بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٢٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

ضليع الفم (١) أشم أشنب (٢) مفلج الاسنان ، سبط الشعر ، دقيق المسربة ، معتدل الخلق ، مفاض البطن ، عريض الصدر ، كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة ، سائل الاطراف ، منهوس (٣) العقب قصير الحنك ، داني الجبهة ، ضرب اللحم بين الرجلين ، كان في خاصرته انفتاق ، فعم الاوصال ، لم يكن بالطويل البائن ، ولا بالقصير الشائن ، ولا بالطويل الممغط ، ولا بالقصير المتردد ، ولا بالجعد القطط ، ولا بالسبط ولا بالمطهم ولا بالمكلثم ولا بالابيض الامهق ، ضخم الكراديس ، جليل المشاش (٤) ، كنوز المنخر (٥) ، لم يكن في بطنه ولا في صدره شعر إلا موصل ما بين اللبة إلى السرة كالخط ، جليل الكتد ، أجرد ذا مسربة ، وكان أكثر شيبه في فودي رأسه وكأن كفه كف عطار مسها بطيب ، رحب الراحة ، سبط القصب ، وكان إذا رضي وسر فكأن وجهه المرآة ، وكان فيه شئ من صور ، يخطو تكفؤا ، ويمشي الهوينا ، يبدؤ القوم إذا سارع إلى خير ، وإذا مشى تقلع كأنما ينحدر في صبب ، إذا تبسم يتبسم عن مثل المنحدر عن بطون الغمام ، وإذا افتر افتر عن سنا البرق إذا تلالا ، لطيف الخلق ، عظيم الخلق ، لين الجانب إذا طلع بوجهه على الناس رأوا جبينه كأنه ضوء السراج المتوقد. كأن عرقه في وجهه اللؤلؤ ، وريح عرقه أطيب من ريح المسك الاذفر ، بين كتفيه خاتم النبوة.

أبوهريرة : كان يقبل جميعا ويدبر جميعا.

جابر بن سمرة : كانت في ساقه (٦) حموشة.

أبوحجيفة : (٧) كان قد سمط عارضاه وعنفقته بيضاء.

____________________

(١) رجل ضليع الفم أى عظيمه. وتقدم شرح بعض اللغات المشكلة في الخبر السابق.

(٢) في المصدر : أغنب ، أقول : في القاموس : الغنب كصرد : دارات أوساط أشداق الغلمان الملاح.

(٣) منهوش خ ل.

(٤) المشاش جمع المشاشة : النفس أو الطبيعة ورأس العظم اللين.

(٥) في المصدر : أنور المتجرد. وتقدم معناه.

(٦) في المصدر : في ساقيه.

(٧) في المصدر : أبوجحيفة بتقديم المعجمة وهو الصحيح ، اسم وهب بن عبدالله السوائى يقال له : وهب الخير ، صحابى معروف ، وصحب امير المؤمنين عليا عليه‌السلام ، مات سنة ٧٤.

١٨١

ام هاني : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذا ضفائر أربع ، والصحيح أنه كان له ذؤابتين ، و ومبدأها من هاشم.

أنس : ما عددت في رأس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولحيته إلا أربع عشرة شعرة بيضآء ، ويقال سبع عشرة.

ابن عمر : إنما كان شيبه نحوا من عشرين شعرة بيضآء.

البراء بن عازب : كان يضرب شعره كتفيه.

أنس : له لمة إلى شحمة اذنيه.

عائشة : كان شعره فوق الوفرة ودون الجمة (١).

بيان : قال الجزري : في صفته صلى‌الله‌عليه‌وآله كان أزهر اللون ، الازهر : الابيض المستنير ، والزهرة والزهرة : البياض النير ، وهو أحسن الالوان انتهى. ويقال : زرى عليه ، أي عابه ، وزرى به ، أي تهاون ، والمقلة بالضم : الحدقة ، وفي رواياتهم بالصاد المهملة والقاف ، قال الجزري : في حديث ام معبد ولم تزر به صقلة ، أي دقة ونحول ، يقال : صقلت الناقة : إذا أضمرتها ، وقيل : أرادت أنه لم يكن منتفخ الخاصرة جدا ، ولا ناحلا جدا ، ويروى بالسين على الابدال من الصاد ، ويروى صعلة ، وهي صغر الرأس ، وهي أيضا الدقة والنحول في البدن ، وقال في قوله : لم تعبه ثجلة. أي ضخم بطن ، ويروى بالنون والحاء ، أي نحول ودقة ، وقال الجوهري : الثجلة بالضم : عظم البطن ، وسعته ، قوله : أغر ، أي أبيض صافي اللون ، قوله : أبلج ، أي مشرق الوجه مسفرة ، ذكره الجزري ، وقال الفيروزآبادي : الحور بالتحرك : أن يشتد بياض بياض العين وسواد سوادها ، وتستدير حدقتها ، وترق جفونها ، ويبيض ما حواليها ، أو شدة بياضها ، وسوادها في شدة بياض الجسد. وقال : الكحل محركة : أن يعلوا منابت الاشفار سواد خلقة ، أو أن يسود مواضع الكحل كحل ، كفرح ، فهو أكحل ، والكحلاء : الشديدة سواد العين ، أو التي كأنها مكحولة ، وإن لم تكحل ، وقال : رجل رشق : حسن القد لطيفه ، وقال الجزري : في صفته صلى‌الله‌عليه‌وآله

____________________

(١) مناقب آل أبي طالب ١ : ١٠٧ و ١٠٨ ط ايران و ١٣٥ و ١٣٦ ط النجف.

