مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٨

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي

مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٨

المؤلف:

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي


المحقق: الشيخ محمّد باقر الخالصي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٣٢

والدعاء بالمحرّم ، والفعل الكثير عادةً ممّا ليس من الصلاة ،

______________________________________________________

وغيرهم (١). وفي «الغنية (٢)» يجب عليه أن لا يفعل فعلاً كثيراً على جهة العمد ليس من أفعال الصلاة المشروعة وقد دخل في ذلك القهقهة ، انتهى كلامه.

قوله قدّس الله تعالى روحه : (والدعاء بالمحرّم) أي يبطل عمداً لا سهواً كما صرّح بذلك جماعة (٣). وفي «التذكرة (٤) وكشف اللثام (٥)» الإجماع عليه. وقد ترك ذكره الأكثر ، لأنه من الكلام المنهيّ عنه.

[الفعل الكثير]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (والفعل الكثير عادةً ممّا ليس من الصلاة) اختلف الناس في حدّ الكثرة ، والّذي عوّل عليه علماؤنا البناء على العادة كما في «التذكرة (٦) والهلالية». وفي «كشف اللثام (٧)» المرجع فيها عندنا إلى العرف. وفي «كشف الالتباس (٨)» أنه المشهور. وقد نصّ على الكثرة في العادة في «المبسوط (٩) والمعتبر (١٠) والمنتهى (١١) ونهاية الإحكام (١٢)

__________________

(١) إصباح الشيعة : الفصل الرابع عشر ص ٧٩.

(٢) غنية النزوع : في كيفية الصلاة ص ٨٢.

(٣) منهم الشهيد الأول في ذكرى الشيعة : ج ٤ ص ١٥ ، والشهيد الثاني في مسالك الأفهام : ج ١ ص ٢٣٢ ، والمحقّق الثاني في جامع المقاصد : ج ٢ ص ٣٤٩.

(٤) تذكرة الفقهاء : في تروك الصلاة ج ٣ ص ٢٨٥.

(٥) كشف اللثام : في تروك الصلاة ج ٤ ص ١٧٢.

(٦) تذكرة الفقهاء : في تروك الصلاة ج ٣ ص ٢٨٨.

(٧) كشف اللثام : في تروك الصلاة ج ٤ ص ١٧٤.

(٨) كشف الالتباس : ص ١٣٣ س ٢٠ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٩) المبسوط : في تروك الصلاة ج ١ ص ١١٨.

(١٠) المعتبر : في قواطع الصلاة ج ٢ ص ٢٥٥.

(١١) منتهى المطلب : في قواطع الصلاة ج ١ ص ٣١٠ س ٢٣.

(١٢) نهاية الإحكام : في تروك الصلاة ج ١ ص ٥٢١.

٨١

.................................................................................................

______________________________________________________

والدروس (١) والبيان (٢) واللمعة (٣) وجامع المقاصد (٤) وفوائد الشرائع (٥) وحاشية الإرشاد (٦) والجعفرية (٧) وشرحيها (٨) والروض (٩) والمسالك (١٠) والمفاتيح (١١)» وغيرها (١٢).

والكثير ما يخرج به فاعله عن كونه مصلّياً كما في «المعتبر (١٣) والمنتهى (١٤)» حيث قال : لأنه يخرج به إلى آخره ، و «الذكرى (١٥) وفوائد الشرائع (١٦) والروض (١٧) والمسالك (١٨) ومجمع البرهان (١٩) والمقاصد العلية (٢٠)» وغيرها (٢١) وزاد في الأخير : وما يخيّل لناظره أنه معرض عنها كما اقتصر على ذلك في «الموجز

__________________

(١) الدروس الشرعية : في مبطلات الصلاة ج ١ ص ١٨٥.

(٢) البيان : في منافيات الصلاة ص ٩٨.

(٣) اللمعة الدمشقية : في تروك الصلاة ص ٣١.

(٤) جامع المقاصد : في تروك الصلاة ج ٢ ص ٣٥٠.

(٥) فوائد الشرائع : ص ٤٣ السطر الأخير (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٦٥٨٤).

(٦) حاشية الإرشاد : ص ٣٧ س ٨.

(٧) الرسالة الجعفرية (رسائل المحقّق الكركي ج ١) : ص ١١٥.

(٨) المطالب المظفّرية : ص ١١٥ س ٢ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦).

(٩) روض الجنان : في مبطلات الصلاة ص ٣٣٣ س ٤.

(١٠) مسالك الأفهام : في قواطع الصلاة ج ١ ص ٢٢٨.

(١١) مفاتيح الشرائع : حكم الفعل الكثير في الصلاة ج ١ ص ١٧١.

(١٢) مجمع الفائدة والبرهان : في مبطلات الصلاة ج ٣ ص ٦٩.

(١٣) المعتبر : في قواطع الصلاة ج ٢ ص ٢٥٥.

(١٤) منتهى المطلب : في قواطع الصلاة ج ١ ص ٣١٠ س ١٨

(١٥) ذكرى الشيعة : في تروك الصلاة ج ٤ ص ٦.

(١٦) فوائد الشرائع : ص ٤٣ السطر الأخير (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٦٥٨٤).

(١٧) روض الجنان : في مبطلات الصلاة ص ٣٣٣ س ٢.

(١٨) لم نعثر على هذا التعريف في المسالك فى موضوع البحث ، راجع مسالك الأفهام : ج ١ ص ٢٢٨.

(١٩) مجمع الفائدة والبرهان : في مبطلات الصلاة ج ٣ ص ٦٩.

(٢٠) المقاصد العلية : في المنافيات للصلاة ص ٢٩٥.

(٢١) مفاتيح الشرائع : حكم الفعل الكثير في الصلاة ج ١ ص ١٧١.

٨٢

.................................................................................................

______________________________________________________

الحاوي (١) والميسية» واستجوده في «كشف الالتباس (٢)» وحكاه في «التذكرة (٣)» عن بعض الشافعية.

وفي «السرائر (٤)» أنّ الكثير ما يسمّى في العادة كثيراً مثل الأكل والشرب واللبس وغير ذلك ممّا إذا فعله الإنسان لا يسمّى مصلّياً بل آكلاً وشارباً ولا يسمّى في العادة مصلّياً ، فهذا تحقيق الفعل الكثير الّذي يفسد الصلاة ويورد في الكتب في التروك وقواطع الصلاة فليلحظ ذلك ، انتهى. وفي «كشف اللثام (٥)» بعد نقل هذه العبارة قال : ونحوه المعتبر والمنتهى في تخصيص المبطل بما ذكره ، مع أنّهم نصّوا على أنه سهواً لا يبطل وهو خلاف التحقيق ، فإنّ الخروج عن الصلاة قطع لها مطلقاً ، ولذا نسبه الشهيد إلى الأصحاب واستدلّ عليه بعموم رفع النسيان وسهو النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. ثمّ قال : وهو يعني الأخير متروك بين الأصحاب ، انتهى. قلت : لعلّ العجلي أراد ما ذكره أبو العبّاس.

