بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٢٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

جبريل عليه‌السلام فقال : السلام عليك أبا إبراهيم ، أو يا أبا إبراهتم صلى‌الله‌عليه‌وآله (١).

توضيح : قال في النهاية : الموت الاحمر : القتل ، لما فيه من حمرة الدم أو لشدته ، يقال : موت أحمر ، أي شديد ، ومنه حديث علي عليه‌السلام : « كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله « أي إذا اشتدت الحرب استقبلنا العدو به ، وجعلناه لنا وقاية ، وقيل : أراد إذا اضطرمت نار الحرب وتسعرت ، كما يقال في الشر بين القوم : اضطرمت نارهم ، تشبيها بحمرة النار ، وكثيرا ما يطلقون الحمرة على الشدة ، وقال : في حديث قيلة : « لا تخبر اختي فتتبع أخا بكر بن وائل سمع الارض وبصرها » يقال : خرج فلان بين سمع الارض وبصرها : إذا لم يدر أين يتوجه لانه يقع على الطريق ، وقيل : أرادت بين طول الارض وعرضها ، وقيل : أرادت بين سمع أهل الارض وبصرها ، فحذفت المضاف ، ويقال للرجل إذا غرر بنفسه وألقاها حيث لا يدري : أين هو؟ ألقى نفسه بين سمع الارض وبصرها ، وقال الزمخشري : هو تمثيل ، أي لا يسمع كلامهما ولا يبصرهما إلا الارض ، يعني اختها والبكري الذي تصحبه. وقال في قوله عليه‌السلام : « فعلى الدنيا العفآء « أي الدروس ، وذهاب الاثر ، وقيل : العفاء : التراب.

٤٥ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يلبس من القلانس اليمنة (٢) والبيضاء والمضربة وذات الاذنين الحرب ، وكانت عمامته السحاب ، وكانت (٣) له برنس يتبرنس به (٤).

بيان : قال الجزري : البرنس هو كل ثوب رأسه منه ملتزق به من دراعة ، أو جبة أو ممطر أو غيره ، قال الجوهري : هو قلنسوة طويلة كان يلبسها النساك في صدر الاسلام.

٤٦ ـ كا : علي عن أبيه : عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا (٥) ، عن أبي عبدالله

____________________

(١) كشف الغمة : ٦٤.

(٢) في المصدر : اليمنية. وكلاهما صحيحان.

(٣) والصحيح كما في المصدر : وكان.

(٤) فروع الكافى ٢ : ٢٠٨.

(٥) في المصدر : بعض أصحابه.

١٢١

عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يلبس قلنسوة بيضاء مضربة ، وكان يلبس في الحرب قلنسوة لها اذنان (١).

٤٧ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان خاتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من ورق (٢).

٤٨ ـ كا : محمد بن يحي ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن عبدالله بن سنان ، و معاوية بن وهب ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان خاتم رسول الله عليه‌السلام من ورق ، قال : قلت له : كان فيه فص؟ قال : لا (٣).

٤٩ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عبدالرحمن بن هاشم (٤) ، عن أبي خديجة قال : الفص مدور ، وقال : هكذا كان خاتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٥).

٥٠ ـ كا : العدة ، عن سهل ، عن جعفر بن محمد الاشعري ، عن ابن القداح ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يتختم بيمينه (٦).

٥١ ـ ثو : أبي ، عن أحمد بن إدريس ، عن الاشعري ، عن يوسف بن السخت ، عن الحسن بن سهل ، عن ابن مهزيار قال : دخلت على أبي الحسن موسى عليه‌السلام فرأيت في يده خاتما فصة (٧) فيروزج نقشه « الله الملك » ، قال : فأدمت النظر إليه فقال : ما لك تنظر فيه؟ هذا حجر أهداه جبرئيل عليه‌السلام لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من الجنة ، فوهبه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام (٨).

٥٢ ـ كا : العدة ، عن سهل ، عن بعض أصحابه ، عن واصل بن سليمان ، عن عبدالله

____________________

(١) الفروع ٢ : ٢٠٨.

(٢) الفروع ٢ : ٢١٠.

(٣) الفروع ٢ : ٢١٠.

(٤) هكذا في النسخة المخطوطة والمطبوعة ، والصحيح كما في المصدر : عبدالرحمن بن

أبى هاشم راجع كتب الرجال.

(٥) الفروع ٢ : ٢١٠.

(٦) الفروع ٢ : ٢١٠. وفيه : في يمينه.

(٧) فصه خ.

(٨) ثواب الاعمال : ١٦٩ و ١٧٠.

١٢٢

ابن سنان قال : ذكرنا خاتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال تحب أن اريكه؟ فقال : نعم ، فدعا بحق مختوم ففتحه وأخرجه في قطنة ، فإذا حلقة فضة ، وفيه فص أسود ، عليه مكتوب سطران : محمد رسول الله ، قال : ثم قال : إن فص النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أسود (١).

٥٣ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان نعل سيف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقائمته فضة ، وبين ذلك حلق من فضة ، ولبست درع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فكنت أسحبها (٢) وفيها ثلاث حلقات فضة من بين يديها وثنتان من خلفها (٣).

بيان : قال الجزري : فيه كان نعل سيف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من فضة ، نعل السيف : الحديدة التي تكون في أسفل القراب انتهى ، وقائم السيف وقائمته : مقبضه.

٥٤ ـ كا : الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن مثنى ، عن حاتم ابن إسماعيل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام إن حلية سيف رسول الله عليه‌السلام كان فضة كلها ، قائمه وقباعه (٤).

بيان : قال الجزري : فيه كانت قبيعة سيف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من فضة ، هي التي تكون على رأس قائم السيف ، وقيل هي ما تحت شاربي السيف (٥).

٥٥ ـ كا. علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن عطية ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : ما تختم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلا يسيرا حتى تركه (٦).

٥٦ ـ كا : العدة ، عن أحمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن سنان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام

____________________

(١) الفروع ٢ : ٢١٢.

(٢) أى أجرها على الارض لانها كانت أطول من قامتى.

(٣) الفروع ٢ : ٢١٢.

(٤) الفروع ٢ : ٢١٢.

(٥) في القاموس : الشاربان : انفان طويلان في أسفل قائم السيف.

