بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٢٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

المتقدمين (١) ، وإن كان يغلب على الظن وقوعه ، والله يعلم وحججه عليهم‌السلام.

١ ـ ن : بالاسانيد الثلاثة عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : سئل علي بن الحسين عليه‌السلام لم اوتم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من أبويه؟ قال : لئلا يجب عليه حق لمخلوق (٢).

٢ ـ مع ، ع : حمزة العلوي ، عن أحمد الهمداني ، عن علي بن الحسين بن فضال ، عن أخيه أحمد ، عن محمد بن عبدالله بن مروان ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الله عزوجل أيتم نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله لئلا يكون لاحد عليه طاعة (٣).

٣ ـ ع : علي بن حاتم القزويني فيما كتب إلي عن القاسم بن محمد ، عن حمدان بن الحسين بن الوليد ، عن عبدالله بن حماد ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قلت له : لاي علة لم يبق لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولد؟ قال : لان الله عزوجل خلق محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله نبيا وعليا عليه‌السلام وصيا ، فلو كان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولد من بعده كان (٤) أولى برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من أمير المؤمنين عليه‌السلام فكانت لا تثبت (٥) وصية أمير المؤمنين عليه‌السلام (٦).

٤ ـ مع ، ع : القطان ، عن ابن زكريا القطان ، عن ابن حبيب ، عن ابن بهلول ، عن أبيه ، عن أبي الحسن العبدي ، عن سليمان بن مهران ، عن عباية بن ربعي ، عن ابن عباس قال : سئل عن قول الله : « ألم يجدك يتيما فآوى » قال : إنما سمي يتيما لانه لم يكن له نظير على وجه الارض من الاولين والآخرين ، فقال عزوجل (٧) ممتنا عليه

____________________

(١) لعل المتقدمين من علمائنا أعرضوا عن ذكره لغرابته وشذوذه ، وعدم وروده في حديث صحيح عن طريق المعصومين.

(٢) عيون أخبار الرضا : ٢١٠.

(٣) معانى الاخبار : ٢٠ ، علل الشرائع : ٥٥.

(٤) لكان خ ل.

(٥) فيه غموض ، لان الوصاية والخلافة عند الامامية تثبت بنص النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله ، عن الله ، فهى موهبة الهية ولا يشترط فيها فقدان الولد أو وجوده.

(٦) علل الشرائع : ٥٥.

(٧) في المصدر : فقال الله.

١٤١

نعمه : « ألم يجدك يتيما » أي وحيدا لا نظير لك؟ « فأوى » إليك الناس ، وعرفهم فضلك حتى عرفوك « ووجدك ضالا » يقول : منسوبا عند قومك إلى الضلالة فهداهم بمعرفتك « ووجدك عائلا » يقول : فقيرا عند قومك يقولون : لا مال لك ، فأغناك الله بمال خديجة ، ثم زادك من فضله ، فجعل دعاءك مستجابا حتى لو دعوت على حجر أن يجعله الله لك ذهبا لنقل عينه إلى مرادك ، وأتاك بالطعام حيث لا طعام ، وأتاك بالمآء حيث لا ماء ، و أعانك (١) بالملائكة حيث لا مغيث فأظفرك بهم على أعدائك (٢).

٥ ـ ن : في خبر ابن الجهم (٣) ، عن الرضا عليه‌السلام قال الله عزوجل لنبيه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله :

« ألم يجدك يتيما فآوى » يقول : ألم يجدك وحيدا فآوى إليك الناس؟ « ووجدك ضالا » يعني عند قومك « فهدى » أي هداهم إلى معرفتك « ووجدك عائلا فأغنى » يقول : أغناك بأن جعل دعاءك مستجابا (٤).

٦ ـ فس : علي بن الحسين ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن خالد بن يزيد ، عن أبي الهيثم. عن زرارة ، عن الامامين عليهما‌السلام في قول الله تعالى : « ألم يجدك يتيما فآوى » أي فآوى إليك الناس « ووجدك ضالا فهدى » أي هدى إليك قوما لا يعرفونك حتى عرفوك « ووجدك عائلا فأغنى » أي وجدك تعول أقواما فأغناهم بعلمك.

قال علي بن إبراهيم : ثم قال (٥) : « ألم يجدك يتيما فآوى » قال : اليتيم الذي لا مثل له ، ولذلك سميت الدرة : اليتيمة ، لانه لا مثل لها « ووجدك عائلا فأغنى » بالوحي ، فلا تسأل عن شئ أحدا « ووجدك ضالا فهدى » قال : وجدك ضالا في قوم لا يعرفون فضل نبوتك فهداهم الله بك (٦).

____________________

(١) في المصدر : أغاثك.

(٢) معانى الاخبار : ٢٠ ، علل الشرائع : ٥٤ و ٥٥.

(٣) والخبر طويل قطعه المصنف ، ولم يذكر إسناده ، وذكره الصدوق بهذا الاسناد : تميم ابن عبدالله بن تميم القرشى رضي‌الله‌عنه قال : حدثني أبى ، عن حمدان بن سليمان النيسابورى ، عن على بن محمد بن الجهم.

(٤) عيون أخبار الرضا : ١١١.

(٥) في قوله خ ل.

(٦) تفسير القمى : ٧٢٩ والمراد بالامامين في صدر الحديث الباقر والصادق عليهما‌السلام.

١٤٢

٧ ـ صح : عن الرضا ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : سئل محمد بن علي بن الحسين عليه‌السلام اوتم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من أبويه؟ قال : لئلا يوجد عليه حق لمخلوق (١).

٨ ـ كنز : محمد بن العباس ، عن أبي داود ، عن بكار (٢) ، عن عبدالرحمن ، عن إسماعيل ابن عبدالله (٣) ، عن علي بن عبيد الله (٤) بن العباس قال : عرض على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما هو مفتوح على امته من بعده كفرا كفرا ، فسر بذلك ، فأنزل الله تعالى : « وللآخرة خير لك من الاولى * ولسوف يعطيك ربك فترضى » قال : فأعطاه الله ألف قصر في الجنة ، ترابه المسك ، في كل قصر ما ينبغي له من الازواج والخدم (٥).

بيان : قال الجزري ، أهل الشام يسمون القرية كفرا ، ومنه الحديث عرض على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما هو مفتوح على امته بعده كفرا كفرا ، فسر ذلك. أي قرية قرية.

