بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٧٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ستة أشهر ما رؤيت ضاحكة ، وعنه عليه‌السلام أن فاطمة كفنت في سبعة أثواب.

وعن حسين بن علوان ، عن سعدبن طريف ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : بدو مرض فاطمة بعد خمسين ليلة من وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فعلمت أنها الوفاة فاجتمعت لذلك تأمر عليا بأمرها وتوصيه بوصيتها وتعهد إليه عهودها ، وأمير المؤمنين عليه‌السلام يجزع لذلك ، ويطيعها في جميع ما تأمره.

فقالت : يا أبا الحسن إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عهد إلى وحدثني أني أول أهله لحوقا به ولابد مما لا بدمنه ، فاصبر لامر الله تعالى وارض بقضائه ، قال : و أوصته بغلسها وجهازها ودفنها ليلا ففعل ، قال : وأوصته بصدقتها وتركتها قال : فلما فرغ أميرالمؤمنين من دفنها لقيه الرجلان فقالا له : ما حملك على ما صنعت؟ قال : وصيتها وعهدها.

٣١ ـ ع : حدثنا علي بن أحمد قال : حدثنا أبوالعباس أحمد بن محمد بن يحيى عن عمرو بن أبي المقدام وزياد بن عبدالله قالا : أتى رجل أباعبدالله عليه‌السلام فقال له : يرحكمك الله هل تشيع الجنازة بنار ويمشى معها بمجمرة وقنديل أو غير ذلك مما يضاء به؟ قال : فتغير لون أبي عبدالله عليه‌السلام من ذلك واستوى جالسا ثم قال : إنه جاء شقي من الاشقياء إلى فاطمة بنت محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لها : أما علمت أن عليا قد خطب بنت أبي جهل فقالت : حقاما تقول : فقال : حقا ما أقول ـ ثلاث مرات ـ فدخلها من الغيرة ما لا تملك نفسها وذلك أن الله تبارك وتعالى كتب على النساء غيرة وكتب على الرجال جهادا. وجعل للمحتسبة الصابرة منهن من الاجر ما جعل للمرابط المهاجر في سبيل الله.

قال : فاشتد غم فاطمة عليها‌السلام من ذلك ، وبقيت متفكرة هي حتى أمست وجاء الليل حملت الحسن على عاتقها الايمن والحسين على عاتقها الايسر وأخذت بيد ام الكثوم اليسرى بيدها اليمنى ثم تحولت إلى حجرة أبيها فجاء علي عليه‌السلام فدخل في حجرته فلم ير فاطمة عليها‌السلام فاشتد لذلك غمه وعظم عليه ، ولم يعلم القصة

٢٠١

ماهي فاستحيى أن يدعوها من منزل أبيها فخرج إلى المسجد فصلى فيه ماشاء الله ثم جمع شيئا من كثيب المسجد واتكا عليه.

فلما رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ما بفاطمة من الحزن أفاض عليه الماء ثم لبس ثوبه ودخل المسجد ، فلم يزل يصلي بين راكع وساجد وكلما صلى ركعتين دعا الله أن يذهب ما بفاطمة من الحزن والغم وذلك أنه خرج من عندها وهي تتقلب وتتنفس الصعداء فلما رآها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنها لا يهنئها النوم ، وليس لها قرار قال لها : قومي يابنية فقامت فحمل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الحسن وحملت فاطمة الحسين وأخذت بيد ام الكثوم فانتهى إلى علي عليه‌السلام وهو نائم فوضع النبي رجله على رجل علي فغمزه وقال : قم يا أبا تراب ، فكم ساكن أزعجة ، ادع لي أباكبر من داره وعمر من مجلسه وطلحة.

فخرج علي عليه‌السلام فاستخر جهما من منزلهما ، واجتموا عندرسول الله فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي أما علمت أن فاطمة بضعة مني وأنا منها ، فمن آذاها فقد آذاني [ ومن آذاني فقد آذي الله ] (١) ومن آذاها بعد موتى كان كمن آذاها في حياتي ، ومن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتى؟ قال : فقال علي : بلى يا رسول الله قال : فقال : فما دعاك إلى ما صنعت؟ فقال علي : والذي بعثك بالحق نبيا ما كان مني مما بلغها شئ ولا حدثت بها نفسي فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : صدقت وصدقت.

ففرحت فاطمة عليها‌السلام بذلك وتبسمت حتيى رئى ثغرها فقال أحدهما لصاحبه : إنه لعجب لحينه ما دعاه إلى ما دعانا هذه الساعة قال : ثم أخذ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بيد علي عليه‌السلام فشبك أصابعه بأصابعه فحمل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الحسن وحمل الحسين على عليه‌السلام وحملت فاطمة عليها‌السلام ام الكلثوم وأدخلهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بيتهم ووضع عليهم قطيفة ، واستودعهم الله ثم خرج وصلى بقية الليل.

فلما مرضت فاطمة عليها‌السلام مرضها الذي ماتت فيه أتياها عائدين و استأذنا عليها فأبت أن تأذن لهما فلما رأى ذلك أبوبكر أعطى الله عهدا لا يظله سقف

____________________

(١) زيادة جعلها في المصدر ج ٢ ص ١٧٧ بين العلامتين ولم يذيل بشئ وكيف كان فهى زيادة يستدعيها السياق كما يأتى آنفا من كلامها عليها‌السلام.

٢٠٢

بيت حتى يدخل على فاطمة عليها‌السلام ويتراضاها. فبات ليلة في الصقيع ما أظله شئ ثم إن عمر أتى عليا عليه‌السلام فقال له : إن أبابكر شيخ رقيق القلب ، وقد كان مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الغار فله صحبة وقد أتيناها غير هذه المرة مرارا نريد الاذن عليها وهي تأبى أن تأذن لنا حتى ندخل عليها فنتراضى فان رأيت أن تستأذن لنا عليها فافعل ، قال : نعم ، فدخل علي على فاطمة عليهما‌السلام فقال : يا بنت رسول الله قد كان من هذين الرجلين ما قد رأيت وقد ترددا مرارا كثيرة ورددتهما ولم تأذني لهما وقد سألاني أن أستأذن لهما عليك فقالت : والله لا أذن لهما ولا اكلمهما كلمة من رأسي حتى ألقى أبي فأشكوهما إليه بما صنعاه وارتكباه مني.

