بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٦٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

قال : إذا نضرب الذي فيه عيناك ، فقال : الحمد لله الذي جعل في هذه الامة من إذا اعوججنا أقام أودنا. وهكذا رواه أبو المؤيد الخوارزمي ، وهو عجيب ، وفيه خب يظهر لمن تأمله.

وقال محمد بن طلحة : نقل الحسن بن مسعود البغوي عن أنس أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما خصص جماعة من الصحابة كل واحد بفضيلة خصص (١) عليا بعلم القضاء ، فقال : وأقضاهم علي. (٢)

توضيح : قال الفيروزآبادي : صغى يصغو صغوا : مال ، وصغاه معك أي ميله ، وأصغى : استمع. (٣) وقال الجزري : فيه : « فقامت امرأة من سطة النساء » أي من أوساطهن حسبا ونسبا ، وأصل الكلمة الواو ، والهاء عوض من الواو كعدة وزنة. (٤) وقال : فيه « إنه كان من أوسط قومه » أي من أشرفهم وأحسبهم. (٥) قوله : « إلى ما تذكرون » على بناء المجهول من باب التفعيل ، وكان غرضه أن يذكرهم ماكانوا عليه من عبادة الاصنام ، ويصرفهم عن التوحيد إليها ، وهذا هو الخبء الذي أشار إليه علي بن عيسى ، والخبء : الشئ المخفي المستور. قوله : « فأرموا » بالراء المهملة والميم المشددة من باب الافعال ، أو بالزاي المعجمة والميم المخففة قال الجزري : فيه « إنه قال : أيكم المتكلم؟ فأزم القوم » أي أمسكوا عن الكلام (٦) وقال في رمم : فأرم القوم أي سكتوا ولم يجيبوا. (٧)

٦٢ ـ كنز : محمد بن العباس ، عن علي بن سليمان الرازي ، عن الطيالسي عن ابن عميرة ، عن حكم بن أيمن قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : والله لقد اوتي

____________________

(١) في ( ك ) : حص.

(٢) كشف الغمة : ٣٣ ٣٥.

(٣) القاموس ٤ : ٣٥٢.

(٤) النهاية ٢ : ١٦١. وفيه : والهاء فيها عوض.

(٥) النهاية ٤ : ٢١٠.

(٦) النهاية ١ : ٣٠.

(٧) النهاية ٢ : ١٠٥.

١٨١

علي عليه‌السلام صبيا كما اوتي يحيى بن زكريا الحكم صبيا (١).

٦٣ ـ كا : العدة ، عن البرقي ، عن أبيه رفعه قال : اجتمعت اليهود على رأس الجالوت فقالوا له : إن هذا الرجل عالم يعنون أميرالمؤمنين عليه‌السلام فانطلق بنا إليه نسأله ، فأتوه ، فقيل لهم : هو في القصر ، فانتظروه حتى خرج ، فقال له رأس الجالوت : جئناك نسألك ، قال : سل يا يهودي عما بذلك ، فقال : أسألك عن ربك متى كان؟ فقال : كان بلا كينونة (٢) كان بلا كيف ، كان لم يزل بلاكم وبلا كيف ، كان ليس له قبل ، هو قبل القبل بلا قبل ولا غاية ولا منتهى ، انقطعت عنه الغاية ، وهو غاية كل غاية ، فقال رأس الجالوت : امضوا بنا فهو أعلم مما يقال فيه. (٣)

٦٤ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن عبدالله بن جعفر ، (٤) عن السياري ، عن محمد بن بكر ، عن أبي الجارود ، عن الاصبغ بن نباتة ، عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام أنه قال : و الذي بعث محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله بالحق وأكرم أهل بيته ما من شئ يطلبونه من حرز أو حرق (٥) أو غرق أو سرق أو إفلات دابة من صاحبها أو ضالة أو آبق إلا وهو في القرآن ، فمن أراد ذلك فليسألني عنه ، قال : فقام إليه رجل فقال : يا أميرالمؤمنين أخبرني عما يؤمن من الحرق والغرق ، فقال : اقرأ هذه الآيات : « الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين (٦) » وما قدروا الله حق قدره » إلى قوله : « سبحانه وتعالى عما يشركون (٧) » فمن قرأها فقد أمن [ من ] الحرق والغرق ، قال : فقرأها

____________________

(١) كنز جامع الفوائد مخطوط. وأورده البحرانى في البرهان ٣ : ٦.

(٢) في المصدر : بلاكينونية.

(٣) اصول الكافى ( الجزء الاول من الطبعة الحديثة ) : ٨٩.

(٤) في المصدر : عن عبدالرحمن بن جعفر.

(٥) في المصدر : ما من شئ تطلبونه من حرز من حرق.

(٦) الاية في سورة الاعراف : ١٩٦ كذلك ( إن وليى الله الذى اه ).

(٧) سورة الزمر : ٦٧.

١٨٢

رجل ، فاضطرمت النار في بيوت جيرانه ، وبيته وسطها ، فلم يصبه شئ ، ثم قام إليه آخر فقال : يا أميرالمؤمنين إن دابتي استصعبت علي وأنا منها على وجل ، فقال : اقرأ في اذنها اليمنى « وله أسلم من في السماوات والارض طوعا وكرها وإليه يرجعون (١) » فقرأها فذلت له دابته ، وقام إليه رجل آخر فقال : يا أميرالمؤمنين إن أرضي أرض مسبعة ، وإن السباع تغشى منزلي ولاتجوز حتى تأخذ فريستها ، فقال : اقرأ « لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم * فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم (٢) » فقرأهما الرجل فاجتنبته السباع ، ثم قام إليه رجل آخر فقال : يا أميرالمؤمنين إن في بطني ماء أصفر (٣) فهل من شفاء؟ فقال : نعم بلا درهم ولا دينار ولكن اكتب على بطلنك آية الكرسي وتغلسها وتشربها وتجعلها ذخيرة في بطنك فتبرأ بإذن الله عزوجل ، ففعل الرجل فبرئ بإذن الله تعالى ، ثم قام إليه آخر فقال : يا أميرالمؤمنين أخبرني عن الضالة ، فقال : اقرأ « يس » في ركعتين وقل : يا هادي الضالة رد علي ضالتي ، ففعل فرد الله عزوجل عليه ضالته.