٩ ـ كنز : محمد بن العباس ، عن محمد بن أحمد بن الحكم ، عن محمد بن يونس ، عن حماد بن عيسى ، عن الصادق ، عن أبيه (ع) عن جابر بن عبدالله قال : دخل رسول الله (ص) على فاطمة عليها‌السلام وهي تطحن بالرحى وعليها كسآء من أجلة الابل ، فلما نظر إليا بكى وقال لها : يا فاطمة تعجلي مرارة الدنيا لنعيم الآخرة غدا ، فأنزل الله عليه : وللآخرة خير لك من الاولى * ولسوف يعطيك ربك فترضى (٦).

١٠ ـ كنز : محمد بن العباس ، عن أحمد بن محمد النوفلي ، عن أحمد بن محمد الكاتب ، عن عيسى بن مهران بإسناده إلى زيد بن علي عليه‌السلام في قول الله تعالى : « ولسوف يعطيك ربك فترضى « قال : إن رضا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إدخال الله أهل بيته وشيعتهم الجنة (٧).

____________________

(١) صحيفة الرضا : ٣٨.

(٢) عن ابن بكار خ ل. اقول : وفى المصدر : عن بكار بن عبدالرحمن.

(٣) في المصدر : عبيد الله.

(٤) في المصدر : عبدالله ، وهو الصحيح.

(٥) كنز جامع الفوائد : ٣٩١ و ٣٩٢ والكنز هذا مختصر من كتاب تأويل الايات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة.

(٦) كنز جامع الفوائد : ٣٩٢.

(٧) كنز جامع الفوائد : ٣٩٢ ، وفي ذيله وكيف لا وانما خلقت الجنة لهم ، والنار لاعدائهم

١٤٣

(باب ٨)

*(أوصافه صلى‌الله‌عليه‌وآله في خلقته وشمائله وخاتم النبوة)*

١ ـ ك ، لى : الطالقاني ، عن الجلودي ، عن محمد بن عطية ، عن عبدالله بن عمرو ، عن هشام بن جعفر ، عن حماد ، عن عبدالله بن سليمان وكان قاريا للكتب قال : قرأت في الانجيل يا عيسى جد في أمري ، ولا تهزل ، واسمع وأطع يابن الطاهرة الطهر البكر البتول ، أنت من غير فحل أنا خلقتك آية للعالمين ، فإياي فاعبد ، وعلي فتوكل ، خذ الكتاب بقوة ، فسر لاهل سوريا السريانية (١) ، بلغ من بين يديك أني أنا الله الدائم الذي لا أزول ، صدقوا النبي الامي ، صاحب الجمل والمدرعة والتاج ، وهي العمامة ، والنعلين والهراوة وهي القضيب ، الانجل العينين ، الصلت الجبين ، الواضح الخدين ، الاقنى (٢) الانف ، مفلج الثنايا ، كأن عنقه إبريق فضة ، كأن الذهب يجري في تراقيه ، له شعرات من صدره إلى سرته ، ليس على بطنه ولا على صدره شعر ، أسمر اللون ، دقيق المسربة (٣) ، شثن الكف والقدم (٤) ، إذا التفت التفت جميعا ، وإذا مشى كأنما يتقلع

____________________

أقول : محمد بن العباس في صدر السند هو أبوعبدالله محمد بن العباس بن على بن مروان بن الماهيار البزاز المعروف بابن الحجام ، صاحب كتاب ما نزل من القرآن في أهل البيت ، وكان ثقة جليلا من أصحابنا ، قد ظفر السيد شرف الدين الشولستانى المترجم في المقدمة : ١٤٩ على قطعة من كتابه هذا واخرجه في كتابه تأويل الايات الظاهرة.

(١) بالسريانية خ ل.

(٢) أقنى أنفه : ارتفع وسط قصبته وضاق منخراه فهو أقنى.

(٣) في النهاية : في صفته عليه‌السلام أنه كان ذا مسربة ، وفي حديث آخر : كان دقيق المسربة. المسربة بضم الراء : ما دق من شعر الصدر سائلا إلى الجوف.

(٤) في النهاية : شثن الكفين والقدمين أى أنهما يميلان إلى الغلظ والقصر ، وقيل هو الذي في أنامله غلظ بلا قصر في الرجال لانه أشد لقبضهم ، ويذم في النساء.

١٤٤

من الصخرة (١) ، وينحدر من صبب ، وإذا جاء مع القوم بذهم ، عرقه في وجهه كاللؤلؤ (٢) ، وريح المسك ينفح منه ، لم ير قبله مثله ولا بعده ، طيب الريح ، نكاح النسآء ، ذو النسل القليل ، إنما نسله من مباركة لها بيت في الجنة لا صخب فيه ولا نصب (٣) يكفلها في آخر الزمان كما كفل زكريا امك ، لها فرخان مستشهدان ، كلامه القرآن ودينه الاسلام ، وأنا السلام ، طوبى لمن أدرك زمانه ، وشهد أيامه وسمع كلامه ، قال عيسى : يا رب وما طوبى؟ قال : شجرة في الجنة أنا غرستها (٤) ، تظل الجنان ، أصلها من رضوان ، ماؤها من تسنيم ، برده برد الكافور ، وطعمه طعم الزنجبيل ، من يشرب من تلك العين شربة لا يظمأ بعدها أبدا ، فقال عيسى عليه‌السلام : اللهم اسقني منها ، قال : حرام يا عيسى على البشر أن يشربوا منها حتى يشرب ذلك النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وحرام على الامم أن يشربوا منها حتى يشرب امة ذلك النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أرفعك إلي ثم اهبطك في آخر الزمان لترى من امة ذلك النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله العجائب ، ولتعينهم على اللعين الدجال ، اهبطك في وقت الصلاة لتصلي معهم إنهم امة مرحومة (٥).

بيان : لا يبعد أن يكون سوريا في تلك اللغة اسم سورى ، قال في القاموس : السورى كطوبى موضع بالعراق ، وهو من بلد السريانيين. وقال : المدرعة كمكنسة : ثوب كالدراعة ، ولا تكون إلا من صوف ، وقال : النجل بالتحريك : سعة العين فهو أنجل. قوله : صلت الجبين ، قال الجزري : أي واسعة ، وقال الفيروزآبادي : رجل مفجل الثناي منفرجها ، قوله : كأن الذهب يجري في تراقيه ، لعله كناية عن حمرة ترقوته صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو سطوع النور منها. قوله : بذهم ، قال الجزري : فيه بذ العالمين ، أي سبقهم وغلبه

____________________

(١) أراد قوة مشيه ، كأنه يرفع رجليه من الارض رفعا قويا لا كمن يمشى اختيالا ويقارب خطاه فان ذلك من مشى النساء.

(٢) في كمال الدين : كاللؤلؤ الرطب.

(٣) الصخب : الضجة واضطراب الاصوات للخصام. والنصب : التعب. الداء.

(٤) زاد في كمال الدين : بيدى.

