عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لحقني من الجزع عليه ما لم أملك نفسي، وكنت أمامه أضرب بسيفي بين يديه، فرجعت أطلبه فلم أره فقلت : ما كان رسول الله ليفرَّ، وما رأيته في القتلىٰ، فأظنُّه رُفع من بيننا، فكسَّرت جفن سيفي وقلت في نفسي : لأقاتلنَّ به عنه حتَّىٰ أُقتل، وحملت علىٰ القوم فأفرجوا، فإذا أنا برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم، وقد وقع علىٰ الأرض مغشيَّاً عليه، فقمت علىٰ رأسه، فنظر إليَّ فقال : ما صنع الناس، يا عليُّ؟ فقلت : كفروا يا رسول الله وولَّوا الدبر وأسلموك، فنظر إلىٰ كتيبة قد أقبلت فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : ردَّ عنِّي يا عليُّ هذه الكتيبة، فحملت عليها بسيفي أضربها يميناً وشمالاً حتَّىٰ ولَّوا الأدبار، فقال لي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : أما تسمع مديحك في السماء، إنَّ ملكاً يقال له : رضوان ينادي : لا سيف إلَّا ذو الفقار ولا فتىٰ إلَّا عليُّ، فبكيتُ سروراً وحمدت الله علىٰ نعمه » (١).
نقل ابن الأثير : لقد أصابت عليَّاً يوم أحد ستُّ عشرة ضربة، كلُّ ضربةٍ تلزمه الأرض، فما كان يرفعه إلَّا جبريل عليهالسلام (٢).
وفي هذه الوقعة قُتل حمزة بن عبدالمطَّلب، رماه وحشي ـ وهو عبد لجبير بن مطعم ـ بحربة، فسقط شهيداً، ومثَّلت به هند بنت عتبة بن ربيعة، وشقَّت عن كبده فأخذت منها قطعة فلاكتها، وجدعت أنفه، فجزع عليه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جزعاً شديداً، وقال : « لن أُصاب بمثلك »..
ولمّا يئس المشركون من قتل النبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم برغم جميع المحاولات، فترت
_______________________
١) إعلام الورىٰ ١ : ٣٧٨.
٢) أُسد الغابة ٤ : ١٠٦.