الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٧٥
خطب إليك ذو والاسنان والاموال من قريش ولم تزوجهم فزوجتها من هذا الغلام؟ فقال : يا أسماء أما إنك ستزوجين بهذا الغلام ، وتلدين له غلاما.
هذا مع ما روي أنها كانت في الحبشة غريب ، فانها تزوجت بأميرالمؤمنين عليهالسلام وولدت منه كما ذكر صلىاللهعليهوآله.
فلما كان الليل قال لسلمان : ايتني ببغلتي الشهباء ، فأتاه بها ، فحمل عليها فاطمة عليهاالسلام ، فكان سلمان يقودها ورسول الله صلىاللهعليهوآله يقوم بها.
فبينا هو كذلك إذ سمع حسا خلف ظهره فالتفت ، فاذا هو جبرئيل وميكائيل وإسرافيل في جمع كثير من الملائكة ، فقال : ياجبرئيل ما أنزلكم؟ قال : نزف فاطمة إلى زوجها ، فكبر جبرئيل ، ثم كبر ميكائيل ، ثم كبر إسرافيل ، ثم كبرت الملائكة ، ثم كبر النبي صلىاللهعليهوآله ، ثم كبر سلمان الفارسي ، فصار التكبير خلف العرائس سنة من تلك الليلة.
فجاء بها فأدخلها على علي عليهالسلام فأجلسها إلى حبنبه على الحصر القطري ثم قال : يا علي هذه بنتي فمن أكرمها فقد أكرمني ، ومن أهانها فقد أهانني. ثم قال : اللهم بارك لهما ، وبارك عليهما ، واجعل لهما ذرية طيبة إنك سميع الدعاء ، ثم وثب فتعلقت به وبكت ، فقال لها : ما يبكيك فقد زوجتك أعظمهم حلما ، وأكثرهم علما.
ايضاح : قال الجزري فيه : أنه عليهالسلام كان متوشحا بثوب قطري : هو ضرب من البرود فيه حمرة ولها أعلام فيها بعض الخشونة ، وقيل : هي حلل جياد تحمل من قبل البحرين ، وقال الازهري : في أعراض البحرين قرية يقال لها : قطر ، وأحسب الثياب القطرية نسبت إليها ، فكسروا القاف للنسبة وخففوا.
٣٧ ـ كشف : قد أورد صاحب كتاب الفردوس في الاحاديث عن النبي صلىاللهعليهوآله لولا علي لم يكن لفاطمة كفو.
وروى صاحب الفردوس أيضا عن ابن عباس ، عن النبي صلىاللهعليهوآله : يا علي إن الله زوجك فاطمة ، وجعل صداقها الارض فمن مشى عليها مبغضا لك مشى حراما.
وروى ابن بابويه من حديث طويل أورده في تزويج أميرالمؤمنين بفاطمة عليهماالسلام أنه أخذ في فيه ماء ودعا فاطمة فأجلسها بين يديه ، ثم مج الماء في المخضب ـ وهو المركن ـ وغسل قدميه ووجهه ، ثم دعا فاطمة عليهاالسلام وأخذ كفا من ماء فضرب به على رأسها ، وكفا بين يديها ثم رش جلدها ، ثم دعا بمخضب آخر ثم دعا عليا فصنع به كما صنع بها ، ثم التزمهما فقال : اللهم إنهما مني وأنا منهما ، اللهم كما أذهبت عني الرجس وطهرتني تطهيرا ، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، ثم قال : قوما إلى بيتكما جمع الله بينكما ، وبارك في سيركما ، وأصلح بالكما ، ثم قام فأغلق عليهما الباب بيده ، قال ابن عباس : فأخبرتني أسماء أنها رمقت رسول الله صلىاللهعليهوآله فلم يزل يدعو لهما خاصة لايشركهما في دعائه أحدا حتى توارى في حجرته.
وفي رواية أنه قال : بارك الله لكما في سيركما ، وجمع شملكما ، وألف على الايمان بين قلوبكما ، شأنك بأهلك ، السلام عليكما.
وروى عن جابربن عبدالله قال : لمازوج رسول الله صلىاللهعليهوآله فاطمة من علي عليهماالسلام كان الله تعالى مزوجه من فوق عرشه ، وكان جبرئيل الخاطب ، وكان ميكائيل وإسرافيل في سبعين ألفا من الملائكة شهودا وأوحى الله إلى شجرة طوبى أن انثري مافيك من الدر والياقوت واللؤلؤ ، وأوحى الله إلى الحور العين أن التقطنه فهن يتهادينه إلى يوم القيامة فرحا بتزويج فاطمة عليا.
وعن شرحبيل بن سعيد قال : دخل رسول الله صلىاللهعليهوآله على فاطمة في صبيحة عرسها بقدح فيه لبن ، فقال : اشربي فداك أبوك ، ثم قال لعلي عليهالسلام : اشرب فداك ابن عمك.
وعن شرحبيل بن سعيد الانصاري قال : لما كانت صبيحة العرس أصاب فاطمة عليهاالسلام رعدة ، فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآله : زوجتك سيدا في الدنيا وإنه في الاخرة لمن الصالحين.
(*) وعن أبي جعفر عليهالسلام قال : شكت فاطمة عليهاالسلام إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله
____________________
(*) في النسخة المطبوعة هناك رمز كا وهو سهو.
عليا فقالت : يارسول الله ما يدع شيئا من رزقه إلا وزعه بين المساكين ، فقال لها : يافاطمة أتسخطيني في أخي وابن عمي ، إن سخطه سخطي وإن سخطي لسخط الله ، فقالت : أعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله.
وروى عن الاصبغ بن نباتة : قال : سمعت أميرالمؤمنين عليهالسلام يقول : والله لاتكلمن بكلام لا يتكلم به غيري إلا كذاب ، ورثت نبي الرحمة ، وزوجتي خير نساء الامة ، وأنا خير الوصيين (١).
