حالهم الجديدة، فيصفها في يوم بيعته : « .. ألا وإنَّ بليَّتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيَّه صلىاللهعليهوآلهوسلم والذي بعثه بالحقِّ لتُبَلْبَلُنَّ بلبلةً ولتُغربلُنَّ غربلةً، ولَتُساطُنَّ سوط القدر، حتىٰ يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم، وليسبقَنَّ سابقون كانوا قصَّروا، وليُقصِّرنَّ سبَّاقون كانوا سبقوا..
والله ما كتمتُ وشمةً، ولا كذبت كذبةً، ولقد نُبِّئتُ بهذا المقام وهذا اليوم... حقٌّ وباطل، ولكلٍّ أهل، فلئن أمِرَ الباطل لقديماً فعل! ولئن قلَّ الحقُّ، فلربَّما ولعلَّ! ولقلَّما أدبر شيءٌ فأقبل » (١)! كما أنبأه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ومرَّةً أُخرىٰ يضع النقاط الأساسية لواجبات الخلافة الجديدة : « اللَّهمَّ إنَّك تعلم أنَّه لم يكن الذي كان منَّا منافسةً في سلطان، ولا التماس شيءٍ من الحطام، ولكن لنردَّ المعالم من دينك، ونُظهر الإصلاح في بلادك، فيأمن المظلومون من عبادك، وتُقام المعطَّلة من حدودك.. » (٢).
ردُّ المعالم الضائعة المغيَّبة من الدنيا، وردُّ الحقِّ المنتهك من عباد الله، وإقامة الحدود المعطَّلة، كأنجح وأعدل سياسة في الحكم الإسلامي، هذه هي أهمُّ أوجه السياسة في الخلافة الجديدة.
لأوَّل مرَّة سيُقام العدل ويُركل الظلم في أشدِّ حالات القتال! القتال علىٰ التأويل كما قاتل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم علىٰ التنزيل : « إنَّ منكم من يقاتل علىٰ تأويل القرآن » قال أبو بكر : أنا هو؟ وقال عمر : أنا هو؟ قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا، لكنَّه عليٌّ »! (٣).
_______________________
١) نهج البلاغة، الخطبة : ١٦.
٢) نهج البلاغة، الخطبة : ١٣١.
٣) مسند أحمد ٣ : ٨٣، المستدرك ٣ : ١٢٣.