(٦) الفروع ٢ : ٢١٠. أقول : قوله : ما تختم الا يسيرا لعل المعنى في خاتم ذهب ، وهو اشارة إلى حديث ورد أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله تختم في يساره بخاتم من ذهب ثم خرج على الناس فطفق ينظرون إليه فوضع يده اليمنى على خنصره اليسرى حتى رجع إلى البيت فرمى به فما لبسه.

١٢٣

قال : كان نقش خاتم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (١).

٥٧ ـ العدة ، عن سهل ، عن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن ، خالد ، عن الرضا عليه‌السلام مثله (٢).

٥٨ ـ كا : العدة ، عن سهل ، عن ابن شمون ، عن الاصم ، عن مسمع بن عبدالملك عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كانت برة ناقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من فضة (٣).

بيان : البرة بالضم : حلقة تجعل في لحم الانف.

٥٩ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عن أبان عن رجل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان في منزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله زوج حمام أحمر (٤).

٦٠ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن أشيم ، عن صفوان قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن ذي الفقار سيف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : نزل به جبرئيل عليه‌السلام

من السمآء ، وكانت (٥) حلقته فضة (٦).

٦١ ـ كا : حميد ، عن عبيدالله الدهقان ، عن الطاطري ، عن محمد بن زياد ، عن أبان عن يحيى ، عن (٧) أبي العلا قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : درع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ذات الفضول لها حلقتان من ورق في مقدمها ، وحلقتان من ورق في مؤخرها ، وقال : لبسها علي عليه‌السلام يوم الجمل (٨).

٦٢ ـ وبهذا الاسناد ، عن أبان ، عن أبي بصير قال : كانت ناقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

____________________

(١) الفروع ٢ : ٢١١. وللحديث ذيل أورده في باب نقش أمير المؤمنين عليه‌السلام.

(٢) الفروع ٢ : ٢١٢. وللحديث صدر وذيل.

(٣) الفروع ٢ : ٢٣٠.

(٤) الفروع ٢ : ٢٣٢.

(٥) وكانت حليته من فضة.

(٦) روضة الكافي : ٢٦٧.

(٧) هكذا في نسخة المصنف وغيره ، وفيه وهم ، والصحيح كما في المصدر : يحيى بن أبى العلاء.

(٨) روضة الكافي : ٣٣١.

١٢٤

القصواء ، إذا نزل عنها علق عليها زمامها ، قال : فتخرج فتأتي المسلمين فيناولها الرجل الشئ ، ويناولها هذا الشئ ، فلا تلبث أن تشبع ، قال فأدخلت رأسها في خباء سمرة بن جندب فتناول عنزة فضرب بها على رأسها فشجها ، فخرجت إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فشكته (١)

٦٣ ـ أقول : روى الكازروني في المنتقى بإسناده عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يلبس القلانس تحت العمائم وبغير العمائم ، ويلبس العمائم بغير القلانس ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يلبس القلانس اليمانية ، ومن البيض المضربة ، ويلبس ذوات الآذان في الحرب ، ما كان من السيجان الخضر ، وكان ربما نزع قلنسوته فجعلها سترة بين يديه و هو يصلي ، وكان من خلق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يسمي سلاحه ومتاعه ودوابه ، وكان للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أربعة أسياف : المجذم ، والرسوب أهداهما له زيد الخير ، وكان له أيضا القضيب وذو الفقار صار إليه يوم بدر ، وكان للعاص بن منبه بن الحجاج ، وكان لا يفارقه في الحرب ، وكان قباع سيفه وقائمته وحلقته وذوابته وبكراته ونعله من فضة ، وكانت له حلقتان في الحمائل في موضعها من الظهر ، وكانت له أربع أدراع : ذات الوشاح : والبتراء ، وذات المواشي ، والخرنق ، وقيل : كانت عنده درع داود النبي عليه‌السلام التي كان لبسها يوم قتل جالوت ، وكانت له أربعة أفراس : المرتجز ، وذو العقال ، والسكب ، والشحاء ، ويقال البحر ، وكان يركب البحر ، وكان كميتا (٢) ، وكانت منطقته من أديم مبشور فيها ثلاث حلق من فضة ، والابزيم (٣) ، والحلق على صنعة الفلك المضروبة من فضة ، وكان اسم رمحه المثوى ، وكانت له حربة يقال لها : العنزة ، وكان يمشي بها ويدعم (٤) عليها ، وكانت تحمل بين يديه في الاعياد ، فيركزها أمامه ، ويستتر بها ويصلي ، وكان له محجن قدر ذراع يمشي به ، ويركب به ، ويعلقه بين يديه على بعيره.

____________________

(١) روضة الكافي : ٣٣٢. قوله : فشكته إما باللسان أو بالاشارة ، وعلى التقديرين فهو من معجزاته صلى‌الله‌عليه‌وآله. قاله المصنف في مرآت العقول.

(٢) الكميت : ما كان لونه بين الاسود والاحمر.

(٣) تقدم تفسير ألفاظه الغريبة.

(٤) أى يسند ويتكئ عليها.

١٢٥

وفي رواية : ويأخذ الشئ ، وكانت له مخصرة تسمى العرجون ، وكان اسم قوسه الكتوم ، واسم كنانته الكافور ، ونبله الموتصلة ، وترسه الزلوق ، ومغفره ذو السبوغ ، واسم عمامته السحاب ، واسم ردائه الفتح ، واسم رآيته العقاب ، وكانت سوداء من صوف ، وكانت ألويته بيضآء وربما جعل فيها السواد ، وربما كان من خمر نسائه ، وكانت له بغلة شهبآء يقال لها : الدلدل ، أهداها له المقوس ملك الاسكندرية ، وهي التي قال لها في بعض الاماكن : اربضي دلدل فربضت ، وكان علي عليه‌السلام يركبها بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقال غير ابن عباس ، وكان يركبها الحسن بعد علي ، ثم ركبها الحسين ، ومحمد بن الحنفية حتى كبرت وعميت ، فدخلت مطبخة لبني مذحج فرماها رجل بسهم فقتلها ، وكانت له بغلة يقال لها : الايلية ، وكانت محذوفة (١) طويلة ، كأنها تقوم على رماح ، حسنة السير ، فأعجبته ، وكان له حمار يدعى عفيرا ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله له : اليعفور ، وكان أخضر ، وكانت له ناقة تسمى العضباء ، ويقال : القصواء ، وكانت صهباء ، وكانت له شاة يشرب لبنها يقال لها : غينة ، و يقال : غوثة ، وكان له قدحان اسم أحدهما الريان ، والآخر المضبب ، وكان يسع كل واحد منهما قدر مد ، فيه ثلاث ضبات حديد ، وحلقة تعلق بها ، وكان له تور من حجارة يقال له : المخضب والمخضد يتوضأ فيه ، وكان له مخضب من شبه (٢) يكون فيه الحنآء و الكتم (٣) من حر كان يجده في رأسه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكانت له أربعة اسكندرانية أهداها المقوقس ملك مصر ، وكان له نعلان من السبت (٤) ، وكان له مخصرة ذات قبالين ، وكانت صفراء ، و كان له خفان ساذجان أهداهما النجاشي ملك الحبشة ، وكان له سرير وقطيفة وقصعة وجارية اسمها روضة.