وفي «الكفاية (٦)» في تحديد الكثرة إشكال. وفي «مجمع البرهان (٧)» المحتاج إلى الحوالة إلى العرف ما يخرج به عن كونه مصلّياً ، لأنه المبطل عقلاً وهو ما يخرج به عن كونه مصلّياً عرفاً ، وعدّ في العرف معرضاً عنها غير مصلّ ، إذ ما وقع الكثرة مبطلة في الشرع حتّى يحتاج إلى تحديده عرفاً أو شرعاً أو لغةً ، إلّا أن يقال : وقعت تلك الكثرة في الإجماع فلا بدّ من التحديد ، لكنّه غير معلوم. وبالجملة ليس المبطل إلّا ما تحقّق عرفاً منافاته للصلاة وعدم الاجتماع معها بحيث كلّ من يراه بهذه الحالة من العقلاء العارفين يقول إنّه ليس بمصلّ وهو المجمع عليه ،

__________________

(١) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في أحكام الصلاة ص ٨٤.

(٢) كشف الالتباس : ص ١٣٣ س ٢٤ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٣) تذكرة الفقهاء : في تروك الصلاة ج ٣ ص ٢٨٩.

(٤) السرائر : أحكام الأحداث العارضة في الصلاة ج ١ ص ٢٣٨.

(٥) كشف اللثام : في تروك الصلاة ج ٤ ص ١٧٦.

(٦) كفاية الأحكام : في مبطلات الصلاة ص ٢٤ س ٢٩.

(٧) مجمع الفائدة والبرهان : في مبطلات الصلاة ج ٣ ص ٦٩ ٧٠.

٨٣

.................................................................................................

______________________________________________________

والظاهر أنه مع الاختلاف يرجع إلى الأكثر ، وقد ثبت في الشرع جواز أفعال فيها لو لا وقوع ذلك فيه لكان من المخرج على ما أظنّ. فلا بدّ من الاطّلاع على تلك الأخبار حتّى يصحّ حكم من يحكم بالكثرة المخرجة ، ثمّ ساق الأخبار.

واقتفى أثره في ذلك صاحب «الذخيرة (١)» فقال : الرجوع إلى العرف متّجه إن كان مستند الحكم النصّ وليس كذلك فإنّي لم أطّلع على نصّ يتضمّن أنّ الفعل الكثير مبطل ، ولا ذكر نصّ في هذا الباب في شي‌ء من كتب الاستدلال ، فيجب إناطة الحكم بمورد الاتفاق لكونه هو المستند. فكلّ فعل ثبت الاتفاق على كونه فعلاً كثيراً كان مبطلاً ، ومتى ثبت أنه ليس بكثير فهو ليس بمبطل ، ومتى اشتبه الأمر فلا يبعد القول بعدم كونه مبطلاً ، لأنّ اشتراط الصحّة بتركه يحتاج إلى دليل ، بناء على أنّ الصلاة اسم للأركان المعيّنة مطلقاً ، فتكون هذه الامور خارجة عن حقيقتها ، ويحتمل القول بالبطلان ووجوب الإعادة لتوقّف البراءة اليقينية من التكليف الثابت عليه ، وهذا مبنيّ على أنّ الصلاة اسم للأركان الجامعة لشرائط الصحّة ، ويؤيّد الأوّل ما دلّ على حصر أسباب الإعادة في أشياء محصورة ، وإن كان الاستدلال بهذا الوجه لا يصفو عن شوب الإشكال ، انتهى.

وقال في «المدارك (٢)» : لم أقف على رواية تدلّ بمنطوقها على بطلان الصلاة بالفعل الكثير لكن ينبغي أن يراد ما تنمحي به صورة الصلاة بالكلّية كما هو ظاهر اختيار المحقّق في المعتبر اقتصاراً فيما خالف الأصل على موضع الوفاق وأن لا يفرّق في بطلان الصلاة بين العمد والسهو ، انتهى.

والاستاذ أدام الله سبحانه وتعالى تأييده حقّق الحال وأزال الإشكال ونحن ننقل كلامه وإن طال مراعاة لما رامه من زيادة التقريب. قال في «شرح المفاتيح (٣)» : التحقيق أنه إن ثبت أنّ الصلاة اسم لمجرّد الأركان والأجزاء وثبتت الحقيقة

__________________

(١) ذخيرة المعاد : في مبطلات الصلاة ص ٣٥٥ س ٣٤.

(٢) مدارك الأحكام : في قواطع الصلاة ج ٣ ص ٤٦٦.

(٣) مصابيح الظلام : في مبطلات الصلاة ج ٢ ص ٣٢٣ ٣٢٦ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