قال علي عليه‌السلام : فاني ضمنت لهما ذلك ، قالت : إن كنت قد ضمنت لهما شيئا فالبيت بيتك والنساء تتبع الرجال لا اخالف عليك بشئ فائذن لمن أحببت ، فخرج علي عليه‌السلام فأذن لهما فلما وقع بصرهما على فاطمة عليها‌السلام سلما عليها فلم ترد عليهما وحولت وجهها عنهما فتحولا واستقبلا وجهها حتى فعلت مرارا ، وقالت : يا علي جاف الثوب ، وقالت لنسوة حولها : حولن وجهي ، فلما حولن وجهها حولا إليها فقال أبوبكر : يا بنت رسول الله إنما أتيناك ابتغاء مرضاتك ، واجتناب سخطك نسألك أن تغفري لنا وتصفحي عما كان منا إليك ، قالت : لا اكلمكما من رأسي كلمة واحدة حتى ألقى أبي وأشكو كما إليه ، وأشكو صنعكما وفعالكما وما ارتكبتما مني.

قالا : إنا جئنا معتذرين مبتغين مرضاتك فاغفري واصفحي عنا ولا تؤاخذينا بماكان منا ، فالتفتت إلى علي عليه‌السلام وقالت : إني لا اكلمهما من رأسي كلمة حتى أسألهما عن شئ سمعاه من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فان صدقاني رأيت رأيي قالا : اللهم ذلك لها وإنا لانقول إلا حقها ولا نشهد إلا صدقا.

فقالت : انشدكمابالله أتذكر ان أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله استخرجكما في جوف الليل بشئ كان حدث من أمر علي؟ فقالا : اللهم نعم ، فقالت : انشدكما بالله

٢٠٣

هل سمعتما النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : فاطمة بضعة مني وأنا منها من آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذاها بعد موتي فكان كمن آذاها في حياتي ومن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتي؟ قالا : اللهم نعم قالت : الحمد لله.

ثم قالت : اللهم إني اشهدك فاشهدوا يا من حضرني أنهما قد آذياني في حياتي وعند موتي ، والله لا اكلمكما من رأسي كلمة حتى ألقى ربي فأشكو كما إليه بما صنعتما [ به و ] بي وارتكبتما مني ، فدعا أبوبكر بالويل والثبور وقال : ليت امي لم تلدني ، فقال عمر : عجبا للناس كيف ولوك امورهم وأنت شيخ قد خرفت تجزع لغضب امرأة وتفرح برضاها وما لمن أغضب امرأة ، وقاما وخرجا.

قال : فلما نعي إلى فاطمة عليها‌السلام نفسها أرسلت إلى ام أيمن وكانت أوثق نسائها عندها وفي نفسها فقالت : يا ام أيمن إن نفسي نعيت إلي فادعي لي عليا فدعته لها فلما دخل عليها قالت له : يا ابن العم اريد أن اوصيك بأشياء فاحفظها علي فقال لها : قولي ما أحببت ، قالت له : تزوج فلانة تكون مربية لولدي من بعدي مثلي ، واعمل نعشا رأيت الملائكة قد صورته لي فقال لها علي : أريني كيف صورته ، فأرته ذلك كما وصفت له وكما أمرت به ، ثم قالت : فاذا أنا قضيت نحبي فأخرجني من ساعتك أي ساعة كانت من ليل أو نهار ، ولا يحضرن من أعداء الله وأعداء رسوله للصلاة علي ، قال علي عليه‌السلام : أفعل.

فلما قضت نحبها صلى الله عليها وهم في ذلك في جوف الليل أخذ علي عليه‌السلام في جهازها من ساعته كما أوصته ، فلما فرغ من جهازها ، أخرج علي الجنازة وأشعل النار في جريد النخل ، ومشى مع الجنازة بالنار ، حتى صلى عليها ودفنها ليلا.

فلما أصبح أبوبكر وعمر عاودا عائدين لفاطمة ، فلقيا رجلا من فريش فقالا له : من أين أقبلت؟ قال : عزيت عليا بفاطمة ، قالا : وقد ماتت؟ قال : نعم ، ودفنت في جوف الليل ، فجزعا شديدا ثم أقبلا إلى علي عليه‌السلام فلقياه فقالا له : والله

٢٠٤

ما تركت شيئا من غوائلنا ومسائتنا وما هذا إلا من شئ في صدرك علينا ، هل هذا إلا كما غسلت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دوننا ولم تدخلنا معك ، وكما علمت ابنك أن يصبح بأبي بكر أن : انزل عن منبر أبي.

فقال لهما علي عليه‌السلام : أتصدقاني إن حلفت لكما؟ قالا : نعم ، فحلف فأدخلهما علي المسجد قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لقد أوصاني وقد تقدم إلي أنه لا يطلع على عورته أحد إلا ابن عمه ، فكنت اغسله والملائكة تقلبه والفضل بن العباس يناولني الماء وهو مربوط العينين بالخرقة ، ولقد أردت أن أنزع القميص فصاح بي صائح من البيت سمعت الصوت ولم أر الصورة : لا تنزع قميص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولقد سمعت الصوت يكرره علي فأدخلت يدي من بين القميص فغسلته ، ثم قدم إلي الكفن فكفنته ، ثم نزعت القميص بعد ما كنفته.

وأما الحسن ابني فقد تعلمان ويعلم أهل المدينة أنه كان يتخطى الصفوف حتى يأتي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهوساجدفيركب ظهره فيقوم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ويده على ظهر الحسن والاخرى على ركبته حتى يتم الصلاة قالا : نعم قد علمنا ذلك.