٣٨ ـ كا : العدة ، عن سهل ، عن البزنطي ، عن عبدالكريم بن عمرو ، عن ابن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : إن عليا تزوج فاطمة عليهاالسلام على جرد برد ، ودرع ، وفراش كان من إهاب كبش.
بيان : قوله : على جرد برد ، أي برد خلق.
٣٩ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : زوج رسول الله صلىاللهعليهوآله فاطمة على درع حطمية يسوى ثلاثين درهما.
٤٠ ـ كا : أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : زوج رسول الله صلىاللهعليهوآله عليا فاطمة ، على درع حطمية وكان فراشها إهاب كبش يجعلان الصوف إذا اضطجعا تحت جنوبهما.
٤١ ـ كا : بعض أصحابنا ، عن علي بن الحسين ، عن العباس بن عامر ، عن عبدالله بن [ أبي ] بكير ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : زوج رسول الله صلىاللهعليهوآله عليا فاطمة على درع حطمية تساوي ثلاثين درهما.
بيان : يمكن الجمع بين تلك الروايات بوجوه :
الاول : أن يكون المراد كون الدرع جزءا للمهر.
الثاني : أن يكون المعنى أنه لو كان هذا اليوم لساوى ثلاثين درهما وإن كانت قيمته في ذلك الزمان أكثر.
____________________
(١) راجع كشف الغمة ج ٢ ص ٣٢.
الثالث : أن يقال : إنه كان يسوى ثلاثين درهما ، لكن بيع بخمسمائة درهم. الرابع : أن يكون بعض الاخبار محمولا على التقية.
٤٢ ـ كا : عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الوليد الخزاز عن يونس بن يعقوب ، عن أبي مريم الانصاري ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : كان صداق فاطمة جرد برد حبرة ، ودرع حطمية ، وكان فراشها إهاب كبش يلقيانه و يفرشانه وينامان عليه.
٤٣ ـ كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن علي بن أسباط عن داود ، عن يعقوب بن شعيب قال : لما زوج رسول الله صلىاللهعليهوآله عليا فاطمة دخل عليها وهي تبكي فقال لها : ما يبكيك؟ فوالله لو كان في أهلي خير منه ما زوجتكه وما أنازوجتكه ولكن الله زوجك وأصدق عنك الخمس ما دامت السماوات والارض.
٤٤ ـ كا : علي بن محمد ، عن عبدالله بن إسحاق ، عن الحسين بن علي بن سليمان ، عمن حدثه ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : إن فاطمة عليهاالسلام قالت لرسول الله صلىاللهعليهوآله : زوجتني بالمهر الخسيس ، فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما أنا زوجتك ولكن الله ، زوجك من السماء ، وجعل مهرك خمس الدنيا ما دامت السماوات والارض.
٤٥ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : لا غيرة في الحلال بعد قول رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا تحدثا شيئا حتى أرجع إليكما ، فلما أتاهما أدخل رجليه بينهما في الفراش.
٤٦ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله البرقى رفعه قال : لما زوج رسول الله صلىاللهعليهوآله فاطمة قالوا : بالرفاء والبنين ، قال : لابل على الخير والبركة.
ايضاح : [ قال الجزري ] فيه : نهى أن يقال للمتزوج بالرفاء والبنين الرفاء ، الالتيام والاتفاق ، والبركة ، والنماء ، وإنما نهى عنه كراهية لانه كان من عادتهم ولهذا سن فيه غيره.
٤٧ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن معروف ، عن ابن مهزيار
عن مخلد بن موسى ، عن إبراهيم بن علي ، عن علي بن يحيى اليربوعي ، عن أبان ابن تغلب ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنما أنا بشر مثلكم أتزوج فيكم ، وازوجكم إلا فاطمة فإن تزويجها نزل من السماء.
٤٨ ـ فر (١) : علي بن محمد بن مخلد الجعفي معنعنا عن ابن عباس رضياللهعنه في قول الله تعالى « وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا » (٢) قال : خلق الله نطفة بيضاء مكنونة فجعلها في صلب آدم ، ثم نقلها من صلب آدم إلى صلب شيث ، ومن صلب شيث إلى صلب أنوش ، ومن صلب أنوش إلى صلب قينان ، حتى توارثتها كرام الاصلاب في مطهرات الارحام ، حتى جعلها الله في صلب عبدالمطلب ثم قسمها نصفين ، فألقى نصفها إلى صلب عبدالله ، ونصفها إلى صلب أبي طالب وهي سلالة تولد من عبدالله محمدا ، ومن أبيطالب عليا عليهما الصلاة والسلام ، فذلك قول الله تعالى « وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا ».
وزوج فاطمة بنت محمد عليا ، فعلي من محمد ، ومحمد من علي ، والحسن والحسين وفاطمة نسب وعلي الصهر (٣).
٤٩ ـ مصباح الانوار وكتاب المحتضر للحسن بن سليمان نقلا من كتاب الفردوس عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : لولا علي لم يكن لفاطمة كفو.
ومنه رفعه باسناده عن ابن عباس أن النبي صلىاللهعليهوآله قال لعلي عليهالسلام : يا علي إن الله عزوجل زوجك فاطمة وجعل صداقها الارض ، فمن مشى عليها مبغضا لك مشى عليها حراما.
____________________
(١) في النسخة المطبوعة هناك تصحيف غريب راجع ص ٤٢.
(٢) الفرقان : ٥٦. (٣) المصدر : ص ١٠٧.
