بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٧٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

٤

* ( باب ) *

* ( سيرها ومكارم أخلاقها صلوات الله عليها وسير بعض خدمها ) *

١ ـ ب : السندي بن محمد ، عن أبي البختري ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : تقاضى علي وفاطمة إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الخدمة ، فقضى على فاطمة بخدمة مادون الباب ، وقضى على علي بما خلفه ، قال : فقالت فاطمة : فلا يعلم ما داخلني من السرور إلا الله بإكفائي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تحمل رقاب الرجال.

بيان : تحمل رقاب الرجال أي تحمل امور تحملها رقابهم من حمل القرب والحطب ، ويحتمل أن يكون كناية عن التبرز من بين الرجال ، أو المشي على رقاب النائمين عند خروجها ليلا للاستقاء أي التحمل على رقابهم ولا يبعد أن يكون أصله ما تحمل فاسقطت كلمة « ما » من النساخ.

ثم اعلم أن المعروف في اللغة كفاه لا أكفاه ولعل فيه أيضا تصحيفا (١).

٢ ـ ن : بالاسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن علي بن الحسين عليهما‌السلام أنه قال : حدثتني أسماء بنت عميس قالت : كنت عند فاطمة عليها‌السلام إذ دخل عليها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وفي عنقها قلادة من ذهب كان اشتراها لها علي بن أبي طالب عليه‌السلام من فئ ، فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا فاطمة لا يقول الناس إن فاطمة بنت محمد تلبس لباس الجبابرة ، فقطعتها وباعتها واشترت بها رقبة فأعتقتها ، فسر بذلك رسول ـ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٣ ـ ع : ابن مقبرة ، عن محمد بن عبدالله الحضرمي ، عن جندل بن والق عن محمد بن عمر المازني ، عن عبادة الكلبي ، عن جعفربن محمد ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين ، عن فاطمة الصغرى ، عن الحسين بن علي ، عن أخيه الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام قال : رأيت امي فاطمة عليها‌السلام قامت في محرابها ليلة جمعتها فلم تزل راكعة ساجدة حتى اتضح عمود الصبح وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات

____________________

(١) بل هو مصدر أكفأ مهموزا والمراد كفاءة الزوجة تحملا مثل تحملا رقاب الرجال.

٨١

وتسميهم وتكثر الدعاء لهم ، ولا تدعو لنفسها بشئ ، فقلت لها : يا اماه لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟ فقالت : يا بني! الجار ثم الدار.

٤ ـ ع : أحمد بن محمد بن عبدالرحمن المروزي ، عن جعفر المقري ، عن محمد بن الحسن الموصلي ، عن محمد بن عاصم ، عن أبي زيد الكحال ، عن أبيه ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : كانت فاطمة عليها‌السلام إذا دعت تدعو للمؤمنين والمؤمنات ولا تدعو لنفسها ، فقيل لها : يابنت رسول الله إنك تدعين للناس ولا تدعين لنفسك ، فقالت : الجار ثم الدار.

٥ ـ ع : القطان ، عن السكري ، عن الحكم بن أسلم ، عن ابن علية ، عن الحريري ، عن أبي الورد بن ثمامة ، عن علي عليه‌السلام أنه قال لرجل من بني سعد : ألا احدثك عني وعن فاطمة إنها كانت عندي وكانت من أحب أهله إليه وأنها استقت بالقربة حتى أثر في صدرها ، وطحنت بالرحى حتى مجلت يداها ، وكسحت البيت حتى اغبرت ثيابها ، وأو قدت النار تحت القدرحتى د كنت ثيابها ، فأصابها من ذلك ضرر شديد.

فقلت لها : لوأتيت أباك فسألتيه خادما يكفيك ضرما أنت فيه من هذا العمل فأتت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فوجدت عنده حداثا فاستحت فانصرفت.

قال : فعلم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنها جاءت لحاجة ، قال : فغداء علينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن في لفاعنا فقال : السلام عليكم ، فسكتنا واستحيينا لمكاننا ، ثم قال : السلام عليكم فسكتنا ثم قال : السلام عليكم. فخشينا إن لم نرد عليه أن ينصرف وقد كان يفعل ذلك يسلم ثلاثا فان اذن له وإلا انصرف ، فقلت : وعليك السلام يارسول الله ادخل فلم يعد أن جلس عند رؤوسنا ، فقال : يا فاطمة ما كانت حاجتك أمس عند محمد؟ قال : فخشيت إن لم نجبه أن يقوم قال : فأخرجت رأسي فقلت : أنا والله اخبرك يارسول الله إنها استقت بالقربة حتى أثرت في صدرها وجرت بالرحى حتى مجلت يداها ، وكسحت البيت حتى اغبرت ثيابها ، وأو قدت تحت القدر حتى دكنت ثيابها ، فقلت لها : لو أتيت أباك فسألتيه خادما يكفيك ضرما أنت فيه من هذا

٨٢

العمل ، قال : أفلا اعلمكما ما هو خير لكما من الخادم؟ إذا أخذتما منامكما فسبحا ثلاثا وثلاثين ، واحمدا ثلاثا وثلاثين ، وكبرا أربع وثلاثين قال : فأخرجت عليها‌السلام رأسها فقالت : رضيت عن الله ورسوله ثلاث دفعات.

بيان : قال الجزري : مجلت يده تمجل مجلا ، إذا ثخن جلدها في العمل بالاشياء الصلبة ، ومنها حديث فاطمة أنها شكت إلى علي عليه‌السلام مجل يدها من الطحن.

وقال : في حديث فاطمة : أنها أو قدت القدر حتى دكنت ثيابها ، دكن الثوب إذا اتسح واغبر لونه يدكن دكنا.

وقال : اللفاع ثوب يجلل به الجسد كله كساء كان أو غير ومنه حديث علي وفاطمة : وقد دخلنا في لفاعنا أي لحافنا.

وقال : فحديث فاطمة أنها جائت إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فوجدت عنده حداثا أي جماعة يتحدثون ، وهو جمع على غير قياس حملا على نظيره ، نحو سامر وسمار فان السمار المحدثون.