ثم قال : تعلمان ويعلم أهل المدينة أن الحسن كان يسعى إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ويركب على رقبته ويدلي الحسن رجليه على صدر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى يرى بريق خلخاليه من أقصى المسجد والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يخطب ولايزال على رقبته حتى يفرغ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من خطبته والحسن على رقبته فلما رأى الصبي على منبر أبيه غيره شق عليه ذلك ، والله ما أمرته بذلك ولا فعله عن أمري.

وأما فاطمة فهي المرأة التي استأذنت لكما عليها ، فقد رأيتما ما كان من كلامها لكما ، والله لقد أوصتني أن لا تحضرا جنازتها ولا الصلاة عليها ، وما كنت الذي اخالف أمرها ووصيتها إلي فيكما فقال عمر : دع عنك هذه الهمهمة ، أنا أمضي إلى المقابر فأنبشها حتى اصلي عليا ، فقال له علي عليه‌السلام : والله لو ذهبت تروم من ذلك شيئا وعلمت أنك لا تصل إلى ذلك حتى يندر عنك الذي فيه عيناك فاني كنت لا اعاملك إلا بالسيف قبل أن تصل إلى شئ من ذلك.

٢٠٥

فوقع بين علي عليه‌السلام وعمر كلام حتى تلاحيا واستبسل ، واجتمع المهاجرون والانصار فقالوا : والله ما نرضى بهذا أن يقال في ابن عم رسول الله وأخيه ووصيه وكادت أن تقع فتنة ، فتفرقا. (١)

بيان : الصعداء بالمد تنفس ممدود ، قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : وصدقت إما تأكيد للاول أو على بناء المجهول من المخاطب ، أو على الغيبة أي صدقت فاطمة عليها‌السلام لانها لم تذكر إلا ما سمعت ، والصقيع الذي يسقط من السماء بالليل شبيه بالثلج ، ويقال أجفيت السرج من ظهر الفرس إذا رفعته عنه ، وجافاه عنه أي أبعده ولعل المعنى : خذ الثوب وارفعه قليلا حتى أتحول من جانب إلى جانب « والهمهمة » تنويم المرأة الطفل بصوتها ، وندر الشئ يندر ندرا سقط وشذ ، والملاحاة المنازعة ، والمباسلة المصاولة في الحرب والمستبسل الذي يوطن نفسه على الموت ، واستبسل أي طرح نفسه في الحرب ، وهو يريد أن يقتل لا محالة.

٣٢ ـ ع : أبي ، عن أحمد بن إدريس ، عن ابن عيسى ، عن البزنطي ، عن عبدالرحمن بن سالم ، عن المفضل قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : جعلت فداك من غسل فاطمة؟ قال : ذاك أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : فكأني استعظمت ذلك من قوله فقال : كأنك ضقت مما أخبرتك به؟ قلت : قد كان ذلك جعلت فداك ، قال : لا تضيقن فانها صديقة لا يغسلها إلا صديق ، أما علمت أن مريم لم يغسلها إلا عيسى عليه‌السلام.

كا : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن عبدالرحمن بن سالم مثله.

٣٣ ـ ب : ابن طريف ، عن ابن علوان ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام أن عليا عليه‌السلام غسل امرأته فاطمة عليها‌السلام بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٣٤ ـ ع : علي بن أحمد بن محمد ، عن الاسدي ، عن النخعي ، عن النوفلي عن ابن البطائني ، عن أبيه قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام لاي علة دفنت فاطمة

____________________

(١) عرضنا الحديث على المصدر ج ١ ص ١٧٧ وصححنا بعض ألفاظه المصحفة.

٢٠٦

عليها‌السلام بالليل ولم تدفن بالنهار؟ قال : لانها أوصت أن لا يصلي عليها الرجلان الاعرابيان. (١)

بيان : الاعرابيان : الكافران لقوله تعالى « الاعراب أشد كفرا ونفاقا » (٢)

٣٥ ـ ع ، لى : ابن موسى ، عن ابن زكريا القطان ، عن ابن حبيب ، عن محمد ابن عبيدالله وعبدالله بن الصلت الجحدري قالا : حدثنا ابن عائشة ، عن عبدالله ابن عبدالرحمن الهمداني ، عن أبيه قال : لما دفن علي بن أبي طالب عليه‌السلام فاطمة عليها‌السلام قام على شفير القبر وذلك في جوف الليل لانه كان دفنها ليلا ثم أنشأ يقول :

لكل اجتماع من حليلين فرقة

وكل الذي دون الممات قليل

وإن افتقادي واحدا بعد واحد

دليل على أن لا يدوم خليل

ستعرض عن ذكري وتنسى مودتي

ويحدث بعدي للخليل خليل

٣٦ ـ كتاب الدلائل للطبرى : عن أحمد بن محمد الخشاب ، عن زكريا بن يحيى ، عن ابن أبي زائدة ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسن ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لما قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما ترك إلا الثقلين : كتاب الله وعترته : أهل بيته ، وكان قد أسر إلى فاطمة صلوات الله عليها أنها لا حقة به أول أهل بيته لحوقا.

قالت : بينا أني بين القائمة واليقظانة بعد وفاة أبي بأيام إذ رأيت كأن أبي قد أشرف علي فلما رأيته لم أملك نفسي أن ناديت يا أبتاه انقطع عنا خبرالسماء فبينا أنا كذلك إذ أتتني الملائكة صفوفا يقدمها ملكان حتى أخذاني فصعدابي إلى السماء فرفعت رأسي فإذا أنا بقصور مشيدة وبساتين وأنهار تطرد ، وقصر بعد قصر ، وبستان بعد بستان ، وإذا قد اطلع علي من تلك القصور جواري كأنهن اللعب فهن يتباشرن ويضحكن إلي ويقلن : مرحبا بمن خلقت الجنة وخلقنا من ـ

____________________

(١) في المصدر المطبوع ج ١ ص ١٧٦ : أن لا يصلى عليها رجال.