١٨٢

كان أبيض مقصدا ، هو الذي ليس بطويل ولا قصير ولا جسيم ، كأن خلقه نحى (١) القصد من الامور ، والمعتدل الذي لا يميل إلى طرفي الافراط والتفريط ، وقال في قوله : أشكل العينين : أي في بياضها شئ من حمرة ، وهو محمود محبوب ، يقال : مآء أشكل : إذا خالطه الدم ، وقال : في صفته صلى‌الله‌عليه‌وآله كان صلت الجبين ، أي واسعه ، وقيل : الصلت : الاملس ، وقيل : البارز ، وفي حديث آخر. كان سهل الخدين صلتهما ، وقال في صفته صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنه كان مشبوح الذارعين ، أي طويلهما ، وقيل : عريضهما ، وفي رواية : كان شبح الذراعين ، والشبح : مدك الشئ بين أوتاد كالجلد والحبل ، وقال الجوهري : رجل مشبوح الذراعين عريضهما ، وكذلك شبح الذراعين بالتسكين ، وقال الجزري : في صفته صلى‌الله‌عليه‌وآله جليل المشاش ، أي عظيم رؤوس العظام كالمرفقين والكعبين والركبتين ، وقال الجوهري : هي رؤوس العظام اللينة التي يمكن مضغها ، قوله : مخطوط المتيتين ، لم أجد له معنى ، ولعله إما تصحيف الليتين من ليت العنق : صفحته ، أو المتنين من متني الظهر ، وقال الجزري : في صفته صلى‌الله‌عليه‌وآله كان أهدب الاشفار ، وفي رواية : هدب الاشفار ، أي طويل شعر الاجفان ، وقال : فيه إنه كان وافر السبلة ، السبلة بالتحريك : الشارب ، والجمع السبال ، قاله الجوهري : وقال الهروي : هي الشعرات التي تحت اللحى الاسفل ، والسبلة عند العرب : مقدم اللحية وما أسبل منها على الصدر ، وقال في صفته (ص) : كان أخضر الشمط ، أي كانت الشعرات التي شابت منه قد اخضرت بالطيب والدهن المروح انتهى ، أقول : الاظهر أن الخضرة كانت للخضاب ، وإنما حمل على ذلك لانكار أكثرهم اختضابه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقال في قوله : مفاض البطن : أي مستوي البطن مع الصدر ، وقيل : المفاض ما يكون فيه امتلاء من فيض الاناء ، ويريد به أسفل بطنه ، وقال في صفته صلى‌الله‌عليه‌وآله : منهوس الكعبين ، أي لحمهما قليل ، والنهس : أخذ اللحم بأطراف الاسنان ، والنهش : الاخذ بجميعها ، و يروى منهوس القدمين ، وبالشين أيضا ، وقال في صفة موسى عليه‌السلام : أنه ضرب من الرجال ، هو الخفيف اللحم ، الممشوق المستدق ، وقال الجوهري : الضرب : الرجل الخفيف اللحم ، وقال الجزري في صفته صلى‌الله‌عليه‌وآله : كان في خاصرتيه انفتاق ، أي اتساع ، وهو محمود في ____________________

(١) في النهاية : انحى به.

١٨٣

الرجال ، مذموم في النساء ، وقال : في صفته صلى‌الله‌عليه‌وآله كان فعم الاوصال ، أي ممتلئ الاعضاء ، يقال : فعمت الاناء وأفعمته : إذا بالغت في ملئه ، وقال في الباين : أي المفرط طولا الذي بعد عن قد الرجال الطوال ، وقال : المطهم : المنتفخ الوجه ، وقيل : الفاحش السمن ، و قيل : النحيف الجسم ، وهو من الاضداد ، وقال : المكلثم من الوجوه : القصير الحنك ، الداني الجبهة ، المستدير مع خفة اللحم ، أراد أنه كان أسيل الوجه ولم يكن مستديرا ، وقال : الامهق : الكريه البياض كلون الجص : يريد أنه كان نير البياض ، وقال : الكتد بفتح التاء وكسرها : مجتمع الكتفين ، وهو الكاهل ، وقال : الاجرد : الذي ليس على بدنه شعر ، ولم يكن كذلك ، وإنما أراد به أن الشعر كان في أماكن من بدنه ، كالمسربة ، والساعدين والساقين ، فإن ضد الاجرد الاشعر ، وهو الذي على جميع بدنه شعر ، وقال في فودي رأسه : أي ناحيته ، كل واحد منهما فود ، وقيل : الفود : معظم شعر الرأس ، وقال : الهوينا تصغير الهونى ، تأنيث الاهون ، والغرض اللين ، والتثبت ، قوله : كان يقبل جميعا ، قد عرفت ما قيل فيه ، وقد سمعت بعض مشائخي يقول : إنه كناية عن ضخامة جسمه ، ورصافة بدنه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أي كان لا يمكنه تحريك الرأس إلا بتحريك البدن ، وهو من علامات الشجاعة كما هو المشاهد في المعروفين بها ، والحموشة : الدقة ، وقال الجزري : فيه أنه كان في عنفقته شعرات بيض ، العنفقة : الشعر الذي في الشفة السفلى ، وقيل : الشعر الذي بينها وبين الذقن انتهى ، والضفائر : الذوائب المنسوجة ، وقال الجزري : فيه ما رأيت ذا لمة أحسن من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، اللمة : من شعر الرأس دون الجمة ، وسميت بذلك لانها ألمت بالمنكبين ، فإذا زادت فهي الجمة : فقال : الجمة من شعر الرأس : ما سقط على المنكبين (١).

٢١ ـ شى : في رواية صفوان الجمال ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام وعن سعد الاسكاف عن أبي جعفر عليه‌السلام : جاء أعرابي أحد بني عامر فسأل عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله فلم يجده ، قالوا : هو يفرج (٢) ، فطلبه فلم يجده ، قالوا : هو بمنى ، قال : فطلبه فلم يجده ، فقالوا : هو

____________________

(١) تقدم شرح سائر اللغات الغريبة في الاحاديث السابقة.