الشرعية فيها تحقّق الامتثال بالإتيان بذلك وإن أوقع فيها ما لا يكون من الصلاة إلّا أن يثبت الفساد من دليل شرعي ، فما أجمعوا على فساده يكون مفسداً لا غيره إلّا أن يدلّ عليه دليل غيره ، وإن لم يثبت ذلك فلم يعرف المأمور به لم يتحقّق الامتثال بمجرّد الإتيان بالأجزاء المذكورة ، فيكون الأصل عدم الصحّة إلّا فيما ثبتت الصحّة من إجماع أو نصّ. ولعدم معرفة المأمور به حينئذٍ أسباب متعدّدة كما إذا ثبت أنّها اسم للصحيحة الجامعة لجميع شرائط الصحّة كما هو الأقوى ، أو لم يثبت لا هذا ولا ذاك ، أو ثبت كونها اسماً لمجرّد الأركان والأجزاء المعهودة لكن لم تثبت الحقيقة الشرعية ولم يكن هناك قرينة معيّنة لإرادة المصطلح عليه في كلام الشارع كما هو الظاهر ممّن نفى الحقيقة الشرعية ، لكن احتمل على التقديرين أن يكون من جملة أجزاء الصلاة الهيئة المعتبرة فيها المقتضية لخلوّها عن المنافيات. وكلام الفقهاء حيث حكموا بأنّ الفعل الكثير المخرج للمصلّي عن كونه مصلّياً مبطل لها ينادي بمدخلية ذلك في ماهية الصلاة ، مع أنّ في المتواتر من الأخبار أنّ الصلاة تقطع ، والقطع فرع دخول الهيئة المتصلة في ماهيّتها ، فيحصل من هذه الجهة أيضاً إجمال واختلال في تعيين المراد ، لاختلاف الفقهاء في القدر المضرّ ، وتواتر الأخبار في المنافيات مع اختلاف فيها في كثير منها ، فالأصل في جميع هذه الصوَر المذكورة عدم صحّتها فيما لم ينعقد عليه إجماع أو يدلّ عليه خبر حجّة ، لأنّ شغل الذمّة يقيني. والقول بأنّ شغل الذمّة اليقيني لا يكون إلّا بالقدر اليقيني من الصلاة دون المشكوك فيه منها لأصالة البراءة من التكليف ففاسد ، لأنّ الأصل لا يجري في التوقيفيات كما قرّر في محلّه ، اللهم إلّا أن يثبت التكليف به بالإجماع فقط ولم نجد ذلك في الأحكام الفقهية. وأمّا إذا ثبت التكليف من لفظ «صلّوا» أو «أقيموا الصلاة» فالأمر كما ذكرنا بلا ريبة. ومن تتبّع الأخبار ظهر عليه أنّ الصلاة ينافيها أشياء لا تحصى. ويظهر من ملاحظة جميع ذلك عدم اختصاص المنافيات بخصوص ما ورد من الأخبار ، بل يحصل القطع بعدم الاختصاص ، مضافاً إلى ملاحظة حال المسلمين في تحرّزهم فيها عمّا لا يحصى. وهذا ممّا يعضد أنّ الأصل في الصلاة الّتي وقع فيها غيرها عدم الصحّة حتّى تثبت

٨٥

.................................................................................................

______________________________________________________

من دليل شرعي. ثمّ ذكر إجماع المنتهى على جواز عدّ الركعات إلى آخره وساق أخبار الباب. ثمّ قال : لا بدّ من اعتبار الخبر الدالّ على الصحّة في سنده ودلالته وخلّوه عن المعارض المضرّ وعدم شذوذه.

ثمّ إنّه أدام الله تعالى حراسته أجاب عن قولهم «إنّهم لم يقفوا على رواية تدلّ على بطلان الصلاة بالفعل الكثير» بأنه لا يجب أن تكون الدلالة بالمنطوق بلفظ الفعل الكثير بلا شبهة ، فإنّ قوله عليه‌السلام : «إن كان بينه وبين الحيّة خطوة فليخط وليقتلها وإلّا فلا» واضح الدلالة في كون الأزيد من الخطوة فعلاً كثيراً مانعاً من الصلاة بخلاف الخطوة الواحدة ، وكذا صحيحة حمّاد عن حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام * كما في الفقيه (١) ، أو صحيحته عن حريز عمّن أخبره عنه كما في الكافي (٢) «قال : إذا كنت في صلاة الفريضة فرأيت غلاماً لك قد أبق أو غريماً لك عليه مال أو حيّة تخافها على نفسك فاقطع الصلاة واتبع الغلام أو غريمك واقتل الحيّة» وشي‌ء من ذلك غير مستلزم عادة إمحاء صورة الصلاة بالكلّية ولا سيّما قتل الحيّة ، بل مجرّد أخذ الشخص غير مستلزم لذلك أيضاً بالبداهة ، وكذا ما رواه المشايخ الثلاثة (٣) في القوي عن سماعة «عن الرجل يكون قائماً في الصلاة

__________________

(*) لفظة «عن أبي عبد الله عليه‌السلام» غير موجودة في نسخة الأصل ولكنّها موجودة في الفقيه إلّا أنّ حمّاداً ليس في السند ، فإنّ الموجود فيه هكذا : وروى حريز عن «أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا كنت في صلاة الفريضة فرأيت غلاماً لك قد أبق أو غريماً لك عليه مال أو حية تتخوّفها على نفسك فاقطع الصلاة فاتبع غلامك وغريمك واقتل الحية.» (محسن).

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ح ١٠٧٣ ج ١ ص ٣٦٩.

(٢) الكافي : باب المصلّي يعرض له شي‌ء .. ح ٥ ج ٣ ص ٣٦٧.

(٣) الكليني في الكافي : باب المصلّي يعرض له شي‌ء .. ح ٣ ج ٣ ص ٣٦٧ ، والصدوق في من لا يحضره الفقيه : باب المصلّي تعرض له السباع .. ح ١٠٧١ ج ١ ص ٣٦٩ ، والشيخ في تهذيب الأحكام : في كيفية الصلاة .. ح ١٣٦٠ ج ٢ ص ٣٣٠.

٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

الفريضة فينسى كيسه أو متاعاً يتخوّف ضيعته أو هلاكه؟ قال : يقطع صلاته ويحرز متاعه ثمّ يستقبل الصلاة .. الحديث» وغيره من الروايات الظاهرة في بطلان الصلاة بصدور فعل في أثنائها غير مستلزم للإمحاء بالكلّية بل ظاهر غاية الظهور في خلافه. ومنها الأخبار الدالّة على أنّ من قام من موضعه فعليه إعادة الصلاة إذا سها فترك ركعة أو أزيد. وفي صحيحة علي بن يقطين (١) عن الكاظم عليه‌السلام «أنّ الحجامة والرعاب والقي‌ء لا تنقض الوضوء بل تنقض الصلاة» إلى غير ذلك ، والغرض الإشارة ، انتهى.

ثمّ إنّه أدام الله تعالى حراسته ناقش الفقهاء في التعويل على العرف بأنّ أهل العرف لا يعرفون الصلاة لكونها من مستحدثات الشرع فكيف يعرفون أنّ الأمر الفلاني من الصلاة أم لا؟ سلّمنا أنّهم عرفوا أنه ليس من الصلاة فمن أين يعرفون أنه مضرّ في الصلاة فضلاً عن أن يعرفوا أنّ قليله لا يضرّ وكثيره يضرّ؟ ثمّ قال : فإن قلت : إذا ظهر من الشرع أنّ القليل الخارج عن الصلاة غير مخرج عنها بخلاف الكثير منها. والقلّة والكثرة معناهما معروفان لغةً وعرفاً ، فيرجع الشرع إلى العرف كما هو الحال في كثير الشكّ وغيره ممّا ذكر فيه لفظ الكثير فقد رجع فيه إلى ما يعدّ كثيراً عرفاً وهو كونه ثلاثة فما فوقها ، قلنا : لم يوجد في حديث من أحاديث العامّة والخاصّة لفظ الفعل الكثير ولا القليل ولا ما يومئ إليهما بقليل. وأمّا الإجماع فكلامنا ليس إلّا فيما يعرف ما ذكره ناقل من الحوالة إلى العرف ، انتهى.