(٢) براءة : ٩٨.

٢٠٧

أجل أبيها.

فلم تزل الملائكة تصعد بي حتى أدخلوني إلى دار فيها قصور في كل قصر من البيوت ما لا عين رأت وفيها من السندس والاستبرق على أسرة (١) وعليها ألحاف من ألوان الحرير والديباج ، وآنية الذهب والفضة ، وفيها موائد عليها من ألوان الطعام ، وفي تلك الجنان نهر مطرد أشد بياضا من اللبن وأطيب رائحة من المسك الاذفر ، فقلت : لمن هذه الدار؟ وما هذا النهر؟ فقالوا : هذه الدار الفردوس الاعلى الذي ليس بعده جنة وهي دار أبيك ومن معه من النبيين ومن أحب الله ، قلت : فما هذا النهر؟ قالوا : هذا الكوثر الذي وعده أن يعطيه إياه فقلت : فأين أبي قالوا : الساعة يدخل عليك.

فبينا أنا كذلك إذ برزت لى قصور هي أشد بياضا وأنور من تلك وفرش هي أحسن من تلك الفرش وإذا بفرش مرتفعة على أسرة وإذا أبي صلى‌الله‌عليه‌وآله جالس على تلك الفرس ، ومعه جماعة ، فلما رآني أخذني فضمني وقبل ما بين عيني وقال : مرحبا بابنتي! وأخذني وأقعدني في حجره ثم قال لي : يا حبيبتي أما ترين ما أعد الله لك وما تقدمين عليه؟ فأراني قصورا مشرقات فيها ألوان الطرائف والحلي والحلل ، وقال : هذه مسكنك ومسكن زوجك وولديك ومن أحبك وأحبهما فطيبي نفسا فانك قادمة علي إلى أيام ، قالت : فطار قلبي واشتد شوقي وانتبهت من رقدتي مرعوبة.

قال أبوعبدالله : قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام : فلما انتبهت من مرقدها صاحت بي فأتيتها فقلت لها : ما تشتكين؟ فخبرتني بخبر الرؤيا ثم أخذت علي عهدالله ورسوله أنها إذا توفت لا اعلم أحدا إلا ام سلمة زوج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأم أيمن وفضة ومن الرجال ابنيها وعبدالله بن عباس وسلمان الفارسي وعمار بن ياسر والمقداد وأبوذر وحذيفة ، وقالت : إني أحللتك من أن تراني بعد موتي فكن مع النسوة فيمن

____________________

(١) الاسرة : جمع سرير وهو التخت ويغلب على تخت الملك ، لان من جلس عليه من أهل الرفعة يكون مسرورا. وألحاف جمع لحاف ـ على غير قياس ـ والمراد هنا غطاء التخت.

٢٠٨

يغسلني ولا تدفني إلا ليلا ولا تعلم أحدا قبري.

فلما كانت الليلة التي أراد الله أن يكرمها ويقبضها إليه أقبلت تقول : وعليكم السلام وهي تقول لي : يا ابن عم قد أتاني جبرئيل مسلما وقال لي : السلام يقرأ عليك السلام يا حبيبة حبيب الله ، وثمرة فؤاده ، اليوم تلحقين بالرفيع الاعلى وجنة المأوى ثم انصرف عني. ثم سمعناها ثانية تقول : وعليكم السلام فقالت : يا ابن عم هذا والله ميكائيل وقال لي كقول صاحبه.

ثم تقول : وعليكم السلام ورأيناها قد فتحت عينيها فتحا شديدا ثم قالت : يا ابن عم هذا والله الحق وهذا عزرائيل قد نشر جناحه بالمشرق والمغرب وقد وصفه لي أبي وهذه صفته ، فسمعناها تقول : وعليك السلام يا قابض الارواح عجل بي ولا تعذبني ثم سمعناها تقول : إليك ربي لا إلى النار ثم غمضت عينيها ومدت يديها ورجليها كأنها لم تكن حية قط.

٣٧ ـ لى : المكتب ، عن العلوي ، عن الفزاري ، عن محمد بن الحسين الزيات عن سليمان بن حفص المروزي ، عن ابن طريف ، عن ابن نباته قال : سئل أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام عن علة دفنه لفاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ليلا فقال : إنها كانت اخطة على قوم كرهت حضورهم جنازتها وحرام على من يتولاهم أن يصلي على أحد من ولدها.

٣٨ ـ ما : المفيد ، عن محمد بن أحمد المنصوري ، عن سلمان بن سهل ، عن عيسى بن إسحاق القرشي ، عن حمدان بن علي الخفاف ، عن ابن حميد ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر الباقر ، عن أبيه عليهما‌السلام ، عن محمد بن عمار بن ياسر ، عن أبيه قال : لما مرضت فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ مرضتها التي توفيت فيها ـ وثقلت (١) جاءها العباس بن عبدالمطلب عائدا فقيل له إنها ثقيلة وليس يدخل عليها أحد فانصرف إلى داره وأرسل إلى علي عليه‌السلام فقال لرسوله : قل له : يا ابن أخ عمك يقرؤك السلام ويقول لك : لله قد فجأني من الغم بشكاة حبيبة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

____________________

(١) عطف على قوله : « لما مرضت ».

٢٠٩

وقرة عينيه وعيني فاطمة ماهدني وإني لاظنها أولنا لحوقا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يختارلها ويحبوها ويزلفها لربه ، فان كان من أمرها ما لابد منه ، فأجمع ـ أنالك الفداء ـ المهاجرين والانصار حتى يصيبوا الاجر في حضورها والصلاة عليها ، وفي ذلك جمال للدين.

فقال علي عليه‌السلام لرسوله وأنا حاضر عنده : أبلغ عمي السلام وقل لا عدمت إشفاقك وتحيتك ، وقد عرفت مشورتك ، ولرأيك فضله ، إن فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لم تزل مظلومة ، من حقها ممنوعة ، وعن ميراثها مدفوعة ، لم تحفظ فيها وصية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا رعي فيها حقه ، ولا حق الله عزوجل ، وكفى بالله حاكما ومن الظالمين منتقما ، وأنا أسألك يا عم أن تسمح لي بترك ما أشرت به فانها وصتني بستر أمرها.