(٥) كما الدين : ٩٥ و ٩٦ ، الامالي : ١٦٣ و ١٦٤.

١٤٥

أقول : فالمعنى أنه كان يغلبهم في الحسن والبهاء ، ويمتاز بينهم ، أو يسبقهم في المشي ، و والاول أظهر ، إذ سيأتي ما يخالف الثاني ، والصخب بالتحريك : الصياح والجلبة.

٢ ـ فس : الحسين بن عبدالله السكيني ، عن أبي سعيد البجلي ، عن عبدالملك ابن هارون ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام أن ملك الروم عرض على الحسين بن علي عليه‌السلام صور الانبيآء فعرض عليه صنما يلوح (١) ، فلما نظر إليه بكى بكاء شديدا ، فقال له الملك ما يبكيك؟ فقال : هذه صفة جدي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله : كث اللحية ، عريض الصدر ، طويل العنق ، عريض الجبهة ، أقنى الانف ، أفلج الاسنان (٢) ، حسن الوجه ، قطط الشعر ، طيب الريح ، حسن الكلام ، فصيح اللسان ، كان يأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، بلغ عمره ثلاثا وستين سنة ، ولم يخلف بعده إلا خاتم مكتوب عليه : « لا إله إلا الله محمد رسول الله » وكان يتختم في يمينه ، وخلف سيفه ذا الفقار ، وقضيبه وجبة صوف ، وكساء صوف كان يتسرول به لم يقطعه ولم يخيطه حتى لحق بالله ، فقال الملك : إنا نجد في الانجيل إنه يكون له ما يتصدق على سبطيه (٣) ، فهل كان ذلك؟ فقال له الحسن عليه‌السلام : قد كان ذلك ، فقال الملك : فبقي لكم ذلك؟ فقال : لا ، قال الملك : أول فتنة هذه الامة عليها ، ثم على ملك نبيكم واختيارهم على ذرية نبيهم (٤) ، منكم القائم بالحق ، الآمر بالمعروف ، والناهي عن المنكر. الخبر (٥).

بيان : قوله عليه‌السلام : قطط الشعر (٦) مناف لما سيأتي من الاخبار ، ولعل المراد

____________________

(١) واستظهر المصنف في الهامش أن الصحيح : بلوح. وفي المصدر أيضا مثل المتن بالياء ، والمعنى يلمع عنه النور.

(٢) في المصدر : ابلج الاسنان. وهو من ابلج الصبح : أضاء وأشرق.

(٣) في المطبوع وفي المصدر : ما يتصدق به على سبطيه.

(٤) في المصدر : لهذه أول فتنة هذه الامة ، غلبا أباكما وهما الاول والثانى على ملك نبيكم واختيار هذه الامة على ذرية نبيهم.

(٥) تفسير القمى : ٥٩٨ والحديث طويل قد أخرجه المصنف في كتاب الاحتجاجات : ج ١٠ : ١٣٢ ـ ١٣٦ ، والقطعة في : ١٣٤.

(٦) رجل قطط الشعر : قصير الشعر جعده.

١٤٦

عدم الاسترسال التام كما سيأتي ، ولا يبعد أن يكون تصحيف السبط.

٣ ـ ما : ابن الصلت ، عن ابن عقدة ، عن أحمد بن محمد بن عبدالرحمن قراءة عن محمد بن عيسى العبدي (١) قال : حدثنا مولا علي بن موسى ، عن علي بن موسى ، عن أبيه موسى ابن جعفر ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليهم‌السلام أنهم قالوا : يا علي صف لنا نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله

كأننا نراه ، فإنا مشتاقون إليه ، فقال : كان نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أبيض اللون ، مشربا حمرة ، أدعج العين ، سبط الشعر ، كثف (٢) اللحية ، ذا وفرة ، دقيق المسربة ، كأنما عنقه إبريق فضة ، يجري في تراقيه الذهب ، له شعر من لبته إلى سرته كقضيب خيط إلى السرة ، وليس في بطنه ولا صدره شعر غيره ، شثن الكفين والقدمين ، شثن الكعبين ، إذا مشى كأنما يتقلع من صخر ، إذا أقبل كأنما ينحدر من صبب ، إذا التفت التفت جميعا بأجمعه كله ، ليس بالقصير المتردد ، ولا بالطويل المتمعط (٣) ، وكان في الوجه تدوير (٤) ، إذا كان في الناس غمرهم ، كأنما عرقه في وجهه اللؤلؤ ، عرفه أطيب من ريح المسك ، ليس بالعاجز ولا باللئيم ، أكرم الناس عشرة (٥) ، وألينهم عريكة ، وأجودهم كفا ، من خالطه بمعرفة أحبه ، ومن رآه بديهة هابه ، عزه بين عينيه ، يقول باغته (٦) : لم أر قبله ولا بعده مثله ، صلى‌الله‌عليه‌وآله تسليما (٧).

بيان : قال الجوهري : الاشراب : خلط لون بلون ، كأن أحدهما سقى الآخر ، وإذا شدد يكون للتكثير والمبالغة ، ويقال : أشرب الابيض حمرة ، أي علاه ذلك ، وقال :

____________________

(١) هكذا في النسخة ، وفي المصدر : المعبدى ، ولعلهما مصحفان ، والصحيح العبيدى فهو محمد بن عيسى بن عبيد بن يقطين العبيدى اليقطينى الاسدى.

(٢) كث خ ل. أقول : هو الموجود في المصدر. والمعنى واحد.

(٣) المنمغط خ ل. أقول : هكذا في النسخة ، والمصدر مثل المتن ، وظاهر ما يأتى في البيان أنه الممغط. فعلى أى فالمعنى واحد.

(٤) تداوير خ ل.

(٥) استظهر المصنف أن الصحيح : عشيرة. أقول : كلاهما يصحان والمصدر مثل المتن.

(٦) في المصدر : ناعته.

(٧) أمالى ابن الشيخ : ٢١٧.

١٤٧

الفيروزآبادي : الدعج بالتحريك والدعجة : شدة سواد العين مع سعتها ، والادعج : الاسود. وقال الجزري في صفته صلى‌الله‌عليه‌وآله : في عينيه دعج ، يريد أن سواد عينيه كان شديد السواد ، وقيل : الدعج : شدة سواد العين في شدة بياضها ، وقال : السبط من الشعر : المنبسط المسترسل. وقال : الوفرة : شعر الرأس إذا وصل إلى شجمة الاذن.