____________________

(١) في المصدر : مخذوفة ، أقول : الخذوف من الدواب : السريعة السير.

(٢) الشبه : النحاس الاصفر. التى ترمى الحصى من سرعتها. التى ترفع رجليها إلى شق بطنها عند السير.

(٣) الكتم بالتحريك قيل : هو الوسمة وقيل : شئ يزرع مع الحناء ويشبه ورقه ورق الحناء ويطلع أعلى منه حتى يقع استظلال الحناء به ، وبالضم : ورق نبت يجعل منه شئ يقال له بالفارسية : نيل.

(٤) السبت : الجلد المدبوغ.

١٢٦

وفي رواية اخرى عن ابن عباس أيضا أنه قال : كان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سيف محلى قائمه من فضة ، ونعله من فضة ، وفيه حلق من فضة ، وكان يسمى ذا الفقار ، وكانت له قوس نبع (١) تسمى السداد ، وكانت له كنانة تسمى الجمع ، وكانت له درع وشجه بالنحاس تسمى ذات الفضول ، وكانت له حربة تسمى البيضآء ، وكان له مجن (٢) يسمى الوفر ، وكان له فرس أدهم يسمى السكب ، وكانت له بغلة شهبآء تسمى دلدل ، وكانت له ناقة تسمى العضباء ، وكان له حمار يسمى يعفور ، وكان له فسطاط يسمى التركي ، وكان له عنز يسمى اليمن ، وكانت له ركوة تسمى الصادر ، وكانت له مرآة تسمى المدلة ، وكانت له مقراض تسمى الجامع ، وكانت له قضيب شوحط يسمى الممشوق.

وفي بعض الروايات أنه كان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ناقة جدعاء ، وفي رواية حزماء ، وفي رواية صرماء ، وفي رواية صلماء ، وفي رواية مخضرمة ، وهي التي قطع طرف اذنها ، والتي هاجر عليها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كانت القصواء ، وقيل : الجدعاء ، ابتاعها أبوبكر بأربعمائة درهم ، فهاجر (ص) عليها مع أبي بكر ، وكانت عنده حتى نفقت ، وكانت حين قدم رسول الله (ص) رباعية ، قال بعض المحققين من علمائنا : هذه الصفات كلها كأنها لناقة واحدة كان باذنها ما عبر كل واحد من الرواة عنه بما يغلب على ظنه ، وبما يعرفه منها.

وروي عن موسى بن عبيد أنه سأل ابن عمريا أبا عبدالرحمن أكنتم تراهنون على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : نعم ، لقد راهن على فرس يقال له : سبحة ، فجاءت سابقة ، فلهش (٣) ذلك وأعجبه.

وفي رواية عن سهل بن سعد قال : كان للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عند أبي سعد ثلاثة أفراس يعلفهن ، وسمعت أبي يسميهن اللزاز ، واللحيف ، والظرب ، وقيل : اللجيف ، وقيل : إن تميم الداري أهدى له (ص) فرسا يقال له : الورد ، فأعطاه عمر ، وقيل : أول فرس ملكه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان فرسا ابتاعه بالمدينة من رجل من بني فزارة بعشرة اواق ، وكان

____________________

(١) النبع : شجر تتخذ منه السهام والقسى.

(٢) المجن : كل ما وقى من السلاح. الترس.

(٣) أى فلقدهش ، وسيفسره قريبا.

١٢٧

اسمه الظرب فسماه السكب ، وكان أول ما غزى عليه في احد ، ويقال : إن المرتجز هو الذي اشتراه صلى‌الله‌عليه‌وآله من أعرابي من بني مرة فجحده فشهد له خزيمة بن ثابت ، وكان فرسا أبيض.

ثم قال : السيجان جمع الساج وهو الطيلسان. قوله : فجعلها سترة بين يديه يدل على طولها ، لانه صلى‌الله‌عليه‌وآله لما سئل عن قدر ما يستر المصلي ، قال : مثل آخرة الرحل. و القضيب : السيف اللطيف في قول الاصمعي ، تشبيها بالقضيب من الشجر ، وقيل : بل القضيب من القضب بمعنى المقضوب ، لا يسمى قضيبا إلا بعد القطع. والقباع : ما يضبب طرف قائمة السيف ، وأكثر ما يقال له : القبيعة ، والذوابة ما يعلق به من قائمه. والبكرات : الحل ونعلق السيف : حديدة تكون في آخر الغمد ، كانت فضة في سيف رسول الله (ص). والسكب الواسع الجري كأنه يسكب الارض ، أي يصبها (١).

وقال الجزري : يقال : ناقة شحوى ، أي واسعة الخطو ، ومنه أنه كان للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فرس يقال له الشحاء ، هكذا روي بالمد وفسر بأنه الواسع الخطو.

وقال الكازروني : وسمي بالبحر لسعة جريه. والفلك بكسر الفاء جمع فلكة للثدي ، أو فلكة المغزل. والعنزة : رمح صغير. ويدعم عليها أي يتكئ. والعرجون : من عيدان العنب. والموتصله من الوصل ، كأنه سمي بذلك تفألا بوصوله إلى العدو. و الدلدل لعلها سميت به تشبيها بالدلدل وهو القنفذ ، أو بشئ يشبهه ، فلعلها شبهت به لقلة سكونها. والايلية : منسوبة إلى قرية بالشام. والمحذوفة (٢) : المقطوعة الذنب. و العفير : تصغير الاعفر كسويد وأسود حذفت همزتهما. والقياس اعيفر ، وهو لون أبيض تعلوه حمرة ، ويعفور مثل أعفر كأخضر ويخضور. والسبت بالكسر : جلود البقر المدبوغة (٣) وإنما سميت الركوة بالصادر لانه يصدر عنها بالري. والجامع في اسم المقراض لانه يجمع ما يراد قرضه به ، وذلك من جودته. قوله : فلهش أي فلقدهش ، يقال هش للمعروف ،

____________________

(١) المنتقى في مولود المصطفى : الفصل الرابع في جامع أوصافه صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٢) في المصدر : محذوفة ولعله مصحف.