قال : فلما أتى العباس رسوله بما قال علي عليه‌السلام قال : يغفر الله لابن أخي فانه لمغفور له إن رأى ابن أخي لا يطعن فيه ، إنه لم يولد لعبد المطلب مولود أعظم بركة من علي إلا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إن عليا لم يزل أسبقهم إلى كل مكرمة وأعلمهم بكل فضيلة ، وأشجعهم في الكريهة ، وأشدهم جهادا للاعداء في نصرة الحنيفية ، وأول من آمن بالله ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٣٩ ـ ل : محمد بن عمير البغدادي ، عن أحمد بن الحسن بن عبدالكريم ، عن عباد بن صهيب ، عن عيسى بن عبدالله العمري ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليه‌السلام قال : خلقت الارض لسبعة بهم يرزقون ، وبهم يمطرون ، وبهم ينصرون : أبوذر وسلمان والمقداد وعمار ، وحذيفة ، وعبدالله بن مسعود قال علي عليه‌السلام : وأنا إمامهم وهم الذين شهدوا الصلاة على فاطمة.

كش : جبرئيل بن أحمد ، عن الحسين بن خرزاد ، عن ابن فضال ، عن ثعلبة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن جده عليهم‌السلام مثله.

٤٠ ـ جا ، ما : المفيد ، عن الصدوق ، عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس ، عن

٢١٠

محمد بن عبد الجبار ، عن القاسم بن محمد الرازي ، عن علي بن محمد الهرمرازي (١) عن علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين عليهما‌السلام قال : لما مرضت فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وصت إلى علي بن أبي طالب عليه‌السلام أن يكتم أمرها ويخفي خبرها ولا يؤذن أحدا بمرضها ، ففعل ذلك ، وكان يمرضها بنفسه وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس رحمها الله ، على استسرار بذلك ما وصت به ، فلما حضرتها الوفاة وصت أميرالمؤمنين عليه‌السلام أن يتولى أمرها ، ويدفنها ليلا ويعفي قبرها ، فتولى ذلك أميرالمؤمنين عليه‌السلام ودفنها ، وعفى موضع قبرها.

فلما ، نفض يده من تراب القبر هاج به الحزن ، فأرسل دموعه على خديه وحول وجهه إلى قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال :

السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك من ابنتك وحبيبتك ، وقرة عينك وزائرتك ، والبائتة في الثرى ببقيعك ، المختار الله لها سرعة اللحاق بك ، قل يارسول الله عن صفيتك صبري ، وضعف عن سيدة النساء تجلدي ، إلا أن في التأنسي لي بسنتك ، والحزن الذي حل بي لفراقك ، موضع التعزي ، ولقد وسدتك في ملحود قبرك ، بعد أن فاضت نفسك على صدري ، وغمضتك بيدي ، وتوليت أمرك بنفسي.

نعم وفي كتاب الله أنعم القبول ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، قد استرجعت الوديعة ، واخذت الرهينة ، واختلست الزهراء ، فما أقبح الخضراء والغبراء يا رسول الله.

أما حزني فسرمد ، وأماليلي فمسهد ، لايبرح الحزن من قلبي أو يختار الله لي دارك التي فيها أنت مقيم ، كمد مقيح ، وهم مهيج ، سرعان مافرق [ الله ] بيننا ، وإلى الله أشكو ، وستنبئك ابنتك بتظاهر امتك علي ، وعلى هضمها حقها فاستخبرها الحال ، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا ، وستقول و

____________________

(١) كذا في النسخة وفيه الهروى خ ل وقد مر عن الكافى ( ج ١ ص ٤٥٨ ) الهرمزانى راجع ص ١٩٣ فيما سبق.

٢١١

يحكم الله وهو خير الحاكمين.

سلام عليك يارسول الله سلام مودع لاسئم (١) ولا قال ، فان أنصرف فلا عن ملالة ، وإن اقم فلا عن سوء ظني بما وعدالله الصابرين ، الصبر أيمن وأجمل ولو لا غلبة المستولين علينا ، لجعلت المقام عند قبرك لزاما ، والتلبث عنده معكوفا ، ولاعولت إعوال الثكلى على جليل الرزية. فبعين الله تدفن بنتك سرا ، ويهتضم حقها قهرا ويمنع إرثها جهرا ، ولم يطل العهد ، ولم يخلق منك الذكر ، فالى الله يارسول الله المشتكى ، وفيك أجمل العزاء ، فصلوات الله عليها وعليك ورحمة الله وبركاته.

٤١ ـ عيون المعجزات للسيد المرتضى رحمه‌الله : روي أن فاطمة عليها‌السلام توفيت ولها ثمان عشرة سنة وشهران ، وأقامت بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله خمسة وسبعين يوما و روي أربعين يوما ، وتولى غلسلها وتكفينها أميرالمؤمنين عليه‌السلام وأخرجها ومعه الحسن والحسين في الليل ، وصلوا عليها ولم يعلم بها أحد ، ودفنها في البقيع وجدد أربعين قبرا فاستشكل على الناس قبرها فأصبح الناس ولام بعضهم بعضا وقالوا : إن نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله خلف بنتا ولم نحضر وفاتها والصلاة عليها ودفنها ، ولا نعرف قبرها فنزورها.

فقال من تولى الامر : هاتوا من نساء المسلمين من تنبش هذه القبور ، حتى نجد فاطمة عليها‌السلام فنصلي عليها ونزور قبرها ، فبلغ ذلك أميرالمؤمنين عليه‌السلام فخرج مغضبا قد احمرت عيناه وقد تقلد سيفه ذا الفقار حتى البقيع وقد اجتمعوا فيه فقال عليه‌السلام : لو نبشتم قبرا من هذه القبور لو ضعت السيف فيكم ، فتولى القوم عن البقيع.