قوله : فلم يعد أن جلس ، أي لم يتجاوز عن الجلوس من عدايعد وقال الجوهري : عداه أي جاوزه ، وما عدا فلا ن أن صنع كذا.

٦ ـ كا ، مكا : عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أراد السفر سلم على من أراد التسليم عليه من أهله ثم يكون آخر من يسلم عليه فاطمة عليها‌السلام فيكون وجهه إلى سفرة من بيتها ، وإذا رجع بدأبها.

فسافر مرة وقد أصاب علي عليه‌السلام شيئا من الغنيمة فدفعه إلى فاطمة فخرج فأخذت سوارين من فضة وعلقت على بابها سترا ، فلما قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دخل المسجد فتوجه نحوبيت فاطمة كما كان يصنع ، فقامت فرحة إلى أبيها صبابة وشوقا إليه فنظر فإذا في يدها سواران من فضة وإذا على بابها ستر ، فقعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حيث ينظر إليها ، فبكت فاطمة وحزنت وقالت : ما صنع هذا بي قلبها.

فدعت ابنيها فنزعت الستر من بابها وخلعت السوارين من يديها ، ثم دفعت السوارين إلى أحدهما والستر إلى الاخر ثم قالت لهما : انطلقا إلى أبي فأقرئاه

٨٣

السلام وقولا له : ما أحدثنا بعدك غيرهذا فشأنك به ، فجاءاه فأبلغاه ذلك عن امهما فقبلهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والتزمهما وأقعد كل واحد منهما على فخذه ، ثم أمر بذينك السوارين فكسرا فجعلها قطعا ثم دعا أهل الصفة [ وهم ] قوم من المهاجرين لم يكن لهم منازل ولا أموال ، فقسمه بينهم قطعا ، ثم جعل يدعوالرجل منهم العاري الذي لايستتر بشئ وكان ذلك الستر طويلا ليس له عرض فجعل يؤزر الرجل فاذا التقيا عليه قطعه حتى قسمه بينهم ازرا ثم أمر النساء لا يرفعن رؤوسهن من الركوع والسجود حتى يرفع الرجال رؤوسهم ، وذلك أنهم كانوا من صغر إزارهم إذا ركعوا وسجدوا بدت عورتهم من خلفهم ثم جرت به السنة أن لا يرفع النساء رؤوسهن من الركوع والسجود حتى يرفع الرجال.

ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : رحم الله فاطمة ليكسونها الله بهذا السترمن كسوة الجنة ، وليحلينها بهذين السوارين من حلية الجنة.

عن الكاظم عليه‌السلام قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : دخل على ابنته فاطمة عليها‌السلام وفي عنقها قلادة ، فأعرض عنها ، فقطعتها ورمت بهاء ، فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت مني ائتيني يا فاطمة ثم جاء سائل فناولته القلادة.

٧ ـ قب : حلية أبي نعيم ومسند أبي يعلى قالت عائشة : ما رأيت أحدا قط أصدق من فاطمة غير أبيها.

ورويا أنه كان بينهما شئ فقالت عائشة : يارسول الله سلها فانها لا تكذب وقد روى الحديثين عطا وعمرو بن دينار.

الحسن البصري : ماكان في هذه الامة أعبد من فاطمة كانت تقوم حتى تورم قدماها.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لها : أي شئ خير للمرأة؟ قالت : أن لا ترى رجلا ولايراها رجل. فضمها إليه وقال : ذرية بعضها من بعض.

وفي الحلية : الاوزاعي عن الزهري قال : لقد طحنت فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

٨٤

حتى مجلت (١) يداها وطب الرحى في يدها.

بيان : طب أي تأنى في الامور وتلطف ولعل المعنى أثرت فيها قليلا قليلا ولعل فيه تصحيفا (٢).

٨ ـ قب : في الصحيحين إن عليا عليه‌السلام قال أشتكي مما أندء بالقرب فقالت فاطمة عليها‌السلام : والله إني أشتكي يدي مما أطحن بالرحى وكان عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله اسارى فأمرها أن تطلب من النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله خادما ، فدخلت على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلمت عليه ورجعت ، فقال أميرالمؤمنين عليه‌السلام : مالك؟ قالت : والله ما استطعت أن اكلم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من هيبته ، فانطلق علي معها إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال لهما : لقد جاءت بكما حاجة ، فقال علي : مجاراتهما فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا ولكني أبيعهم وانفق أثمانهم على أهل الصفة ، وعلمها تسبيح الزهراء.

كتاب الشيرازي أنها لما ذكرت حالها وسألت جارية بكى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا فاطمة والذي بعثني بالحق إن في المسجد أربعمائة رجل مالهم طعام ولاثياب ولولا خشيتي خصلة لاعطيتك ما سألت ، يا فاطمة إني لا اريد أن ينفك عنك أجرك إلى الجارية ، وإني أخاف أن يخصمك علي بن أبي طالب عليه‌السلام يوم القيامة بين يدي الله عزوجل إذا طلب حقه منك ثم علمها صلاة التسبيح فقال أميرالمؤمنين : مضيت تريدين من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الدنيا فأعطانا الله ثواب الآخرة.

[ قال ] قال أبوهريرة : فلما خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من عند فاطمة أنزل الله على رسوله « وإما تعرضن عنهم ابتغآء رحمة من ربك ترجوها » يعني عن قرابتك وابنتك فاطمة ابتغاء مرضاة الله ، يعني طلب رحمة من ربك ، يعني رزقا من ربك ترجوها « فقل لهم قولا ميسورا » (٣) يعني قولا حسنا.

فلما نزلت هذه الاية أنفذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جارية إليها للخدمة وسماها فضة.

تفسير الثعلبي ، عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام ، وتفسير القشيري ، عن جابر الانصاري أنه

____________________

(١) مجلت يده قرحت يده او تجمع ماء فيها بين الجلد واللحم بسبب العمل.