(٣) في المصدر : والسبت : جلد لم يدبغ. أقول : فيه وهم والصحيح ما في الصلب.

١٢٨

أي اشتهاه ، ورجل هش : طلق المحيا انتهى (١).

٦٤ ـ وقال القاضي عياض في الشفاء : روي عن محمد بن جبير (٢) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لي خمسة أسماء : أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب ، قد سماه الله في كتابه محمدا وأحمد ، فمن خصائصه تعالى له أن ضمن أسماءه ثناءه ، وطوى أثناء ذكر (٣) عظيم شكره ، فأما اسمه أحمد فأفعل مبالغة من صفة الحمد ، ومحمد مفعل مبالغة من كثرة الحمد ، فهو صلى‌الله‌عليه‌وآله أجل من حمد ، وأفض من حمد ، وأكثر الناس حمدا ، فهو أحمد المحمودين ، وأحمد الحامدين ، ومعه لوآء الحمد يوم القيامة ليتم له كمال الحمد ، ويتشهر في تلك العرصات بصفة الحمد ، ويبعثه ربه هناك مقاما محمودا ، كما وعده ، يحمده فيه الاولون والآخرون بشفاعته لهم ، ويفتح عليه من المحامد كما قال صلى‌الله‌عليه‌وآله ما لم يعط غيره ، وسمي امته في كتب أنبيآئه بالحامدين ، فحقيق أن يسمي محمدا وأحمد ، ثم في هذين الاسمين من عجائب خصائصه ، وبدايع آياته فن آخر ، وهو أن الله جل اسمه حمى أن يسمى بهما أحد قبل زمانه ، أما أحمد الذي أتى في الكتب وبشرت به الانبياء فمنع الله تعالى بحكمته أن يسمى به أحد غيره ، ولا يدعى به مدعو قبله حتى لا يدخل (٤) لبس على ضعيف القلب ، أو شك ، وكذلك محمد أيضا لم يسم به أحد من العرب ولا غيرهم إلى أن شاع قبيل وجوده وميلاده أن نبيا يبعث اسمه محمد ، فسمي قوم قليل أبنائهم لرجاء أن يكون أحدهم هو ، والله أعلم حيث يجعل رسالته ، وهم محمد بن احيحة بن الجلاح الاوسي ، ومحمد بن مسلمة الانصاري ، ومحمد بن براء (٥) البكري ، ومحمد بن سفيان بن مجاشع ، ومحمد بن حمران (٦) الجعفي ، ومحمد بن خزاعي

____________________

(١) المنتقى في مولود المصطفى : الفصل الرابع في جامع أوصافه صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٢) في المصدر : محمد بن جبير ، عن أبيه ، أقول : هو الصواب ، لانه محمد بن جبير بن مطعم ابن عدى بن نوفل المتوفى على رأس المائة ، وهو تابعى.

(٣) في نسخة المصنف : ذكره.

(٤) في المصدر : حتى يدخل.

(٥) في المصدر : محمد بن بداء ، وفي المحبر : محمد بن بر بن عتوارة بن عامر بن ليث بن بكر ابن عبد مناة بن كنانة انتهى وقال شارح الشفاء : بداء بفتح موحدة ، وتشديد دال مهملة بعدها الف ممدودة ، وفي نسخة صحيحة بباء موحدة فراء ممدودة. وعده أبوموسى من الصحابة.

(٦) في المصدر : عمران ، وفي المحبر وشرح الشفاء عن نسخة : حمران مثل ما في الصلب.

١٢٩

السلمي (١) لا سابع لهم ، حتى تحققت السمتان له صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولم ينازع فيهما ، وأما قوله : « وأنا الماحي » فقد ورد في الحديث في تفسيره أنه الذي محيت به سيئات من اتبعه ، وقيل : معنى على قدمي ، أي يحشر الناس بمشاهدتي ، كما قال : « لتكونوا شهداء على الناس و يكون الرسول عليكم شهيدا « وروي عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : لي عشرة أسمآء ، وذكر منه » طه ويس « حكاه مكي ، وقد قيل في بعض التفاسير : « طه » أنه يا طاهر ، يا هادي ، وفي « يس » يا سيد ، حكاه السلمي عن الواسطي ، وعن جعفر بن محمد.

ومن أسمائه صلى‌الله‌عليه‌وآله : رسول الرحمة ، ورسول الراحة ، ورسول الملاحم. وفي حديثه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « أتاني ملك فقال لي : أنت قثم » أي مجتمع ، والقثوم : الجامع للخير ، ومن أسمائه صلى‌الله‌عليه‌وآله : النور ، والسراج المنير ، والمنذر ، والنذير ، والمبشر ، والبشير ، والشاهد ، والشهيد ، والحق المبين ، وخاتم النبيين ، والرؤوف الرحيم ، والامين ، وقدم صدق ، ورحمة للعالمين ، ونعمة الله ، والعروة الوثقى ، والصراط المستقيم ، والنجم الثاقب ، والكريم ، والنبي الامي ، وداعي الله ، والمصطفى ، والمجتبى ، وأبوالقاسم ، والحبيب ، و رسول رب العالمين ، والشفيع المشفع ، والمتقي ، والمصلح ، والطاهر ، والمهيمن ، والصادق ، والمصدق ، والهادي ، وسيد ولد آدم (٢) ، وإما المتقين ، وقائد الغر المحجلين ، وحبيب الله ، وخليل الرحمن ، وصاحب الحوض المورود والشفاعة ، والمقام المحمود ، وصاحب الوسيلة ، و صاحب التاج والمعراج ، واللواء والقضيب ، وراكب البراق والناقة والنجيب ، وصاحب الحجة والسلطان ، والخاتم والعلامة والبرهان ، وصاحب الهراوة والنعلين ومن أسمائه صلى‌الله‌عليه‌وآله في الكتب المتوكل ، والمختار ، ومقيم السنة ، والمقدس ، وروح القدس (٣) ، وهو معنى البار قليط في الانجيل ، وقال تغلب : البار قليط : الذي يفرق بين الحق والباطل.