(٢) هكذا في نسخة المصنف ، وفي المطبوع : بقزح وهو الصحيح ، قال ياقوت : قزح بضم

١٨٤

بعرفه ، فطلبه فلم يجده ، قالوا : هو بالمشاعر ، قالوا : (١) فوجده في الموقف ، قال : حلوا لي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال الناس : يا أعرابي ما أنكرك ، إذا وجدت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وسط القوم وجدته مفخما ، قال : بل حلوه لي حتى لا أسأل عنه أحدا ، قالوا : فإن نبي الله أطول من الربعة ، وأقصر من الطويل الفاحش ، كأن لونه فضة وذهب ، أرجل الناس جمة ، وأوسع الناس جبهة ، بين عينيه غرة ، أقنى الانف ، واسع الجبين ، كث اللحية ، مفلج الاسنان ، على شفته السفلى خال ، كأن رقبته إبريق فضة ، بعيد ما بين مشاشة المكنبين ، كأن بطنه وصدره سبل (٢) سبط البنان ، عظيم البراثن ، إذا مشى مشى متكفئا وإذا التفت التفت بأجمعه ، كأن يده من لينها متن أرنب ، إذا قام مع إنسان لم ينفتل حتى ينفتل صاحبه ، وإذا جلس لم يحل حبوته (٣) حتى يقوم جليسه ، فجآء الاعرابي فلما نظر إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عرفه ، قال بمحجنه (٤) على رأس ناقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عند ذنب ناقته فأقبل الناس تقول : ما أجرأك يا أعرابي؟ قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : دعوه فإنه أرب (٥) ، ثم قال : ما حاجتك؟ قال : جاءتنا رسلك تقيموا الصلاة ، وتؤتوا الزكاة ، وتحجوا البيت ، وتغتسلوا من الجنابة ، وبعثني قومي إليك رائدا ، أبغي (٦) أن أستحلفك وأخشى أن تغضب ، قال : لا أغضب ، إني أنا الذي سماني الله في التوراة والانجيل محمد رسول الله ، المجتبى المصطفى ، ليس

____________________

أوله وفتح ثانيه ، وحاء مهملة : القرن الذي يقف الامام عنده بالمزدلفة عن يمين الامام ، وهو الميقدة وهو الموضع الذي كانت توقد فيه النيران في الجاهلية ، وهو موقف قريش في الجاهلية ، اذ كانت لا تقف بعرفة انتهى ، وفي المجمع : قزح كصرد : اسم جبل بالمزدلفة ، قال الشيخ ( أى الطوسى ) : هو جبل هناك يستحب الصعود عليه.

(١) قال خ ل.

(٢) سواء خ ل.

(٣) الحبوة بالفتح والضم : ما يحتبى به أى يشتمل به من ثوب أو عمامة.

(٤) لعل المعنى : مال أو أشار بمحجنه. والمحجن. العصا المنعطفة الرأس ، أو كل معطوف الرأس على الاطلاق.

(٥) أديب خ ل.

(٦) أى أطلب.

١٨٥

بفحاش ولا سخاب في الاسواق ، ولا يتبع السيئة السيئة ، ولكن يتبع السيئة الحسنة ، فسلني عما شئت ، وأنا الذي سماني الله في القرآن : « ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك » فسل عما شئت ، قال : إن الله الذي رفع السماوات بغير عمد هو أرسلك؟ قال : نعم هو أرسلني ، قال : بالله الذي قامت السماوات بأمره هو الذي أنزل عليك الكتاب ، وأرسلك بالصلاة المفروضة ، والزكاة المعقولة؟ قال : نعم ، قال : وهو أمرك بالاغتسال من الجنابة وبالحدود كلها؟ قال : نعم ، قال : فإنا آمنا بالله ورسله وكتابه واليوم الآخر والبعث والميزان والموقف والحلال والحرام صغيره وكبيره ، قال : فاستغفر له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ودعا (١).

توضيح : قال الجزري : في صفته صلى‌الله‌عليه‌وآله أطول من المربوع ، هو بين الطويل والقصير ، يقال : رجل ربعة ومربوع ، وقال الفيروزآبادي : البرثن كقنفذ : الكف مع الاصابع ، ومخلب الاسد ، أو هو للسبع كالاصبع للانسان.

وقال الكازروني : في رواية ، عن علي عليه‌السلام يصفه صلى‌الله‌عليه‌وآله لاعرابي : إذا نظرت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عرفته ليس بالطويل المتثنى ، ولا القصير الفاحش ، أبيض مشرب حمرة ، ربعة ، أحسن الناس ، شعره إلى شحمة اذنه ، عريض الجبهة ، ضخم العينين ، أقرن الحاجبين مفلج الثنايا ، أسيل الخد ، كث اللحية ، على شفته السفلى خال ، كأن عنقه إبريق فضة ، بعيد ما بين المنكبين ، صخم البراثن. كذا جاء في الرواية ، وقال بعض علمائنا : وأظن الصواب : ضخم الكراديس ليس على ظهره ولا بطنه إلا شعر كقضيب الفضة يجري ، شثن الكفين ، كأن كفه من لينها متن أرنب ، إذا مشى مشى متقلعا ، كأنه يهبط من صبب ، وإذا التفت التفت بأجمعه ، وإذا صوفح لم ينزع يده حتى ينزع الآخر ، وإذا احتبى إليه رجل لم يحل حبوته حتى يكون الرجل هو الذي يحل حبوته ، وإذا ضحك تبسم ، يجزي بالحسنة الحسنة ، وبالسيئة الحسنة ، ليس بسخاب في الاسواق.

ثم قال : المتثنى : الذاهب طولا ، يستعمل في طول لا عرض له ، لا يستمسك طوله من غير عرض كأنه ينحني ، قوله : إذا احتبى إليه رجل ، من عادة العرب إذا جلس

____________________

(١) تفسير العياشى : مخطوط.

١٨٦

أحدهم متمكنا أن يحتبي بثوبه ، فإذا أراد أن يقوم حل حبوته ، يعني إذا جلس إليه رجل لم يقم من عنده حتى يكون الرجل هو الذي يبدء بالقيام انتهى (١).