قلت : قد عرفت اعترافه فيما مرَّ في وجود الفعل الكثير في الأخبار فكيف ينفيه هنا وينفي الإيماء إليه فيها؟ فتأمّل.

ثمّ إنّه أدام الله ظلّه قال : فإن قلت : إذا عرف من الشرع أنّ الأمر الفلاني ليس من الصلاة وعرف من الإجماع أنّ قليله لا يضرّ بالصلاة وبارتكابه لا يكون خارجاً بخلاف كثيره تعيّن أنّ تحقيق ذلك في الصلاة بالقدر الّذي يسمّى عرفاً كثيراً بالكثير العرفي يكون مخرجاً عن الصلاة مبطلاً لها ، قلت : هذا مشكل ،

__________________

(١) وسائل الشيعة : ب ٦ من أبواب نواقض الوضوء ح ٧ ج ١ ص ١٨٦.

٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

لأنّ نظر المصلّي إلى غير الموضع الّذي استحبّ كون نظره فيها إليه لو وقع ثلاث مرّات وأزيد بمراتب لا تحصى لا يكون مبطلاً لها عندهم ، انتهى.

قلت : لا نسلّم أنّ النظر إلى غير ما استحبّ إليه النظر ليس من الصلاة ، وربّ كثير في العدد لا يسمّى في العرف كثيراً كتحريك الأصابع للعدّ أو غيره ، إلى غير ذلك ممّا يجاب به. وهذا الّذي ذكره هو الصحيح وهذا يتفاوت شدّةً وضعفاً ، فلو أنه فعل هذا الفعل الخارج عن الصلاة ثلاث مرّات متواليات صدقت الكثرة عرفاً وبطلت الصلاة وإن لم تنمح صورتها ، ولو أنه فعل هذا سهواً لا تبطل ، ولو أنه فعله عمداً عشر مرّات بحيث انمحت صورة الصلاة بطلت به عمداً وسهواً ، وبهذا قد عرف الموضوع وعرف الحكم ، وعليه ينزّل كلام الأصحاب ولو بتجشّم ، بل هو قابل له من دون تجشّم.

ثمّ قال : فإن قلت : لعلّ المراد من العرف عرف المتشرّعة وبعد صدر الإسلام ومعرفة المتشرّعة الأمر الّذي يخرج به المصلّي عن كونه مصلّياً في عرف المتشرّعة ، قلت : ثبوت أمر من المتشرّعة بحيث يصير معرّفاً لنا وحكماً يرجع إليه ومع ذلك يكون ثابتاً من الشرع محلّ تأمّل بعد ملاحظة ما ذكر من أنّ كلّ ما ثبت أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة عليهم‌السلام فعلوه فيها أو أمروا به فهو في حيّز القليل مع أنّ المتشرّعة فقهاء ومقلّدون لهم ومَن لا يقلّد مع وجوب التقليد عليه أو لا يمكنه أن يقلّد ، وكون قول الأخيرين حجّة ، فيه ما فيه ، والأوّلان قولهما هو قول الفقهاء وعينه والكلام ، إنّما هو فيه ، مع أنّ غير الفقيه لاستئناسه بالهيئة الصادرة عن المسلمين يحكم بالخروج عن الصلاة في غالب ما ثبت عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة عليهم‌السلام عدم الإبطال به مثل حمل أمامة بنت بنته بحيث كلّما سجد وضع وكلّما قام رفع (١) ، ومثل المشي إلى النخامة وحكّها بعرجون ثمّ الرجوع قهقرى (٢) وغير ذلك (٣) ، انتهى كلامه فتأمّل فيه جيّداً.

__________________

(١) سنن أبي داود : باب العمل في الصلاة ح ٩١٧ ج ١ ص ٢٤١ ، مسند أحمد : ج ٥ ص ٣٠٤.

(٢) وسائل الشيعة : ب ٣٦ من أبواب قواطع الصلاة ح ١ ج ١ ص ١٢٨٣.

(٣) مصابيح الظلام : في حكم الفعل الكثير ، ج ٢ ص ٣٢٣ س ٩ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وقال في «حاشية المدارك» : لعلّ المراد من الانمحاء الانمحاء عند المتشرّعة بناءً على ثبوت الحقيقة الشرعيّة مطلقاً أو في مثل الصلاة ، بل على تقدير القول بعدم الثبوت مطلقاً أيضاً يتمّ ، لأنه مع وجود الصارف عن المعنى اللغوي تتعيّن حقيقة المتشرّعة إجماعاً لكن بعض ما ورد في الأخبار أنه غير مضرّ نراه ماحياً لصورتها عند المتشرّعة بل عند المجتهدين فتأمّل (١) انتهى فتأمّل.

هذا ما يتعلّق بالموضوع من كلام علمائنا. ويأتي أيضاً ما له نفع فيه في مطاوي ذكر الحكم.

وللعامّة في حدّ القليل والكثير أقوال مختلفة ومذاهب مختلفة. قال في «التذكرة» : قال بعضهم : القليل ما لا يسع زمانه لفعل ركعة من الصلاة والكثير ما يسع. وقال بعضهم : ما لا يحتاج إلى فعل اليدين معاً كرفع العمامة وحلّ الإزار فهو قليل وما يحتاج إليهما كعقد السراويل والتعمّم بالعمامة فهو كثير. وقال بعضهم : القليل ما لا يظنّ الناظر إلى فاعله أنه ليس في الصلاة والكثير ما يظنّ به الناظر إلى فاعله الإعراض عن الصلاة (٢) ، انتهى. وهذا هو الّذي ذكره صاحب «الموجز الحاوي (٣)». وللشافعية (٤) في الفعلين وجهان.

وأمّا حكمه ففعل الكثير الخارج عن الصلاة عمداً مبطل لها بإجماع أهل العلم كما في «المنتهى (٥)» وعليه العلماء كما في «المعتبر (٦)» ولا خلاف فيه بين علماء الإسلام كما في «جامع المقاصد (٧) والغرية» ونقل عليه الإجماع في «نهاية الإحكام (٨)

__________________

(١) حاشية المدارك : ص ١١٨ س ٧ (مخطوط في المكتبة الرضوية برقم ١٤٧٩٩).

(٢) تذكرة الفقهاء : في تروك الصلاة ج ٣ ص ٢٨٩.

