والله لو ضربونا حتىٰ يبلغوا بنا سعفات هجر؛ لعلمت أنَّنا علىٰ الحقِّ وأنَّهم علىٰ الباطل، ثم قُتل (١) رضي الله عنه وأرضاه..
وقد تضعضع الكثيرون من أتباع ابن أبي سفيان لموقف عمَّار، لأنَّ مقولة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيه لم تكن خافيةً علىٰ أحدٍ من الناس : « فطوبىٰ لعمَّار تقتله الفئة الباغية، عمَّار مع الحقِّ يدور معه كيفما دار » وهذا كلُّه من دلائل نبوَّة محمَّدٍ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وكان ذو الكلاع قد سمع عمرو بن العاص يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لعمَّار بن ياسر : « تقتلك الفئة الباغية، وآخر شربةٍ تشربها ضَياح من لبن »، فكان ذو الكلاع يقول لعمرو : ما هذا ويحك يا عمرو؟ فيقول عمرو : إنَّه سيرجع إلينا.
فقُتل ذو الكلاع قبل عمَّار مع معاوية، وأُصيب عمَّار بعده مع عليٍّ عليهالسلام.
فقال عمرو لمعاوية : ما أدري بقتل أيُّهما أنا أشدُّ فرحاً، بقتل عمَّار أو بقتل ذي الكلاع؟ والله لو بقي ذو الكلاع بعد قتل عمَّار لمال بعامَّة أهل الشام إلىٰ عليٍّ (٢)، فأشرق وجه معاوية لذلك!
ولمَّا قُتل عمَّار، قال عليٌّ لربيعة وهمدان : « أنتم درعي ورمحي » فانتدب له نحو من اثني عشر عليهالسلام وتقدَّمهم عليٌّ علىٰ بغلة، فحملوا معه حملة رجلٍ واحدٍ، فلم يبقَ لأهل الشام صفٌّ إلَّا انتقض، وقتلوا كلَّ من انتهوا إليه.. حتىٰ رأوا الظفر.
_______________________
١) الكامل في التاريخ ٣ : ١٨٨.
٢) الكامل في التاريخ ٣ : ١٨٨.