ثم قام إليه آخر فقال : يا أميرالمؤمنين أخبرني عن الآبق ، فقال : اقرأ « أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج » إلى قوله : « ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور (٤) » فقالها الرجل فرجع إليه الآبق ، ثم قام إليه آخر فقال : يا أميرالمؤمنين أخبرني عن السرق فإنه لا يزال قد يسرق لي الشئ بعد الشئ ليلا ، فقال : (٥) اقرأ إذا أويت إلى فراشك : « قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياما تدعو » إلى قوله : « وكبره تكبيرا (٦) ».

____________________

(١) سورة آل عمران : ٨٣.

(٢) سورة التوبة : ١٢٨ و ١٢٩.

(٣) هو الصفراء التى تدفع من المثانة ممزوجة بالبول.

(٤) سورة النور : ٤٠.

(٥) في المصدر : فقال له.

(٦) سورة بنى اسرائيل : ١١٠ و ١١١.

١٨٣

ثم قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام : من باب بأرض قفر فقرأ هذه الآية « إن ربكم الله الذي خلق السماوات والارض في ستة أيام ثم استوى على العرش » إلى قوله : « تبارك الله رب العالمين (١) » حرسته الملائكة وتباعدت عنه الشياطين ، قال : فمضى الرجل فإذا هو بقرية خراب ، فبات فيها فلم يقرأ (٢) هذه الآية ، فتغشاه الشيطان فإذا هو أخذ بخطمه (٣) ، فقال له صاحبه : أنظره ، واستيقظ الرجل فقرأ الآية فقال الشيطان لصاحبه : أرغم الله أنفك أحسره الآن حتى يصبح ، فلما أصبح رجع إلى أميرالمؤمنين عليه‌السلام فأخبره ، وقال له : رأيت في كلامك الشفاء والصدق ، ومضى بعد طلوع الشمس فإذا هو بأثر شعر الشيطان منجرا في الارض. (٤) ٦٥ لى : ابن موسى ، عن ابن زكريا القطان ، عن ابن حبيب ، عن عطية ابن إسماعيل ، عن أبي عمارة محمد بن أحمد ، عن العباس بن يزيد وإسحاق بن إبراهيم جميعا عن ضرار بن صرد ، عن المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن الحسن ، عن أنس قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : علي يبين لامتي ما اختلفوا فيه من بعدي (٥).

٦٦ ـ لى : ابن ناتانة ، عن علي بن إبراهيم ، عن جعفر بن سلمة ، عن الثقفي ، عن إسماعيل بن بشار ، عن عبدالله بن بلج المصري ، عن إبراهيم بن أبي إسحاق المدني ، (٦) عن محمد بن المنكدر قال : سمعت أبا أمامة يقول : كان علي عليه‌السلام إذا قال شيئا لم نشك فيه ، وذلك أنا سمعنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول :

____________________

(١) سورة الاعراف : ٥٤.

(٢) في المصدر : ولم يقرأ.

(٣) الخطم : انف الانسان. منقار الطائر. ومن الدابة : مقدم انفها وفمها.

(٤) اصول الكافى ( الجزء الثانى من الطبعة الحديثة ) : ٦٢٤ ٦٢٦. وفي المصدر ( مجتمعا ) وفي ( م ) و ( د ) : منجزا.

(٥) أمالى الصدوق : ٢٩٤.

(٦) في ( ك ) و ( ت ) : ابى يحيى المدنى. والصحيح : ابى اسحاق المدائنى. راجع جامع الرواه ١ : ١٧ و ١٨.

١٨٤

خازن سري بعدي علي (١).

٦٧ ـ لى : أحمد بن محمد الدينوري ، عن عبدالله بن محمد بن زياد ، عن أحمد بن منصور ، عن النضربن شميل ، عن عوف بن أبي جميلة ، عن عبدالله بن عمرو بن هند قال : قال علي عليه‌السلام : كنت إذا سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أعطاني وإذا سكت ابتدأني (٢)

٦٨ ـ ير : محمد بن عبدالجبار ، عن عبدالله الحجال ، (٣) عن أبي عبدالله المكي الحذاء ، عن سوادة بن علي ، عن بعض رجاله قال : قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام للحارث الاعور وهو عنده : هل ترى ما أرى؟ فقال : كيف أرى ما ترى وقد نور الله لك و أعطاك ما لم يعط أحدا؟ قال : هذا فلان الاول على ترعة من ترع النار ، يقول : يا أبا الحسن استغفرلي ، لا غفر الله له ، قال : فمكث هنيئة ثم قال : يا حارث هل ترى ما أرى؟ فقال : وكيف أرى ما ترى وقد نور الله لك وأعطاك ما لم يعط أحدا؟ قال : هذا فلان الثاني على ترعة من ترع النار يقول : يا أبا الحسن استغفرلي ، لا غفر الله له. (٤)

بيان : الترعة بالضم : الباب.

٦٩ ـ ير : محمد بن عيسى ، عن النضر بن سويد ، عن الحسين بن موسى ، عن الحسين بن زياد ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : أهدي إلي رسول الله (ص) دانجوج (٥) فيه حب مختلط ، فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يلقي إلى علي عليه‌السلام حبة وحبة ويسأله : أي شئ هذا؟ ويخبره ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أما إن

____________________

(١) أمالى الصدوق : ٣٢٧.

(٢) أمالى الصدوق : ١٤٧.

(٣) في المصدر و ( م ) : عبدالله بن الحجال.

(٤) بصائر الدرجات : ١٢٤.

(٥) لم نظفر في كتب اللغة على هذه الكلمة ، والظاهر أنه معرب. قال في البرهان القاطع ( ص ٤٧٢ ) : دانجه غله ايست كه بعربى عدس كويند.

١٨٥

جبرئيل أخبرني أن الله علمك اسم كل شئ كما علم آدم الاسماء كلها (١).