قوله : المتردد ، قال الجزري أي المتناهي في القصر ، كأنه تردد بعض خلقه على بعض وتداخلت أجزاؤه ، وقال في صفته صلى‌الله‌عليه‌وآله : لم يكن بالطويل الممغط ، وهو بتشديد الميم الثانية : المتناهي في الطول ، وامغط النهار : إذا امتد ، وممغطت الحبل وغيره : إذا مددته ، وأصله منمغط ، والنون للمطاوعة فقلبت ميما ، وادغمت في الميم ، ويقال : بالعين المهملة بمعناه. قوله عليه‌السلام : غمرهم ، قال الجزري : أي كان فوق كل من كان معه ، و العريكة : الطبيعة ، قوله عليه‌السلام : من رآه بديهة هابه ، قال الجزري : أي مفاجاة وبغتة ، يعني من لقيه قبل الاختلاط به هابه لوقاره وسكونه ، وإذا جالسه وخالطه بان حسن خلقه ، قوله : عزه بين عينيه ، تأكيد للسابق ، ويفسره اللاحق ، أي يظهر العز في وجهه أولا قبل أن يعرف ، يقول : باغته بالباء الموحدة والغين المعجمة أي من رآه بغتة ، وفي بعض النسخ غرة بالغين المعجمة والراء المهملة ، ولعله من الغر بالفتح بمعنى حد السيف ، فيرجع إلى الاول ، أو هو بالضم بمعنى الغرة وهي البياض في الجبهة ، وفي بعض النسخ ناعته بالنون والعين المهملة ، ولا يخفى توجيهه ، وسيأتي شرح سائر الفقرات في الاخبار الآتية.

٤ ـ ن : الحسن بن عبدالله بن سعيد العسكري ، عن عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز (١) ، عن إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عليهم‌السلام ، بمدينة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : حدثني علي بن موسى بن جعفر بن محمد عليهم‌السلام عن موسى بن جعفر عليه‌السلام عن جعفر بن محمد عليه‌السلام عن أبيه ، عن علي بن الحسين عليه‌السلام قال : قال الحسن بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام سألت خالي هند بن أبي هالة (٢) عن حلية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان ____________________

(١) في المصدر : عبدالعزيز بن منيع. أقول : هو البغوى الحافظ المعروف

(٢) هو هند بن أبي هالة التميمى ، ربيب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، امه خديجة ام المؤمنين رضى الله عنها. شهد بدرا وقيل : بل شهد احدا وكان وصافا لحلية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وشمائله وأوصافه.

١٤٨

وصافا للنبي (ص) ، فقال : كان رسول الله (ص) فخما مفخما ، يتلالؤ وجهه تلالؤ القمر ليلة البدر ، أطول من المربوع ، وأقصر من المشذب ، عظيم الهامة (١) رجل الشعر ، إن انفرقت عقيقته (٢) فرق ، وإلا فلا يجاوز شعره شحمة اذنيه ، إذا هو وفرة ، أزهر اللون ، واسع الجبين ، أزج الحواجب (٣) ، سوابغ في غير قرن ، بينهما له (٤) عرق يدره الغضب ، أقنى العرنين ، له نور يعلوه ، يحسبه من لم يتأمله أشم (٥) ، كث اللحية ، سهل الخدين ضليع الفم ، أشنب مفلج الاسنان ، دقيق المسربة ، كأن عنقه جيد دمية (٦) في صفاء الفضة ، معتدل الخلق ، بادنا متماسكا ، سواء البطن والصدر (٧) ، بعيد ما بين المنكبين ، ضخم الكراديس ، أنور المتجرد ، موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط ، عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك ، أشعر الذراعين والمنكبين ، وأعالي الصدر ، طويل الزندين ، رحب الراحة ، شثن الكفين والقدمين ، سائل الاطراف ، سبط القصب ، خمصان الاخمصين ، مسيح القدمين ، ينبو عنهما الماء ، إذا زال زال قلعا ، يخطو تكفؤا ، ويمشي هونا ، ذريع المشية (٨) ، إذا مشى كأنما ينحط في صبب ، وإذا التفت التفت جميعا ، خافض الطرف ، نظره إلى الارض أطول من نظره إلى السماء ، جل نظره الملاحظة ، يبدر (٩) من لقيه بالسلام. قال : قلت : فصف لي منطقه ، فقال : كان صلى‌الله‌عليه‌وآله مواصل (١٠) الاحزان ، دائم الفكر ،

____________________

(١) الهامة : الرأس.

(٢) في المكارم ونسخة من العيوم : عقيصته.

(٣) في العيون : الحاجبين.

(٤) المصادر خالية من كلمة ( له ).

(٥) في النهاية : في صفته صلى‌الله‌عليه‌وآله يحسبه من لم يتأمله أشم ، الشمم : ارتفاع قصبة الانف واستواء أعلاها وإشراف الارنبة قليلا ، ومنه قصيدة كعب ( شم العرانين أبطال لبوسهم ) شم جمع أشم ، والعرانين : الانوف ، وهو كناية عن الرفعة والعلو وشرف الانفس.

(٦) الدمية : الصورة المزينة فيها حمرة كالدم.

(٧) في مكارم الاخلاق هنا زيادة هي : عريض الصدر.

(٨) في المكارم : سريع المشية.

(٩) أى يسبق.

(١٠) متواصل خ ل ، أقول : هو الموجود في المصادر.

١٤٩

ليست له راحة ، ولا يتكلم في غير حاجة ، (١) يفتتح الكلام ، ويختمه بأشداقه (٢) ، يتكلم بجوامع الكلم فصلا ، لا فضول فيه ولا تقصير ، دمثا ليس بالجافي ولا بالمهين ، تعظم عنده النعمة وإن ذقت ، لا يذم منها شيئا غير أنه كان لا يذم ذواقا (٣) ولا يمدحه ولا تغضبه الدنيا وما كان لها ، فإذا تعوطي الحق لم يعرفه أحد ، ولم يقم لغضبه شئ حتى ينتصر له (٤) إذا أشار أشار بكفه كلها ، وإذا تعجب قلبها ، وإذا تحدث اتصل بها ، يضرب (٥) براحته اليمنى باطن أبهامه اليسرى ، وإذا غضب أعرض وأشاح ، وإذا فرح غض طرفه (٦) ، جل ضحكه التبسم ، يفتر عن مثل حب الغمام (٧).

قال الحسن : فكتمتها (٨) الحسين زمانا ، ثم حدثته فوجدته قد سبقني إليه ، وسأله عما سألته عنه ، ووجدته (٩) قد سأل أباه عن مدخل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ومخرجه ، و مجلسه وشكله ، فلم يدع منه شيئا ، قال الحسين عليه‌السلام : سألت أبي عليه‌السلام عن مدخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : كان دخوله لنفسه مأذونا له في ذلك ، فإذا آوى إلى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء : جزء لله. وجزء لاهله ، وجزء لنفسه ، ثم جزأ جزءه بينه وبين الناس فيرد ذلك بالخاصة على العامة ، ولا يدخر (١٠) عنهم منه شيئا ، وكان من سيرته في جزء

____________________

(١) في المكارم زاد : طويل السكوت. وفي المعانى هى موجودة قبل قوله : لا يتكلم.