(٢) بل المراد بالطب أن تجعل طبابة أى سيرا من الجلد على الرحى فتمسكها بيدها وتدير.

(٣) الاسراء : ٣٠.

٨٥

رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة وعليها كساء من أجلة الابل وهي تطحن بيديها وترضع ولدها ، فدمعت عينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يابنتاه تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة ، فقالت : يارسول الله الحمد لله على نعمائه ، والشكر لله على آلائه فأنزل الله « ولسوف يعطيك ربك فترضى » (١).

ابن شاهين في مناقب فاطمة ، وأحمد في مسند الانصار بإسنادهما عن أبي هريرة وثوبان أنهما قالا : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يبدأ في سفره بفاطمة ويختم بها ، فجعلت وقتا سترا من كساء خيبرية لقدوم أبيها وزوجها فلما رآه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله تجاوز عنها وقد عرف الغضب في وجهه حتى جلس عند المنبر فنزعت قلادتها وقرطيها ومسكتيها ونزعت الستر فبعثت به إلى أبيها وقالت : اجعل هذا في سبيل الله فلما أتاه قال عليه‌السلام : قد فعلت فداها أبوها ثلاث مرات مالال محمد وللدنيا فانهم خلقوا للاخرة وخلقت الدنيا لهم.

وفي رواية أحمد : فان هؤلاء أهل بيتي ولا احب أن يأكلوا طيباتهم في حياتهم الدنيا.

أبوصالح المؤذن في كتابه بالاسناد عن علي عليه‌السلام أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله دخل على ابنته فاطمة فإذا في عنقها قلادة ، فأعرض عنها ، فقطعها فرمت بها ، فقال رسول الله : أنت مني يا فاطمة ثم جاءها سائل فناولته القلادة.

أبوالقاسم القشيري في كتابه : قال بعضهم : انقطعت في البادية عن القافلة فوجدت امرأة ، فقلت لها : من أنت؟ فقالت « وقل سلام فسوف تعلمون » (٢) فسلمت عليها ، فقلت : ما تصنعين ههنا؟ قالت : « من يهدي الله فلا مضل له » (٣) فقلت : أمن الجن أنت أم من الانس؟ قالت : « يا بني آدم خذوا زينتكم » (٤) فقلت : من أين

____________________

(١) الضحي : ٥.

(٢) الزخرف : ٨٩.

(٣) لم نجد بهذا اللفظ آية في القرآن والموجود فيه : الزمر : ٣٨ ومن يهدى الله فماله من مضل.

(٤) الاعراف : ٢٩.

٨٦

أقبلت؟ قالت : « ينادون من مكان بعيد » (١) فقلت : أين تقصدين؟ قالت : « ولله على الناس حج البيت » (٢) فقلت : متى انقطعت؟ قالت : « ولقد خلقنا السموات والارض في ستة أيام » (٣) فقلت : أتشتهين طعاما؟ فقالت : « وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام » (٤) فأطعمتها ، ثم قلت : هرولي ولا تعجلي ، قالت : « لا يكلف الله نفسا إلا وسعها » (٥) فقلت : أردفك؟ فقالت : « لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا » (٦) فنزلت فأركبتها ، فقالت : « سبحان الذي سخرلنا هذا » (٧).

فلما أدركنا القافلة قلت : ألك أحد فيها؟ قالت : « يا داود إنا جعلناك خليفة في الارض » (٨) « وما محمد إلا رسول » (٩) « يايحيى خذ الكتاب » (١٠) « ياموسى إني أنا الله » (١١) فصحت بهذه الاسماء ، فإذا أنا بأربعة شباب متوجهين نحوها ، فقلت : من هؤلاء منك؟ قالت : « المال والبنون زينة الحيوة الدنيا » (١٢) فلما أتوها قالت : « يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الامين » (١٣) فكافوني بأشياء فقالت : « والله يضاعف لمن يشاء » (١٤) فزادوا على فسألتهم عنها فقالوا : هذه امنا فضة جارية الزهراء عليها‌السلام ما تكلمت منذ عشرين سنة إلا بالقرآن.

٩ ـ قية : من كتاب زهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لابي جعفر أحمد القمي أنه لما نزلت هذه الاية على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله « وإن جهنم لموعدهم أجمعين * لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم » (١٥) بكى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بكاء شديدا وبكت صحابته لبكائه

____________________

(١) فصلت : ٤٤. (٢) آل عمران : ٩١.

(٣) ق : ٣٧ بزيادة : وما بينهما. بعد الارض.

(٤) الانبياء : ٨. (٥) البقرة : ٢٨٦.

(٦) الانبياء : ٢٢. (٧) الزخرف : ١٢.

(٨) ص : ٢٥. (٩) آل عمران : ١٣٨.

(١٠) مريم : ١٣. (١١) طه : ١١ و ١٣.

(١٢) الكهف : ٤٤. (١٣) القصص : ٢٦.

(١٤) البقرة : ٢٦٣. (١٥) الحجر : ٤٣ و ٤٤.

٨٧

ولم يدروا ما نزل به جبرئيل عليه‌السلام ، ولم يستطع أحد من صحابته أن يكلمه.

وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا رأى فاطمة عليها‌السلام فرح بها ، فانطلق بعض أصحابه إلى باب بيتها ، فوجد بين يديها شعيرا وهي تطحن فيه وتقول : « وما عندالله خير و أبقي » (١) فسلم عليها وأخبرها بخبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وبكائه.

فنهضت والتفت بشملة لها خلقة قد خيطت في اثني عشر مكانا بسعف النخل ، فلما خرجت نظر سلمان الفارسي إلى الشملة وبكى وقال : واحزناه إن [ بنات ] قيصر وكسرى لفي السندس والحرير ، وابنة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله عليها شملة صوف خلقة قد خيطت في اثنى عشر مكانا.