٧٠ ـ ير : أحمد بن محمد ، عن البزنطي ، عن الحسين بن موسى ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : اهدي إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حب وطير مشوي من اليمن ، فوضعه بين يديه فقال : يا علي ماهذه وما هذه؟ فأخذ علي عليه‌السلام يجيبه عن شئ شئ ، فقال : إن جبرئيل أخبرني أن الله علمك الاسماء كلها كما علم آدم عليه‌السلام (٢).

٧١ ـ البرسي في مشارق الانوار : روى الحسن البصري أن الخضرلما التقى موسى فكان بينهما (٣) ما كان جاء عصفور فأخذ قطرة من البحر فوضعها على يد موسى ، فقال للخضر : ما هذا؟ فقال : يقول : ما علمنا (٤) وعلم سائر الاولين و الآخرين في علم وصي النبي الامي إلا كهذه القطرة في هذه البحر.

وروى ابن عباس عنه أنه شرح له في ليلة واحدة من حين أقبل ظلامها حتى أسفر صباحها (٥) في شرح الباء من « بسم الله » ولم يتقدم إلى السين وقال : لوشئت لاوقرت أربعين بعيرا من شرح « بسم الله » (٦).

٧٢ ـ أقول : وجدت في كتاب سليم بن قيس عن أبان عنه قال : جلست إلى علي عليه‌السلام بالكوفة في المسجد والناس حوله فقال : سلوني قبل أن تفقدوني سلوني عن كتاب الله ، فو الله ما نزلت آية من كتاب الله إلا وقد قرأنيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله و علمني تأويلها ، قال (٧) ابن الكواء : فما كان ينزل عليه وأنت غائب؟ فقال : بل

____________________

(١ و ٢) لم نجد الروايتين في البصائر المطبوع.

(٣) في المصدر : وكان منها.

(٤) في المصدر : ما علمكما.

(٥) في المصدر بعد ذلك : وطفا مصباحها.

(٦) مشارق الانوار : ٩٦.

(٧) في المصدر : فقال.

١٨٦

يحفظ (١) ماغبت عنه ، فإذا قدمت عليه قال لي : يا علي أنزل الله بعدك كذا وكذا فيقرؤنيه ، وتأويله كذا وكذا فيعلمنيه.

قال : أبان : قال سليم : قلت لابن عباس : أخبرني بأعظم ما سمعتم من علي عليه‌السلام ما هو؟ قال سليم : فأتاني بشئ قد كنت سمعته أنا من علي عليه‌السلام ، قال : دعاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وفي يده كتاب ، فقال : يا علي دونك هذا الكتاب ، قلت : يا نبي الله ما هذا الكتاب؟ قال : كتاب كتبه الله فيه تسمية أهل السعادة و الشقاوة من امتي إلى يوم القيامة ، أمرني ربي أن أدفعه إليك (٢).

* [ وأقول : قال السيد الداماد قدس‌سره في بعض مؤلفاته : رأيت في كتاب قنيس الانوار (٣) في الاوفاق الحرفية والعددية : كان علي بن أبي طالب عليه‌السلام يقول بالحروف والعدد ، وكان أحسب الناس ، ثم نقل من كتب الرواية أن يهوديا أتاه عليه‌السلام فقال : يا علي أعلمني أي عدد يتصحح منه الكسور التسعة جميعا من غير كسر ، وكذلك من كل من كسوره التسعة إلا من أربعة ، فيكون له كل من الكسور التسعة مصححا من غير كسر ، ولكل من كسوره التسعة كل من الكسور التسعة مصححا من غير كسر إلا الثمن لربعه والربع لثمنه والسبع لسبعه والتسع لتسعه قال عليه‌السلام : إن أعلمتك تسلم؟ قال : نعم ، فقال عليه‌السلام : اضرب اسبوعك في شهرك ثم ما حصل لك في أيام سنتك تظفر بمطلوبك ، فضرب اليهودي سبعة في ثلاثين فكان المرتقى « ٢١٠ » فضرب ذلك في ثلاثمائة وستين فكان الحاصل « ٧٥٦٠ » (٤) فوجد بغيته فأسلم.

____________________

(١) في المصدر : بلى يحفظ.

(٢) كتاب سليم بن قيس ١٣٨ و ١٣٩.

(*) من مختصات نسخة ( ك ) فقط ، ولا يوجد في غيرها.

(٣) كذا. والظاهر : قبس الانوار.

(٤) فتسعه ( ٨٤٠٠ ) وثمنه ( ٩٤٥٠ ) وسبعه ( ١٠٨٠٠ ) وسدسه ( ١٢٦٠٠ ) وخمسه ( ١٥١٢٠ ) وربعه ( ١٨٩٠٠ ) وثلثه ( ٢٥٢٠٠ ) ونصفه ( ٣٧٨٠٠ ) وكل هذه تنقسم إلى الكسور التسعة من غير كسر إلا التسع وهو ( ٨٤٠٠ ) إلى التسع ، وإلا السبع وهو ( ١٠٨٠٠ ) إلى السبع : وإ. لا الثمن وهو ( ٩٤٥٠ ) إلى الربع ، وإلا الربع وهو ( ١٨٩٠٠ ) إلى الثمن.

١٨٧

وفي كتب أصحاب الرواية أنه قالت اليهود لما سمعت قوله سبحانه في شأن أصحاب الكهف « ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا (١) » : ما نعرف التسع ، ذكرها رهط من المفسرين كالزجاج وغيره أن جماعة من أحبار اليهود أتت المدينة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالت : ما في القرآن يخالف ما في التوراة ، إذ ليس في التوارة إلا ثلاثمائة سنين ، فأشكل الامر على الصحابة فبهتوا ، فرفع إلى علي بن أبي طالب عليه‌السلام فقال : لا مخالفة ، إذالمعبر عند اليهود السنة الشمسية وعند العرب السنة القمرية ، والتوراة نزلت عن لسان اليهود والقرآن العظيم عن لسان العرب ، والثلاثمائة من السنين الشمسية ثلاثمائة وتسع من السنين القمرية.