(٢) قال في النهاية بعد ذكر الحديث : الاشداق : جوانب الفم ، وانما يكون ذلك لرحب شدقيه ، والعرب تمتدح بذلك.

(٣) في المكارم : ولا يذم ذواقا. واسقط قوله : غير أنه كان.

(٤) زاد في المكارم : ولا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها.

(٥) في المعانى : فضرب ، وفي العيون : وإذا تحدث قارب يده اليمنى من اليسرى فضرب بابهامه اليمنى راحة اليسرى ، وإذا غضب أعرض بوجهه. وفي المكارم : وإذا تحدث أشار بها فضرب ( فيضرب خ ل ) براحته اليمنى باطن أبهامه اليسرى.

(٦) في المكارم : من طرفه.

(٧) الغمام : السحاب ، يقال : يفتر عن مثل حب الغمام أى يكشف عن أسنان بيض كالبرد.

(٨) في العيون : فكتمت هذا الخبر.

(٩) في العيون والمعانى : فوجدته.

(١٠) زاد في المكام : أو قال : لا يدخر. الشك من ابى غسان.

١٥٠

الامة إيثار أهل الفضل بإذنه وقسمه على قدر فضلهم في الدين ، فمنهم ذو الحاجة ، ومنهم ذو الحاجتين ، ومنهم ذو الحوائج ، فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما أصلحهم والامة من مسألته عنهم (١) ، وإخبارهم بالذي ينبغي (٢) ، ويقول : « ليبلغ الشاهد منكم الغائب ، و أبلغوني حاجة من لا يقدر على إبلاغ حاجته (٣) ، فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يقدر على إبلاغها (٤) ثبت الله قدميه يوم القيامة » لا يذكر عنده إلا ذلك ، ولا يقيد (٥) من أحد عثرة يدخلون روادا ، ولا يفترقون إلا عن ذواق ، ويخرجون أدلة. فسألته (٦) عن مخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كيف كان يصنع فيه؟ فقال : كان صلى‌الله‌عليه‌وآله (٧) يخزن لسانه إلا عما يعنيه ، ويؤلفهم ولا ينفرهم (٨) ، ويكرم كريم كل قوم ، ويوليه عليهم ، ويحذر الناس (٩) ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد بشره ولا خلقه ، ويتفقد أصحابه ، ويسأل الناس عما في الناس (١٠) ، ويحسن الحسن ويقويه ، ويقبح القبيح ويوهنه ، معتدل الامر ، غير مختلف ، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يميلوا (١١) ، ولا يقصر عن الحق ولا يجوزه ، الذين يلونه من الناس خيارهم أفضلهم عنده أعمهم نصيحة للمسلمين ، و

____________________

(١) في العيون : وأصلح الامة من مسألته عنهم. ومثله في المكارم الا في نسخة من مسائلته عنهم.

(٢) في العيون والمكارم : ينبغى لهم.

(٣) في المكارم : من لا يستطيع ابلاغ حاجته.

(٤) في المكارم من لا يستطيع إبلاغها.

(٥) ولا يقيل خ ل ، وفي المعانى : ولا يقبل ( يقيد خ ل ) من أحد عثرة ، وفي العيون والمكارم : ولا يقبل من أحد غيره.

(٦) في المعانى والمكام : قال فسألته.

(٧) في المصادر : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٨) في المكارم : فيما يعنيه ، ويؤلفهم ولا يفرقهم ، او قال : ينفرهم. ( شك مالك )

(٩) في المكارم : الفتن خ ل.

(١٠) في العيون : عما الناس فيه.

(١١) أن يملوا. قلت هو موجود في نسخة من المكارم. وبعده : لكل حال عند عتاد ( عباد خ ل ) والظاهر أن هذه الجملة قد سقطت عن العيون والمعانى لما يأتى بعد ذلك تفسيرها في كلام الصدوق.

١٥١

أعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة وموازرة.

قال : وسألته (١) عن مجلسه ، فقال : كان صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر (٢) ، ولا يوطن الاماكن (٣) وينهى عن إيطانها ، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك ، ويعطي كل جلسائه نصيبه ، ولا يحسب أحد من جلسائه أن أحدا (٤) أكرم عليه منه ، من جالسه صابره (٥) حتى يكون هو المنصرف عنه ، من سأله حاجة لم يرجع إلا بها (٦) أو بميسور من القول ، قد وسع الناس منه خلقه ، وصار لهم أبا (٧) ، وصاروا عنده في الحق سواء ، مجلسه مجلس حلم وحياء وصدق وأمانة ، لا ترفع فيه الاصوات ، ولا تؤبن (٨) فيه الحرم ، ولا تنثى فلتاته ، متعادلين (٩) متواصلين فيه بالتقوى ، متواضعين يوقرون الكبير ، ويرحمون الصغير ، ويؤثرون ذا الحاجة ، ويحفظون الغريب (١٠).

فقلت : فكيف كانت سيرته في جلسائه؟ فقال : كان دائم البشر ، سهل الخلق ، لين الجانب : ليس بفظ ولا صخاب ولا فحاش ولا عياب ولا مداح ، يتغافل عما لا يشتهي ،

____________________

(١) في المصادر : فسألته.

(٢) في المصادر : ذكر الله جل اسمه.

(٣) أى لا يتخذ لنفسه مجلسا يعرف به.

(٤) في العيون ، كل واحد من جلسائه نصيبه حتى لا يحسب احد. وفي المكارم : كل ( من خ ل ) جلسائه نصيبه حتى لا يحسب جليسه أن أحدا.

(٥) في العيون : من جالسه أو نادمه لحاجة صابره. ومثله في المكارم الا أن فيه : قاومه والمعنى : قام معه ، ومعنى نادمه جالسه.

(٦) في العيون والمكارم : لم يرده الا بها.

(٧) في المكارم : قد وسع الناس منه بسطه وخلقه ( بسطة وخلقا ) ، فكان ( وكان ) لهم أبا. و في العيون : فصار لهم أبا رحيما.

(٨) في المكارم : توهن خ ل.

(٩) في المكارم : متعادلون متفاضلون فيه بالتقوى متواضعون ، يوقرون فيه الكبير ، ويرحمون فيه الصغير أقول : قوله : فيه أى في مجلسه صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(١٠) في المكارم : ويحفظون ، أو قال : يحوطون ( يحيطون خ ل ) الغريب. (شك أبوغسان).

