ولقد بححتُ من الندا |
|
ءِ بجمعهم هل من مبارز؟ |
انِّي كذلك لم أزل |
|
متسرِّعاً نحو الهزاهز |
إنَّ الشجاعة في الفتىٰ |
|
والجود من خير الغرائز (١) |
وكأنَّ هذه الكلمات نداء إلىٰ الموت، فلم يجبه أحد من المسلمين، وفي كلِّ مرّة يكرّر فيها نداءه كان يقوم له عليُّ بن أبي طالب عليهالسلام من بينهم ليبارزه، فيأمره رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالجلوس، انتظاراً منه ليتحرَّك غيره، ولكن لم ينهض أحد؛ لمكان عمرو بن عبد ودٍّ ومن معه.
ومضىٰ عمرو يكرِّر النداء والتحدِّي للمسلمين، فقام عليٌّ عليهالسلام مرَّةً أُخرىٰ، فأجلسه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال له : « إنَّه عمرو »، ونادىٰ مرَّةً أُخرىٰ، فقام عليٌّ عليهالسلام، فأذن له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فقال له : « ادنُ منِّي » فدنا منه، فنزع عمامته عن رأسه وعمَّمه بها وأعطاه سيفه ذا الفقار، وقال له : « امضِ لشأنك » ثُمَّ رفع يديه وقال : « اللَّهمَّ إنَّك أخذت منِّي حمزة يوم أُحد، وعبيدة يوم بدر، فاحفظ اليوم عليَّاً، ربِّ لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين ».
وقال نبيُّ الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لمَّا دنا عليٌّ عليهالسلام من عمرو : « خرج الإيمان سائره إلىٰ الكفر سائره »..
فبرز إليه عليٌّ، وهو يقول :
«لا تعجلنَّ فقد أتاك |
|
مجيب صوتك غير عاجز |
ذو نيَّةٍ وبصيرة والـ |
|
صدق منجي كلَّ فائز |
_______________________
١) ارشاد الشيخ المفيد ١ : ١٠٠.