وأورده الذي تفلسف في المتأخرين من خفر فارس (٢) وكاديتأله في آخر شرحه لملخص الجغميني في علم الهيئة؟ فقال : قالت اليهود : ما نعرف تسع سنين حين سمعوا « وازدادواتسعا » وقالوا : لا يوافق التوراة ووقع الاشكال على الصحابة فحله على النهج المذكور الامام بالحق أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

ثم قال قدس‌سره : تنبيه : التحقيقق على ما حققناه في علم الهيئة أن السنة القمرية الواسطية ناقصة عن السنة الشمسية الحقيقية بعشرة أيام وإحدى وعشرين ساعة بالتقريب ، إذالتفاوت بين السنتين على التحقيق عشرة أيام وإحدى وعشرين ساعة وخمس ساعة على قول من يقول بأن السنة الشمسية ثلاثمائة وخمسة و ستون يوما ، وربع يوم. وعشرة أيام وإحدى وعشرون ساعة وثلاثة أخماس خمس ساعة على رأي بطلميوس المقرر أن السنة الشمسية ثلاثمائة وخمسة وستون بوما ، وخمس ساعات وخمس وخمسون دقيقه واثنتا عشرة ثانية. وعشرة أيام وإحدى وعشرون ساعة إلا دقيقة وثلاثة أخماس دقيقة من دقائق الساعات على ما ذهب إليه التباني من المتأخرين ، الذاهب إلى أن السنة الشمسية ثلاثمائة وخمسة وستون يوما وخمس ساعات وست وأربعون دقيقة وعشرون ثانية ، وذلك مستبين لمن هو ذو دربة (٣)

____________________

(١) سورة الكهف : ٢٥. * (٢) درب الرجل : كان عاقلا وحاذقا بصناعته.

(٣) هو شمس الدين محمد بن احمد الخفرى الحكيم الفاضل من تلامذة صدر الحكماء المير صدر الدين محمد الدشتكى وله تآليف راجع الكنى والالقاب ج ٢ : ١٩٨.

١٨٨

في الحساب فإذن مابه المفاوتة بين كل مائة شمسية ومائة سنة قمرية ثلاث سنين قمرية على التقريب ، وإنما المفاضلة بين ما بالتحقيق وما بالتقريب بعد جمع الكسور و ضم الكبيسة بما هو بالقرب من عشرين يوما ، فمائة سنة شمسية ليست على التحقيق إلا مائة سنة وثلاث سنين قمرية وقريبا من عشرين يوما ، فإذن الثلاثمائة الشمسيات تزداد على الثلاثمائة القمريات تسعا وقريبا من شهرين ، والشهور ولا سيما اليسيرة منها لا تراعى عندما تحب السنون الكاملات ، فما أورده الفاضل المفسر الاعرج النيسابوري في تفسيره أن ذلك شئ تقريبي مما لارادة له في أثمار التشك أصلا انتهى.

وأقول : قد حققنا ذلك في مقام آخر فلا نعيده هنا ].

٧٣ ـ فر : فرات معنعنا عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى : « وتعيها اذن واعية (١) » قال : هي والله اذن أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما زلت أسأل الله أن يجعلها اذنك يا علي.

وقال أبوجعفر عليه‌السلام : الاذن الواعية علي وهو حجة الله على خلقه ، من أطاعه أطاع الله ، ومن عصاه فقد عصى الله.

وكان بريدة رضي‌الله‌عنه يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام : إن الله أمرني أن ادنيك ولا اقصيك وأن اعلمك وأن تعيه ، وحق على الله أن تعيه ، قال : ونزلت « وتعيها اذن واعية » (٢).

٧٤ ـ يف : روى مسلم في صحيحه في أول كراس من جزء منه في النسخة المنقول فيها في تأويل « غافر الذنب (٣) » أعني « حم تنزيل الكتاب » عن ابن عباس قال : كان أميرالمؤمنين عليه‌السلام يعرف بها الفتن ، قال : وأراه زاد في الحديث : وكل جماعة كانت في الارض أو تكون في الارض ومن كل قرية كانت أو تكون في الارض.

____________________

(١) سورة الحاقة : ١٢.

(٢) تفسير فرات : ١٨٩.

(٣) في المصدر : في تأويل ( غافر ).

١٨٩

وروي أن عليا عليه‌السلام قال على المنبر : سلوني قبل أن تفقدوني ، سلوني عن كتاب الله ، فما من آية إلا وأعلم حيث نزلت ، بحضيض جبل أو سهل أرض ، وسلوني عن الفتن فمامن فتنة إلا وقد علمت كونها (١) ومن يقتل فيها. قال : وقد روى عنه نحو هذا كثير ، ورواه مسلم في صحيحه في الجزء الخامس منه ، وروى أحمد بن حنبل في مسنده عن سعيد قال : لم يكن أحد من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : « سلوني » إلا علي بن أبي طالب صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وروى ابن المغازلي بإسناده عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أتاني جبرئيل عليه‌السلام بدرنوك (٢) من الجنة فجلست عليه ، فلما صرت بين يدي ربي كلمني وناجاني ، فما علمني شيئا إلا وعلمت عليا فهو باب علم مدينتي ، ثم دعاه إليه فقال : يا علي سلمك سلمي وحربك حربي ، وأنت العلم بيني وبين امتي بعدي (٣).

أقول : روى ابن عبدالبر في كتاب الاستيعاب عن جماعة من الرواة والمحدثين قالوا : لم يقل أحد من الصحابة « سلوني » إلا علي بن أبي طالب عليه‌السلام (٤).

وقال ابن أبي الحديد : روى شيخنا أبوجعفر الاسكافي في كتاب نقض العثمانية عن علي بن الجعد عن ابن شبرمة قال : ليس لاحد من الناس أن يقول على المنبر « سلوني » إلا علي بن أبي طالب عليه‌السلام (٥).

٧٥ ـ نهج : والله لو شئت أن اخبر كل رجل منكم بمخرجه ومولجه و جميع شأنه لفعت ، ولكن أخاف أن تكفروا في برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ألا وإني مفضيه إلى الخاصة ممن يؤمن ذلك منه (٦) ، والذي بعثه بالحق ، واصطفاه على الخلق ، ما

____________________

(١) في المصدر : كبشها.

(٢) الدرنوك : نوع من البسط له خمل.

(٣) الطرائف : ١٨ و ١٩.

(٤) الاستيعاب ٣ : ٤٠. وقد نقله ابن أبى الحديد في شرح النهج ٢ : ٢٧٧ و ٣ : ٣٢٠.