١٥٢

فلا يؤيس منه ولا يخيب فيه مؤمليه ، قد ترك نفسه من ثلاث : المراء ، والاكثار ، وما لا يعنيه ، وترك الناس من ثلاث : كان لا يذم أحدا ، ولا يعيره ، ولا يطلب عورته ولا عثراته (١) ، ولا يتكلم إلا فيما رجا (٢) ثوابه ، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير ، وإذا سكت تكلموا ولا يتنازعون عنده الحديث ، من تكلم انصتوا له حتى يفرغ (٣) ، حديثهم عنده حديث اوليهم (٤) ، يضحك مما يضحكون منه ، ويتعجب مما يتعجبون منه ويصبر للغريب على الجفوة في مسألته ومنطقه حتى أن كان أصحابه ليستجلبونهم ، ويقول : إذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فارفدوه (٥) ، ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ ، ولا يقطع على أحد كلامه حتى يجوز (٦) فيقطعه بنهي (٧) أو قيام.

قال : فسألته عن سكوت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : كان سكوته على أربع : على الحلم ، والحذر ، والتقدير ، والتفكير (٨) ، فأما التقدير ففي تسوية النظر والاستماع بين الناس ، وأما تفكره ففيما يبقى ويفنى ، وجمع له الحلم في الصبر ، فكان لا يغضبه شئ ولا يستفزه ، وجمع له الحذر في أربع (٩) : أخذه الحسن ليقتدى به ، وتركه القبيح لينتهى عنه ، واجتهاده الرأي في صلاح (١٠) امته ، والقيام فيما جمع (١١) لهم خير الدنيا و الآخرة (١٢).

____________________

(١) في العيون والمعانى : عثراته ولا عورته.

(٢) في العيون والمكارم : يرجو.

(٣) في العيون : وإذا تكلم عنده أحد انصتوا له حتى يفرغ من حديثه.

(٤) أولهم خ ل.

(٥) فأوفدوه خ ل. وهو الموجود أيضا في نسخة من العيون.

(٦) يجوزه خ ل.

(٧) بانتهاء خ ل ، أقول : يوجد ذلك في نسخة من المكارم ، وفيه : كلام ، بدل قيام.

(٨) في المصادر : التفكر.

(٩) في الحذر أربع خ ل.

(١٠) في العيون : في اصلاح. وفي المكارم : فيما أصلح.

(١١) بما جمع.

(١٢) عيون الاخبار : ١٧٦ ـ ١٧٨.

١٥٣

مع : الطالقاني ، عن القاسم بن بندار المعروف بأبي صالح الحذاء ، عن إبراهيم بن نصر بن عبدالعزيز ، عن مالك بن إسماعيل النهدي ، عن جميع بن عمير ، عن عبدالرحمن العجلي قال : حدثني رجل بمكة ، عن ابن أبي هالة التميمي ، عن الحسن بن علي قال : سألت خالي هند بن أبي هالة ، وكان وصافا عن حلية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وحدثني الحسن بن عبدالله بن سعيد العسكري وساق الاسناد الذي مضى في « ن » (١) إلى قوله : عن حلية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم قال : وحدثني الحسن بن عبدالله بن سعيد ، عن عبدالله بن أحمد بن عبدان ، وجعفر بن محمد البزاز البغدادي معا ، عن سفيان بن وكيع ، عن جميع ابن عمير ، عن رجل من بني تميم من ولد أبي هالة ، عن أبيه ، عن الحسن بن علي عليه‌السلام قال : سألت خالي هند بن أبي هالة التميمي ، وكان وصافا للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا أشتهي أن يصف لي منه شيئا لعلي أتعلق به ، فقال : كان رسول الله (ص) فخما مفخما ، وساق الحديث إلى قوله : مثل حب الغمام ، ثم قال : إلى هاهنا رواه أبوالقاسم بن منيع ، عن إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد ، والباقي رواية عبدالرحمن إلى آخره ، ثم قال : قال الحسن : فكتمتها الحسين ، وساق الحديث إلى آخره كما نقلناه من « ن » ثم قال : حدثنا أبوعلي أحمد بن يحيى المؤدب قال : حدثنا محمد بن الهثيم (٢) ، قال : حدثنا عبدالله بن الصقر السكري أبوالعباس ، قال : حدثنا سفيان بن وكيع بن الجراح ، قال : حدثني جميع بن عمير العجلي إملاء من كتابه قال : حدثني رجل من بني تميم من ولد أبي هالة التميمي ، عن أبيه ، عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : سألت خالي هند بن أبي هالة التميمي وكان (٣) وصافا للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا أشتهي أن يصف لي منه شيئا لعلي أتعلق به ، فقال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فخما مفخما. وذكر الحديث بطوله (٤).

مكا : برواية الحسن والحسين صلوات الله عليهما من كتاب محمد بن إبراهيم بن إسحاق

____________________

(١) أى في العيون.

(٢) القاسم الانبارى.

(٣) قال : وكان خ ل.

(٤) معانى الاخبار : ٢٨ ـ ٣٠.

١٥٤

الطالقاني ، عن ثقاته ، عن الحسن بن علي عليه‌السلام قال : سألت خالي هند بن أبي هالة التميمي إلى آخر الخبر (١).

قال الصدوق رحمه‌الله في « مع » (٢) : سألت أبا أحمد الحسن بن عبدالله بن سعيد العسكري عن تفسير هذا الخبر فقال : قوله : كان رسول الله فخما مفخما معناه كان عظيما معظما في الصدور والعيون ، ولم تكن (٣) خلقته في جسمه الضخامة وكثرة اللحم ، وقوله : يتلالؤ وجهه تلالا القمر ، معناه ينير ويشرق كإشراق القمر ، وقوله : أطول من المربوع وأقصر من المشذب. المشذب (٤) عند العرب : الطويل الذي ليس بكثير اللحم ، يقال جذع مشذب : إذا طرحت عنه قشوره وما يجري مجراها ، ويقال لقشور الجذع التي (٥) تقشر عنه : الشذب ، قال الشاعر في صفة فرس :

أما إذا استقبلته فكأنه

في العين جذع من أوال مشذب (٦)

وقوله : رجل الشعر ، معناه في شعره تكسر وتعقف ، ويقال : شعر رجل : إذا كان كذلك ، فإذا كان الشعر لا تكسر فيه (٧) قيل : شعر سبط ورسل ، وقوله : إن انفرقت عقيقته ، العقيقة : الشعر المجتمع في الرأس ، وعقيقة المولود : الشعر الذي يكون على رأسه من الرحم ، ويقال لشعر المولود المتجدد بعد الشعر الاول الذي حلق : عقيقة ، ويقال للذبيحة التي تذبح عن المولود : عقيقة ، وفي الحديث كل مولود مرتهن بعقيقته ، وعق النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن نفسه بعد ما جائته النبوة ، وعق عن الحسن والحسين عليهما‌السلام كبشين.