(٣) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في أحكام الصلاة ص ٨٥.

(٤) المجموع : حكم من عمل في الصلاة عملاً ليس منها ج ٤ ص ٩٣.

(٥) منتهى المطلب : في قواطع الصلاة ج ١ ص ٣١٠ س ١٨.

(٦) المعتبر : في قواطع الصلاة ج ٢ ص ٢٥٥.

(٧) جامع المقاصد : فى تروك الصلاة ج ٢ ص ٣٥٠.

(٨) نهاية الإحكام : في تروك الصلاة ج ١ ص ٥٢١.

٨٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وإرشاد الجعفرية (١) ومجمع البرهان (٢) والمفاتيح (٣)» ونفى عنه الخلاف في «التذكرة (٤) وشرح المفاتيح (٥) والحدائق (٦)» ونقل حكاية الإجماع جمّ غفير (٧) كما نقل الإجماع على أنّ القليل غير مبطل (٨) جماعة. وفي «التذكرة (٩)» نفى الخلاف عنه. وفي «كشف الالتباس (١٠)» الإجماع على أنّ الكثير مبطل والقليل غير مبطل من دون تعرّض لعمدٍ أو سهو. وفي «جُمل العلم والعمل (١١)» يجب أن لا يفعل على جهة العمد فعلاً كثيراً. وفي «المراسم (١٢)» الّذي يوجب الإعادة عمداً كلّ فعلٍ كثيرٍ أباحت الشريعة قليله في الصلاة.

وأمّا أنه غير مبطل سهواً فهو مذهب علمائنا كما في «التذكرة (١٣)» وقاله الأصحاب كما في «الذكرى (١٤) والكفاية (١٥)» وظاهر الأصحاب كما في «جامع

__________________

(١) المطالب المظفّرية : ص ١١٥ س ٤ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦).

(٢) مجمع الفائدة والبرهان : في مبطلات الصلاة ج ٣ ص ٦٩.

(٣) مفاتيح الشرائع : حكم الفعل الكثير في الصلاة ج ١ ص ١٧١.

(٤) تذكرة الفقهاء : في تروك الصلاة ج ٣ ص ٢٨٨.

(٥) مصابيح الظلام : ج ٢ ص ٣٢٢ س ١٧ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٦) الحدائق الناضرة : في مبطلات الصلاة ج ١ ص ٣٩.

(٧) منهم البهبهاني في شرح المفاتيح : ج ٢ ص ٣٢٢ س ١٨ ، والخراساني في الذخيرة : ص ٣٥٥ س ٢٧ ، والسيّد الطباطبائي في الرياض : ج ٣ ص ٥٠٩ والفاضل في كشف اللثام : ج ٤ ص ١٧٣.

(٨) منهم البحراني في الحدائق الناضرة : ج ٩ ص ٤٠ ، والسبزواري في الذخيرة : ص ٣٥٥ س ٢٧ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان : ج ٢ ص ٦٩.

(٩) تذكرة الفقهاء : في تروك الصلاة ج ٣ ص ٢٨٨.

(١٠) كشف الالتباس : ص ١٣٣ السطر الأخير وما قبله (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(١١) جُمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى ج ٣) : ص ٣٤.

(١٢) المراسم : ذكر ما يلزم المفرط في الصلاة ص ٨٩.

(١٣) تذكرة الفقهاء : في تروك الصلاة ج ٣ ص ٢٩٠.

(١٤) ذكرى الشيعة : في تروك الصلاة ج ٤ ص ٩.

(١٥) كفاية الأحكام : في مبطلات الصلاة ص ٢٤ س ٣٦.

٩٠

.................................................................................................

______________________________________________________

المقاصد (١) والغرية وروض الجنان (٢)» وهو المشهور كما في «الدروس (٣) والماحوزية والحدائق (٤)» ولا خلاف فيه بشرط أن لا تنمحي الصلاة فتبطل معه كما في «المفاتيح (٥)». وفي «كشف اللثام (٦)» لا تبطل به سهواً إن لم يمح صورة الصلاة وفاقاً لإطلاق الأكثر. وفي «البيان (٧) والدروس (٨) والألفية (٩) وفوائد الشرائع (١٠) وتعليق النافع (١١) وحاشية الإرشاد (١٢)» الأصحّ الإبطال عمداً وسهواً. وفي «الميسية والمسالك (١٣) والمدارك (١٤) ورسالة صاحب المعالم (١٥) وشرحها (١٦) والماحوزية» إذا محيت به سهواً بطلت. وفي «الروض (١٧)» يشكل بقاء الصحّة مع محو صورة الصلاة ، وفي «جامع المقاصد (١٨) والغرية» بقاء الصحّة حينئذٍ بعيد.

__________________

(١) جامع المقاصد : في تروك الصلاة ج ٢ ص ٣٥٠.

(٢) روض الجنان : في مبطلات الصلاة ص ٣٣٣ س ١٠.

(٣ و ٨) الدروس الشرعية : في مبطلات الصلاة ج ١ ص ١٨٥.

(٤) الحدائق الناضرة : في مبطلات الصلاة ج ٩ ص ٥٠.

(٥) مفاتيح الشرائع : حكم الفعل الكثير في الصلاة ج ١ ص ١٧١.

(٦) كشف اللثام : في تروك الصلاة ج ٤ ص ١٧٢ وفيه : فيبطلها عمداً لا سهواً ، وإن لم يمح .. الخ ، والظاهر زيادة الواو في «وإن لم يمح ..» والصحيح : إن لم يمحُ ، وإلّا فالمعنى غير صحيح.

(٧) الموجود في البيان مجرّد الاقتصار على الفعل الكثير من دون تصريح أو ظهور بالإطلاق بالنسبة إلى العمد والسهو بل عبارته مطلقة. نعم صرّح المحشّي المفسّر لعبارته بكونها مطلقة بالنسبة إليهما ، فراجع البيان : ص ٩٨.

(٩) الألفية : في المنافيات ص ٦٥.

(١٠) فوائد الشرائع : ص ٤٣ س ٢ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٦٥٨٤).

(١١) تعليق النافع : في المبطلات ص ٢٣٩ س ٢ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٤٠٧٩).

(١٢) حاشية الإرشاد : ص ٣٧ س ٥ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٧٩).

(١٣) مسالك الأفهام : في قواطع الصلاة ج ١ ص ٢٢٨.

(١٤) مدارك الأحكام : في قواطع الصلاة ج ٣ ص ٤٦٦.

(١٥) الاثناعشرية : ص ١٠ السطر الأول (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٥١١٢).