(٥) شرح النهج ٢ : ٢٧٧.

(٦) أى انى موصله إلى أهل اليقين ممن لا تخشى عليهم الفتنة.

١٩٠

أنطق إلا صادقا ، ولقد عهد إلي بذلك كله ، وبمهلك من يهلك ومنجا من ينجو ، ومآل هذا الامر ، وما أبقى شيئا يمر على رأسي إلا أفرغه في اذني وأفضى به إلي أيها الناس إني والله لا أحثكم على طاعة إلا وأسبقكم إليها ، ولا أنهاكم عن معصية إلا وأتناهى قبلكم عنه (١).

قال ابن أبي الحديد في قوله : « إني أخاف أن تكفروا في برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله » أي أخاف عليكم الغلو في أمري وأن تفضلوني على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. ثم قال : وقد ذكرنا فيما تقدم من إخباره عليه‌السلام عن الغيوب طرفا صالحا ، ومن عجيب ما وقفت عليه من ذلك قوله في الخطبة التي يذكر فيهاالملاحم وهو يشير إلى القرامطة « ينتحلون لنا الحب والهوى ، ويضمرون لنا البغض والقلى (٢) ، وآية ذلك قتلهم وراثنا وهجرهم أحداثنا » وصح ما أخبره عليه‌السلام ، لان القرامطة قتلت من آل أبي طالب عليه‌السلام خلقا كثيرة ، وأسماؤهم مذكورة في كتاب مقاتل الطالبيين لابي الفرج الاصفهاني ، ومر أبوطاهر سليمان بن الحسن الجنابي في جيشه بالغري وبالحائر فلم يعرج على واحد منهما ولا دخل ولا وقف ، وفي هذه الخطبة قال وهو يشير إلى السارية (٣) التي كان يستند إليها في مسجد الكوفة « كأني بالحجر الاسود منصوبا ههنا ، ويحهم إن فضيلته ليست في نفسه بل في موضعه واسه ، يمكث ههنا برهة ثم ههنا برهة وأشار إلى البحرين ثم يعود إلى مأواه وام مثواه » ووقع الامر في الحجر الاسود بموجب ما أخبر به عليه‌السلام.

وقد وقفت له على خطب مختلفة فيها ذكر الملاحم ، فوجدتها تشتمل على ما يجوز أن ينسب إليه وما لا يجوز أن ينسب إليه ، ووجدت في كثير منها اختلالا ظاهرا ، وهذه المواضع التي أنقلها ليست من تلك الخطب المضطربة ، بل من كلام له وجدته متفرقا في كتب مختلفة.

____________________

(١) نهج البلاغة ( عبده ط مصر ) ١ : ٣٤٥ و ٣٤٦.

(٢) القلى : البغض.

(٣) السارية : الاسطوانة.

١٩١

ومن ذلك أن تميم بن اسامة بن زهير بن دريد التميمي اعترضه وهو يخطب على المنبر ويقول : « سلوني قبل أن تفقدوني فو الله لا تسألوني عن فئة تضل مائة أو تهدي مائة إلا نبأتكم بناعقها وسائقها ، ولو شئت لاخبرت كل واحد منكم بمخرجه ومدخله وجميع شأنه » فقال له : فكم في رأسي طاقة شعر؟ فقال له : أما والله إني لاعلم ذلك ولكن أين برهانه لو أخبرتك به؟ ولقد اخبرت بقيامك ومقالك وقيل لي : إن على كل شعرة من شعر رأسك ملكا يلعنك وشيطانا يستنصرك (١)! وآية ذلك أن في بيتك سخلا (٢) يقتل ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أو يحض (٣) على قتله فكان الامر بموجب ما أخبر به عليه‌السلام ، كان ابنه حصين بالصاد المهملة يومئذ طفلا صغيرا يرضع اللبن ، ثم عاش إلى أن صار على شرطة عبيدالله بن زياد ، وأخرجه عبيد الله إلى عمر بن سعد يأمره بمناجزة الحسين عليه‌السلام ، ويتوعده على لسانه إن أرجى ذلك ، فقتل [ حسين عليه‌السلام ] صبيحة اليوم الذي ورد فيه الحصين بالرسالة في ليلته.

ومن ذلك قوله عليه‌السلام للبراء بن عازب يوما يا براء أيقتل الحسين عليه‌السلام وأنت حي فلا تنصره؟ فقال البراء : لاكان ذلك يا أميرالمؤمنين ، فلما قتل الحسين عليه‌السلام كان البراء يذكر ذلك ويقول : أعظم بها حسرة إذا لم أشهده واقتل دونه. وسنذكر من هذا النمط فيما بعد إذا مررنا بما يقتضي ذكره ما يحضرنا إن شاء الله (٤).

٧٦ ـ أقول : روى في جامع الاصول من المؤطأ عن ثور بن زيد الدئلي أن عمر استشار في حد الخمر فقال له علي عليه‌السلام : أرى أن تجلده ثمانين جلدة ، فإنه إذا شرب سكر ، وإذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ، فجلد عمر في حد الخمر ثمانين (٥).

____________________

(١) في المصدر : يستفزك.

(٢) السخل من القوم : رذيلهم.

(٣) في المصدر : ويحض.

(٤) شرح النهج ٢ : ٧٧٢ و ٧٧٤.

(٥) تيسير الوصول ٢ : ١٦. وفيه : ثمانين جلدة في حد الخمر.

١٩٢

وروى عن صحيح الترمذي عن أنس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : أقضاهم علي. (١)

٧٧ ـ نهج : والله ما معاوية بأدهى مني ولكنه يغدر ويفجر ، ولو لا كراهية الغدر لكنت أدهى الناس ، (٢) ولكن كل غدرة فجرة ، وكل (٣) فجرة كفرة ولكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة ، والله ما استغفل بالمكيدة ، ولا استغمز بالشديدة. (٤)

بيان : الغمز : العصر باليد والكبس أي لا الين بالخطب الشديد بل أصبر عليه ، ويروى بالراء المهملة أي لا أستجهل بشدائد المكاره.

