الباب الثالث
خلافة أمير المؤمنين عليهالسلام
قتل عُثمان، ولم يكن ثمة فرصة لتعيين من يقوم بعده بالخلافة، فلا سقيفة ولا شورىٰٰ! فكان من حقِّ الجماهير، ولأوَّل مرَّة في تأريخها، أن تطلق صوتها وترجع إلى رشدها.
فنهضت الجماهير عطشىٰ تتسابق سباق الإبل إلىٰ الماء، جاءوا دار الإمام عليٍّ عليهالسلام حيث اعتزل قبل هلاك عُثمان، ولم يخرج من بيته، يطالبون أن يخرج إليهم ليبايعوه..
حتىٰ وصف أمير المؤمنين عليهالسلام هذا السيل العارم وإصرارهم علىٰ البيعة بقوله : « فما راعني من الناس إلَّا وهم رسلٌ إلي كعُرف الضبع، يسألونني أن أُبايعهم، وانثالوا عليَّ حتىٰ لقد وُطئ الحسنان، وشُقَّ عطفاي ».
ومضىٰ يصف في خطبته هذه موقفه من الخلافة : « أما والذي فلق الحبَّة وبرأ النسمة، لولا حضور الحاضر ولزوم الحجَّة بوجود الناصر، وما أخذ الله علىٰ أولياء الأمر ألَّا يقرُّوا علىٰ كظَّة ظالم أو سغب مظلومٍ، لألقيت حبلها علىٰ غاربها، ولسقيت آخرها بكأس أوَّلها، ولألفوا دنياهم أزهد عندي من عفطة عنزٍ » (١).
وتمَّت بيعته في الخلافة في يوم الجمعة الخامس والعشرين من ذي
_______________________
١) مقاطع من خطبته الشقشقية.