(١٦) النور القمرية : في المبطلات ص ١٤٩ س ١٦ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٤٩٧٨).

(١٧) روض الجنان : في مبطلات الصلاة ص ٣٣٣ س ١١.

(١٨) جامع المقاصد : في تروك الصلاة ج ٢ ص ٣٥٠.

٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

ويظهر من عبارة «الذكرى» الميل إلى ذلك ، وقد سمعتها (١) فيما سلف كما سمعت عبارة «المدارك (٢)» وما فيها عن المعتبر.

وفي «الذخيرة (٣)» أنّ مأخذ الحكم في المسألة منحصر في الإجماع فيجب اقتصاره على مورده وهو صورة العمد ، واستشكل هذا الحكم في الروض بالكثير الّذي يوجب انمحاء صورة الصلاة ، وفيه تأمّل فتدبّر ، انتهى ما في الذخيرة وقد اقتفى بذلك أثر المقدّس الأردبيلي في «مجمع البرهان (٤)».

وقال الاستاذ (٥) دام ظلّه في بيان الحال وتوجيه الاستدلال : إنّ الفقهاء شرطوا الخروج عن كونه مصلّياً والأخبار الكثيرة ظاهرة في انمحاء صورة الصلاة حال الاشتغال بالفعل الكثير ، وأنه قبل الفعل الكثير كان يصلّي قطعاً ، فتكون صورة الصلاة محقّقة قطعاً ، وكذا الحال بعد الفعل الكثير. وأمّا كون مراده من الانمحاء بالكلّية الانمحاء قبل الفعل الكثير أيضاً وبعده فخروج عن مفروض المسألة ، لأنّ المفروض أنه لو وقع في الصلاة فعل كثير لا فيما إذا لم يكن هناك صلاة أصلاً ، لأنه إذا لم يتحقّق صلاة فأيّ شي‌ء يبطل الفعل الكثير ، إلّا أن يكون المراد أنه كبّر للصلاة ثمّ فعل فعلاً كثيراً ثمّ قرأ الحمد ثمّ فعل فعلاً كثيراً ثمّ قرأ السورة وفعل فعلاً كثيراً وهكذا إلى آخر الصلاة. وفيه أنه لو صدق أنّها صلاة وقع في أثنائها فعل كثير مخرج عن كونه مصلّياً فذلك هو الّذي قاله الفقهاء لما عرفت من اشتراطهم الخروج عن كونه مصلّياً ، فلا خصوصية له بما ذكر في المعتبر ، وإن لم تتحقّق صلاة أصلاً فليس ممّا نحن فيه لعدم الإخراج.

فإن قلت : ما يخرج عن الصلاة مقول بالتشكيك شدّةً وضعفاً وقد اختار

__________________

(١) راجع صفحة ٨٣.

(٢) راجع صفحة ٨٤.

(٣) ذخيرة المعاد : في مبطلات الصلاة ص ٣٥٧ السطر الأول.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : في مبطلات الصلاة ج ٣ ص ٧٢.

(٥) مصابيح الظلام : ج ٢ ص ٣٢٧ س ١ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

٩٢

.................................................................................................

______________________________________________________

الأشدّ ، قلنا : العبرة بالخروج عن كونه مصلّياً ، فإن أثر هذا بالإبطال وإلّا فلا نفهم الأشدّية بهذا المعنى حال صدور الفعل الكثير ، فضلاً عن كون الأشدّية تؤثّر دون نفس الخروج عن كونه مصلّياً ، والأخبار قد عرفت حالها أيضاً ، فتأمّل جيّداً.

والقول بأنّ الأضعف منه ما جاز وقوعه سهواً بخلاف الأشدّ ظاهر الفساد كالقول بأنّ الأشدّ ما وقع فيه الاستدبار. وممّا ذكر ظهر حال أنّ عدم الإبطال بالسهو مشروط بعدم انمحاء صورة الصلاة.

فإن قلت : لعلّهم جعلوا المخرج عن كونه مصلّياً عادةً على قسمين : قسم تحكم العادة بالخروج به حين صدوره خاصّة ، لكن لا تحكم بعد ملاحظة أجزاء الصلاة السابقة واللاحقة ، بل تتوقّف حتّى يثبت البطلان والفساد من دليل آخر شرعي ، وقد جعلوا هذا مراد الفقهاء ولم يثبت عندهم في هذا الفساد كما في المعتبر. وقسم يحكم فيها بالفساد وعدم كون الأجزاء السابقة واللاحقة صلاة رأساً وعدم قابلية تلك الأجزاء بصيرورتها صلاة أصلاً ورأساً بحسب العادة وبسبب ما وقع فيها من الفعل الكثير.

قلت : لم نجد في العادة هذا التفصيل لما عرفت من كون هيئة العبادة توقيفية كنفس الحكم الشرعي وهو الحكم بالبطلان ، فلا طريق للعرف وغيره فيهما فضلاً عن أن يحكم بالحكمين المذكورين بالتفصيل المذكور ، وإن كانت العادة تحكم بالخروج عن كونه مصلّياً فإنّما تحكم بالنظر إلى ما عهد من الشرع ، فإذا حكمت بالخروج المذكور حكمت بعدم كون الصلاة الّتي وقع فيها ما يخرج عن كونه مصلّياً هي الّتي عهدت من الشرع بالكلّية وحكمت بالقياس إلى الأجزاء السابقة واللاحقة عدم كونه مصلّياً لا خصوص حين صدور المخرج. والظاهر أنّ هذا هو مراد الفقهاء كما لا يخفى على من تأمّل في كلامهم ، بل لا معنى لكلامهم سوى ذلك ، لبداهة كون الفعل الكثير المخرج عن الصلاة غير مقيّد بشي‌ء (١).

وأمّا الدليل على عدم الإبطال بالسهو فليس هو حديث رفع الخطأ والنسيان ،

__________________

(١) مصابيح الظلام : ج ٢ ص ٣٢٥ س ٢٦ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

٩٣

.................................................................................................

______________________________________________________

إذ فيه على ما فيه أنه يلزم عدم الإبطال مع الجهل والاستكراه ، بل الدليل على ذلك بعد الإجماع صحيح محمّد بن مسلم (١) عن أحدهما عليهما‌السلام عن رجل دخل مع الإمام في صلاته وقد سبقه بركعة فلمّا فرغ الإمام خرج مع الناس ، ثمّ ذكر أنه قد فاتته ركعة؟ قال : يعيد ركعة واحدة ، يجوز له ذلك إذا لم يحوّل وجهه عن القبلة. ومثله صحيح عبيد بن زرارة ، وغيره من الأخبار المتضمّنة لمثل ذلك (٢) ، وفي بعضها : «إن قام من موضعه يعيد وإلّا لا يعيد» وفيه أيضاً ظهور في المطلوب.