٧٨ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن محمد بن القسام بن زكريا ، عن عباد ابن يعقوب ، عن مطر بن أرقم ، عن الحسن بن عمرو الفقيمي ، عن صفوان بن قبيصة عن الحارث بن سويد ، عن عبدالله بن مسعود قال : قرأت على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله سبعين سورة من القرآن أخذتها من فيه وزيد ذو ذؤابتين يلعب مع الغلمان! وقرأت سائر أو قال : بقية القرآن على خير هذه الامة وأقضاها بعد نبيهم علي بن أبي طالب صلوات الله عليه (٥).

٧٩ ـ نهج : من كلامه عليه‌السلام لعمر بن الخطاب وقد استشاره في غزوة الفرس بنفسه : إن هذا الامر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا بقلة ، وهو دين الله الذي أظهره ، وجنده الذي أعده وأمده ، حتى بلغ وطلع حيث طلع (٦) ونحن على موعود من الله ، والله منجز وعده وناصر جنده ، ومكان القيم بالامر مكان النظام من

____________________

(١) لم نجده في التيسير.

(٢) في المصدر : من أدهى الناس.

(٣) في المصدر : ولكل.

(٤) نهج البلاغة ( عبده ط مصر ) ١ : ٤٤١.

(٥) امالى ابن الشيخ : ٣٢.

(٦) في المصدر : حتى بلغ ما بلغ وطلع حيث طلع.

١٩٣

الخرز (١) يجمعه ويضمه ، فإن انقطع النظام تفرق (٢) وذهب ثم لم يجتمع بحذافيره أبدا ، والعرب اليوم وإن كانوا قليلا فهم كثيرون بالاسلام عزيزون بالاجتماع فكن قطبا واستدر الرحى بالعرب ، وأصلهم دونك نار الحرب ، فإنك إن شخصت من هذه الارض انتقضت عليك العرب من أطرافها وأقطارها ، حتى يكون ما تدع وراءك من العورات أهم إليك مما بين يديك ، إن الاعاجم إن ينظروا إليك غدا يقولوا : هذا أصل العرب فإذا اقتطتموه (٣) استرحتم ، فيكون ذلك أشد لكلبهم (٤) عليك وطمعهم فيك ، فأما ما ذكرت من مسير القوم إلى قتال المسلمين فإن الله سبحانه هو أكره لمسيرهم منك ، وهو أقدر على تغيير ما يكره ، وأما ما ذكرت من عددهم فإنا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة وإنما كنا نقاتل بالنصر والمعونة. (٥) ٨٠ نبه : (٦) روي عن ابن عباس أنه حضر مجلس (٧) عمر بن الخطاب يوما وعنده كعب الحبر إذ قال (٨) : يا كعب أحافظ أنت للتوراة؟ قال كعب : إني لاحفظ منها كثيرا ، فقال رجلا من جنبة المجلس : يا أميرالمؤمنين سله أين كان الله جل ثناؤه قبل أن يخلق عرشه؟ ومم خلق الماء الذي جعل عليه عرشه؟ فقال عمر : يا كعب هل عندك من هذا علم؟ فقال كعب : نعم يا أميرالمؤمنين ، نجد في الاصل الحكيم أن الله تبارك وتعالى كان قديما قبل خلق العرش ، وكان على صخرة بيت المقدس في الهواء ، فلما أراد أن يخلق عرشه تفل تفلة كانت منها البحار الغامرة و

____________________

(١) النظام : الخيط الذى ينظم فيه اللؤلؤ ونحوه. والخرز بفتح الاول والثانى : ما ينظم في السك من الجذع والودع.

(٢) في المصدر : فاذا انقطع النظام تفرق الخرز وذهب.

(٣) في المصدر : قطعتموه.

(٤) كلب على الامر : حرص عليه. (٥) نهج البلاغة ( عبده ط مصر ) ١ : ٢٨٣.

(٦) في ( ك ) : ( قب ) وهو سهو.

(٧) في المصدر : في مجلس.

(٨) في المصدر : وعنده كعب الاحبار اذ قال عمر اه.

١٩٤

اللجج الدائرة ، فهناك خلق عرشه من بعض الصخرة التي كانت تحته ، وآخر ما بقي منها لمسجد قدسه ، قال ابن عباس : وكان علي بن أبي طالب عليه‌السلام حاضرا ، فعظم على ربه وقام على قدميه ونفض ثيابه ، فأقسم عليه عمر لما عاد إلى مجلسه ففعله قال عمر : غص عليها يا غواص ، ما تقول يا أبا الحسن فما علمتك إلا مفرجا للغم؟ فالتفت علي عليه‌السلام إلى كعب فقال : غلط أصحابك ، وحرفوا كتب الله ، وفتحوا الفرية عليه ، يا كعب ويحك إن الصخرة التي زعمت لا تحوي جلاله ولا تسع عظمته والهواء الذي ذكرت لا يجوز أقطاره ، ولو كانت الصخرة والهواء قديمين معه لكانت لهما قدمته ، وعز الله وجل أن يقاتل له مكان يومى إليه ، والله ليس كما يقول الملحدون ولا كما يظن الجاهلون ، ولكن كان ولا مكان بحيث لا تبلغه الاذهان ، وقولي « كان » عجز عن كونه (١) وهو مما علم من البيان ، يقول الله عزوجل « خلق الانسان علمه البيان (٢) » فقولي له « كان » ما علمني البيان لانطق بحججه و عظمته (٣) وكان ولم يزل ربنا مقتدرا على ما يشاء ، محيطا بكل الاشياء ، ثم كون ما أراد بلا فكرة حادثة له أصاب ، ولا شبهة دخلت عليه فيما أراد ، وأنه عزوجل خلق نورا ابتدعه من غير شئ ، ثم خلق منه ظلمة ، وكان قديرا أن يخلق الظلمة لامن شئ كما خلق النور من غير شئ ، ثم خلق من الظلمة نورا ، وخلق من النور ياقوتة غلظها كغلظ سبع سماوات وسبع أرضين ، ثم زجر الياقوتة فماعت (٤) لهيبته فصارت ماء مرتعدا ، ولا يزال مرتعدا إلى يوم القيامة ، ثم خلق عرشه من نوره ، و جعله على الماء ، وللعرش عشرة آلاف لسان ، يسبح الله كل لسان منها بعشرة آلاف

____________________

(١) في المصدر : وقولى ( كان ) محدث كونه. وفي ( م ) و ( د ) : وقولى ( كان ) مخبر كونه.