ومن أسمائه صلى‌الله‌عليه‌وآله في الكتب السالفة ماذ ماذ ، ومعناه طيب طيب ، وحمطايا ، و

____________________

(١) ذكرهم أيضا البغدادي في المحبر : ١٣٠.

(٢) زاد في المصدر : وسيد المرسلين.

(٣) زاد في المصدر : وروح الحق.

١٣٠

الخاتم ، والخاتم حكاه كعب الاحبار ، وقال تغلب : فالخاتم الذي ختم الانبياء (١) ، و الخاتم أحسن الانبياء خلقا وخلقا ، ويسمى بالسريانية مشفح والمتخمنا (٢) ، واسمه أيضا في التوراة أحيد ، روي ذلك عن ابن سيرين ، ومعنى صاحب القضيب أي السيف ، وقع ذلك مفسرا في الانجيل ، قال : معه قضيب من حديد يقاتل به ، وامته كذلك ، وقد يحمل على أنه القضيب الممشوق الذي كان يمسكه ، وأما الهراوة فهي العصا ، وأراها العصا المذكورة في حديث الحوض ، وأما التاج فالمراد به العمامة ، ولم يكن حينئذ إلا للعرب ، والعمائم تيجان العرب ، وكانت كنيته المشهورة أبا القاسم ، وعن أنس أنه لما ولد له إبراهيم جاء جبرئيل عليه‌السلام فقال له : السلام عليك يا أبا إبراهيم ( ٣).

٦٥ ـ ع : العطار ، عن سعد ، عن عبدالله بن عامر ، عن ابن أبي نجران ، عن يحيى الحلبي ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سئل عن قول الله عزوجل : « واوحي إلي هذا القرآن لانذركم به ومن بلغ » قال : بكل لسان (٤).

ير : عبدالله بن عامر (٥).

بيان : اختلف في قوله تعالى : « ومن بلغ » فقيل : المعنى ولا خوف به من بلغه القرآن إلى يوم القيامة ، وروى الحسن في تفسيره عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : من بلغه أني أدعو إلى أن لا إله إلا الله فقد بلغه ، يعني بلغته الحجة ، وقامت عليه ، وسيأتي الاخبار الكثيرة في أن معناه ومن بلغ أن يكون إماما من آل محمد فهو ينذر بالقرآن كما أنذر به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأما هذا الخبر فلعله عليه‌السلام حمله على أحد المعنيين الاولين ، والتقدير لانذر به من بلغه القرآن من أهل كل لسان ، ولا يختص بالعرب ، أو لانذر كل من بلغه دعوتي بلغتهم ، واكلمهم بلسانهم ، وهو أظهر ، والله يعلم.

٦٦ ـ ع : ابن الوليد ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، ومحمد البرقي ،

____________________

(١) في المصدر : ختم به الانبياء.

(٢) في المصدر : المنحمنا.

(٣) شرح الشفا ١ : ٤٨٥ ـ ٥٠٠.

(٤) علل الشرائع : ٥٣.

(٥) بصائر الدرجات : ٦٢.

١٣١

عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقرؤ الكتاب ولا يكتب (١).

٦٧ ـ ع : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن البزنطي ، عن أبان ، عن الحسن الصيقل قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : كان مما من الله عزوجل به على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه كان اميا لا يكتب ويقرؤ الكتاب (٢).

٦٨ ـ فس : أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله : « هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم » قال : كانوا يكتبون ، ولكن لم يكن معهم كتاب من عند الله ، ولا بعث إليهم رسولا فنسبهم إلى الاميين (٣).

٦٩ ـ فس : قال علي بن إبراهيم في قوله : « وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون » : وهو معطوف على قوله في سورة الفرقان : « اكتتبها وهي تملى عليه بكرة وأصيلا » فرد الله عليهم فقال : كيف يدعون أن الذي تقرءه أو تخبر به تكتبه عن غيرك وأنت ما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون ، أي شكوا (٤).

٧٠ ـ مع ، ع : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن محمد البرقي ، عن جعفر بن محمد الصوفي قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي الرضا عليه‌السلام فقلت : يا ابن رسول الله لم سمي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الامي؟ فقال : ما تقول الناس؟ قلت : يزعمون أنه إنما سمي الامي لانه لم يحسن أن يكتب ، فقال عليه‌السلام : كذبوا عليهم لعنة الله ، أنى ذلك والله يقول في محكم كتابه : « هو (٥) الذي بعث في الاميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة « فكيف كان يعلمهم ما لا يحسن؟ والله لقد كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقرأ

____________________

(١) علل الشرائع : ٥٣.

(٢) علل الشرائع : ٥٣.

(٣) تفسير القمى : ٦٧٨.

(٤) تفسير القمي : ٤٩٧.

(٥) في نسخة المصنف والمصدر : وهو الذي. والمصحف الشريف خال عن العاطف.

١٣٢

ويكتب باثنين وسبعين ، أو قال : بثلاثة وسبعين لسانا ، وإنما سمي الامي لانه كان من أهل مكة ، ومكة من امهات القرى ، وذلك قول الله عزوجل : « لتنذر ام القرى ومن حولها » (١).

ختص ، ير : ابن عيسى مثله (٢).

٧١ ـ ع : ابن الوليد ، عن سعد ، عن الخشاب ، عن علي بن حسان وعلي بن أسباط و غيره رفعه عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت : إن الناس يزعمون أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكتب

ولا يقرأ فقال : كذبوا لعنهم الله ، أنى يكون ذلك؟ وقد قال الله عز وجل : « هو الذي (٣) بعث في الاميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين » فيكون يعلمهم الكتاب والحكمة ، وليس يحسن أن يقرأ أو يكتب؟ قال : قلت : فلم سمي النبي الامي؟ قال : نسب إلى مكة وذلك قول الله عز وجل : « لتنذر ام القرى ومن حولها » فام القرى مكة ، فقيل : امي لذلك (٤) ير : عبدالله بن محمد ، عن الخشاب (٥).

شى : عن ابن أسباط مثله (٦).

٧٢ ـ ع : أبي ، عن سعد ، عن معاوية بن حكيم ، عن البزنطي ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان مما من الله عزوجل على رسول الله (٧) صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه كان يقرأ ولا يكتب ، فلما توجه أبوسفيان إلى احد كتب العباس إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فجاءه الكتاب وهو في بعض حيطان المدينة ، فقرءه ولم يخبر أصحابه وأمرهم أن يدخلوا المدينة ، فلما

____________________

(١) علل الشرائع : ٥٣ ، معانى الاخبار : ٢٠.