٦
( باب )
* « ( كيفية معاشرتها مع على عليهماالسلام ) » *
١ ـ ع : القطان ، عن السكري ، عن الحسين بن علي العبدي ، عن عبدالعزيز بن مسلم ، عن يحيى بن عبدالله ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : صلى بنا رسول الله صلىاللهعليهوآله الفجرثم قام بوجه كئيب وقمنا معه حتى صارإلى منزل فاطمة عليهاالسلام فأبصر عليا نائما بين يدي الباب على الدقعاء ، فجلس النبي صلىاللهعليهوآله فجعل يمسح التراب عن ظهره ويقول : قم فداك أبي وامي يا أبا تراب ، ثم أخذ بيده ودخلا منزل فاطمة ، فمكثنا هنيئة ، ثم سمعنا ضحكا عاليا ، ثم خرج علينا رسول الله صلىاللهعليهوآله بوجه مشرق ، فقلنا : يارسول الله دخلت بوجه كئيب وخرجت بخلافه ، فقال : كيف لا أفرح وقد أصلحت بين اثنين أحب أهل الارض إلى أهل السماء.
بيان : الدقعاء التراب ، والاخبار المشتملة على منازعتهما مأولة بما يرجع إلى ضرب من المصلحة ، لظهور فضلهما على الناس أو غير ذلك مما خفي علينا جهته.
٢ ـ ع : القطان ، عن السكري ، عن عثمان بن عمران ، عن عبيد الله بن موسى ، عن عبد العزيز ، عن حبيب بن أبي ثابت قال : كان بين علي وفاطمة عليهماالسلام كلام ، فدخل رسول الله صلىاللهعليهوآله والقي له مثال فاضطجع عليه ، فجاءت فاطمة عليهاالسلام فاضطجعت من جانب ، وجاء علي عليهالسلام فاضطجع من جانب ، قال : فأخذ رسول الله (ص) يد علي فوضعها على سرته ، وأخذ يد فاطمة فوضعها على سرته ، فلم يزل حتى أصلح بينهما ، ثم خرج ، فقيل له : يارسول الله دخلت وأنت على حال ، وخرجت ونحن نرى البشرى في وجهك ، قال : [ و ] ما يمنعني وقد أصلحت بين اثنين أحب من على وجه الارض إلي.
قال الصدوق رحمهالله : ليس هذا الخبر عندي بمعتمد ، ولاهولي بمعتقد في هذه العلة لان عليا وفاطمة عليهماالسلام ماكاناليقع بينهماكلام يحتاج رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى الاصلاح بينهما ، لانه عليهالسلام سيد الوصيين ، وهي سيدة نساء العالمين ، مقتديان بنبي الله صلىاللهعليهوآله في حسن الخلق.
مصباح الانوار : عن حبيب مثله.
بيان : المثال بالكسر الفراش ، ذكره الفيروز آبادي.
٣ ـ ع : أبي ، عن سعد ، عن الحسن بن عرفة ، عن وكيع ، عن محمد بن إسرائيل ، عن أبي صالح ، عن أبي ذر رحمة الله عليه قال : كنت أنا وجعفر بن أبي طالب مهاجرين إلى بلاد الحبشة (١) فاهديت لجعفر جارية قيمتها أربعة آلاف درهم ، فلما قدمنا المدينة أهداها لعلي عليهالسلام تخدمه ، فجعلها علي في منزل فاطمة.
فدخلت فاطمة عليهاالسلام يوما فنظرت إلى رأس علي عليهالسلام في حجر الجارية فقالت : يا أبا الحسن فعلتها ، فقال : لا والله يا بنت محمد ما فعلت شيئا فما الذي تريدين؟ قالت تأذن لي في المصير إلى منزل أبي رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال لها : قد أذنت لك.
فتجللت بجلالها ، وتبرقعت ببرقعها ، وأرادت النبي صلىاللهعليهوآله فهبط جبرئيل عليهالسلام ، فقال : يا محمد إن الله يقرئك السلام ويقول لك : إن هذه فاطمة قد أقبلت تشكو عليا فلا تقبل منها في علي شيئا ، فدخلت فاطمة فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآله : جئت تشكين عليا ، قالت : إي ورب الكعبة ، فقال لها : ارجعي إليه فقولي له : ر غم أنفي لرضاك.
فرجعت إلى علي عليهالسلام فقالت له : يا أبا الحسن رغم أنفي لرضاك ـ تقولها ثلاثا ـ فقال لها علي شكوتني إلى خليلي وحبيبي رسول الله صلىاللهعليهوآله ، واسوأتاه من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، اشهد الله يا فاطمة أن الجارية حرة لوجه الله ، وأن الاربع مائة درهم التي فضلت من عطائي صدقة على فقراء أهل المدينة.
____________________
(١) لايعرف لابى ذر هجرة إلى حبشة.
ثم تلبس وانتعل وأراد النبي صلىاللهعليهوآله ، فهبط جبرئيل عليهالسلام فقال : يامحمد إن الله يقرئك السلام ، ويقول لك : قل لعلي : قد أعطيتك الجنة بعتقك الجارية في رضى فاطمة ، والنار بالاربعمائة درهم التي تصدقت بها ، فأدخل الجنة من شئت برحمتي ، وأخرج من النار من شئت بعفوي ، فعندها قال علي عليهالسلام : أنا قسيم الله بين الجنة والنار.
قب : أبومنصور الكاتب في كتاب الروح والريحان ، عن أبي ذر مثله.
بشا : والدي أبوالقاسم ، وعمار بن ياسر ، وولده سعد جميعا ، عن إبراهيم بن نصر الجرجاني ، عن محمد بن حمزة المرعشي ، عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن جعفر عن حمزة بن إسماعيل ، عن أحمد بن الخليل ، عن يحيى بن عبدالحميد ، عن شريك عن ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس مثله بأدنى تغيير ، وقد أوردناه في باب أنه عليهالسلام قسيم الجنة والنار (١).