(٢) سورة الرحمن : ٣ و ٤.

(٣) في المصدر : لا نطق بعظمة الحجة المنان ، ولم يزل اه.

(٤) أى ذابت.

١٩٥

لغة ، ليس فيها لغة تشبه الاخرى ، وكان العرش على الماء من دونه حجب الضباب (١) وذلك قوله : « وكان عرشه على الماء ليبلوكم (٢) » يا كعب ويحك إن من كانت البحار تفلته على قولك كان أعظم من أن تحويه صخرة بيت المقدس أو تحويه الهواء الذي أشرت إليه أنه حل فيه ، فضحك عمر بن الخطاب وقال : هذا هو الامر ، و هكذا يكون العلم لا كعلمك يا كعب ، لا عشت إلى زمان لا أرى فيه أبا حسن. (٣) ٨١ قب : من فرط حكمته عليه‌السلام كتب معاوية إلى أبي أيوب الانصاري : أما بعد فحاجيتك بما لا تنسى شيباء ، فقال أميرالمؤمنين عليه‌السلام : أخبره أنه من قتلة عثمان ، وأن من قتل عنده بمنزلة الشيباء (٤) ، فإن الشيباء لا تنشى قاتل بكرها ولا أبا عذرها أبدا. (٥)

بيان : لعل معاوية لعنه الله كتب ذلك إلى أبي أيوب على سبيل الالغاز للامتحان فبينه عليه‌السلام ، قوله : « فحاجيتك » أي فحاججتك وخاصمتك من قبيل « أمليت و أمللت » أو هو من الاحجية ، قال الجوهري ، حاجيته فحجوته : إذا داعيته فغلبته والاسم : الحجيا والاحجية وهي لعبة واغلوطة يتعاطى الناس بينهم ، (٦) انتهى.

فعلى الاول المعنى خاصمتك بقتل عثمان ، وعبر عن قتله بما سنذكره ، وعلى الثاني المعنى القي إليك احجية وأمتحنك بها. وقال الجوهري : باتت فلانة بليلة شيباء بالاضافة إذا افتضت ، وباتت بليلة حرة إذا لم تفتض. (٧) وقال الميداني في كتاب مجمع الامثال : العرب تسمي الليلة التي تفترع

____________________

(١) جمع الضبابة : سحابة تغشى الارض ، يقال لها بالفارسية ( مه ).

(٢) سورة هود : ٧.

(٣) تنبيه الخواطر ٢ : ٥ و ٦.

(٤) في المصدر : مثل الشيباء.

(٥) مناقب آل أبى طالب ١ : ٢٧٥.

(٦) الصحاح : ٢٣٠٩ وفيه : يتعاطاها الناس. (٧) الصحاح : ١٦٠.

١٩٦

فيها المرأة ليلة شيباء ، وتسمي الليلة التي لا يقدر الزوج فيها على افتضاضها ليلة حرة ، فيقال : باتت فلانة بليلة حرة إذا لم يغلبها الزوج ، وباتت بليلة شيباء إذا غلبها فافتضها ، يضربان للغالب والمغلوب (١). وقال في موضع آخر : في المثل : لا تنسى المرأة أبا عذرها وقاتل بكرها أي أول ولدها ، يضرب في المحافظة على الحقوق انتهى. (٢)

وقال الجوهري : يقال : فلان أبوعذرها إذا كان هو الذي افترعها وافتضها (٣) فأشار معاوية إلى كونه من قتلة عثمان إشارة بعيدة ، حيث ذكر الشيباء وعدم نسيانها المأخوذ في المثل المعروف ، وما يشير إليه الكلام إشارة قريبة هو عدم نسيان من أزال بكارتها ، ولما كان في المثل المعروف يذكر قاتل بكرها مع أبي عذرها أشار بذلك إليه إشارة بعيدة ، فأما كلامه عليه‌السلام فقوله : « أخبره » على صيغة الماضي أي أخبر معاوية أبا أيوب في هذا الكلام بأنه من قتلة عثمان ، وأن من قتل عثمان عند معاوية بمنزلة الشيباء أي يزعم معاوية أن من قتل عثمان ينبغي أن لاينسى قتله أبدا و ينتظر الانتقام كما لاتنسى الشيباء قاتل بكرها ، وفي بعض النسخ « غيره » مكان « عنده » وهو أظهر ، ويحتمل أن يكون في كلامه عليه‌السلام تقدير مضاف ، أي من قتل عثمان عند معاوية بمنزلة قاتل بكر الشيباء ، فيكون معاوية شبه نفسه بالشيباء وبين أنه لا ينسى قتل عثمان أبدا كما لا تنسى الشيباء قاتل بكرها ، فتدبر فإننه من غوامض الاخبار.

٨٢ ـ خص : سعد ، (٤) عن ابن عيسى ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن ابن راشد قال : سمعت أبا إبراهيم عليه‌السلام يقول : إن الله عزوجل أوحى إلى محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قد فنيت أيامك ، وذهبت دنياك ، واحتجت إلى لقاء ربك ، فرفع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

____________________

(١) مجمع الامثال ١ : ١٠٧.

(٢) لم نظفر بموضعه.

(٣) الصحاح : ٧٣٨.

(٤) في المصدر : أحمد بن محمد عن ابن عيسى.

١٩٧

يده إلى السماء باسطا وهو يقول : عدتك التي وعدتني إنك لا تخلف الميعاد ، فأوحى الله عزوجل إليه أن ائت احدا أنت ومن تثق به (١) ، فأعاد الدعاء فأوحى الله جل وعز إليه : امض أنت وابن عمك حتى تأتي احدا وتصعد (٢) على ظهره ، واجعل القبلة في ظهرك ، ثم ادع وحش الجبل تجبك ، فإذا أجابتك تعمد (٣) إلى جفرة منهن انثى وهي التي تدعى الجفرة حين ناهد (٤) قرناها الطلوع تشخب أودجها دما ، وهي التي لك ، فمر ابن عمك فليقم إليها فليذبحها وليسلخها من قبل الرقبة يقلب (٥) داخلها ، فإنه سيجدها مدبوغة ، وسانزل عليك الروح الامين وجبرئيل و معه دواة وقلم ومداد ، ليس هو من مداد الارض ، يبقى المداد ويبقى الجلد ، لا تأكله الارض ولا تبليه التراب ، لا يزداد كلما نشر إلا جدة ، غير أنه محفوظ مستور يأتيك علم وحي بعلم ما كان وما يكون إليك ، وتمليه على ابن عمك وليكتب وليستمد من تلك الدواة.