فلما دخلت فاطمة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قالت : يارسول الله إن سلمان تعجب من لباسي ، فوالذي بعثك بالحق مالي ولعلي منذ خمس سنين إلا مسك كبش نعلف عليها بالنهار بعيرنا ، فاذا كان الليل افترشناه وإن مرفقتنا لمن أدم حشوها ليف فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ياسلمان إن ابنتي لفي الخيل السوابق.

ثم قالت : يا أبت فديتك ما الذي أبكاك؟ فذكرلها ما نزل به جبرئيل من الايتين المتقدمتين قال : فسقطت فاطمة عليها‌السلام على وجهها وهي تقول : الويل ثم الويل لمن دخل النار ، فسمع سلمان فقال : ياليتني كنت كبشا لاهلي فأكلوا لحمي و مزقوا جلدي ولم أسمع بذكر النار ، وقال أبوذر : يا ليت امي كانت عاقرا ولم تلدني ولم أسمع بذكر النار ، وقال مقداد : يا ليتني كنت طائرا في القفار ولم يكن علي حساب ولا عقاب ولم أسمع بذكر النار ، وقال علي عليه‌السلام : ياليت السباع مزقت لحمي وليت امي لم تلدني ولم أسمع بذكر النار.

ثم وضع علي عليه‌السلام يده على رأسه وجعل يبكي ويقول : وا بعد سفراه! واقلة زاداه في سفر القيامة يذهبون في النار ويتخطفون ، مرضى لايعاد سقيمهم ، و جرحى لايداوى جريحهم ، وأسرى لا يفك أسرهم ، من النار يأكلون ، ومنها يشربون وبين أطباقها يتقلبون ، وبعد لبس القطن مقطعات النار يلبسون ، وبعد معانقة الازواج

____________________

(١) القصص : ٦٠.

٨٨

مع الشياطين مقرنون.

١٠ ـ كشف : من مسند أحمد بن حنبل (١) عن ثوبان مولى رسول الله قال : كان رسول الله إذا سافر آخر عهده بانسان من أهله فاطمة ، وأول من يدخل عليه إذا قدم فاطمة عليها‌السلام قال : فقدم من غزاة فأتا فاذا هو بمسح على بابها ورأى على الحسن والحسين عليهما‌السلام قلبين من فضة فرجع ولم يدخل عليها فلما رأت ذلك فاطمة ظنت أنه لم يدخل عليها من أجل ما رأى ، فهتكت الستر ونزعت القلبين من الصبيين فقطعتهما ، فبكى الصبيان فقسمته بينهما ، فانطلقا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهما يبكيان فأخذه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله منهما وقال : يا ثوبان اذهب بهذا إلى بني فلان أهل بيت بالمدينة واشتر لفاطمة قلادة من عصب وسوارين من عاج ، فإن هؤلاء أهل بيتي ولا احب أن يأكلوا طيباتهم في حياتهم الدنيا.

بيان : القلب بالضم : السوار ، قال الجزري : في حديث ثوبان أن فاطمة حلت الحسن والحسين بقلبين من فضة ، القلب : السوار.

وقال : وفيه أنه قال لثوبان : اشتر لفاطمة قلادة من عصب وسوارين من عاج قال الخطابي في المعالم : إن لم تكن الثياب اليمانية فلا أدري ماهو وما أرى أن القلادة تكون منها ، وقال أبوموسى : يحتمل عندي أن الرواية إنما هي العصب بفتح الصادو هو أطناب مفاصل الحيوان ، وهو شئ مدور فيحتمل أنهم كانوا يأخذون عصب بعض الحيوانات الطاهرة فيقطعونه ويجعلونه شبه الخرز فإذا يبس يتخذون منه القلائد وإذا جاز وأمكن أن يتخذ من عظام السلحفاة وغيرها الاسورة جاز وأمكن أن يتخذ من عصب أشباهها خرز ينظم القلائد.

قال : ثم ذكر لي بعض أهل اليمن أن العصب سن دابة بحرية تسمى : فرس فرعون يتخذ منها الخرز وغير الخرز من نصاب سكين وغيره ، ويكون أبيض.

١١ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن فرات ابن أحنف قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : ليس على وجه الارض بقلة أشرف ولا أنفع من الفرفخ وهوبقلة فاطمة عليها‌السلام ، ثم قال : لعن الله بني امية هم سموها

____________________

(١) والظاهر انه منقول من كتاب معالم العترة ، راجع المصدر ج ٢ ص ٦.

٨٩

بقلة الحمقاء بغضا لنا وعداوة لفاطمة عليها‌السلام.

١٢ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن أبي يحيى الواسطي عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : بقلة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الهندباء ، و بقلة أميرالمؤمنين عليه‌السلام الباذروج ، وبقلة فاطمة عليها‌السلام الفرفخ.

١٣ ـ يب : محمد بن علي بن محبوب ، عن محمد بن الحسين ، عن محسن بن أحمد ، عن محمدبن جناب ، عن يوسن ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن فاطمة عليها‌السلام كانت تأتي قبور الشهداء في كل غداة سبت فتأتي قبر حمزة وتترحم عليه ، وتستغفر له.

١٤ ـ فس : « إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا باذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون » (١) قال : فانه حدثني أبي ، عن محمد بن أبي عمير ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال :

كان سبب نزول هذه الاية أن فاطمة عليها‌السلام رأت في منامها أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هم أن يخرج هو وفاطمة وعلي والحسن والحسين عليهم‌السلام من المدينة فخرجوا حتى جاوزوا من حيطان المدينة ، فتعرض لهم طريقان ، فأخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات اليمين حتى انتهى بهم إلى موضع فيه نخل وماء ، فاشترى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شاة كبراء ـ وهي التي في إحدى اذنيها نقط بيض ـ فأمر بذبحها فلما أكلوا ماتوا في مكانهم ، فانتبهت فاطمة باكية ذعرة فلم تخبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك.

فلما أصبحت جاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بحمار فأركب عليه فاطمة عليها‌السلام وأمر أن يخرج أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم‌السلام من المدينة كما رأت فاطمة في نومها فلما خرجوا من حيطان المدينة عرض له طريقان فأخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات اليمين كما رأت فاطمة حتى انتهوا إلى موضع فيه نخل وماء ، فاشترى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شاة كما رأت فاطمة عليها‌السلام فأمر بذبحها ، فذبحت وشويت.