٤ ـ قب : لما انصرفت فاطمة من عند أبي بكر أقبلت على أميرالمؤمنين عليهالسلام فقالت له : يا ابن أبي طالب اشتملت شيمة الجنين ، وقعدت حجرة الظنين فنقضت قادمة الاجدال ، فخانك ريش الاعزل [ أضرعت خدك يوم أضعت جدك ، افترست الذئاب وافترشت التراب ، ما كففت قائلا ، ولا أغنيت باطلا ] هذا ابن أبي قحافة يبتزني نحيلة أبي ، وبليغة ابني ، والله لقد أجهر في خصامي ، وألفيته ألد في كلامي ، حتى منعتني القيلة نصرها والمهاجرة وصلها ، وغضت الجماعة دوني طرفها ، فلا دافع ولا مانع خرجت كاظمة ، وعدت راغمة ، ولا خيار ، لي ليتني مت قبل هينتي ، ودون زلتي عذيري الله منك عاديا ، ومنك حاميا ، ويلاي في كل شارق ، ويلاي مات العمد ووهنت العضد ، وشكواي إلى أبي. وعدواي إلى ربي اللهم أنت أشد قوة.
فأجابها أميرالمؤمنين : لا ويل لك ، بل الويل لشانئك ، نهني عن وجدك يا بنية الصفوة ، وبقية النبوة ، فما ونيت عن ديني ، ولا أخطأت مقدوري ، فان كنت تريدن البلغة ، فرزقك مضمومن ، وكفيلك مأمون ، وما أعد لك خير مما قطع
____________________
(١) راجع ج ٣٩ ص ٢٠٧ من الطبعة الحديثة.
عنك ، فاحتسبي الله ، فقالت : حسبي الله ونعم الوكيل (١).
بيان : أقول : قد مر [ تصحيح ] كلماتها وشرحها في أبواب فدك.
٥ ـ قب : معقل بن يسارو أبوقبيل وابن إسحاق وحبيب بن أبي ثابت وعمران بن الحصين وابن غسان والباقر عليهالسلام مع اختلاف الروايات واتفاق المعنى ، أن النسوة قلن : يا بنت رسول الله خطبك فلان وفلان فردهم أبوك وزوجك عائلا! فدخل رسول الله صلىاللهعليهوآله فقالت : يارسول الله زوجتني عائلا فهزرسول الله صلىاللهعليهوآله بيده معصمها وقال : لا يا فاطمة ولكن زوجتك أقدمهم سلما ، وأكثر هم علما وأعظمهم حلما ، أما علمت يا فاطمة أنه أخي في الدنيا والآخرة ، فضحكت وقالت : رضيت يارسول الله ، وفي رواية أبي قبيل : لم ازوجك حتى أمرني جبرئيل وفي رواية عمران بن الحصين وحبيب بن أبي ثابت أما إني قد زوجتك خير من أعلم ، وفي رواية ابن غسان زوجتك خيرهم.
وفي كتاب ابن شاهين : عبدالرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، عن عكرمة قال النبي صلىاللهعليهوآله : أنكحتك أحب أهلي إلي.
٦ـ فض ، يل : عن ابن عباس يرفعه إلى سلمان الفارسي ـ رضياللهعنه ـ قال
____________________
ما نقله المصنف رحمهالله يخالف النسخة المطبوعة كثيرا ولذلك ننقله من المصدر ج ٣ ص ٢٠٨ لمزيدة الفائدة :
« ولما انصرفت من عند أبي بكر ، أقبلت على أمير المؤمنين فقالت له : يا ابن أبى طالب! اشتملت شملة الجنين ، وقعدت حجرة الظنين نقضت قادمة الاجدل ، فخاتك ريش الاعزل هذا ابن أبى قحافة قد ابتزني نحيلة أبي ، وبليغة ابنى ، والله لقد أجهد في ظلا متى وألد في خصامى ، حتى منعنتى القيلة نصرها ، والمهاجرة وصلها وغضت الجماعة دونى طرفها فلا مانع ولا دافع ، خرجت والله كاظمة ، وعدت راغمة ولا خيارلى ، ليتنى مت قبل ذلتى ، و توفيت دون منيتى ، عذيرى والله فيك حاميا ، ومنك داعيا ، ويلاه في كل شارق ، ويلاه مات العمد ، ووهن العضد ، شكواى إلى ربى ، وعدواى إلى أبى ... » وباقى الكلام ليس فيه كثير اختلاف فراجع.
كنت واقفا بيد يدي رسول الله أسكب الماء على يديه إذا دخلت فاطمة وهي تبكي ، فوضع النبي صلىاللهعليهوآله يده على رأسها وقال : ما يبكيك لا أبكى الله عينيك ياحورية ، قالت : مررت على ملاء من نساء قريش وهن مخضبات ، فلما نظرن إلي وقعوا في وفي ابن عمي فقال لها : وما سمعتي منهن؟ قالت : قلن : كان قد عز على محمد أن يزوج إبنته من رجل فقير قريش وأقلهم مالا ، فقال لها : والله يا بنية مازوجتك ولكن الله زوجك من علي فكان بدوه منه.
وذلك أنه خطبك فلان وفلان فعند ذلك جعلت أمرك إلى الله تعالى وأمسكت عن الناس ، فبينا صليت يوم الجمعة صلاة الفجر إذ سمعت حفيف الملائكة ، وإذا بحبيبي جبرئيل ومعه سبعون صفا من الملائكة متوجين ، مقرطين ، مدملجين (١) فقلت : ماهذه القعقة من السماء يا أخي جبرئيل؟ فقال : يا محمد إن الله عزوجل اطلع إلى الارض اطلاعة ، فاختار منها من الرجال علينا عليهالسلام ومن النساء فاطمة عليهاالسلام ، فزوج فاطمة من علي ، فرفعت رأسها وتبسمت بعد بكائها ، وقالت رضيت بما رضي الله ورسوله.