(٢) بصائر الدرجات : ٦٢. الاختصاص : مخطوط.

(٣) في نسخة المصنف وعلل الشرائع : وهو الذي. والبصائر والمصحف الشريف خاليان عن العاطف.

(٤) علل الشرائع : ٥٢.

(٥) بصائر الدرجات : ٦٢ وفيه : علي بن أسباط أو غيره.

(٦) تفسير العياشي : مخطوط.

(٧) على رسوله خ ل.

١٣٣

دخلوا المدينة أخبرهم (١).

بيان : يمكن الجمع بين هذه الاخبار بوجهين : الاول أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقدر على الكتابة ، ولكن كان لا يكتب ، لضرب من المصلحة ، الثاني أن نحمل أخبار عدم الكتابة والقراءة على عدم تعلمها من البشر ، وسائر الاخبار على أنه كان يقدر عليهما بالاعجاز ، وكيف لا يعلم من كان عالما بعلوم الاولين والآخرين ، إن هذه النقوش موضوعة لهذه الحروف ، ومن كان يقدر بإقدار الله تعالى له على شق القمر وأكبر منه كيف لا يقدر على نقش الحروف والكلمات على الصحائف والالواح؟ والله تعالى يعلم.

٧٣ ـ ع : الطالقاني ، عن أحمد بن إسحاق المادرائي (٢) ، عن أبي قلابة عبدالملك ابن محمد ، عن غانم بن الحسن السعدي ، عن مسلم بن خالد المكي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : ما أنزل الله تبارك وتعالى كتابا ولا وحيا إلا بالعربية ، فكان يقع في مسامع الانبيآء بألسنة قومهم ، وكان يقع في مسامع نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله بالعربية ، فإذا كلم به قومهم (٣) كلمهم بالعربية ، فيقع في مسامعهم بلسانهم ، وكان أحد لا يخاطب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بأي لسان خاطبه إلا وقع في مسامعه بالعربية ، كل ذلك يترجم جبرئيل عليه‌السلام له وعنه تشريفا من الله عزوجل له صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤).

٧٤ ـ ير : الحسن بن علي ، عن أحمد بن هلال ، عن خلف بن حماد ، عن عبدالرحمن ابن الحجاج قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقرأ ويكتب ويقرأ ما لم يكتب (٥).

٧٥ ـ قب : قوله : « النبي الامي الذي يجدونه » وقال عليه‌السلام : نحن امة امية لا نكتب ولا نحسب.

____________________

(١) علل الشرائع : ٥٣.

(٢) في المصدر : الماذرائى بالبصرة. أقول : لعل الصحيح ما في المتن بالدال المهملة ، نسبة إلى مادرايا من أعمال البصرة.

(٣) في المصدر : قومه.

(٤) علل الشرائع : ٥٣.

(٥) بصائر الدرجات : ٦٢.

١٣٤

وقيل : امي منسوبة إلى امة يعني جماعة عامة ، والعامة لا تعلم الكتابة ، ويقال سمي بذلك لانه من العرب ، وتدعى العرب الاميون.

قوله : « هو الذي بعث في الاميين » وقيل : لانه يقول يوم القيامة : امتي امتي ، وقيل : لانه الاصل ، وهو بمنزلة الام التي يرجع الاولاد إليها ، ومنه ام القرى ، و قيل : لانه لامته بمنزلة الوالدة الشفيقة بولدها ، فإذا نوي في القيامة : « يوم يفر المرء من أخيه » تمسك بامته ، وقيل : منسوبة إلى ام وهي لا تعلم الكتابة ، لان الكتابة من أمارات الرجال ، وقالوا : نسب إلى أمة ، يعني الخلقة ، قال الاعشى :

وإن معاوية الاكرمين

حسان الوجوه طوال الامم

قال المرتضى في قوله تعالى : « وما كنت تتلو من قبله من كتاب » الآية ، ظاهر الآية يقتضي نفي الكتابة والقراءة بما قبل النبوة دون ما بعدها ، ولان التعليل في الآية يقتضي اختصاص النفي بما قبل النبوة ، لانهم إنما يرتابون في نبوته لو كان يحسنها قبل النبوة ، فأما بعدها فلا تعلق له بالريبة ، فيجوز أن يكون تعلمهما من جبرئيل بعد النبوة ، ويجوز أن لم يتعلم فلا يعلم ، قال الشعبي وجماعة من أهل العلم : ما مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى كتب وقرأ ، وقد شهر في الصحاح والتواريخ قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ايتوني بدوات وكتف أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا (١).

____________________

(١) مناقب آل أبى طالب ١ : ١٦١.

١٣٥

(باب ٧ )

*(آخر نادر في معنى كونه صلى‌الله‌عليه‌وآله يتيما وضالا وعائلا ، )*

*(ومعنى انشراح صدره * وعلة يتمه ، والعلة التى من)*

*(أجلها لم يبق له صلى‌الله‌عليه‌وآله ولد ذكر)*

الايات : الضحى « ٩٣ » : والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى وللآخرة خير لك من الاولى * ولسوف يعطيك ربك فترضى * ألم يجدك يتيما فآوى * ووجدك ضالا فهدى * ووجدك عائلا فأغنى * فأما اليتيم فلا تقهر * وأما السائل فلا تنهر * وأما بنعمة ربك فحدث ١ ـ ١١.

بسم الله الرحمن الرحيم * ألم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنك وزرك * الذي أنقض ظهرك * ورفعنا لك ذكرك * فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا * فإذا فرغت فانصب * وإلى ربك فارغب ١ ـ ٨.