فلما أرادوا أكلها قامت فاطمة وتنحت ناحية منهم تبكي مخافة أن يموتوا فطلبها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى وقع عليها وهي تبكي فقال : ما شأنك يا بنية؟ قالت :

____________________

(١) المجادلة : ١١.

٩٠

يارسول الله إني رأيت البارحة كذا وكذا في نومي وقدفعلت أنت كما رأيته فتنحيت عنكم فلا أراكم تموتون.

فقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فصلى ركعتين ثم ناجى ربه ، فنزل عليه جبرئيل فقال : يا محمد هذا شيطان يقال له : الدهار وهو الذي أرى فاطمة هذه الرؤيا ويؤذي (١) المؤمنين في نومهم ما يغتمون به ، فأمر جبرئيل فجاء به إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له : أنت أريت فاطمة هذه الرؤيا؟ فقال : نعم يا محمد فبزق عليه ثلاث بزقات فشجه في ثلاث مواضع.

ثم قال جبرئيل لمحمد : قل يا محمد إذا رأيت في منامك شيئا تكرهه أو رأى أحد من المؤمنين فليقل : أعوذ بما عاذت به ملائكة الله المقربون وأنبياؤه المرسلون وعباده الصالحون من شر ما رأيت [ و ] من رؤياي ويقرأ الحمد والمعوذتين وقل هو الله أحد ويتفل عن يساره ثلاث تفلات ، فإنه لايضره ما رأى وأنزل الله على رسوله « إنما النجوى من الشيطان » الآية.

بيان : ما رأيت كبراء وأشكالها فيما عندنا من كتب اللغة بهذا المعنى.

١٥ ـ شى : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : رأت فاطمة عليها‌السلام في النوم كأن الحسن والحسين ذبحا أو قتلا فأحزنها ذلك ، فأخبرت به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رؤيا! فتمثلت بين يديه قال : أنت أريت فاطمة هذا البلاء؟ قالت : لا فقال : يا أصغاث! أنت أريت فاطمة هذا البلاد؟ قالت : نعم يارسول الله ، قال : فما أردت بذلك؟ قالت : أردت أن أحزنها ، فقال لفاطمة : اسمعي ليس هذا بشئ

١٦ ـ نوادر الرواندى : باسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال علي عليه‌السلام استأذن أعمى على فاطمة عليها‌السلام فحجبته فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لها : لم حجبتيه وهو لايراك؟ فقالت عليها‌السلام : إن لم يكن يراني فاني أراه وهو يشم الريح فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أشهد أنك بضعة مني.

____________________

(١) يرى ، ظ.

٩١

وبهذا الاسناد قال : سأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أصحابه عن المرأة ماهي ، قالوا : عورة ، قال : فمتى تكون أدنى من ربها؟ فلم يدروا ، فلما سمعت فاطمة عليها‌السلام ذلك قالت : أدنى ما تكون من ربها أن تلزم قعربيتها ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن فاطمة بضعة مني.

٥

* ( باب ) *

* « ( تزويجها صلوات الله عليها ) » *

١ ـ قل : باسناده إلى شيخنا المفيد في كتاب حدائق الرياض قال : ليلة إحدى وعشرين من المحرم وكانت ليلة خميس سنة ثلاث من الهجرة كان زفاف فاطمة ابنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى منزل أميرالمؤمنين عليه‌السلام يستحب صومه شكرالله تعالى لما وفق من جمع حجته وصفوته.

ومن تاريخ بغداد باسناده إلى ابن عباس قال : لما زفت فاطمة عليها‌السلام إلى علي عليه‌السلام كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قدامها ، وجبرئيل عن يمينها ، وميكائيل عن يسارها وسبعون ألف ملك خلفها يسبحون الله ويقدسونه حتى طلع الفجر.

٢ ـ مصباح : في أول يومن من ذي الحجة زوج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة عليها‌السلام من أميرالمؤمنين عليه‌السلام وروي أنه كان يوم السادس.

٣ ـ ن : جعفر بن نعيم الشاذاني ، عن أحمد بن إدريس ، عن ابن هاشم ، عن علي بن معبد ، عن الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام قال : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يا علي لقد عاتبني رجال من قريش في أمر فاطمة ، وقالوا : خطبناها إليك فمنعتنا وزوجت عليا ، فقلت لهم : والله ما أنا منعتكم وزوجته ، بل الله منعكم وزوجه ، فهبط علي جبرئيل فقال : يا محمد إن الله جل جلاله يقول : لو لم أخلق عليا لما كان

٩٢

لفاطمة ابنتك كفو على وجه الارض آدم فمن دونه.

ن : الهمداني ، عن علي ، عن أبيه ، عن علي بن معبد مثله.

٤ ـ ما : المفيد ، عن محمد بن الحسين ، عن الحسين بن محمد الاسدي ، عن جعفر بن عبدالله العلوي ، عن يحيى بن هاشم الغساني ، عن محمد بن مروان ، عن جويربن سعد ، عن الضحاك بن مزاحم قال : سمعت علي بن أبيطالب عليه‌السلام يقول : أتاني أبوبكر وعمر فقالا : لو أتيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فذكرت له فاطمة.

قال : فأتيته فلما رآني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ضحك ثم قال : ما جاء بك يا أبا الحسن حاجتك؟ قال : فذكرت له قرابتي وقدمي في الاسلام ونصرتي له وجهادي فقال : يا علي صدقت فأنت أفضل مما تذكر ، فقلت : يا رسول الله فاطمة تزوجنيها ، فقال : يا علي إنه قد ذكرها قبلك رجال فذكرت ذلك لها فرأيت الكراهة في وجهها ، ولكن على رسلك حتى أخرج إليك.