وقوله : أزهر اللون ، معناه نير اللون ، يقال : أصفر يزهر : إذا كان نيرا ،

____________________

(١) مكارم الاخلاق : ٩ ـ ١٤.

(٢) أى في المعاني.

(٣) ولم يكن خ ل.

(٤) فالمشذب.

(٥) الذي خ ل.

(٦) في المصدر : شذب.

(٧) في المصدر : واذا كان الشعر منبسطا لا تكسير فيه.

١٥٥

والسراج يزهر ، معناه نير (١) ، وقوله : أزج الحواجب ، معناه طويل امتداد الحاجبين بوفور الشعر فيهما وجبينه إلى الصدغين ، قال الشاعر :

إن ابتساما بالنقي الافلج

ونظرا في الحاجب المزجج

مئنة من الفعال الاعوج

مئنة : علامة ، وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن في طول صلاة الرجل وقصر خطبته (٢) مئنة من فقهه (٣).

وقوله : أزج الحواجب (٤) ، ولم يقل : الحاجبين : فهو على لغة من يوقع الجمع على التثنية ، ويحتج بقول الله جل ثناؤه : « وكنا لحكمهم شاهدين (٥) » يريد لحكم داود وسليمان عليهما‌السلام ، وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « الاثنان وما فوقهما جماعة « وقال بعض العلماء : يجوز أن يكون جمع (٦) ، فقال أزج الحواجب على أن كل قطعة من الحاجب اسمها حاجب ، فأوقعت الحواجب على القواطع المختلفة ، كما يقال للمرأة : حسنة الاجساد ، وقد قال الاعشى :

ومثلك بيضآء ممكورة (٧)

وصاك العبير بأجسادها

صاك معناه لصق.

وقوله : في غير قرن ، معناه أن الحاجبين إذا كان بينهما انكشاف وابيضاض يقال لهما : البلج والبلجة ، يقال : حاجبه أبلج : إذا كان كذلك ، وإذا اتصل الشعر في وسط الحاجب فهو القرن.

____________________

(١) ينير خ ل.

(٢) خطبه خ ل.

(٣) في فقهه خ ل.

(٤) في المصدر : وانما جمع الحاجب في قوله : أزج الحواجب.

(٥) الانبياء : ٧٨.

(٦) هكذا في نسخة المصنف ، والصحيح كما في غيرها وفي المصدر : جمعا.

(٧) مكر الثوب : صبغه بالمكر أى المغرة. والمغرة : الطين الاحمر يصبغ به. وقال الزمخشرى في الاساس : وامرأة ممكورة الساقين : خدلتهما. أقول : خدل الساق : كانت خدلة أى ممتلثة ضخمة.

١٥٦

وقوله : أقنى العرنين : القنا : أن يكون في عظم الانف إحد يداب في وسطه ، والعرنين : الانف. وقوله : كث اللحية ، معناه أن لحيته قصيرة كثيرة الشعر فيها ، وقوله : ضليع الفم ، معناه كبير الفم ، ولم تزل العرب تمدح بكبر الفم وتهجو بصغره ، قال الشاعر يهجو رجلا :

إن كان كدي وإقدامي لفي جرذ

بين العواسج أجني حوله المصع

معناه إن كان كدي وإقدامي لرجل فمه مثل فم الجرذ في الصغر ، والمصع : ثمر العوسج ، وقال بعض الشعرآء :

لحا الله أفواه الدبا من قبيلة

فعيرهم بصغر الافواه ، كما مدحوا (١) الخطبآء بسعة الاشداق ، وإلى هذا المعنى يصرف قوله أيضا : كان يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه ، لان الشدق جميل مستحسن عندهم ، يقال : خطيب أهرت (٢) الشدقين ، وهريت الشدق ، وسمي عمرو بن سعيد الاشدق ، وقال الخنسآء ترثي أخاها :

وأحيى من مخبأة حياء

وأجرى من أبي ليث هزبر

هريت الشدق ريقال (٣) إذا

ما عدا لم ينه عدوته بزجر

وقال ابن مقبل : هرت الشقاشق ظلامون للجزر.

وقوله : الاشنب من صفة الفم ، قالوا : إنه الذي لريقه عذوبة وبرد ، وقالوا أيضا : إن الشنب في الفم : تحدر (٤) ورقة وحدة في أطراف الاسنان ، ولا يكاد يكون هذا إلا مع الحداثة والشباب ، قال الشاعر :

يا بأبي أنت وفوك الاشنب

كأنما ذر عليه الزرنب

____________________

(١) في المصدر : كما مدحوا باشداقه ، لان الاشداق جميل عندهم ، كما مدحوا الخطباء بسعة الاشداق.

(٢) الاهرت والهريت : الواسع.

(٣) هكذا في نسخة المصنف وغيرها والصحيح كما في المصدر : رئبال أو ريبال. أى الاسد.

(٤) في المصدر : تحدد. ولعله أصوب.

١٥٧

وقوله : دقيق المسربة ، فالمسربة : الشعر المستدق الممتد من اللبة إلى السرة ، قال الحارث بن وعلة الجومي (١) :

ألآن لما ابيض مسربتي

وعضضت من نابي على جذم

وقوله : كأن عنقه جيد دمية ، فالدمية : الصورة ، وجمعها دمى. قال الشاعر :

أو دمية صور محرابها

أو دمية صور محرابها

والجيد : العنق. وقوله : بادن متماسك ، معناه تام خلق الاعضآء ليس بمسترخي اللحم ولا بكثيره. وقوله : سواء البطن والصدر ، معناه أن بطنه ضامر ، وصدره عريض ، فمن هذه الجهة تساوي بطنه صدره ، والكراديس : رؤوس العظام ، وقوله : أنور المتجرد ، معناه نير الجسد الذي تجرد من الثياب ، وقوله : طويل الزندين ، في كل ذراع زندان وهما جانبا عظم الذراع ، فرأس الزند الذي يلي الابهام يقال له : الكوع ، ورأس الزند الذي يلي الخنصر يقال له : الكرسوع ، وقوله : رحب الراحة ، معناه واسع الراحة كبيرها ، والعرب تمدح بكبر اليد ، وتهجو بصغرها ، قال الشاعر :

فناطوا من الكذاب كفا صغيرة

وليس عليهم قتله بكبير

ناطوا معناه علقوا ، وقالوا : رحب الراحة ، أي كثير العطاء ، كما قالوا : ضيق الباع في الذم.