والحاصل أنّ الأخبار الظاهرة في ذلك كثيرة وإن كان في بعضها إطلاق يشمل الالتفات إلى دبر القبلة لكنّه مقيّد ، وفي بعضها ذكر سهو النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإنّا لفي غنية عنه إن لم نعمل ببعضه.

فإن قلت : مقتضى الأخبار المذكورة كون الفعل الكثير عمداً أو سهواً إنّما هو في الإتيان بما هو من قبل الصلاة من ركعة أو ركعتين ، قلت : الإتيان بالفعل الكثير سهواً مع العلم بكونه داخل الصلاة والعلم بحرمة الفعل الكثير وأنه مبطل لها ممّا لا يتحقّق عادةً بل ولا يمكن تحقّقه ، فمراد الفقهاء هو ما ذكرنا كما فعلوا في الكلام سهواً حيث جعلوا التكلّم عمداً حال السهو عن بقية الصلاة والظنّ بإتمامها داخلاً في التكلّم في الصلاة سهواً ، وكلام التذكرة ينادي بما ذكرنا ولا سيّما نقضه على العامّة بخبر ذي اليدين (٣) ، فتأمّل جيّداً ، انتهى كلامه ملخّصاً بعضه.

ولنذكر جملة من عباراتهم ممّا يستفاد منه أيضاً حال الموضوع والحكم ، ففي «الخلاف (٤)» الإجماع على جواز الإيماء باليد وضرب إحدى يديه على الاخرى وضرب الحائط والتكبير والتسبيح للتنبيه. وفي «المنتهى (٥)» الإجماع على عدم

__________________

(١) وسائل الشيعة : باب ٦ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح ٢ ج ٥ ص ٣١٥.

(٢) وسائل الشيعة : باب ٦ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح ٣ و ١ و ٤ ج ٥ ص ٣١٥ و ٣١٦.

(٣) صحيح مسلم : ج ١ ص ٤٠٣ ح ٥٧٣ وسنن النسائي : ج ٣ ص ٢٠.

(٤) الخلاف : كتاب الصلاة ج ١ ص ٣٩٠ ٣٩١ مسألة ١٤٣.

(٥) منتهى المطلب : في قواطع الصلاة ج ١ ص ٣١٠ س ٣٠.

٩٤

.................................................................................................

______________________________________________________

البأس في عدّ الرجل عدد ركعاته بأصابعه أو بشي‌ء يكون معه من الحصى وشبهه بشرط أن لا يتلفّظ ، بل يعتقده بضميره وليس مكروهاً. قال : وبه قال أهل العلم إلّا أبا حنيفة ، فإنّه كرهه وكذا الشافعي ، انتهى.

وفي «الذخيرة (١)» أنّ جماعة من الأصحاب صرّحوا بجواز أشياء في الصلاة ولم أطّلع على خلاف فيه ، والظاهر أنه لم يصدق على شي‌ء منها الفعل الكثير. وحصرها ابن حمزة في ثمانية : العمل القليل مثل الإيماء ، وقتل المؤذيات من الحيّة والعقرب ، والتصفيق وضرب الحائط تنبيهاً على الحاجة ، وما لا يمكن التحرّز منه كازدراد ما يخرج من خلل الأسنان * ، وقتل القمّل والبرغوث ، وغسل ما أصاب الثوب من الرعاف ما لم ينحرف عن القبلة أو يتكلّم ، وحمد الله تعالى على العطاس ، وردّ السلام بمثله. وزاد في «الذكرى» أشياء اخر كعدّ الركعات والتسبيح بالأصابع ، والإشارة باليد ، والتنحنح ، وضرب المرأة على فخذها ، ورمي الغير بالحصاة طلباً لإقباله ، وضمّ الجارية إليه ، وإرضاع الصبي حال التشهّد ، ورفع القلنسوة من الأرض ووضعها على الرأس ، ولبس العمامة والرداء ، ومسح الجبهة ، انتهى ما في الذخيرة. وقد ذُكر كثير من هذه في كثير من كتبهم.

وفي «كشف اللثام (٢)» فيما سيأتي الإجماع على جواز تعداد الركعات بالحصى وعلى جواز قتل الحيّة والعقرب. قال في الأخير : ولا يكره للأصل ، فإن حصل القتل بلا معالجة تدخل في الكثير جاز مطلقاً وإلّا فعند الضرورة. ونصّ جماعة على جواز التصفيق باليد. وفي «التذكرة (٣)» لو صفّق الرجل أو المرأة على وجه اللعب لا الإعلام بطلت صلاتهما ، ويحتمل ذلك مع الكثرة خاصّة.

__________________

(*) ظاهر «الذخيرة» عدم الخلاف في ازدراد ما يخرج من خلل الأسنان (بخطّه قدس‌سره).

__________________

(١) ذخيرة المعاد : في التروك ص ٣٥٦ س ٤.

(٢) كشف اللثام : في تروك الصلاة ج ٤ ص ١٨٥.

(٣) تذكرة الفقهاء : في تروك الصلاة ج ٣ ص ٢٨١.

٩٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي «نهاية الإحكام (١)» بطلت صلاتهما مع الكثرة ومع القلّة إشكال. وقال أيضاً : إذا صفّقت ضربت بطن كفّها الأيمن على ظهر الكفّ الأيسر أو بطن الأصابع على ظهر الأصابع الاخرى ، ولا ينبغي أن تضرب البطن على البطن لأنه لعب. وفي «شرح المفاتيح (٢)» هذا ليس بشي‌ء ، إذ المتبادر من التصفيق في الأخبار ضرب بطن إحداهما على الاخرى. وفي «المقاصد العلية (٣)» لا عبرة بالمثال حيث كان المرجع إلى العرف.

وفي «المنتهى (٤)» كلّما ثبت أنّهم عليهم‌السلام فعلوه أو أمروا به فهو من حيّز القليل. وفي «كشف اللثام» ربّ كثير في العدد لا يسمّى في العرف كثيراً كتحريك الأصابع للعدّ أو غيره ، واحتمل الإبطال في التذكرة ، وربّ فعلٍ واحدٍ يحتمل عدّه كثيراً في العرف كالوثبة الفاحشة ، ولذا استشكل فيه في التذكرة ونهاية الإحكام (٥) انتهى. وحكم في «جامع المقاصد (٦) والغرية والمسالك (٧) والروض (٨) والمقاصد العلية (٩)» بالبطلان بالوثبة الفاحشة ، لكن في جامع المقاصد أنه أظهر. ومال إليه في «كشف الالتباس» (١٠).