فقال صلىاللهعليهوآله : ألا أزيدك يا فاطمة في علي رغبة؟ قالت : بلى ، قال : لايرد على الله عزوجل ركبان أكرم منا أربعة : أخي صالح على ناقته ، وعمي حمزة على ناقتي الضباء ، وأنا على البراق ، وبعلك علي بن أبيطالب على ناقة من نوق الجنة.
فقالت : صف لي الناقة من أي شئ خلقت؟ قال : ناقة خلقت من نور الله عزوجل ، مد بجة الجنين ، صفراء ، حمراء الرأس ، سوداء الحدق ، قوائمها من الذهب ، خطامها من اللؤ لؤ الرطب ، عيناها من الياقوت ، وبطنها من الزبرجد الاخضر. عليها قبة من لؤ لوءة بيضاء ، يرى باطنها من ظاهرها ، و ظاهرها من باطنها ، خلقت من عفو الله عزوجل.
____________________
(١) أى كان على رؤوسهم التاج وفى اذنهم القرط وفى معصمهم الدملوج وهو حلى يلبس في المعصم.
تلك الناقة من نوق الله ، لها سبعون ألف ركنا بين الركن والركن سبعون ألف ملك يسبحون الله عزوجل بأنواع التسبيح لايمرعلى ملاء من الملائكة إلا قالوا : من هذا العبد؟ ما أكرمه على الله عزوجل أتراه نبيا مرسلا ، أو ملكا مقربا ، أو حامل عرش ، أو حامل كرسي ، فينادي مناد من بطنان العرش : أيها الناس ، ليس هذا بنبي مرسل ، ولا ملك مقرب ، هذا علي ابن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه ، فيبدرون رجالا رجالا ، فيقولون : إنا لله وإنا إليه راجعون ، حدثونا فلم نصدق ، ونصحونا فلم نقبل ، والذين يحبونه تعلقوا بالعروة الوثقى ، كذلك ينجون في الآخرة.
يا فاطمة ألا أزيدك في علي رغبة ، قالت : زدني يا أبتاه.
قال النبي صلىاللهعليهوآله : إن عليا أكرم على الله من هارون لان هارون أغضب موسى وعلي لم يغضبني قط والذي بعث أباك بالحق نبيط ما غضبت عليه يوما قط ، وما نظرت في وجه علي إلا ذهب الغضب عني.
يا فاطمة ألا أزيدك في علي رغبة ، قالت : زدني يا نبي الله.
قال : هبط علي جبرئيل وقال : يا محمد اقرء عليا من السلام السلام.
فقامت وقالت فاطمة عليهاالسلام : رضيت بالله ربا وبك يا أبتاه نبيا وبابن عمي بعلا ووليا.
٧ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : كان أميرالمؤمنين عليهالسلام يحتطب ويستقي ويكنس ، وكانت فاطمة عليهاالسلام تطحن وتعجن وتخبز.
ما : الحسين بن إبراهيم القزويني ، عن محمد بن وهبان ، عن أحمد بن إبراهيم عن الحسن بن علي الزعفراني ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير مثله.
٨ ـ ما : الحسين ، عن ابن وهبان ، عن علي بن حبيش ، عن العباس بن محمد بن الحسين ، عن أبيه ، عن صفوان ، عن الحسين بن أبي غندر ، عن ابن أبي يعفور ، عن
أبي عبدالله عليهالسلام قال : أوحى الله تعالى إلى رسوله صلىاللهعليهوآله : قل لفاطمة : لا تعصي عليا فإنه إن غضب غضبت لغضبه.
٩ ـ وفى الديوان المنسوبة أبياتها إلى أميرالمؤمنين أنه قال في مرضه محاطبا لفاطمة ما روي عن أبي العلاء الحسن العطار ، عن الحسن المقري ، عن أبي عبدالله الحافظ ، عن علي بن أحمد المقري ، عن زيد بن مسكان ، عن عبيد الله ابن محمد البلوي أنه عليهالسلام أنشد هذه الابيات وهو محموم يرثي فاطمة عليهاالسلام :
وإن حياتي منك يا بنت أحمد |
|
باظهار ما أخفيته لشديد |
ولكن لامر الله تعنو رقابنا |
|
وليس على أمر الا له جليد |
أتصرعني الحمى لديك وأشتكي |
|
إليك ومالي في الرجال نديد |
اصر على صبر وأقوى على منى |
|
إذا صبر خوار الرجال بعيد |
وفي هذه الحمى دليل بأنها |
|
لموت البرايا قائد وبريد |
بيان : وإن حياتي منك أي اشتدت حياتي بسببك حيث لابد لي من إظهار ما أخفيته من المرض ، كذا خطر بالبال (١) وقيل : منك أي من بعدك ، وقيل : أي حياتي منك وبسببك وأنا شديد بإظهار ما أخفيته ، أي لا اظهره ، ولايخفى بعدهما ، تعنو ، أي تخضع ، والجليد ، الصلب ، والنديد : المثل والنظير ، والخوار الضعيف والصياح.
١٠ ـ دعوات الراوندى : عن سويد بن غفلة قال : أصابت عليا عليهالسلام شدة فأتت فاطمة عليهاالسلام رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فدقت الباب فقال : أسمع حس حبيبي بالباب يا ام أيمن قومي وانظري! ففتحت لها الباب ، فدخلت ، فقال صلىاللهعليهوآله : لقد جئتنا في وقت ما كنت تأتينا في مثله ، فقالتت فاطمة : يارسول الله صلىاللهعليهوآله ما طعام الملائكة عند ربنا؟ فقال : التحميد؟ فقالت : ما طعامنا؟ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله :
____________________
(١) والذى يخطر بالبال أن « حياتى » مصحف « حيائى » فيستقيم معنى الشعر وسياق الكلام ولازمه كون الاشعار شكوائيه في حياتها عليهاالسلام لارثائية في وفاتها بل هو الظاهر من سياقها كما لا يخفى.