وقوله : شثن الكفين ، معناه خشن الكفين ، والعرب تمدح الرجال بخشونة الكف ، والنسآء بنعمة الكف (٢) ، وقوله : سائل الاطراف ، أي تامها غير طويلة ولا قصيرة ، وقوله : سبط القصب ، معناه ممتد القصب ، غير متعقدة ، والقصب : العظام الجوف (٣) التي فيها مخ ، نحو الساقين والذراعين ، وقوله : خمصان الاخمصين ، معناه أن أخمص رجله شديد الارتفاع من الارض ، والاخمص : ما يرتفع (٤) عن الارض من وسط باطن الرجل وأسلفها ، وإذا كان

____________________

(١) الجرمى خ ل.

(٢) في المصدر : بنعومة الكف. ومعناه لينة الكف.

(٣) الحرف خ ل.

(٤) في المصدر : ما ارتفع.

١٥٨

أسفل الرجل مستويا ليس فيها أخمص فصاحبه أرح ، يقال : رجل أرح : إذا لم يكن لرجله أخمص ، وقوله : مسيح القدمين ، معناه ليس بكثير اللحم فيهما وعلى ظاهرهما ، فلذلك ينبو الماء عنهما. وقوله : زال قلعا ، معناه متثبا. يخطو تكفؤا ، معناه خطاه كأنه يتكبر (١) فيها أو يتبختر لقلة الاستعجال معها ، ولا تبختر فيها ولا خيلاء. وقوله : يمشي هونا ، معناه السكينة والوقار ، وقوله : ذريع المشية ، معناه واسع المشية من غير أن يظهر فيه استعجال وبدار ، يقال : رجل ذريع في مشيه ، وامرأة ذراع : إذا كانت واسعة اليدين بالغز وقوله : كأنما ينحط في صبب ، الصبب : الانحدار ، وقوله : دمثا ، الدمث : اللين الخلق ، فشبه بالدمث من الرمل وهو اللين ، قال قيس بن الخطيم :

يمشي كمشي الزهراء (٢) في دمث

الرمل إلى السهل دونه الجرف

والمهين : الحقير ، وقد رواه بعضهم المهين يعني لا يحتقر (٣) أصحابه ولا يذلهم ، تعظم عنده النعمة ، معناه من حسن خطابه أو معونته بما يقل من الشأن كان عنده عظيما ، وقوله : فإذا تعوطي الحق ، معناه إذا تنوول غضب لله تبارك وتعالى ، قال الاعشى :

تعاطى الضجيع إذا سامها

بعيد الرقاد وعند الوسن

معناه تناوله ، وقوله : إذا غضب أعرض وأشاح ، قالوا : في أشاح جد في الغضب وانكمش ، وقالوا : جد وجزع (٤) ، واستعد لذلك ، قال الشاعر :

وإعطائي على العلات مالي

فضربي (٥) هامة البطل المشيح

وقوله : يسوق أصحابه ، معناه يقدمهم بين يديه تواضعا وتكرمة لهم ، ومن رواه يفوق ، أراد يفضلهم دينا وحلما وكرما. وقوله يفتر عن مثل حب الغمام ، معناه يكشف شفتيه عن ثغر أبيض يشبه حب الغمام ، يقال : قد فررت الفرس : إذا كشفت عن أسنانه ، وفررت الرجل عما في قلبه : إذا كشفته عنه ، وقوله : لكل حال عنده عتاد ، والعتاد :

____________________

(١) ينكسر خ ل.

(٢) في المصدر : الزهر.

(٣) لا يحقر خ ل.

(٤) خلافه جزع خ ل.

(٥) وضربي خ ل : وهو الموجود في المصدر ، وفيه : وأعطى لى بدل إعطائى.

١٥٩

العدة ، يعني أنه أعد للامور أشكالها ونظائرها ، ومن رواه ولا يقيد من أحد عثرة ، بالدال أي من جنى (١) عليه جناية اغتفرها وصفح عنها تصفحا وتكرما ، إذا كان تعطيلها لا يضيع من حقوق الله شيئا ، ولا يفسد متعبدا به ولا مفترضا ، ومن رواه يقيل باللام ذهب إلى أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يضيع حقوق الناس التي يجب (٢) لبعضهم على بعض. وقوله : ثم يرد ذلك بالخاصة على العامة (٣) ، معناه أنه كان يعتمد في هذه الحال على أن الخاصة يرفع إلى العامة علومه وآدابه وفوائده ، وفيه قول آخر : فيرد ذلك بالخاصة على العامة أن يجعل (٤) المجلس للعامة بعد الخاصة فتنوب البآء عن « من » و « على » عن « إلى » لقيام بعض الصفات مقام بعض ، وقوله : يدخلون روادا ، الرواد جمع رائد ، وهو الذي يتقدم القوم إلى المنزل يرتاد لهم الكلآء ، يعني أنهم ينفعون بما يسمعون من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من ورائهم كما ينفع الرائد من خلفه ، وقوله : ولا يفترقون إلا عن ذواق ، معناه عن علوم يذوقون من حلاوتها ما يذاق من الطعام المشتهى ، والادلة : التي تدل الناس على امور دينهم ، وقوله : ولا تؤبن فيه الحرم ، أي لا تعاب ، أبنت الرجل فأنا آبن والمأبون : المعيب ، والابنة : العيب ، قال أبوالدرداء : إن نؤبن بما ليس فينا فربما زكينا بما ليس عندنا ، ولعل ذا أن يكون بذلك ، معناه إن نعيب بما ليس فينا ، قال الاعشى :

سلاجم كالنخل ألبستها

قضيب سرآء قليل الابن

وقوله : ولا تنثى فلتاته ، معناه من غلط فيه غلطة لم يشنع (٥) ولم يتحدث بها ، يقال : نثوت الحديث أنثوه نثوا : إذا حدثت به ، وقوله : إذا تكلم أطرق جلساؤه كأن على رؤوسهم الطير ، معناه أنهم كانوا لاجلالهم نبيهم صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يتحركون ، فكانت صفتهم صفة من على رأسه طائر يريد أن يصيده ، فهو يخاف إن تحرك طيران الطائر وذهابه ، وفيه قول آخر : إنهم كانوا يسكنون ولا يتحركون حتى يصيروا بذلك عند الطائر

____________________

(١) في المصدر : قال : أى من جنى.

(٢) في المصدر : تجب.

(٣) في مكارم الاخلاق : ثم يرد ذلك على العامة والخاصة.

(٤) أى يجعل خ ل.

(٥) لم تشع خ ل.

١٦٠