٤٢ ـ يب : سلمة بن الخطاب ، عن موسى بن عمر بن يزيد ، عن علي بن النعمان ، عن ابن مسكان ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن أول من جعل له النعش ، فقال : فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٤٣ ـ يب : سلمة بن الخطاب ، عن أحمد بن يحيى بن زكريا عن أبيه ، عن

____________________

(١) والقياس : سؤوم.

٢١٢

حميد بن المثني ، عن أبي عبدالرحمن الحذاء عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أول نعش احدث في الاسلام نعش فاطمة إنها اشتكت شكوتها التي قبضت فيها وقالت لاسماء : إني نحلت وذهب لحمي ألا تجعلين لي شيئا يسترني؟ قالت أسماء : إني إذ كنت بأرض الحبشة رأيتهم يصنعون شيئا أفلا أصنع لك فان أعجبك أصنع لك؟ قالت : نعم فدعت بسرير فأكبته لوجهه ، ثم دعت بجرائد فشددته على قوائمه ثم جللته ثوبا فقالت : هكذا رأيتهم يصنعون فقالت : اصنعي لهي مثله استريني سترك الله من النار.

٤٤ ـ من بعض كتب المناقب القديمة : اختلف الروايات في وقت وفاتها ففي رواية أنها بقيت بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شهرين. وفي رواية ثلاثة أشهر ، وفي رواية مائة يوم ، وفي رواية ثمانية أشهر.

وعن علي بن أحمد العاصمي بإسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم‌السلام عن علي عليه‌السلام فاطمة لما توفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كانت تقول : وا أبتاه من ربه ما أدناه ، واأبتاه جنان الخلد مثواه ، واأبتاه يكرمه ربه إذا أتاه ، يا أبتاه الرب و الرسل تسلم عليه حين تلقاه.

فلما ماتت فاطمة عليها‌السلام قال علي بن أبي طالب يرثيها :

« لكل اجتماع من خليلين فرقة » الابيات.

وذكر الحاكم أن فاطمة لما ماتت أنشأ علي عليه‌السلام :

نفسي على زفراتها محبوسة

ياليتها خرجت مع الزفرات

لا خير بعدك في الحياة وإنما

أبكي مخافة أن تطول حياتي

وعن سيد الحفاظ أبي منصور الديلمي بإسناده أن عبدالله بن الحسن دخل على هشام بن عبدالملك وعنده الكلبي ، فقال هشام لعبد الله بن الحسن : يا أبا محمد! كم بلغت فاطمة بنت رسول الله من السن؟ فقال : بلغت ثلاثين فقال للكلبي : ما تقول؟ قال : بلغت خمسا وثلاثين ، فقال هشام لعبدالله : ألا تسمع ما يقول الكلبي؟ فقال عبدالله : يا أميرالمؤمنين سلني عن امي فأنا أعلم بها وسل الكلبي عن امه فهو أعلم بها.

٢١٣

وعن العاصمي بإسناده ، عن محمد بن عمر قال : توفيت فاطمة بنت محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله لثلاث ليال خلون من شهر رمضان وهي بنت تسع وعشرين أو نحوها.

وذكر أبوعبدالله بن مندة الاصفهاني في كتاب المعرفة أن عليا تزوج فاطمة بالمدينة بعد سنة من الهجرة وبنى بها بعد ذلك بنحو من سنة وولدت لعلي الحسن والحسين والمحسن وام كلثوم الكبرى وزينب الكبرى.

وقال محمد بن إسحاق : توفيت ولها ثمان وعشرون سنة ، وقيل : سبع وعشرون سنة ، وفي رواية أنها ولدت على رأس سنة إحدى وأربعين من مولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فيكون سنها على هذا ثلاثا وعشرين ، والاكثر على أنها كانت بنت تسع وعشرين أو ثلاثين عليها‌السلام.

وذكر وهب بن منبه ، عن ابن عباس أنها بقيت أربعين يوما بعده ، وفي رواية ستة أشهر وساق ابن عباس الحديث إلى أن قال : لما توفيت عليها‌السلام شقت أسماء جيبها وخرجت فتلقاها الحسن والحسين فقالا : أين امنا؟ فسكتت فدخلا البيت فاذا هي ممتدة فحركها الحسين فاذا هي ميتة ، فقال : يا أخاه آجرك الله في الوالدة ، وخرجا يناديان : يا محمداه يا أحمداه اليوم جدد لنا موتك إذ ماتت امنا.

ثم أخبرا عليا وهو في المسجد فغشي عليه حتى رش عليه الماء ثم أفاق فحملهما حتى أدخلهما بيت فاطمة وعند رأسها أسماء تبكي وتقول : وايتامى محمد ، كنا نتعزى بفاطمة بعد موت جدكما فبمن نتعزى بعدها فكشف علي عن وجهها فاذا برقعة عند رأسها فنظر فيها فإذا فيها :

بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصت به فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أوصت وهي تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن الجنة حق والنار حق وأن الساعة آتية لاريب فيها وأن الله يبعث من القبور يا علي أنا فاطمة بنت محمد زوجني الله منك لاكون لك في الدنيا والاخرة أنت أولى بي من غيري حنطني وغسلني و كفني بالليل وصل علي وادفني بالليل ولا تعلم أحدا وأستودعك الله وأقرء على ولدي السلام إلى يوم القيامة.

٢١٤

فلما جن الليل غسلها علي ووضعها على السرير ، وقال للحسن : ادع لي أباذر فدعاه فحملاه إلى المصلى ، فصلى عليها ثم صلى ركعتين ، ورفع يديه إلى السماء فنادى : هذه بنت نبيك فاطمة أخرجتها من الظلمات إلى النور ، فأضاءت الارض ميلا في ميل فلما أرادوا أن يدفنوها نودوا من بقعة من البقيع إلي إلي فقد رفع تربتها مني فنظروا فاذا هي بقبر محفور ، فحلمواالسرير إليها فدفنوها فجلس علي على شفير القبر فقال : يار أرض! استودعتك وديعتي ، هذه بنت رسول الله فنودي منها : يا علي أنا أرفق بها منك فارجع ولاتهتم فرجع وانسد القبر واستوى بالارض فلم يعلم أين كان إلى يوم القيامة.