وقال الجزري : فيه أن رجلا اعترض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يسأله ، فصاح به الناس فقال : دعوا الرجل أرب ماله ، في هذه اللفظة ثلاث روايات : أحدها أرب بوزن علم ، ومعناها الدعآء عليه ، أي اصيبت آرابه (٢) وسقطت ، وهي كلمة لا يراد بها وقوع الامر ، كما يقال : تربت يداك وقاتلك الله ، وإنما ذكر في معنى التعجب ، وفي هذا الدعآء من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قولان : أحدهما تعجبه من حرص المسائل ومزاحمته ، والثاني لما رآه بهذه الحال من الحرص غلبه طبع البشرية فدعا عليه (٣) ، وقيل : معناه احتاج فسأل ، من أرب الرجل : إذا احتاج ، ثم قال : ماله ، أي أي شئ به وما يريد ، والرواية الثانية : أرب ماله بوزن جمل (٤) ، أي حاجة له ، وما زائدة للتقليل ، أي له حاجة يسيرة ، وقيل : معناه حاجة جاءت به ، فحذف ، ثم سأل فقال : ماله ، والرواية الثالثة : أرب بوزن كتف ، والارب : الحاذق الكامل ، أي هو أرب ، فحذف المبتدآء ، ثم سأل فقال : ماله؟ أي ما شأنه ، ومثله الحديث الآخر : أنه جاءه رجل فقال : دلني على عمل يدخلني الجنة ، فقال : أرب ما له؟ أي أنه ذو خبرة وعلم انتهى.

اقول : كان في المنقول منه دعوه فإنه أديب بالدال المهملة والياء المثناة ، ثم الموحدة ، وكان يحتمل الراء أيضا ، وقد عرفت مما نقلنا تصحيحه وتوجيهه.

٢٢ ـ كا : العدة ، عن سهل ، عن محمد بن حسن بن شمون ، عن علي بن محمد النوفلي ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال ذكرت الصوت عنده ، فقال : إن علي بن الحسين عليه‌السلام كان يقرء (٥) فربما يمر (٦) به المار فصعق من حسن صوته ، وإن الامام لو أظهر من ذلك

____________________

(١) المنتقى في مولود المصطفى : الفصل الرابع في جامع أوصافه صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٢) آراب جمع الارب : العضو.

(٣) وذلك يصح عند من يرى جواز غلبة طبع البشرية عليه كالجزرى وأمثاله وأما الامامية فهم لا يجوزون ذلك.

(٤) في النهاية : بوزن حمل.

(٥) يقرء القرآن خ ل.

(٦) مر خ ل وهو الموجود في المصدر.

١٨٧

شيئا لما احتمله الناس من حسنه ، قلت : ولم يكن رسول الله (ص) يصلي بالناس ويرفع صوته بالقرآن؟ فقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يحمل الناس من خلفه (١) ما يطيقون (٢).

٢٣ ـ كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن سيف ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر قال : قلت لابي جعفر عليه‌السلام : صف لي نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : كان نبي الله أبيض مشرب حمرة ، أدعج العينين ، مقرون الحاجبين ، شثن الاطراف ، كأن الذهب أفرغ على براثنه ، عظيم مشاشة المنكبين ، إذا التفت يلتفت جميعا من شدة استرساله ، سربته (٣) سائلة من لبته إلى سرته كأنها وسط الفضة المصفاة ، وكأن عنقه إلى كاهله إبريق فضة ، يكاد أنفه إذا شرب أن يرد المآء ، وإذا مشى تكفأ كأنه ينزل في صبب ، لم ير مثل نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قبله ولا بعده صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤).

بيان : قوله عليه‌السلام : كأن الذهب افرغ على براثنه ، لعل المراد وصف صلابة كفه صلى‌الله‌عليه‌وآله وشدة قبضه مع عدم يبس ينافي سهولة القبض ، فإن الذهب لها جهة صلابة ولين ، ويحتمل أن يكون التشبيه في الحمرة أو في النور ، وفي إعلام الورى : على تراقيه ، وقد مر مثله. قوله عليه‌السلام : من شدة استرساله ، الاسترسال. الاستيناس والطمأنينة إلى الانسان ، والثقة به فيما يحدثه ذكره الجزرى ، وهذا يدل على أن التفاته صلى‌الله‌عليه‌وآله جميعا إنما كان لعدم نخوته ، وشدة لطفه ، وحسن خلقه ، لا كما ظنه الاكثر أنه إنما كان يفعل ذلك لمتانته ووقاره كما مر ، والسربة بالضم : الشعر وسط الصدر إلى البطن. وقوله عليه‌السلام : كأنها وسط الفضة ، تشبيه بليغ ، حيث شبه هذا الخيط من الشعر في وسط البطن بما يتخيل الانسان من خط أسود في وسط الفضة المصقولة إذا كانت فيها حدبة فلا تغفل.

____________________

(١) من خلقه خ ل.

(٢) الاصول ٢ : ٦١٥.

(٣) سرته خ ل. أقول : هو مصحف.

(٤) الاصول ١ : ٤٤٣.

١٨٨

٢٤ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن حماد ، عن أيوب بن هارون ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قلت له : أكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يفرق شعره؟ قال : لا ، لان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (١) كان إذا طال شعره كان إلى شحمة اذنه (٢).

٢٥ ـ كا : العدة ، عن سهل ، عن محمد بن عيسى ، عن عمرو بن إبراهيم ، عن خلف ابن حماد ، عن عمرو بن ثابت ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قلت : إنهم يروون أن الفرق من السنة ، قال : من السنة ، قلت : يزعمون أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فرق ، قال : ما فرق النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا كانت الانبيآء تمسك الشعر (٣).

٢٦ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن أبي نصر ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : الفرق من السنة؟ قال : لا ، قلت : فهل فرق رسول الله (ص)؟ قال : نعم ، قلت : كيف فرق رسول الله (ص) وليس من السنة؟ قال : من أصابه ما أصاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يفرق كما فرق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وإلا فلا (٤) ، قلت : كيف؟ قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما صد (٥) عن البيت وقد كان ساق الهدي وأحرم (٦) أراه الله « الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون « فعلم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن الله سيفي له بما أراه ، فمن ثم وفر ذلك الشعر الذي كان على رأسه حين أحرم ، انتظارا لحلقه في الحرم حيث وعده الله عزوجل ، فلما حلقه لم يعد في توفير الشعر ، ولا كان ذلك من قبله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٧).