فدخل عليها ، فقامت فأخذت رداءه ونزعت نعليه وأتته بالوضوء فوضأته بيدها وغسلت رجليه ، ثم قعدت ، فقال لها : يا فاطمة! فقالت : لبيك لبيك حاجتك يارسول الله؟ قال : إن علي بن أبيطالب من قد عرفت قرابته وفضله وإسلامه و إني قد سألت ربي أن يزوجك خير خلقه وأحبهم إليه ، وقد ذكر من أمرك شيئا فما ترين؟ فسكتت ولم تول وجهها ولم يرفيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كراهة : فقام وهو يقول : الله أكبر سكوتها إقراها.

فأتاه جبرئيل عليه‌السلام فقال : يا محمد زوجها علي بن أبيطالب فان الله قد رضيها له ورضيه لها ، قال علي : فزوجني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم أتاني فأخذ بيدي فقال : قم بسم الله وقل على بركة الله وما شاء الله لا قوة إلا بالله توكلت على الله ، ثم جاءني حتى أقعدني عندها عليها‌السلام ، ثم قال : اللهم إنهما أحب خلقك إلي فأحبهما وبارك في ذريتهما ، واجعل عليهما منك حافظا ، وإني اعيذهما بك وذريتهما من الشيطان الرجيم.

بيان : الرسل بالكسر التأني والرفق.

٩٣

٥ ـ ما : جماعة عن أبي غالب أحمد بن محمد الزراري ، عن خاله ، عن الاشعري عن البرقي ، عن ابن أسباط ، عن داود ، عن يعقوب بن شعيب ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لما زوج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا فاطمة عليهما‌السلام دخل عليا وهي تبكي فقال لها : ما يبكيك؟ فوالله لو كان في أهل بيتي خير منه زوجتك ، وما أنا زوجتك ولكن الله زوجك وأصدق عنك الخمس ما دامت السموات والارض.

قال علي : عليه‌السلام قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قم فبع الدرع ، فقمت فبعته وأخذت الثمن ، ودخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فسكبت الدارهم في حجره ، فلم يسألني كم هي ولا أنا أخبرته ، ثم قبض قبضة ودعا بلالا فأعطاه فقال : ابتع لفاطمة طيبا ، ثم قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من الدراهم بكلتا يدية فأعطاه أبابكر وقال : ابتع لفاطمة ما يصلحها من ثياب وأثاث البيت وأردفه بعمار بن ياسر وبعدة من أصحابه.

فحضروا السوق فكانوا يعرضون الشئ مما يصلح ، فلا يشترونه حتى يعرضوه على أبي بكر فإن استصلحه اشتروه.

فكان مما اشتروه : قميص بسبعة دارهم ، وخمار بأربعة دراهم وقطيفة سوداء خيبرية ، وسرير مزمل بشريط ، وفراشين من خيش مصر حشو أحدهما ليف وحشو الآخرين من جز الغنم ، وأربع مرافق من أدم الطائف ، حشوها أذخر ، وستر من صوف وحصير هجري (١) ، ورحى لليد ، ومخضب من نجاس ، وسقاء من أدم ، وقعب للبن وشن للماء ، ومطهرة مزفتة (٢) وجرة خضراء ، وكيزان خزف حتى إذا استكمل الشراء حمل أبوبكر بعض المتاع ، وحمل أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الذين كانوا معه الباقي.

فلما عرض المتاع على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جعل يقلبه بيده ويقول : بارك الله لاهل البيت.

____________________

(١) قال الفيروز آبادى : هجر محركة بلدة باليمن بينه وبين عثر يوم وليلة مذكر مصروف وقد يؤنث ويمنع والنسبة هجرى وهاجرى واسم لجميع ارض البحرين ، وقرية كانت قرب المدينة.

(٢) المزفت : المطلى بالزفت.

٩٤

قال علي عليه‌السلام : فأقمت بعد ذلك شهرا اصلي مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأرجع إلى منزلي ، ولا أذكر شيئا من أمر فاطمة عليها‌السلام ثم قلن أزواج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا نطلب لك من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دخول فاطمة عليك؟ فقلت : افعلن ، فدخلن عليه فقالت ام أيمن : يارسول الله لو أن خديجة باقية لقرت عينها بزفاف فاطمة وإن عليا يريد أهله ، فقر عين فاطمة ببعلها واجمع شملها وقر عيوننا بذلك ، فقال : فما بال علي لا يطلب مني زوجته ، فقد كنا نتوقع ذلك منه ، قال علي : فقلت : الحياء يمنعني يارسول الله.

فالتفت إلى النساء فقال : من ههنا؟ فقالت ام سلمة : أنا ام سلمة وهذه زينب ، وهذه فلانة وفلانة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هيئوا لابنتي وابن عمي في حجري بيتا ، فقالت ام سلمة : في أي حجرة يارسول الله؟ فقال رسول الله : في حجرتك وأمر نساءه أن يزين ويصلحن من شأنها.

قالت ام سلمة : فسألت فاطمة : هل عندك طيب ادخرتيه لنفسك؟ قالت : نعم فأتت بقارورة فسكبت منها في راحتي فشممت منها رائحة ما شممت مثلها قط ، فقلت ماهذا؟ فقالت : كان دحية الكلبي يدخل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيقول لي : يافاطمة هات الوسادة فاطر حيها لعمك ، فأطرح له الوسادة فيجلس عليا ، فاذا نهض سقط من بين ثيابه شئ فيأمرني بجمعه ، فسأل علي عليه‌السلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن ذلك فقال : هو عنبر يسقط من أجنحة جبرئيل.

قال علي : ثم قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي اصنع لاهلك طعاما فاضلا ثم قال : من عندنا اللحم والخبز ، وعليك التمر والسمن ، فاشتريت تمرا وسمنا فحسر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن ذراعه وجعل يشدخ التمر في السمن حتى اتخذه حيسا ، وبعث إلينا كبشا سمينا فذبح ، وخبزلنا خبز كثير.