والذي نفسي بيده ما أقتبس في آل محمد شهرا نارا ، واعلمك خمس كلمات علمنيهن جبرئيل عليهالسلام قالت : يارسول الله ما الخمس الكلمات؟ قال : « يارب الاولين و الآخرين ، يا ذاالقوة المتين ، ويا راحم المساكين ، ويا أرحم الراحمين » ورجعت فلما أبصرها علي عليهالسلام قال : بأبي أنت وامي ماوراءك يافاطمة؟ قالت : ذهبت للدنيا وجئت للاخرة ، قال علي عليهالسلام : خير أمامك خير أمامك.
١١ ـ مصباح الانوار : عن جعفر بن محمد عليهماالسلام قال : شكت فاطمة إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله عليا ، فقالت : يا رسول الله لايدع شيئا من رزقه إلا وزعه على المساكين ، فقال لها : يا فاطمة أتسخطيني في أخي وابن عمي إن سخطه سخطي وإن سخطي سخط الله عزوجل.
١٢ ـ ما : جماعة ، عن أبي غالب الزاراري ، عن خاله ، عن الاشعري ، عن أبي عبدالله (١) عن منصور بن العباس ، عن إسماعيل بن سهل الكاتب ، عن أبي طالب الغنوي ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : حرم الله عزوجل على علي النساء مادامت فاطمة حية ، قلت : وكيف؟ قال : لانها طاهرة لا تحيض.
بيان : هذا التعليل يحتمل وجهين :
الاول أن يكون المراد أنها لما كانت لا تحيض حتى يكون له عليهالسلام عذر في مباشرة غيرها ، فلذا حرم الله عليه غيرها رعاية لحرمتها.
الثاني أن يكون المعنى أن جلالتها منعت من ذلك وعبر عن ذلك ببعض ما يلزمه من الصفات التي اختصت بها.
١٣ ـ قب : سئل عالم فقيل : إن الله تعالى قد أنزل هل أتى في أهل البيت وليس شئ من نعيم الجنة إلا وذكر فيه إلا الحور العين ، قال : ذلك إجلالا لفاطمة عليهاالسلام.
____________________
(١) يعنى أبا عبدالله محمد بن خالد البرقى.
سفيان الثوري ، عن الاعمش ، عن أبي صالح في قوله : « وإذا النفوس زوجت » (١) قال : ما من مؤمن يوم القيامة إلا إذا قطع الصراط زوجه الله على باب الجنة بأربع نسوة من نساء الدنيا ، وسبعين ألف حورية من حور الجنة إلا علي بن أبيطالب ، فانه زوج البتول فاطمة في الدنيا ، وهو زوجها في الآخرة في الجنة ليست له زوجة في الجنة غيرها من نساء الدنيا لكن له في الجنان سبعون ألف حورا لكل حور سبعون ألف خادم.
أقول : سيأتي بعض أخبار هذا الباب في باب غسلها ودفها عليهاالسلام.
____________________
(١) التكوير : ٧.
٧
* ( باب ) *
* ( ماوقع عليها من الظلم وبكائها وحزنها وشكايتها ) *
* ( في مرضها إلى شهادتها وغسلها ودفنها ، وبيان ) *
* ( العلة في اخفاء دفنها صلوات الله عليها ) *
* ( ولعنة الله على من ظلمها ) *
١ ـ ل : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن محمد بن سهيل البحراني يرفعه إلى أبي عبدالله الصادق عليهالسلام قال : البكاؤن خمسة : آدم ، ويعقوب ، ويوسف وفاطمة بنت محمد ، وعلي بن الحسين عليهمالسلام ، فأما آدم فبكى على الجنة حتى صار في خدية أمثال الاودية ، وأما يعقوب فبكى على يوسف حتى ذهب بصره وحتى قيل له : « تالله تفتؤ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين » (١) وأما يوسف فبكى على يعقوب حتى تأذي به أهل السجن فقالوا له : إما أن تبكي بالليل وتسكت بالنهار وإما أن تبكي بالنهار وتسكت بالليل ، فصالحهم على واحدة منهما ، وأما فاطمة فبكت على رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى تأذي به أهل المدينة فقالوا لها : قد آذيتينا بكثرة بكائك ، فكانت تخرج إلى المقابر مقابر الشهداء فتبكي حتى تقضي حاجتها ثم تنصرف ، وأما علي بن الحسين فبكى على الحسين عليهالسلام عشرين سنة أو أربعين سنة ، ما وضع بين يديه طعام إلا بكى ، حتى قال له مولى له : جعلت فداك يا ابن رسول الله إني أخاف عليك أن تكون من الهالكين قال : إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون ، إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني لذلك عبرة.
لى ـ الحسين بن أحمد بن إدريس ، عن أبيه ، عن ابن عيسى ، عن ابن معروف مثله.
____________________
(١) يوسف : ٨٥.
٢ ـ ما : المفيد ، عن الصدوق ، عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبان بن تغلب ، عن عكرمة ، عن عبدالله بن العباس قال : لما حضرت رسول الله صلىاللهعليهوآله الوفاة بكى حتى بلت دموعه لحيته ، فقيل له : يارسول الله ما يبكيك؟ فقال : أبكي لذريتي وما تصنع بهم شرار امتي من بعدي ، كأني بفاطمة بنتي وقد ظلمت بعدي وهي تنادي يا أبتاه ، فلا يعينها أحد من امتي ، فسمعت ذلك فاطمة عليهاالسلام فبكت ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا تبكين يابنية ، فقالت : لست أبكي لما يصنع بي من بعدك ، ولكني أبكي لفراقك يارسول الله ، فقال لها : ابشري يابنت محمد بسرعة اللحاق بي فانك أول من يلحق بي من أهل بيتي.