٢٧ ـ كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن

____________________

(١) في المصدر : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٢ و ٣) فروع الكافي ٢ : ٢١٥.

(٤) في المصدر : كما فرق رسول الله صلى الله عليه فقد أصاب سنة رسول الله صلى الله عليه و آله والا فلا.

(٥) أى منع.

(٦) في المصدر : وأحرم وأراه الله الرؤيا التى أخبره الله بها في كتابه ، إذ يقول : « لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق » اه.

(٧) فروع الكافي ٢ : ٢١٥.

١٨٩

سنان ، عن ابن مسكان ، عن إسماعيل بن عمار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا روئي في الليلة الظلمآء روئي له نور كأنه شقة قمر (١).

اقول : قال الكازروني في المنتقى : روي عن علي عليه‌السلام كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ضخم الرأس ، عظيم العينين ، هدب الاشفار ، مشرب العينين ، حمرة ، كث اللحية ، أزهر اللون ، شثن الكفين والقدمين ، إذا مشى تكفأ كأنما يمشي في صعد ، وإذا التفت إلتفت جميعا.

وفي رواية عنه عليه‌السلام أيضا قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أبيض مشربا بياضه حمرة ، أهدب الاشفار ، أسود الحدقة ، لا قصير ولا طويل ، وهو إلى الطول أقرب ، لا جعد ولا سبط عظيم المناكب ، في صدره مسربة ، شثن الكف والقدم ، كأن عرقه اللؤلؤ ، إذا مشى تكفأ كأنه يمشي في صعد ، لم أر قبله ولا بعده مثله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وعنه عليه‌السلام أيضا : قال : ليس بالذاهب طولا ، وفوق الربعة ، إذا جآء مع القوم غمرهم ، أبيض ضخم الهامة ، أغر أبلج ، أهدب الاشفار ، شثن الكفين والقدمين ، إذا مشى يتقلع كأنما ينحدر من صبب ، كأن العرق في وجهه اللؤلؤ ، لم أر قبله ولا بعده مثله ، بأبي هو وامي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وفي رواية عنه عليه‌السلام أيضا : لم يكن بالطويل الممغط ، ولا القصير المتردد ، كأنه ربعة من القوم ، ولم يكن بالجعد القطط ، ولا بالسبط ، كان جعدا رجلا ، ولم يكن بالمطهم ولا المكلثم ، وكان في الوجه تدوير (٢) ، أبيض مشرب ، أدعج العينين ، أهدب الاشفار ، جليل المشاش والكتد ، أجرد ، شثن الكفين والقدمين ، إذا مشى يتقلع كأنما يمشي في صبب ، وإذا التفت التفت جميعه ، بين كتفيه خاتم النبوة ، وهو خاتم النبيين ، أجود الناس كفا ، وأرحب الناس صدرا ، وأصدق الناس لهجة ، وأوفى الناس ذمة ، وألينهم عريكة ، وأكرمهم عشرة ، من رآه بديهة هابه ، ومن خالطه معرفة أحبه ، يقول ناعته : لم أر قبله ولا بعده مثله.

____________________

(١) اصول الكافي ١ : ٤٤٦.

(٢) تدويرا خ ل.

١٩٠

ثم قال : وقد فسر الاصمعي هذا الحديث فقال : الممغط : الذاهب طولا ويروى هذا بالغين والعين ، والمتردد : الداخل بعضه في بعض قصرا ، والمطهم : البادن الكثير اللحم ، والمكلثم : المدور الوجه كذا ذكره الاصمعي ، وقال غيره : المكلثم من الوجه : القصير الحنك ، الداني الجبهة ، المستدير الوجه ، ولا يكون إلا مع كثرة اللحم ، وقال أبوعبيد : كان أسيلا ولم يكن مستدير الوجه ، وهذا الاختلاف يكون إذا لم يكن بعده قوله : وكان في الوجه تدوير ، والاوجه أن يقال : لم يكن بالاسيل جدا ، ولا المدور مع إفراط التدوير ، كان بين المدور والاسيل ، كأحسن ما يكون ، إذ كل شئ من خلقه كان معتدلا ، والافراط غير مستحب في شئ.

وعن جابر بن سمرة قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ضليع الفم ، أشكل العينين ، منهوش العقب.

قال الراوي : قلت لسماك راويه عن جابر : ما معنى ضليع الفم؟ قال : عظيم الفم ، قلت : ما أشكل العينين؟ قال : طويل شق العين ، قلت : ما منهوش العقب؟ قال : قليل لحم العقب ، والمنهوس بالسين المهملة : قليل اللحم أيضا ، ويروى بالحرفين.

وعن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أفلج الثنيتين ، إذا تكلم رأي كالنور يخرج من بين ثناياه.

وعن أنس قال : ما عددت في رأس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولحيته إلا أربع عشرة شعرة بيضآء.

وقيل لجابر بن سمرة : كان في رأس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شيب؟ قال : لم يكن في رأس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شيب إلا شعرات في مفرق رأسه ، إذا دهن واراهن الدهن.

وقال عبدالله بن بشر : كان في عنفقته شعرات بيض.

وعن ابن عمر قال : كان شيب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نحوا من عشرين شعرة.

وفي الترمدي عن أبي رمثه قال : أتيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فرأيت الشيب أحمر.

وعن أنس قال : ما شممت رائحة قط مسكة ولا عنبرة أطيب من رائحة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا مسست شيئا قط خزة ولا حريرة ألين من كف رسول الله عليه‌السلام ، وقال أنس : كنا

١٩١

نعرف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أقبل بطيب ريحه.

وعن أبي هريرة : إن رجلا أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله إني زوجت ابنتي وإني أحب أن تعينني بشئ ، فقال : ما عندنا شئ ، ولكن إذا كان غدا فتعال وجئني بقارورة واسعة الرأس ، وعود شجر ، وآية (١) بيني وبينك أني اجيف الباب ، فأتاه بقارورة واسعة الرأس وعود شجر ، فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يسلت العرق من ذراعيه حتى امتلات القارورة ، فقال : خذها وأمر ابنتك إذا أرادت أن تطيب أن تغمس العود في القارورة وتطيب بها ، وكانت إذا تطيبت شم أهل المدينة ذلك الطيب ، فسموا بيت المتطيبين.

