ولأنه مأمور بإيقاع الصلاة في وقتها ولم يحصل الامتثال ـ ففيه وان استجوده السيد المذكور انه ان أريد بهذا الوقت الذي هو مأمور بإيقاع الصلاة فيه بمعنى الوقت الواقعي النفس الأمري كما هو ظاهر كلاميهما فهو ممنوع لان الشارع لم يجعل الواقع ونفس الأمر مناطا للأحكام الشرعية لا في هذا الموضع ولا في غيره ، وان أريد به ما هو وقت في نظر المكلف كما هو المناط في جميع التكاليف فهو صادق على ما نحن فيه كما هو المفروض غاية الأمر انه وقت ظني ، وسيأتي ان شاء الله تعالى في المسألة الاتية بيان قوة القول بالبناء على الظن مع الاشتباه ، وحينئذ فالتحقيق ان يقال انه مكلف بإيقاع الصلاة في وقتها المعلوم أو المظنون فمتى صلاها في أحدهما فقد امتثل وامتثال الأمر يقتضي الإجزاء ، غاية ما في الباب انه قام الدليل على البطلان أو وقعت كملا قبل الوقت وبقي الباقي على الصحة بمقتضى الأمر ودلالة الرواية المذكورة ، ويؤيده رواية الأصبغ بن نباتة وموثقة عمار المتقدمتان في من أدرك ركعة من الصبح قبل طلوع الشمس. واما ما ذكره في المدارك ـ بعد حكمه بكونه جيدا بقوله : «ولا ينافيه توجه الأمر بالصلاة بحسب الظاهر لاختلاف الأمرين» ـ فلا وجه له بعد ما عرفت لان الاختلاف بين الأمرين كما ادعاه انما يتم لو كان الوقت الذي ادعى انه مأمور بإيقاع الصلاة فيه هو الوقت الواقعي النفس الأمري وقد عرفت فساده ، ومتى أريد به الوقت الذي في نظر المكلف فهو يرجع الى ما ذكره ثانيا من الأمر بالصلاة بحسب الظاهر فلا اختلاف بين الأمرين كما لا يخفى. والله العالم.
(المسألة السادسة) ـ المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) ان من كان له طريق الى العلم بالوقت فلا يجوز له الصلاة إلا بعد العلم بذلك فان لم يكن له طريق الى ذلك فهل يجوز له الاجتهاد في الوقت بمعنى التعويل على الأمارات المفيدة للظن أو يجب عليه الصبر حتى يتيقن الوقت؟ قولان المشهور الأول. فالكلام هنا يقع في موضعين
الأول) فيما إذا كان له طريق الى العلم وقد عرفت ان مذهب الأصحاب انه لا يجوز له الصلاة إلا بعد العلم ولا يجوز له التعويل