فمضى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى انتهى إلى الجبل ، ففعل ما أمره الله به وصادف ما وصفه له ربه ، فلما ابتدأ علي عليه‌السلام في سلخ الجفرة نزل جبرئيل والروح الامين وعدة من الملائكة لا يحصي عددهم إلا الله ، ومن حضر ذلك المجلس بين يديه ، و جاءته الدواة والمداد خض كهيئة البقل وأشد خضرة وأنور (٦) ثم نزل الوحي على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وكتب علي عليه‌السلام يصف (٧) كل زمان وما فيه ، ويخبره بالظهر والبطن وأخبره بما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة ، وفسرله أشياء لا يعلم تأويلها إلا الله

____________________

(١) أى مع من تثق به.

(٢) في المصدر : ثم تصعد.

(٣) صيغة أمر من ( تعمد ) أى قصد.

(٤) أى أشرف.

(٥) في المصدر : ويقلب.

(٦) من النور بفتح النون : الزهر.

(٧) في المصدر وفي هامش ( د ) : إلا انه يصف.

١٩٨

والراسخون في العلم ، ثم أخبره بكل عدو يكون لهم في كل زمان من الازمنة حتى فهم ذلك كله وكتبه ، ثم أخبره بأمر ما يحدث عليه وعليهم من بعده ، فسأله عنها فقال : الصبر الصبر ، وأوصى إلينا بالصبر (١) والتسليم حتى يخرج الفرج وأخبره بأشراطه وأوانه وأشراط تولده وعلامات تكون في ملك بني هاشم ، فمن هذا الكتاب استخرجت أحاديث الملاحم كلها ، وصار الولي إذا قضي (٢) إليه الامر تكلم بالعجب. (٣)

بيان : الجفر من أولاد الشاة ما عظم واستكرش (٤) أو بلغ أربعة أشهر قوله : « وهي التي » هو تفسير للجفرة أي الانثى من الضأن تسمى جفرة في أوان طلوع قرنه ، وهذا معترض. وقوله : « تشخب » راجع إلى ما قبله.

أقول : وجدت في مزار كبير من مؤلفات السيد فخار أو بعض من عاصره من الافاضل الكبار : قال : حدثني أبوالمكارم حمزة بن علي بن زهرة العلوي ، عن أبيه ، عن جده ، عن الشيخ محمد بن بابويه ، عن الحسن بن علي البيهقي ، عن محمد ابن يحيى الصولي ، عن عون بن محمد الكندي ، عن علي بن ميثم ، عن ميثم رضي الله عنه قال : أصحربي مولاي أميرالمؤمنين عليه‌السلام ليلة من الليالي قد خرج من الكوفة وانتهى إلى مسجد جعفي ، توجه إلى القبلة وصلى أربع ركعات ، فلما سلم وسبح بسط كفيه وقال : « إلهي كيف أدعوك وقد عصيتك » إلى آخر الدعاء ، ثم قام و خرج ، فاتبعته حتى خرج إلى الصحراء ، وخط لي خطة وقال : إياك أن تجاوز هذه الخطة ، ومضى عني وكانت ليلة مدلهمة ، فقلت : يا نفسي أسلمت مولاك وله أعداء كثيرة ، أي عذر يكون لك عندالله وعند رسوله؟ والله لاقفون أثره ولاعلمن خبره وإن كنت قد خالفت أمره ، وجعلت أتبع أثره فوجدته عليه‌السلام مطلعا في البئر إلى نصفه يخاطب البئر والبئر تخاطبه ، فحس بي والتفت عليه‌السلام وقال : من؟ قلت

____________________

(١) في المصدر : وأوصى الينا بالصبر وأوصى أشياعهم بالصبراه.

(٢) في المصدر : إذا افصى.

(٣) مختصر البصائر : ٥٧ و ٥٨.

(٤) أى عظم بطنه وأخذ في الاكل.

١٩٩

ميثم ، قال : يا ميثم ألم آمرك أن لاتجاوز (١) الخطة؟ قلت : يا مولاي خشيت عليك من الاعداء فلم يصبر لذلك قلبي ، فقال : أسمعت مما قلت شيئا؟ قلت : لا يا مولاي فقال : يا ميثم.

وفي الصدرلبانات (٢)

إذا ضاق لها صدري

نكت الارض بالكف

وأبديت لها سري

فمهما تنبت الارض

فذاك النبت من بذري

أقول : تمامه في كتاب المزار.

وأقول : أخبار علمه صلوات الله عليه مسطورة في الابواب السابقة واللاحقة لا سيما باب إخباره عليه‌السلام بالمغيبات ، وقد أوردت كثيرا منها في باب وصية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وباب أن جميع العلوم في القرآن ، وأبواب علوم الائمة عليهم‌السلام.

٩٤

( باب )

* ( أنه عليه‌السلام باب مدينة العلم والحكمة ) *

١ ـ ما : أبومنصور السكري ، عن جده علي بن عمر ، عن إسحاق بن مروان عن أبيه ، عن حماد بن كثير ، عن أبي خالد ، عن ابن طريف ، عن ابن نباتة ، عن علي عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا مدينة الجنة (٣) وأنت بابها يا علي كذب من زعم أنه يدخلها من غير بابها. (٤)

٢ ـ لى : محمد بن أحمد بن إبراهيم الليثي ، عن أحمد الهمداني ، عن يعقوب

____________________

(١) في ( م ) و ( د ) : أن لا تتجاوز.

(٢) جمع اللبانة : الحاجة من غير فاقة بل من همة.

(٣) مدينة الحكمة خ ل.

(٤) أمالى الطوسى : ١٩٤.

٢٠٠