وذكر البخاري في تاريخه الكبير عن جابر قال : لم يكن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يمر في طريق فتبعه أحد إلا عرف أنه سلكه من طيبه.

وذكر إسحاق بن راهويه أن ذلك رائحته بلا طيب.

وروي أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا أراد أن يتغوط انشقت الارض فابتلعت غائطه وبوله ، وفاحت لذلك رائحة طيبة (٢).

٢٨ ـ ل ، لى : محمد بن أحمد الاسدي ، عن عبدالله بن زيدان ، وعلي بن العباس البجليين ، عن أبي كريب ، عن معاوية بن هشام ، عن شيبان (٣) ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رجل : يا رسول الله أسرع إليك الشيب ، قال : شيبتني هود والواقعة و المرسلات وعم يتسائلون (٤).

٢٩ ـ ما : ابن مخلد ، عن ابن السماك عن يحيى بن أبي طالب ، عن حماد بن سهيل (٥) ، عن أبي نعيم ، عن سفيان ، عن ربيعة قال : سمعت أنسا يقول : كان في رأس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولحيته عشرون طاقة بيضآء (٦).

____________________

(١) في المصدر : إيه ، أى انطق بكلمة.

(٢) المنتقى في مولود المصطفى : الفصل الرابع في جامع أوصافه صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٣) في الخصال : شيبان ، عن أبي إسحاق ، عن عكرمة.

(٤) الامالي : ١٤١ ، الخصال ١ : ٩٣ ، وفي الخصال : أبوبكر بدل رجل.

(٥) في المصدر : حماد بن سهل الثوري ، وأسقط يحيى بن أبي طالب.

(٦) أمالي ابن الشيخ : ٢٤٦. وفيه : ما كان.

١٩٢

٣٠ ـ ع : أبي ، عن سعد ، عن ابن هاشم ، عن ابن المغيرة ، عمن ذكره ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : استأذنت زليخا على يوسف ـ وساق الحديث إلى أن قال ـ : قال لها : يا زليخا ما الذي دعاك إلى ما كان (١)؟ قالت : حسن وجهك يا يوسف ، فقال : كيف لو رأيت نبيا يقال له : محمد ، يكون في آخر الزمان أحسن مني وجها ، وأحسن مني خلقا ، وأسمح مني كفا ، قالت : صدقت ، قال : وكيف علمت أني صدقت ، قالت : لانك حين ذكرته وقع حبه في قلبي ، فأوحى الله عزوجل إلى يوسف : أنها قد صدقت ، وقد أحببتها (٢) لحبها محمدا ، فأمره الله تبارك وتعالى أن تزوجها (٣).

٣١ ـ ص : بإسناده ، إلى الصدوق عن عبدالله بن حامد ، عن محمد بن حمدويه ، عن محمد بن عبدالكريم ، عن وهب بن جرير ، عن أبيه ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبي الحسين ، عن شهر بن حوشب قال : لما قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المدينة أتاه رهط من اليهود ، فقالوا : إنا سائلوك عن أربع خصال ـ وساق الحديث إلى أن قال ـ : قالوا : أخبرنا عن نومك كيف هو؟ قال : أنشدكم بالله هل تعلمون من صفة هذا الرجل الذي تزعمون أني لست به تنام عينه وقلبه يقظان؟ قالوا : اللهم نعم ، قال : وكذا نومي. الخبر (٤)

٣٢ ـ كا : حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد الكندي ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن أبان بن عثمان ، عن نعمان الرازي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : انهزم الناس يوم احد عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فغضب غضبا شديدا ، قال : وكان إذا غضب انحدر عن جبينه (٥) مثل

____________________

(١) في المصدر : إلى ما كان منك.

(٢) في المصدر : وإنى قد أحببتها.

(٣) علل الشرائع : ٣٠ وفيه : أن يتزوجها.

(٤) صص الانبياء : مخطوط ، واخرجه المصنف بتمامه في كتاب الاحتجاجات ، راجع ج ٣٠٧ : ٩.

(٥) في المصدر : عن جبينيه.

١٩٣

اللؤلؤ من العرق (١).

٣٣ ـ كتاب الغارات : لابراهيم بن محمد الثقفي بإسناده عن إبراهيم بن محمد من ولد علي عليه‌السلام قال : كان علي عليه‌السلام إذا نعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لم يك بالطويل الممغط ، ولا القصير المتردد ، وكان ربعة من القوم ، ولم يك بالجعد القطط ولا السبط ، كان جعدا رجلا ، ولم يك بالمطهم ولا المكلثم ، وكان في الوجه تدويرا ، أبيض مشرب ، أدعج العين ، أهدب الاشفار ، جليل المشاش والكتد ، أجرد ذا مسربة ، شثن الكفين والقدمين ، إذا مشى تقلع كأنما يمشي في صبب ، وإذا التفت التفت معا ، بين كتفيه خاتم النبوة وهو خاتم النبيين ، أجود الناس كفا ، وأجرء الناس صدرا ، وأصدق الناس لهجة وأوفى الناس ذمة ، وألينهم عريكة (٢) ، وأكرمهم عشيرة (٣) ، بأبي من لم يشبع ثلاثا متوالية من خبز بر حتى فارق الدنيا ، ولم ينخل دقيقة (٤).

أقول : قد مضت الاخبار في وصف خاتم النبوة في الابواب السابقة فلا نعيدها.

(باب ٩)

*(مكارم أخلاقه وسيره وسننه صلى‌الله‌عليه‌وآله)*

*(وما أدبه الله تعالى به)*

الايات : آل عمران « ٣ » : فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين. ١٥٩.

الانعام « ٦ » : قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي. ٥٠

____________________

(١) روضة الكافي : ١١٠.

(٢) العريكة : الطبيعة.

(٣) عشرة خ ل.