٤٥ ـ أقول : قال أبوالفرج في مقاتل الطالبين : كانت وفاة فاطمة عليها‌السلام بعد وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بمدة يختلف في مبلغها فالمكثر يقول : ثمانية أشهر ، والمقلل يقول : أربعين يوما إلا أن الثبت في ذلك ما روي عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما‌السلام أنها توفيت بعده بثلاثة أشهر حدثني بذلك الحسن بن علي ، عن الحارث ، عن ابن سعد ، عن الواقدي ، عن عمرو بن دينار ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما‌السلام.

٤٦ ـ كف ، مصبا : في الثالث من جمادى الاخرة كان وفاة فاطمة عليها‌السلام سنة إحدى عشرة.

٤٧ ـ مصبا : في اليوم الحادي والعشرين من رحب كانت وفاة الطاهرة فاطمة عليها‌السلام في قول ابن عباس.

بيان : أقول لايمكن التطبيق بين أكثر تواريخ الولادة والوفاة ومدة عمرها الشريف ، ولا بين تواريخ الوفاة وبين مامر في الخبر الصحيح أنها عليها‌السلام عاشت بعد أبيها خمسة وسبعين يوما إذ لو كان وفاة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله في الثامن والعشرين من صفر كان على هذا وفاتها في أواسط جمادى الاولى ، ولو كان في ثاني عشر ربيع الاول كا ترويه العامة كان وفاتها في أواخر جمادى الاولى ، ومارواه أبوالفرج ، عن الباقر عليه‌السلام من كومن مكثها بعده صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثة أشهر يمكن تطبيقه على ما هو المشهور من كون وفاتها في ثالث جمادى الاخرة ، ويدل عليه أيضا مامر من خير

٢١٥

أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام برواية الطبري بأن يكون عليه‌السلام لم يتعرض للايام الزائدة لقلتها والله يعلم.

٤٨ ـ أقول : في الديوان المنسوب اليه عليه‌السلام أنه أنشد بعد وفاة فاطمة عليها‌السلام :

ألا هل إلى طول الحياة سبيل

وأنى وهذا الموت ليس يحول

وإني وإن أصبحت بالموت موقنا

فلي أمل من دون ذاك طويل

وللدهر ألوان تروح وتغتدي

وإن نفوسا بينهن تسيل

ومنزل حق لا معرج دونه

لكل امرئ منها إليه سبيل

قطعت بأيام التعزز ذكره

وكل عزيز ما هناك ذليل

أرى علل الدنيا علي كثيرة

وصاحبها حتى الممات عليل

وإني لمشتاق إلى من احبه

فهل لي إلى من قد هويت سبيل

فهل لي إلى من قد هويت سبيل

وقد مات قبلي بالفراق جميل

فقد قال في الامثال في البين قائل

أضربه يوم الفراق رحيل

لكل اجتماع من خليلين فرقة

وكل الذي دون الفراق قليل

وإن افتقادي فاطما بعد أحمد

دليل على أن لايدوم خليل

وكيف هناك العيش من بعد فقدهم

لعمرك شئ ما إليه سبيل

سيعرض عن ذكري وتنسى مودتي

ويظهر بعدي للخليل عديل

وليس خليلي بالملول ولا الذي

إذا غبت يرضاه سواي بديل

ولكن خليلي من يدوم وصاله

ويحفظ سري قلبه ودخيل

إذا انقطعت يوما من العيش مدتي

فان بكاء الباكيات قليل

يريد الفتى أن لايموت حبيبه

وليس إلى ما يبتغيه سبيل

وليس جليلا رزء مال وفقده

ولكن رزء الاكرمين جليل

لذلك جنبي لا يؤاتيه مضجع

وفي القلب من حر الفراق غليل

بيان : خبر « أنى » محذوف و « منزل » عطف على ألوان و « المعراج » محل

٢١٦

الاقامة وشطت الدار ونزحت : بعدت ، والباء للتعدية ، والتضريب مبالغة في الضرب والبين : الفراق أي أضرب المثل الذي قاله القائل في يوم الفراق الذي هو رحيل ، و المثل قوله : لكل اجتماع ، وفاطم مرخم فاطمة لضرورة الشعر : والبديل : البدل ، ودخيل الرجل الذي يداخله في اموره ويختص به « لايؤاتيه » أي لا يوافقه والغليل : العطش ،

ومنه : قوله عليه‌السلام عند رحلتها عليها‌السلام :

حبيب ليس يعدله حبيب

وما لسواه في قلبي نصيب

حبيب غاب عن عيني وجسمي

وعن قلبي حبيبي لا يغيب

بيان : حبيب في الموضعين خبر مبتداء محذوف أو الثاني خبر الاول.

ومنه : مخاطبا لها بعد وفاتها :

مالي وقفت على القبور مسلما

قبر الحبيب فلم يرد جوابي

أحييب مالك لاترد جوابنا

أنسيت بعدي خلة الاحباب

ومنه : مجيبا لنفسه من قبلها عليها‌السلام :

قال الحبيب : وكيف لي بجوابكم

وأنا رهين جنادل وتراب

أكل التراب محاسني فنسيتكم

وحجبت عن أهلي وعن أترابي

فعليكم مني السلام تقطعت

عني وعنكم خلة الاحباب

بيان : الجنادل : الاحجار ، والترب : الموافق في السن.

وفي شرح الديوان : روي أن الابيات الاخيرة سمعت من هاتف.