ثم قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ادع من أحببت ، فأتيت المسجد وهو مشحن بالصحابة ، فأحييت أن أشخص قوما وأدع قوما ، ثم صعدت على ربوة هناك وناديت : أجيبوا إلى وليمة فاطمة ، فأقبل الناس أرسالا ، فاستحييت من كثرة الناس وقلة

٩٥

الطعام ، فعلم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما تداخلني فقال : يا علي إني سأدعو الله بالبركة قال علي : فأكل القوم عن آخرهم طعامي ، وشربوا شرابي ، ودعوا لي بالبركة و صدروا وهم أكثر من أربعة آلاف رجل ، ولم ينقص من الطعام شئ.

ثم دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالصحاف فملئت ووجه بها إلى منازل أزواجه ، ثم أخذ صحفة وجعل فيها طعاما وقال : هذا لفاطمة وبعلها حتى إذا انصرفت الشمس للغروب قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا ام سلمة هلمي فاطمة ، فانطلقت فأتت بها وهي تسحب أذيالها ، وقد تصببت عرقا حياء من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فعثرت. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أقالك الله العثرة في الدنيا والآخرة.

فلما وقفت بين يديه كشف الرداء عن وجهها حتى رآها علي عليه‌السلام ، ثم أخذ يدها فوضعها في يد علي عليه‌السلام وقال : بارك الله لك في ابنة رسول الله يا علي نعم الزوجة فاطمة ، ويا فاطمة نعم البعل علي انطلقا إلى منزلكما ولا تحدثا أمرا حتى آتيكما.

قال علي : فأخذت بيد فاطمة وانطلقت بها حتى جلست في جانب الصفة وجلست في جانبها وهي مطرقة إلى الارض حياء مني وأنا مطرق إلى الارض حياء منها.

ثم جاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : من ههنا؟ فقلنا : ادخل يارسول الله مرحبا بك زائرا وداخلا ، فدخل ، فأجلس فاطمة من جانبه ثم قال : يا فاطمة ايتيني بماء فقامت إلى قعب في البيت فملاته ماء ثم أتته به ، فأخذ جرعة فتمضمض بها ثم محبها في القعب ثم صب منها على رأسها ، ثم قال : أقبلي! فلما أقبلت نضح منه بين ثدييها ، ثم قال : أدبري ، فأدبرت فنضح منه بين كتفيها ثم قال : اللهم هذه ابنتي وأحب الخلق إلى ، اللهم وهذا أخي وأحب الخلق إلي اللهم اجعله لك وليا وبك حفيا ، وبارك له في أهله ، ثم قال : يا علي ادخل بأهلك بارك الله لك ورحمة الله وبركاته عليكم إنه حميد مجيد.

بيان : مزمل أي ملفوف ، والشريط : خوص مفتول يشرط به السرير ونحوه

٩٦

وقال الفيروز آبادي : الخيش : ثياب في نسجها رقة وخيوطها غلاظ من مشاقة الكتان أو من أغلظ العصب ، قوله : من جز الغنم بالكسر أي الصوف الذي جز من الغنم والمخضب كمنبر : المركن.

قوله : فقر عين فاطمة ، ظاهره أنه بصيغة الامربناء على أن مجردة يكون متعديا أيضا ، لكنه لم يرد فيما عندنا من كتب اللغة.

وقال الجوهري : جمع الله شملهم ، أي ما تشتت من أمرهم ، وشتت الله شمله أي ما اجتمع من أمره ، وقال : الشدخ كسر الشئ الاجوف ، وقال : الحيس هو تمر يخلط بسمن وأقط ، والسحب الجر ، والقعب قدح من خشب ، قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وبك حفيا ، قال الجوهري : تقول : حفيت به بالكسر أي بالغت في إكرامه وإلطافه ـ انتهى ـ أي مطيعا لك غاية الاطاعة أو مشفقا على الخلق ناصحا لهم بسبب إطاعة أمرك.

٦ ـ ما : جماعة ، عن أبي غالب الزراري ، عن الكليني ، عن عدة من أصحابه عن أحمد بن محمد ، عن الوشاء ، عن الخيبري ، عن يونس بن ظبيان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : لو لا أن الله خلق أميرالمؤمنين لفاطمة ماكان لها كفو على الارض.

٧ ـ ما : روي أن أمير المؤمنين عليه‌السلام دخل بفاطمة بعد وفاة اختهار قية زوجة عثمان بستة عشر يوما ، وذلك بعد رجوعه من بد ر ، وذلك لايام خلت من شوال وروي أنه دخل بها يوم الثلثا لست خلون من ذي الحجة والله تعالى أعلم.

٨ ـ ل : الطالقاني ، عن الحسن بن علي العدوي ، عن عمروبن المختار عن يحيى الحماني ، عن قيس بن الربيع ، عن الاعمش ، عن عباية بن ربعي عن أبي أيوب الانصاري قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مرض مرضة فأتته فاطمة عليها‌السلام تعوده وهو ناقه (١) من مرضه ، فلما رأت مابرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من الجهد

____________________

(١) يقال : نقه المريض من علته اذا برئ وأفاق لكن فيه ضعف لم يرجع إلى كمال قوته بعد ، فهو ناقه.

٩٧

والضعف خنقتها العبرة حتى جرت دمعتها على خدها ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لها : يا فاطمة إن الله جل ذكره اطلع إلى الارض اطلاعة فاختار منها بعلك ، فأوحى إلي فأنكحتكه ، أما علمت يا فاطمة أن لكرامة الله إياك زوجك أقدمهم سلما أعظمهم حلما ، وأكثرهم علما.

قال : فسرت بذلك فاطمة عليها‌السلام ، واستبشرت بما قال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأراد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يزيدها مزيد الخير كله من الذي قسمه الله له ولمحمد وآل محمد.

فقال : يا فاطمة لعلي ثمان خصال : إيمانه بالله وبرسوله ، وعلمه ، وحكمته وزوجته ، وسبطاه الحسن والحسين ، وأمره بالمعروف ، ونهيه عن المنكر ، وقضاؤه بكتاب الله.

