا : القرفصاء وعلى ركبتيه وكان يثنى رجلا واحدة ويبسط عليها الأخرى ، ولم ير متربعا قط». وظاهر هذين الخبرين ـ كما ترى ـ عموم الكراهة في جميع الحالات من صلاة وغيرها ، إلا انه قد ورد بإزاء هذين الخبرين ايضا ما يدل على الجواز كما رواه في الكافي في الصحيح أو الحسن عن الحلبي ابن أبي شعبة (٣) «أنه رأى أبا عبد الله (عليهالسلام) متربعا. الحديث». وروى الصدوق عن حماد بن عثمان عن عمر بن أذينة عن ابي سعيد (٤) «انه رأى أبا عبد الله (عليهالسلام) يأكل متربعا».
قال الشيخ الفاضل الزاهد العابد الشيخ فخر الدين بن طريح النجفي (قدسسره) في كتاب مجمع البحرين بعد نقل الحديث النبوي «ولم ير متربعا قط» : التربع عبارة عن ان يقعد على وركيه ويمد ركبته اليمنى الى جانب يمينه وقدمه الى جانب شماله واليسرى بالعكس ، ثم قال قاله في المجمع ، ثم حمل خبر أكل الصادق (عليهالسلام) متربعا على الضرورة أو بيان الجواز ، وحينئذ فإن كان التربع عبارة عن هيئة واحدة ـ كما هو ظاهر الشيخ فخر الدين حيث حمل حديث الصادق (عليهالسلام) على الضرورة
__________________
(١ و ٤) رواه في الوسائل في الباب ٩ من آداب المائدة.
(٢) الوسائل الباب ٧٤ من أحكام العشرة.
(٣) الوسائل الباب ٦ من آداب المائدة.