(٤) الغارات : لم يطبع إلى آلان ، وما ظفرت بنسخته.

١٩٤

الاعراف « ٧ » : خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين. ١٩٩

التوبة « ٩ » : ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو اذن قل اذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم. ٦١

النحل « ١٦ » : واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمركون. ١٢٧

الكهف « ١٨ » : فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا. ٦

وقال تعالى : فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا * ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا * إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لاقرب من هذا رشدا. ٢٢ ـ ٢٤

طه « ٢٠ » : ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى * إلا تذكرة لمن يخشى. ١ ـ ٣ وقال تعالى : فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آنآء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى * ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحيوة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى * وأمر أهلك بالصلوة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى. ١٣٠ ـ ١٣٢

الشعراء « ٢٦ » : وأنذر عشريك الاقربين * واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين* فإن عصوك فقل إني برئ مما تعملون * وتوكل على العزيز الرحيم * الذي يراك حين تقوم * وتقلبك في الساجدين * إنه هو السميع العليم. ٢١٤ ـ ٢٢٠

النمل « ٢٧ » : ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون. ٧٠ إلى قوله تعالى : فتوكل على الله إنك على الحق المبين. ٧٩

وقال تعالى : إنما امرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شئ وامرت أن أكون من المسلمين * وأن أتلو القرآن. ٩١ و ٩٢

العنكبوت « ٢٨ » : اتل ما اوحي إليك من الكتاب وأقم الصلوة إن الصلوة

١٩٥

تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون. ٤٥

الروم « ٣٠ » : فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون. ٦٠

الاحزاب « ٣٣ » : وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا * ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا. ٤٧ و ٤٨

فاطر « ٣٥ » : فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون. ٨

يس « ٣٦ » : وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين. ٩٦ إلى قوله تعالى : فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون. ٧٦

المؤمن « ٤٠ » : فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والابكار. ٥٥

السجدة « ٤١ » : ولا تستوي الحسنة ولا السيئة إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم * وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم. ٣٤ ـ ٣٦

الزخرف « ٤٣ » : وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون * فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون. ٨٨ و ٨٩

الاحقاف « ٤٦ » : فاصبر كما صبر اولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون. ٣٥

محمد « ٤٧ » : فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم. ١٩

ق « ٥٠ » : فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب * ومن الليل فسبحه وأدبار السجود. ٣٩ و ٤٠

إلى قوله تعالى : نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد. ٤٥

الطور « ٥٢ » : وصبر لحكم ربك فإنك بأعيينا وسبح بحمد ربك حين تقوم

١٩٦

ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم. ٤٨ و ٤٩

القلم « ٦٨ » : ن والقلم وما يسطرون * ما أنت بنعمة ربك بمجنون * وإن لك لاجرا غير ممنون * وإنك لعلى خلق عظيم * فستبصر ويبصرون * بأيكم المفتون. ١ ـ ٦ إلى قوله تعالى : فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم. ٤٨

المعارج « ٧٠ » : فاصبر صبرا جميلا. ٥

الجن « ٧٢ » : قل إنما أدعو ربي ولا اشرك به أحدا * قل إني لا أمك لكم ضرا ولا رشدا * قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا * إلا بلاغا من الله ورسالاته ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا * حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة (١) فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا * قل إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا * عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا * ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شئ عددا. ٢١ ـ ٢٨

المزمل : يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلا * نصفه أو انقص منه قليلا * أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا * إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا * إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلا * إن لك في النهار سبحا طويلا * واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا * رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا * واصبر على ما يقولون و اهجرهم هجرا جميلا * وذرني والمكذبين اولي النعمة ومهلهم قليلا. ١ ـ ١١

إلى قوله تعالى : إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه و طائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرأوا ما تيسر من القرآن علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الارض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرأوا ما تيسر منه. ٢٠

____________________

(١) هكذا في النسخة ، وهو وهم ، قوله : « اما العذاب واما الساعة » زائدة والمصحف الشريف خال عنها.

١٩٧

المدثر « ٧٤ » : يا أيها المدثر * قم فأنذر * وربك فكبر * وثيابك فطهر * والرجز فاهجر * ولا تمنن تستكثر * ولربك فاصبر. ١ ـ ٧

الدهر « ٧٦ » : إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا * فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا * واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا * ومن الليل فاسجد له و سبحه ليلا طويلا. ٢٣ ـ ٢٦

تفسير : قال الطبرسي رحمه‌الله : « فبما رحمة » ما زائدة « من الله لنت لهم » أي أن لينك لهم مما يوجب دخولهم في الدين « ولو كنت فظا » أي جافيا سئ الخلق « غليظ القلب » أي قاسي الفؤاد ، غير ذي رحمة « لانفضوا من حولك » لتفرق أصحابك عنك ، « فاعف عنهم » ما بينك وبينهم « واستغفر لهم » ما بينهم وبيني (١) « وشاورهم في الامر » أي استخراج آرائهم ، واعلم ما عندهم ، واختلف في فائدة مشاورته إياهم مع استغنائه بالوحي على أقوال :

أحدها : أن ذلك على وجه التطييب لنفوسهم ، والتألف لهم ، والرفع من أقدارهم. وثانيها : أن ذلك ليقتدي به امته في المشاورة ، ولا يرونها نقيصة ، كما مدحوا بأن أمرهم شورى بينهم (٢).

وثالثها : أن ذلك لامرين : لاجلال أصحابه ، وليقتدي امته به في ذلك.

ورابعها : أن ذلك ليمتحنهم بالمشاورة ، ليتميز الناصح من الغاش.