تفسير : قال المفسرون : في سبب نزول سورة الضحى : قال ابن عباس : احتبس الوحي عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله خمسة عشر يوما ، فقال المشركون : إن محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله قد ودعه ربه و قلاه ، ولو كان أمره من الله تعالى لتتابع عليه ، فنزلت : وقيل : إنما احتبس اثنى عشر يوما ، وقيل أربعين يوما ، وقيل : سألت اليهود رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن ذي القرنين ، وأصحاب الكهف ، وعن الروح ، فقال : ساخبركم غدا ، ولم يقل : إن شاء الله ، فاحتبس عنه الوحي هذه الايام ، فاغتم لشماتة الاعداء ، فنزلت تسلية لقلبه : « والضحى » أي وقت ارتفاع الشمس أو النهار « والليل إذا سجى » أي سكن أهله ، أو ركد ظلامه « ما ودعك ربك » ما قطعك ربك قطع المودع ، وهو جواب القسم « وما قلى » أي ما أبغضك « ولسوف يعطيك ربك فترضى » أي من الحوض والشفاعة وسائر ما أعد له من الكرامة ، أو في الدنيا أيضا من إعلاء الدين ، وقمع الكافرين ، « ألم يجدك يتيما فآوى » قال الطبرسي رحمه‌الله : في

١٣٦

معناه قولان : أحدهما أنه تقرير لنعمة الله عليه حين مات أبوه وبقي يتيما فآواه الله بأن سخر له عبدالمطلب ثم أبا طالب (١) ، وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله مات أبوه وهو في بطن امه أو بعد ولادته بمدة قليلة ، وماتت امه وهو ابن سنتين ، ومات جده وهو ابن ثماني سنين. وسئل الصادق عليه‌السلام لم اوتم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن أبويه؟ فقال : لئلا يكون لمخلوق عليه حق.

والآخر أن يكون المعنى ألم يجدك واحدا لا مثل لك في شرفك وفضلك فآواك إلى نفسه ، واختصك برسالته ، من قولهم : درة يتيمة : إذا لم يكن لها مثل ، وقيل : فآواك ، أي جعلك مأوى للايتام بعد أن كنت يتيما ، وكفيلا للانام بعد أن كنت مكفولا. « ووجدك ضالا فهدى » فيه أقوال : أحدها وجدك ضالا عما أنت عليه الآن من النبوة والشريعة ، أي كنت غافلا عنهما فهداك إليهما ، ونظيره « ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان » وقوله : « وإن كنت من قبله لمن الغافلين » فمعنى الضلال على هذا هو الذهاب عن العلم ، مثل قوله تعالى : « أن تضل إحداهما ».

وثانيها : أن المعني وجدك متحيرا لا تعرف وجوه معاشك فهداك إليها ، فإن الرجل إذا لم يهتد إلى طريق مكسبه يقال : إنه ضال (٢).

وثالثها : أن المعنى وجدك لا تعرف الحق فهداك إليه بإتمام العقل ، ونصب الادلة والالطاف حتى عرفت الله بصفاته بين قوم ضلال مشركين.

ورابعها : وجدك ضالا في شعاب مكة فهداك إلى جدك عبدالمطلب ، فروي أنه ضل في شعاب مكة وهو صغير فرآه أبوجهل ورده إلى جده عبدالمطلب ، فمن الله سبحانه بذلك عليه إذ رده إلى جده على يدي عدوه عن ابن عباس.

وخامسها : ما روي أن حليمة بنت أبي ذؤيب لما أرضعته مدة وقضت حق الرضاع ثم أرادت رده إلى جده جاءت به حتى قربت من مكة فضل في الطريق ، فطلبته جزعة

____________________

(١) في المصدر زيادة هي : وسخره للاشفاق عليه وحببه إليه حتى كان أحب إليه من أولاده ، فكفله ورباه ، واليتيم من لا أب له.

(٢) في المصدر : انه ضال لا يدري إلى أين يذهب ، ومن أى وجه يكتسب.

١٣٧

وكانت تقول : لئن لم أره لارمين نفسي عن شاهق ، وجعلت تصيح : وا محمداه ، قالت : فدخلت مكة على تلك الحال ، فرأيت شيخا متوكئا على عصا ، فسألني عن حالي فأخبرته فقال : لا تبكي فأنا أدلك على من يرده عليك ، فأشار إلى هبل صنمهم الاعظم ، ودخل البيت وطاف بهبل وقبل رأسه وقال : يا سيداه لم تزل منتك جسيمة ، رد محمدا على هذه السعدية ، قال (١) : فتساقطت الاصنام لما تفوه باسم محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وسمع صوت : إن هلاكنا على يدي محمد ، فخرج وأسنانه تصطك ، وخرجت إلى عبدالمطلب وأخبرته بالحال ، فخرج وطاف بالبيت ، ودعا الله سبحانه فنودي واشعر بمكانه ، فأقبل عبدالمطلب فتلقاه ورقة بن نوفل في الطريق ، فبيناهما يسيران إذا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قائم تحت شجرة يجذب الاغصان ، ويعبث (٢) بالورق ، فقال عبدالمطلب : فداك نفسي ، وحمله ورده إلى مكة (٣).

وسادسها : ما روي أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله خرج مع عمه أبي طالب في قافلة ميسرة (٤) غلام خديجة ، فبينا هو راكب ذات ليلة ظلمآء إذ جاء إبليس فأخذ بزمام ناقته فعدل به عن الطريق ، فجآء جبرئيل عليه‌السلام فنفخ إبليس (٥) نفخة وقع منها إلى الحبشة ، ورده إلى القافلة ، فمن الله عليه بذلك.

وسابعها : أن المعنى وجدك مضلولا عنك في قوم لا يعرفون حقك فهداهم إلى معرفتك وأرشدهم إلى فضلك ، والاعتراف بصدقك ، والمراد أنك كنت خاملا لا تذكر ولا تعرف فعرفك الله إلى الناس حتى عرفوك وعظموك.

« ووجدك عائلا » أي فقيرا لا مال لك « فأغنى » أي فأغناك بمال خديجة ، ثم بالغنائم ، وقيل : فأغناك بالقناعة ، ورضاك بما أعطاك وروى العياشي بإسناده عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام في قوله : « ألم يجدك يتيما فآوى « قال عليه‌السلام : فردا لا مثل لك في المخلوقين فآوى الناس إليك.

____________________

(١) قالت خ ل.

(٢) في المصدر : ويلعب.

(٣) ذكره في المصدر عن كعب.

(٤) مسيرة خ ل ، أقول : هو وهم.

(٥) في المصدر : فنفخ بابليس.

١٣٨

« ووجدك ضالا فهدى » أي ضالة في قوم لا يعرفون فضلك فهداهم إليك. « ووجدك عائلا » تعول أقواما بالعلم فأغناهم بك.

« فأما اليتيم فلا تقهر » أي لا تقهره على ماله فتذهب بحقه لضعفه. وقيل : أي لا تحقر اليتيم فقد كنت يتيما « وأما السائل فلا تنهر » أي لا تنهره ولا ترده إذا أتاك يسألك ، فقد كنت فقيرا ، فإما أن تطعمه ، وإما أن ترده ردا لينا « وأما بنعمة ربك فحدث » معناه اذكر نعم الله تعالى وأظهرها وحدث بها انتهى (١) كلامه رفع الله مقامه.

