(الثالث) ـ المشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) انه مع تعذر الظن بالقبلة يصلي كل فريضة إلى أربع جهات. وقال ابن ابي عقيل لو خفيت عليه القبلة لغيم أو ريح أو ظلمة فلم يقدر على القبلة صلى حيث شاء مستقبل القبلة وغير مستقبلها ولا اعادة عليه إذا علم بعد ذهاب وقتها انه صلى لغير القبلة. وهو الظاهر من ابن بابويه ونفى عنه البعد في المختلف ومال إليه في الذكرى واختاره جملة من محققي متأخري المتأخرين ، وهو المختار لما ستعرف من الاخبار.
احتج الشيخ ومن تبعه من أصحاب القول المشهور برواية خراش المتقدمة ، وردها القائلون بالقول الآخر بضعف السند وبأنها متروكة الظاهر من حيث تضمنها سقوط الاجتهاد بالكلية مع دلالة الأخبار المتقدمة عليه.
والحق في الجواب عن الرواية المذكورة ما افاده المحدث الأمين الأسترآبادي في كتاب الفوائد المدنية من ان قصده (عليهالسلام) انما هو مجرد الرد على المخالفين في ما يدعونه من الالتجاء الى الاجتهاد الذي يبنون عليه الأحكام الشرعية وقد منعت منه النصوص المعصومية بان لنا مندوحة عن ذلك وهو المصير الى العمل بالاحتياط الذي يحصل بالصلاة إلى أربع جهات لا ان مراده (عليهالسلام) نفى الاجتهاد في القبلة بالكلية مع دلالة أخبارهم (عليهمالسلام) كما عرفت مما قدمناه وهو معنى صحيح لا غبار عليه.
وبه تبقى أدلة القول الثاني سالمة من المعارض ، ومنها ـ ما رواه الصدوق في الصحيح عن زرارة ومحمد بن مسلم ابي جعفر (عليهالسلام) (١) انه قال : «يجزئ المتحير أبدا أينما توجه إذا لم يعلم اين وجه القبلة».
وروى في الكافي في الصحيح عن ابن ابي عمير عن بعض أصحابنا عن زرارة (٢) قال : «سألت أبا جعفر (عليهالسلام) عن قبلة المتحير فقال يصلي حيث شاء».
__________________
(١ و ٢) الوسائل الباب ٨ من القبلة.