٣ ـ ص : الصدوق ، عن السناني ، عن الاسدي ، عن البرمكي ، عن جعفر بن سليمان ، عن عبدالله بن يحيى ، عن الاعمش ، عن عباية ، عن ابن عباس قال : دخلت فاطمة على رسول الله صلىاللهعليهوآله في مرضه الذي توفي فيه ، قال : نعيت إلي نفسي ، فبتكت فاطمة ، فقال لها : لا تبكين فانك لا تمكثين من بعدي إلا اثنين و سبعين يوما ونصف يوم حتى تلحقي بي ، ولا تحلقي بي ، حتى تتحفي بثمار الجنة فضحكت فاطمة عليهاالسلام.
٤ ـ يج : قال أبوعبدالله عليهالسلام : إن فاطمة مكثت بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله خمسة وسبعين يوما ، وكان دخلها حزن شديد على أبيها ، وكان جبرئيل يأتيها ويطيب نفسها ويخبرها عن أبيها ومكانه في الجنة ويخبرها ما يكون بعدها في ذريتها ، وكان علي يكتب ذلك.
٥ ـ قب (١) : دخلت ام سلمة على فاطمة عليهاالسلام فقالت لها : كيف أصبحت عن ليلتك يا بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله؟ قالت : أصبحت بين كمد وكرب ، فقد النبي وظلم الوصي ، هتك والله حجابه ، من أصبحت إمامته مقبضة [ مقتضبة ] على غير
____________________
(١) في المطبوعة شى وهو سهو لا يناسب تفسير العياشى وانمايوجد في المناقب ج ٢ ص ٢٠٣.
ما شرع الله في التنزيل ، وسنها النبي صلىاللهعليهوآله في التأويل ولكنها أحقاد بدرية ، وترات احدية ، كانت عليها قلوب النفاق مكتمنة لامكان الوشاة ، فلما استهدف الامر أرسلت عليها شآبيب الاثار من مخيلة الشقاق فيقطع وتر الايمان من قسي صدورها ، ولبئس ـ على ما وعد الله من حفظ الرسالة وكفالة المؤمنين ـ أحرزوا عائدتهم غرور الدنيا بعد استنصار [ انتصار ] ، ممن فتك بآبائهم في مواطن الكرب ، ومنازل الشهادات.
أقول : كان الخبر في المأخوذ منه مصحفا محرفا ، ولم أجده في موضع آخرا صححه به فأوردته على ما وجدته.
٦ ـ من بعض كتب المناقب : عن سعد بن عبدالله الهمداني ، عن سليمان ابن إبراهيم ، عن أحمد بن موسى بن مردويه ، عن جعفر بن محمد بن مروان ، عن أبيه ، عن سعيد بن محمد الجرمي ، عن عمرو بن ثابت ، عن أبيه ، عن حبة ، عن علي عليهالسلام قال : غسلت النبي صلىاللهعليهوآله في قميصه ، فكانت فاطمة تقول : أرني القميص فإذا شمته غعشي عليها ، فلما رأيت ذلك غيبته.
٧ ـ يه (١) : روي [ أنه ] لما قبض النبي صلىاللهعليهوآله امتنع بلال من الاذان ، قال لا اؤذن لاحد بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وإن فاطمة عليهاالسلام قالت ذات يوم ، إني أشتهي أن أسمع صوت مؤذن أبي صلىاللهعليهوآله بالاذن ، فبلغ ذلك بلالا ، فأخذ في الاذان ، فلما قال : الله أكبر الله أكبر ، ذكرت أباها وأيامه ، فلم تتمالك من البكاء ، فلما بلغ إلى قوله : أشهد أن محمدا رسول لله شهقت فاطمة عليهاالسلام وسقطت لوجهها وغشي عليها ، فقال الناس لبلال : أمسك يابلال فقد فارقت ابنة رسول صلىاللهعليهوآله الدنيا ، وظنوا أنها قدماتت ، فقطع أذانه ولم يتمه فأفاقت فاطمة عليهاالسلام وسألته أن يتم الاذان ، فلم يفعل ، وقال لها : ياسيدة النسوان إني أخشى عليك مما تنزلينه بنفسك إذا سمعت صوتي بالاذان ، فأعفته عن ذلك.
____________________
(١) في النسخة المطبوعة ير وهو سهو والحديث يوجد في الفقيه باب الاذان.
فراجع.
٨ ـ مع : حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، قال : حدثنا عبدالرحمان ابن محمد الحسيني ، قال : حدثنا أبوالطيب محمد بن الحسين بن حميد اللخمي ، قال : حدثنا أبوعبدالله محمد بن زكريا ، قال : حدثنا محمد بن عبدالرحمان المهلبي ، قال : حدثنا عبدالله بن محمد بن سليمان ، عن أبيه ، عن عبدالله بن الحسن ، عن امه فاطمة بنت الحسين عليهالسلام قالت : لما اشتدت علة فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله وغلبها ، اجتمع عندها نساء المهاجرين والانصار ، فقلن لها : يا بنت رسول الله : كيف أصبحت عن علتك؟ فقالت عليهاالسلام : أصبحت والله عائفة لدنيا كم ، قالبة لرجالكم ، لفظتهم قبل أن عجمتهم وشنئتهم بعد أن سبرتهم ، فقبحا لفلول الحد ، وخور القناة ، وخطل الرأي ، و بئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ، لاجرم لقد قلدتهم ربقتها ، وشننت عليهم غارها فجدعا ، وعقرا ، وسحقا للقوم الظالمين.
ويحهم أنى زحزحوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوة ، ومهبط الوحي الامين ، والطبين بأمر الدنيا والدين ، ألا ذلك هو الخسران المبين ، وما نقموا من أبي الحسن ، نقموا والله منه نكير سيفه ، وشدة وطئه ، ونكال وقعته ، وتنمره في ذات الله عزوجل.
