واستقبل القوم بسيفه، فقالوا : أظننت يا غُدر أنَّك ناجٍ بالنسوة؟! ارجع بهن لا أبا لك!! فقال : « فإن لم أفعل ؟! »، فقالوا : لترجعنَّ راغماً!!
ودنوا من المطايا، فحال عليٌّ عليهالسلام بينهم، وأهوىٰ له جناح بسيفه، فراغ عن ضربته، وضرب جناحاً علىٰ عاتقه فقدَّه نصفين، حتَّىٰ وصل السيف إلىٰ كتف فرسه، ثُمَّ شدَّ علىٰ أصحابه، وهو علىٰ قدميه وأنشد :
خلُّوا سبيل الجاهد المجاهد |
|
آليت لا أعبد إلَّا الواحد |
فتفرَّق القوم عنه، وقالوا : إحبس نفسك عنَّا يابن أبي طالب، ثُمَّ قال لهم : « إنِّي منطلق إلىٰ أخي وابن عمِّي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم، فمن سرَّه أن أفري لحمه وأُريق دمه فليدنُ منِّي » ثُمَّ أقبل علىٰ أيمن وأبي واقد، وقال لهما : أطلقا مطاياكما، وسار الركب حتَّىٰ نزل ضجنان، فلبث بها يوماً وليلة حتَّىٰ لحق به نفر من المستضعفين، فلمَّا بزغ الفجر سار بهم حتَّىٰ قدموا قباء (١).
وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد مكث فيها هذه المدة، ولم يغادرها بعد إلىٰ المدينة، فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ادعوا لي عليَّاً »، قيل : لا يقدر أن يمشي، فأتاه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم، واعتنقه وبكىٰ، رحمةً لما بقدميه من الورم، وتفل في يديه وأمرَّهما علىٰ قدميه، فلم يشتكهما بعدُ حتَّىٰ قُتل (٢).
_______________________
١) سيرة الأئمة الاثني عشر ١ : ١٧١ ـ ١٧٢.
٢) الكامل في التاريخ ٢ : ٧.