وقال البيضاوي (٢) في قوله تعالى : « ألم نشرح لك صدرك » : ألم نفسحه حتى وسع مناجات الحق ودعوة الخلق ، فكان غائبا حاضرا؟ أو ألم نفسحه بما أودعنا فيه من الحكم ، وأزلنا عنه ضيق الجهل؟ أو بما يسرنا لك تلقي الوحي بعد ما كان يشق عليك؟ وقيل : إنه إشارة إلى ما روي أن جبرئيل أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في صباه أو يوم الميثاق فاستخرج قلبه وغسله ، ثم ملاه إيمانا وعلما ، ولعله إشارة إلى نحو ما سبق ، ومعنى الاستفهام إنكار نفي الانشراح مبالغة في إثباته ، ولذلك عطف عليه « ووضعنا عنك وزرك » عبأك الثقيل « الذي أنقض ظهرك » الذي حمله على النقيض ، وهو صوت الرحل عند الانتقاض من ثقل الحمل ، وهو ما ثقل عليه من فرطاته قبل البعثة ، أو جهله بالحكم و الاحكام ، أو حيرته ، أو تلقي الوحي ، أو ما كان يرى من ضلال قومه مع العجز عن إرشادهم ، أو من إصرارهم وتعديهم في إيذائه حين دعاهم إلى الايمان.

« ورفعنا لك ذكرك » بالنبوة وغيرها « فإن مع العسر » كضيق الصدر والوزر المنقض للظهر وضلال القوم وإيذائهم « يسرا » كالشرح والوضع والتوفيق للاهتداء والطاعة ، فلا تيأس من روح الله إذا عراك ما يغمك « إن مع العسر يسرا » تكرير للتأكيد ، أو استيناف وعدة بأن العسر مشفوع بيسر آخر ، كثواب الآخرة « فإذا فرغت » من التبليغ « فانصب » فاتعب في العبادة شكرا بما عددنا عليك من النعم السالفة ، ووعدنا بالنعم

____________________

(١) مجمع البيان ١٠ : ٥٠٤ ـ ٥٠٦.

(٢) ما نقله عن البيضاوي لا ينطبق على ما في تفسيره ، والظاهر أنه أخرجه عن غيره ، ولا ينطبق أيضا على ما قاله الرازي والزمخشرى في تفسيرهما.

١٣٩

الآتية ، وقيل : فإذا فرغت من الغزو فانصب في العبادة ، أو فإذا فرغت من الصلاة فانصب في الدعاء « وإلى ربك فارغب » بالسؤال ، ولا تسأل غيره ، فإنه القادر وحده على إسعافه (١). أقول : اعلم أن شق بطنه صلى‌الله‌عليه‌وآله في صغره في روايات العامة كثيرة مستفيضة كما عرفت ، وأما رواياتنا وإن لم يرد فيها بأسانيد معتبرة لم يرد نفيها أيضا ، ولا يأبى عنه العقل أيضا ، فنحن في نفيه وإثباته من المتوقفين ، كما أعرض عنه أكثر علمائنا

____________________

(١) قال الشريف الرضى قدس الله روحه الشريفة في تلخيص البيان : ٢٧٩ : وهذا القول مجاز واستعارة ، لان النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يجوز أن ينتهى عظم ذنبه إلى حال انقاض الظهر وهو صوت تقعقع العظام من ثقل الحمل ، لان هذا القول لا يكون الا كناية عن الذنوب العظيمة و الافعال القبيحة ، وذلك غير جائز على الانبياء عليهم‌السلام ، في قول من لا يجيز عليهم الصغائر و الكبائر ، وفي قول من يجيز عليهم الصغائر دون الكبائر ، لان الله تعالى قد نزههم عن موبقات الانام ومستحقات « مستقبحات ظ » الافعال ، اذ كانوا امناء وحيه ، وألسنة أمره ونهيه ، وسفرائه إلى خلقه ، وقد استقصينا الكلام في باب مفرد من كتابنا الكبير ، فنقول : إن المراد هاهنا بوضع الوزر ليس على ما يظنه المخالفون ، من كونه كناية عن الذنب ، وإنما المراد به ما كان يعانيه النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله من الامور المستصعبة والمواقف الخطرة في أداء الرسالة ، وتبليغ النذارة ، وما كان يلاقيه صلى‌الله‌عليه‌وآله من مضار قومه ، ويتلقاه من مرامى ايدى معشره ، وكل ذلك حرج في صدره ، وثقل على ظهره ، فقرره الله تعالى بأنه أزال عنه تلك المخاوف كلها ، و حط عن ظهره تلك الاعباء بأسرها ، وأداله من أعدائه ، وفضله على أكفائه ، وقدم ذكره على كل ذكر ، ورفع قدره على كل قدر ، حتى أمن بعد الخيفة ، واطمأن بعد القلقة ، وخرج من حقائق الضغطة إلى مفاسح الغبطة ، ومن عقال الانقباض إلى محال الانبساط ، فلذلك قال سبحانه : « ألم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنك وزرك * الذي انقض ظهرك * ورفعنا لك ذكرك » وهذه الامور التى امتن الله تعالى عليه بأنه فعلها به متشابهة في المعنى ، لان شرح الصدر ووضع الوزر إذا كان بمعنى ازالة الثقل من الهم ، ورفع الذكر أحوال يشبه بعضها البعض ، فلا معنى لتاول الوزر هنا على أنه الذنب والمعصية ، ولا دليل في الاية على ذلك ، مع ما في القول به من الغمز في مزايا الانبياء الذين قد رفع الله سبحانه أقدارهم ، وأعلى منارهم ، وألزمنا اتباع مناهجهم وثقيل طرائقهم وتقبل أوامرهم. فان قال قائل : إن هذه السورة مكية وكان نزولها وهو عليه‌السلام بعد في حال الخوف والمراقبة وضعف اليد عن المغالبة ، قيل له : لا يمتنع أن يكون الله تعالى بشره بما تؤول إليه عواقب أمره من انجلاء الكربة ، وانحسار اللزبة ، وقوة السلطان ، وانتشار الاعلام ، فقال المتوقع من ذلك عنده مقام الواقع لتصديقه وسكونه إلى صحته ، فزال ما كان يعانيه من أثقال الهموم ، و يقاسيه من خناق الكروب ، وهذا جواب مقنع بتوفيق الله وعونه.

١٤٠