٤٩ ـ مصباح الانوار : عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مكثت بعد رسول (ص) ستين يوما ثم مرضت فاشتدت عليها فكان من دعائها في شكواها : يا حي ياقيوم برحمتك أستغيث فأغثني اللهم زحزحني عن النار ، وأدخلني الجنة ، وألحقني بأبي حمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فكان أميرالمؤمنين عليه‌السلام يقول لها : يعافيك لله ويبقيك ، فتقول : يا أباالحسن ما أسر ع اللحاق بالله ، وأوصت بصدقتها ومتاع البيت ، وأوصته أن يتزوج أمامة بنت أبي العاص ، وقالت : بنت اختى وتحنن علي

٢١٧

ولدي قال : ودفنها ليلا.

وعن ابن عباس قال : رأت فاطمة في منامها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قالت : فشكوت إليه ما نالنا من بعده ، قالت : فقال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لكم الاخرة التي اعدت للمتقين وإنك قادمة علي عن قريب.

وعن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : لما حضرت فاطمة الوفاة بكت فقال لها أمير المؤمنين : ياسيدتي مايبكيك؟ قالت : أبكي لما تلقى بعدي فقال لها : لاتبكي فوالله إن ذلك لصغير عندي في ذات الله ، قال : وأوصته أن لايؤذن بها الشيخين ففعل.

٥٠ ـ كتاب الدلائل للطبرى : عن أبي إسحاق الباقرجي ، عن فلا يجة عن أبي عبدالله ، عن أبي أحمد ، عن محمد بن بغدان ، عن محمد بن الصلت ، عن عبدالله ابن سعيد ، عن أبي جريح ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن فاطمة عليها‌السلام أنها أوصت لازواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لكل واحدة منهن باثنتي عشرة اوقية ولنساء بني هاشم مثل ذلك وأوصت لامامة بنت أبي العاص بشئ.

وباسناد آخر عن عبدالله بن حسن ، عن زيد بن علي : أن فاطمة عليها‌السلام تصدقت بمالها على بني هاشم وبني عبدالمطلب وأن عليا عليه‌السلام تصدق عليهم وأدخل معهم غيرهم.

٢١٨

٨

* ( باب ) *

* ( تظلمها صلوات الله عليها في القيامة ) *

« وكيفية مجيئها إلى المحشر »

١ ـ لى : الطالقاني ، عن محمد بن جرير الطبري ، عن الحسن بن عبدالواحد عن إسماعيل بن علي السدي ، عن منيع بن الحجاج ، عن عيسى بن موسى ، عن جعفر الاحمر ، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه‌السلام قال : سمعت جابربن عبدالله الانصاري يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة تقبل ابنتي فاطمة على ناقة من نوق الجنة مدبجة الجنبين ، خطامها من لؤلوء رطب ، قوائمها من الزمرد الاخضر ذنبها من المسك الاذفر ، عيناها ياقوتتان حمراوان.

عليها قبة من نور ، يرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهره ، داخلها عفوالله ، وخارجها رحمة الله ، على رأسها تاج من نور ، للتاج سبعون ركنا كل ركن مرصع بالدر والياقوت ، يضئ كما يضئ الكوكب الدري في افق السماء وعن يمينها سبعون ألف ملك ، وعن شمالها سبعون ألف ملك ، وجبرئيل آخذ بخطام الناقة ينادي باعلا صوته :

غضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة بنت محمد ، فلا يبقى يومئذ نبي ولارسول ولاصديق ولا شهيد إلا غضوا أبصارهم حتى تجوز فاطمة ، فتسير حتى تحاذي عرش ربها جل جلاله ، فتنزخ بنفسها عن ناقتها ، وتقول : إلهي وسيدي احكم بيني وبين من ظلمني اللهم احكم بيني وبين من قتل ولدي ، فاذا النداء من قبل الله جل جلاله : يا حبيبتي وابنة حبيبي سليني تعطى ، واشفعي تشفعي ، فوعزتي وجلالي لاجازني ظلم ظالم ، فتقول : إلهي وسيدي ذريتي وشيعتي وشيعة ذريتي ومحبي و محبي ذريتي.

٢١٩

فإذا النداء من قبل الله جل جلاله : أين ذرية فاطمة وشيعتها ومحبوها ومحبوا ذريتها فيقبلون وقد أحاط بهم ملائكة الرحمة فتقدمهم فاطمة عليها‌السلام حتى تدخلهم الجنة.

توضيح : قال الفيروز آبادي : المدبج المزين وقال الجزري فيه كان له طيلسان مدبج هو الذي زينت أطرافه بالديباج ، قوله « الاذفر » أي طيب الريح قوله « داخلها عفوالله » كناية عن أنها مشمولة بعفو الله ورحمته وتجئ إلى القيامة شفيعة للعباد معها رحمة الله وعفوه لهم ، وقال الفيروز آبادي : زخه : دفعه في وهدة وزيد اغتاظ ووثب انتهى التشفيع : قبول الشفاعة.

٢ ـ ن : أحمد بن أبي جعفر البيهقي ، عن أحمد بن علي الجرجاني ، عن إسماعيل ابن أبي عبدالله القطان ، عن أحمد بن عبدالله بن عامر الطائي ، عن أبي أحمد بن سليمان الطائي ، عن علي بن موسى الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : تحشر ابنتي فاطمة عليها‌السلام يوم القيامة ومعها ثياب مصبوغة بالدماء ، تتعلق بقائمة من قوائم العرش تقول : يا عدل احكم بيني وبين قاتل ولدي ، قال علي بن أبي طالب عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ويحكم [ الله ] لابنتي ورب الكعبة.

٣ ـ ن : بالاسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : تحشر ابنتي فاطمة يوم القيامة ومعها ثياب مصبوغة بالدم فتتعلق بقائمة من قوائم العرش فتقول : يا عدل احكم بيني وبين قاتل ولدي ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : فيحكم لابنتي ورب الكعبة ، وإن الله عزوجل يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها.

صح : عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام مثله.

٤ ـ ن : بالاسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة نادى مناد : يا معشر الخلائق غضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة بنت محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٥ ـ صح : عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام مثله.

٢٢٠