يا فاطمة إنا أهل بيت اعطينا سبع خصال لم يعطها أحمد من الاولين قبلنا ولا يدكها أحد من الاخرين بعدنا : نبينا خير الانبياء وهو أبوك ، ووصينا خير الاوصياء وهو بعلك ، وشهيدنا سيد الشهداء وهو حمزة عم أبيك ، ومنا من له جناحان يطيربهما في الجنة وهو جعفر ، ومنا سبطا هذه الامة وهما ابناك.

٩ ـ لى : أبي ، والعطار ، عن محمد العطار ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن أبي أحمد الازدي ، عن أبان بن عثمان ، عن أبان بن تغلب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله تبارك وتعالى آخى بيني وبين علي بن أبي طالب وزوجه ابنتي من فوق سبع سماواته ، وأشهد على ذلك مقربي ملائكته وجعله لي وصيا وخليفة ، فعلي مني وأنا منه ، محبه محبي ، ومبغضه مبغضي وإن الملائكة لتتقرب إلى الله بمحبته.

١٠ ـ لى : ابن الوليد ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم عن الحسين بن أبي العلا ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام دخلت ام أيمن على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وفي ملحفتها شئ ، فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما معك يا ام أيمن فقالت إن فلانة أملكوها فنثروا عليها فأخذت من نثارها

٩٨

ثم بكت ام أيمن وقالت : يارسول الله فاطمة زوجتها ولم تنثر عليها شئيا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا ام أيمن لم تكذبين ، فان الله تبارك وتعالى لما زوجت فاطمة عليا عليهما‌السلام أمر أشجار الجنة أن تنثر عليهم من حليها وحللها وياقوتها ودرها وزمردها واستبرقها فأخذوا منها مالا يعلمون ، ولقد نحل الله طوبى في مهر فاطمة عليها‌السلام فجعلها في منزل علي عليه‌السلام.

شى : عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله.

١١ ـ فس : أبي ، عن بعض أصحابه رفعه قال : كانت فاطمة عليها‌السلام لايذكرها أحد لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلا أعرض عنه حتى آيس الناس منها ، فلما أراد أن يزوجها من علي أسر إليها فقالت : يارسول الله أنت أولى بما ترى غير أن نساء قريش تحدثني عنه أنه رجل دحداح البطن ، طويل الذراعين ، ضخم الكراديس ، أنزع عظيم العينين والسكنة [ مشاشار كمشاشير البعير (١) ] ضاحك السن ، لا مال له.

فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا فاطمة أما علمت أن الله أشرف على الدنيا فاختارني على رجال العالمين ، ثم اطلع فاختار عليا على رجال العالمين ، ثم اطلع فاختارك على نساء العالمين؟.

يا فاطمة إنه لما اسري بي إلى السماء وجدت مكتوبا على صخرة بيت المقدس : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، أيدته بوزيره ، ونصرته بوزيره ، فقلت لجبرئيل : ومن وزيري؟ فقال : علي بن أبي طالب.

فلما انتهيت إلى سدرة المنتهى وجدت مكتوبا عليها : إني أنا الله لا إله إلا. إنا وحدى ، محمد صفوتي من خلقي أيدته بوزيره ، ونصرته بوزيره ، فقلت لجبرئيل : ومن وزيري؟ قال : علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

فلما جاوزت السدرة انتهيت إلى عرش رب العالمين ، وجدت مكتوبا على

____________________

(١) الظاهر أن الصحيح هكذا : مشاشاه كمشاشى البعير ، فصحف ، وقد ذكر في كتاب الصفين في حليته عليه‌السلام : عظيم المشاشين كمشاش السبع الضارى بلفظ التثنية ، وقال الجزرى جليل المشاش اى عظيم رؤوس العظام كالمرفقين والكتفين والركبتين ، وهذا واضح.

٩٩

قائمة من قوائم العرش : أنا الله لا إله إلا أنا محمد حبيبي أيدته بوزيره ونصرته بوزيره.

فلما دخلت الجنة رأيت في الجنة شجرة طوبى أصلها في دار علي وما في الجنة قصر ولا منزل إلا وفيها فتر منها وأعلاها أسفاط حلل من سندس واستبرق يكون للعبد المؤمن ألف ألف سفط في كل سفط مائة ألف حلة ما فيه حلة تشبه الاخرى على ألوان مختلفة ، وهو ثياب أهل الجنة ، وسطها ظل ممدود ، عرض الجنة كعرض السماء والارض اعدت للذين آمنوا بالله ورسوله ، يسير الراكب في ذلك الظل مسيرة مائة عام فلا يقطعه وذلك قوله « وظل ممدود » (١) وأسفلها ثمارأهل الجنة وطعامهم متدلل في بيوتهم يكون في القضيب منها مائة لون من الفاكهة مما رأيتم في دار الدنيا وما لم تروه ، وما سمعتم به ومالم تسمعوا مثلها ، وكلما يجتنى منها شئ نبتت مكانها اخرى ، لا مقطوعة ، ولا ممنوعة ، ويجري نهرفي أصل تلك الشجرة تنفجر منها الانهار الاربعة « أنهار من ماء غير آسن ، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنها من خمر لذة لشاربين ، وأنهار من عسل مصفى » (٢).

يافاطمة إن الله أعطاني في علي سبع خصال : هو أول من ينشق عنه القبر معي ، وهو أول من يقف معي على الصراط فيقول للنار خذي ذاوذري ذا ، وأول من يكسى إذا كسيت ، وأول من يقف معي على يمين العرش ، وأول من يقرع معي باب الجنة ، وأول من يسكن معي عليين ، وأول من يشرب معي من الرحيق المختوم « ختامه مسك وفي ذلك فليتنا فس المتنافسون ».

يافاطمة هذا ما أعطاه الله عليا في الآخرة وأعد له في الجنة إذا كان في الدنيا لا مال له.

فأما ماقلت : إنه بطين ، فانه مملوء من علم خصة الله به وأكرمه من بين امتي.

____________________

(١) الواقعة : ٢٩.

(٢) القتال : ١٧.

١٠٠