والله لو تكافوا عن زمام نبذه رسول الله صلىاللهعليهوآله إليه لا عتلقه ، ولساربهم سيرا سجحا ، لايكلم خشاشه ، ولا يتعتع راكبه ، ولاورد هم منهلا نميرا فضفاضا تطفح ضفتاه ولاصدرهم بطانا ، قد تحيربهم الري غير متحل منه بطائل إلا بغمر الماء وردعة شررة الساغب ، ولفتحت عليهم بركات من السماء والارض ، وسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون.
ألا هلم فاسمع وما عشت أراك الدهر العجب ، وإن تعجب فقد أعجبك الحادث إلى أي سناد استندوا ، وبأي عروة تمسكوا ، استبدلوا الذنابى والله بالقوادم والعجز بالكاهل. فرغما لمعاطس قوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ، أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لايهدي إلا أن يهدى فمالكم كيف تحكمون.
أما لعمر إلهك لقد لقحت فنظره ريث ما تنتج ثم احتلبوا طلاع القعب دما عبيطا ، وذعافا ممقرا ، هنالك يخسر المبطلون ، ويعرف التالون ، غب ما سن الاولون ، ثم طيبوا عن أنفسكم أنفسا ، وطأمنوا للفتنة جأشا ، وأبشروا بسيف صارم ، وهرج شامل ، واستبداد من الظالمين يدع فيئكم زهيدا ، وزرعكم حصيدا فياحسرتى لكم ، وأنى بكم ، وقد عميت [ قلوبكم ] عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون.
ثم قال : وحدثنا بهذا الحديث [ أبوالحسن ] علي بن محمد بن الحسن المعروف بابن مقبرة القزويني قال : أخبرنا أبوعبدالله جعفر بن محمد بن حسن بن جعفر بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب عليهالسلام قال : حدثنا محمد بن علي الهاشمي ، قال : حدثنا عيسى بن عبدالله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عليهالسلام قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب عليهالسلام قال : لما حضرت فاطمة عليهاالسلام الوفاة دعتني فقالت : أمنفذ أنت وصيتي وعهدي؟ قال : قلت : بلى انفذها فأوصت إليه وقالت : إذا أنا مت فادفني ليلا ولا توذنن رجلين ذكرتهما ، قال : فلما اشتدت علتها اجتمع إليها نساء المهاجرين والانصار فقلن : كيف أصبحت يا بنت رسول الله من علتك؟ فقالت : أصبحت والله عائفة لدنياكم ، وذكر الحديث نحوه.
قال الصدوق ـ رحمهالله ـ : سألت أبا أحمد الحسين بن عبدالله بن سعيد العسكري عن معنى هذا الحديث فقال : أما قولها صلوات الله عليها : عائفة إلى آخرما ذكره (١) وسنوردها في تضاعيف ما سنذكره في شرح الخطبة على اختلاف رواياتها.
٩ ـ ج : قال سويد بن غفلة : لما مرضت فاطمة عليهاالسلام المرضة التي توفيت فيها اجتمع إليها نساء المهاجرين والانصار يعدنها ، فقلن لها : كيف أصبحت من علتك يا ابنة رسول الله؟ فحمدت الله وصلت على أبيها صلىاللهعليهوآله ثم قالت.
أصبحت والله عائفة لدنيا كن ، قالية لرجالكن ، لفظتهم بعد أن عجمتهم
____________________
(١) راجع معانى الاخبار ص ٣٥٦ ط مكتبة الصدوق.
وشنأتهم بعد أن سبرتهم ، فقبحا لفلول الحد واللعب بعد الجد ، وقرع الصفاة وصدع القناة ، وخطل الاراء ، وزلل الاهواء ، وبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ، لا جرم لقد قلدتهم ربقتها ، وحملتهم أوقتها ، وشننت عليهم غارها ، فجدعا ، وعقرا ، وبعدا للقوم الظالمين.
ويحهم أنى زغرعوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوة والدلالة ، ومهبط الروح الامين ، والطبين بامور الدنيا والدين ، ألا ذلك هو الخسران المبين.
وما الذي نقموا من أبي الحسن ، نقموا منه والله نكير سيفه ، وقلة مبالاته بحتفه ، وشدة وطأته ، ونكال وقعته ، وتنمره في ذات الله.
وتالله لو مالوا عن المحجة اللائحة ، وزالوا عن قبول الحجة الواضحة لردهم إليها ، وحملهم عليها ، ولساربهم سيرا سجحا لايكلم خشاشه ، ولايكل سائره ، ولا يمل راكبه ، ولاوردهم منهلا نميرا صافيا رويا تطفح ضغتاه ، ولا يترنق جانباه ولا صدرهم بطانا ، ونصح لهم سرا وإعلانا ، ولم يكن يحلي من الغني بطائل ، ولا يحظي من الدنيا بنائل ، غيرري الناهل ، وشبعة الكافل ، ولبان لهم الزاهد من الراغب ، والصادق من الكاذب ، ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ، والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين ، ألا هلم فاستمع وما عشت أراك الدهر عجبا وإن تعجب فعجب قولهم ، ليت شعري إلى أي سناد استندوا وعلى أي عماد اعتمدوا ، وبأية عروة تمسكوا. وعلى أيه ذرية أقدموا واحتنكوا لبئس المولى ولبئس العشير ، وبئس للظالمين بدلا ، استبدلوا والله الذنابى بالقوادم ، و العجز بالكاهل ، فرغما لمعاطس قوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ، ويحهم أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لايهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون.
أما لعمري لقد لقحت فنظره ريثما تنتج ، ثم احتلبوا ملء القعب دما عبيطا وذعافا مبيدا ، هنالك يخسر المبطلون ، ويعرف التالون ، غب ما أسس الاولون