وخامسها : أن ذلك في امور الدنيا ، ومكائد الحرب ، ولقاء العدو ، وفي مثل ذلك يجوز أن يستعين بآرائهم « فإذا عزمت » أي فإذا عقدت قلبك على الفعل وإمضائه ، ورووا عن جعفر بن محمد ، وعن جابر بن يزيد « فإذا عزمت » بالضم ، فالمعنى إذا عزمت لك و وفقتك وأرشدتك « فتوكل على الله » أي فاعتمد على الله ، وثق به ، وفوض أمرك إليه ، وفي هذه الآية دلالة على تخصيص (٣) نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله بمكارم الاخلاق ، ومحاسن الافعال ،

____________________

(١) زاد في المصدر : وقيل : معناه فاعف عنهم فرارهم من احد واستغفر لهم من ذلك الذنب.

(٢) الشورى : ٣٨.

(٣) في المصدر : اختصاص نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله.

١٩٨

ومن عجيب أمره أنه كان أجمع الناس لدواعي الترفع ، ثم كان أدناهم إلى التواضع ، و ذلك أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله كان أوسط الناس نسبا ، وأوفرهم حسبا ، وأسخاهم وأشجعهم وأزكاهم و أفصحهم ، وهذه كلها من دواعي الترفع ، ثم كان من تواضعه أنه كان يرقع الثوب ، ويخصف النعل ، ويركب الحمار ، ويعلف الناضح (١) ، ويجيب دعوة المملوك ، ويجلس في الارض ، ويأكل في الارض (٢) ، وكان يدعو إلى الله من غير زبر ولا كهر (٣) ولا زجر ، ولقد أحسن من مدحه في قوله.

فما حملت من ناقة فوق ظهرها * أبر وأوفى ذمة من محمد (٤)

وفي قوله تعالى : « قل لا أقول لكم عندي خزائن الله » أي خزائن رحمته ، أو مقدوراته ، أو أرزاق الخلائق « ولا أعلم الغيب » الذي يختص الله تعالى بعلمه ، وإنما أعلم ما علمني « ولا أقول لكم إني ملك » أي لا أقدر على ما يقدر عليه الملك ، فاشاهد من أمر الله وغيبه ما تشاهده الملائكة « إن أتبع إلا ما يوحى إلي » يريد ما أخبركم إلا بما أنزل الله إلي (٥).

أقول : الحاصل أني لا أقدر أن آتيكم بمعجزة وآية إلا بما أقدرني الله عليه ، و أذن لي فيه ، ولا أعلم شيئا إلا بتعليمه تعالى ، ولا أعلم شيئا من قبل نفسي إلا بإلهام أو وحي منه تعالى ، ولا أقول : إني مبرأ من الصفات البشرية من الاكل والشرب وغير ذلك. وقال الطبرسي رحمه‌الله في قوله تعالى : « خذ العفو » أي ما عفا من أموال الناس ، أي ما فضل من النفقة ، فكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يأخذ الفضل من أموالهم ليس فيها شئ موقت ، ثم نزلت آية الزكاة فصار منسوخا بها ، وقيل : معناه خذ العفو من أخلاق الناس ،

____________________

(١) الناضح : البعير يستقى عليه.

(٢) في المصدر : ويأكل على الارض.

(٣) زبره عن الامر : منعه ونهاه عنه ، زبر السائل : انتهره. وفي المصدر : من غير زئر ، وهو من زأر الاسد : صات من صدره. والكهر : استقبالك إنسانا بوجه عابس تهاونا به.

(٤) مجمع البيان ٢ : ٥٢٦ و ٥٢٧. وفي المنقول اختصار وكذا في ما يأتى.

(٥) مجمع البيان ٤ : ٣٠٤.

١٩٩

واقبل الميسور منها ، وقيل : هو العفو في قبول العذر من المعتذر ، وترك المؤاخذة بالاساءة « وأمر بالعرف » يعني بالمعروف ، وهو كل ما حسن في العقل فعله أو الشرع « وأعرض عن الجاهلين » أي أعرض عنهم عند قيام الحجة عليهم ، والاياس من قبولهم ، ولا تقابلهم بالسفه صيانة لقدرك (١).

وفي قوله تعالى : « ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو اذن » أي يستمع إلى ما يقال له ويصغى إليه ويقبله « قل اذن خير لكم » أي يستمع إلى ما هو خير لكم وهو الوحي (٢) ، أو هو يسمع الخير ويعمل به ومنهم من قرأ : « اذن خير لكم » بالرفع والتنوين فيهما ، فالمعنى أن كونه اذنا أصلح لكم ، لانه يقبل عذركم ، ويستمع إليكم ، ولو لم يقبل عذركم لكان شرا لكم ، فكيف تعيبونه بما هو أصلح لكم؟ « يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين » أي لا يضره كونه اذنا فإنه اذن خير فلا يقبل إلا الخير الصادق من الله ، و يصدق المؤمنين أيضا فيما يخبرونه ، ويقبل منهم ، دون المنافقين ، وقيل : « يؤمن للمؤمنين » أي يؤمنهم فيما يلقي إليهم من الامان « ورحمة للذين آمنوا منكم » أي وهو رحمة لهم لانهم إنما نالوا الايمان بهدايته ودعائه إياهم (٣).

وفي قوله تعالى : « واصبر » » : أى فيما تبلغه من الرسالة ، وفيما تلقاه من الاذى « وما صبرك إلا بالله » أى بتوفيقه وتيسيره وترغيبه فيه « ولا تحزن عليهم » أى على المشركين في إعراضهم عنك ، فإنه يكون الظفر والنصرة لك عليهم ، ولا عتب عليك في إعراضهم « ولا تك في ضيق مما يمكرون » أى لا يكن صدرك في ضيق من مكرهم بك وبأصحابك ، فإن الله يرد كيدهم في نحورهم (٤).

وفي قوله : « فعلك باخع نفسك على آثارهم » أي مهلك وقاتل نفسك على آثار قومك الذين قالوا : لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الارض ينبوعا ، تمردا منهم على ربهم

____________________

(١) مجمع البيان ٤ : ٥١٢.

(٢) في المصدر : أى هو اذن خير يستمع إلى ما هو خير لكم وهو الوحى.

(٣) مجمع البيان ٥ : ٤٤ و ٤٥.

(٤) مجمع البيان ٦ : ٣٩٣.

٢٠٠