وفي «فوائد الشرائع (١١)» الإبطال بالتعمّم بالعمامة الطويلة ، وتردّد في

__________________

(١) نهاية الإحكام : في التروك ج ١ ص ٥١٧.

(٢) مصابيح الظلام : ج ٢ ص ٣١٩ س ١٢. (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٣) المقاصد العلية : في المنافيات للصلاة ص ٢٩٥.

(٤) منتهى المطلب : في قواطع الصلاة ج ١ ص ٣١٠ س ٢٣.

(٥) كشف اللثام : في التروك ج ٤ ص ١٧٤.

(٦) جامع المقاصد : في تروك الصلاة ج ٢ ص ٣٥١.

(٧) مسالك الأفهام : في قواطع الصلاة ج ١ ص ٢٢٨.

(٨) روض الجنان : في مبطلات الصلاة ص ٣٣٣ س ٦.

(٩) المقاصد العلية : في المنافيات للصلاة ص ٢٩٥.

(١٠) كشف الالتباس : ص ١٣٣ س ٩ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(١١) فوائد الشرائع : ص ٤٣ س ١ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٦٥٨٤).

٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

«التذكرة (١) والذكرى (٢) ونهاية الإحكام (٣)» في الإبطال بالأفعال المتفرّقة حيث تصدق الكثرة على الجميع ، وقرّب في الأخير البطلان تبعاً للاسم. وحكم في «جامع المقاصد (٤) وفوائد الشرائع (٥) والجعفرية (٦) والموجز (٧) الحاوي وإرشاد الجعفرية (٨) والغرية والروض (٩) والروضة (١٠) والمقاصد العلية (١١) وكشف اللثام (١٢) ورسالة صاحب المعالم (١٣) وشرحها (١٤) وشرح المفاتيح (١٥)» بعدم الإبطال بذلك. وإليه مال في «كشف الالتباس (١٦)». ويلوح من «الذكرى (١٧)» الميل إليه.

وفي «المقنع (١٨)» كما نقل عنه أنه لا بأس للمصلّي أن يتقدّم أمامه بعد أن يدخل في الصلاة ما شاء ، وليس له أن يتأخّر ، انتهى فتأمّل. وفي «الفقيه (١٩)»

__________________

(١) تذكرة الفقهاء : في تروك الصلاة ج ٣ ص ٢٨٩.

(٢) ذكرى الشيعة : في تروك الصلاة ج ٤ ص ٩.

(٣) نهاية الإحكام : في التروك ج ١ ص ٥٢١.

(٤) جامع المقاصد : في تروك الصلاة ج ٢ ص ٣٥٠.

(٥) فوائد الشرائع : ص ٤٣ س ٣ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٦٥٨٤).

(٦) الرسالة الجعفرية (رسائل المحقّق الكركي ج ١) : ص ١١٥.

(٧) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : ص ٨٥.

(٨) المطالب المظفّرية : ص ١١٥ س ٧ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦).

(٩) روض الجنان : في مبطلات الصلاة ص ٣٣٣ س ٧.

(١٠) الروضة البهية : في التروك ج ١ ص ٥٦٤.

(١١) المقاصد العلية : في المنافيات للصلاة ص ٢٩٥.

(١٢) كشف اللثام : في التروك ج ٤ ص ١٧٧.

(١٣) الاثنا عشريّة ص ٩ السطر الأخير (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٥١١٢).

(١٤) النور القمرية : في المبطلات ص ١٥٠ س ٧ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٤٩٧٨).

(١٥) مصابيح الظلام : في المبطلات ص ٣٢٥ س ١٥ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(١٦) كشف الالتباس : ص ١٣٣ س ٥ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(١٧) ذكرى الشيعة : في تروك الصلاة ج ٤ ص ٩.

(١٨) نقل عنه الفاضل الهندي في كشف اللثام : في تروك الصلاة ج ٤ ص ١٧٤.

(١٩) من لا يحضره الفقيه : في القبلة ح ٨٥١ ج ١ ص ٢٧٧.

٩٧

والبكاء لُامور الدنيا ،

______________________________________________________

رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نخامة في المسجد فمشى إليها بعرجون من عراجين ابن طاب فحكّها ورجع القهقرى إلى موضعه ، انتهى فتأمّل.

وفي «شرح المفاتيح» أنّ الاعتماد على مثل خبر زكريّا الأعور وما هو مثله من عدم صحّة السند وعدم الجابر المعتبر مشكل بل فاسد ، وربما كان الراوي متوهّماً كونه في الصلاة ، والأولى الاجتناب عن العبث باللحية في الصلاة لما ورد من أنه يقطعها ، انتهى (١). وقد تأوّل في «المختلف (٢)» الخبر الدالّ على الشرب في الوتر فاحتمل أن يكون بعد الدعاء في الوتر وقصره جماعة (٣) على مورد النصّ. وحمل بعض (٤) المتأخّرين خبر الرعاف على ما إذا لم يكثر فانمحى به صورة الصلاة ، فليتأمّل.

[البكاء لُامور الدنيا]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (والبكاء لُامور الدنيا) قال في «الصحاح (٥)» : البكاء يمدّ ويقصر ، فإذا مددت أردت الصوت الّذي يكون مع البكاء ، وإذا قصرت أردت الدموع وخروجها ، قال الشاعر :

بكت عيني وحقّ لها بكاها

وما يغني البكاء ولا العويل

انتهى. ومثله قال : في «مجمع البحار». وفي «مجمع البحرين (٦) والمصباح المنير (٧)» نسبة ما في الصحاح إلى القيل ، وقال في الأخير : وقد جمع الشاعر بين

__________________

(١) مصابيح الظلام : ج ٢ ص ٣٢٥ س ٢١ (مخطوط مكتبة الگلپايگاني).

(٢) مختلف الشيعة : في التروك ج ٢ ص ٢٠٦.

(٣) منهم ابن إدريس في السرائر : ج ١ ص ٣٠٩ ، المحقّق الأول في المعتبر : ج ٢ ص ٢٦٠ ، والعلّامة في التذكرة : ج ٣ ص ٢٩٣.

(٤) منهم السيّد في مدارك الأحكام : في القواطع ج ٣ ص ٤٦٦.

(٥) الصحاح : باب الواو والياء ج ٦ ص ٢٢٨٤.

(٦) مجمع البحرين : كتاب الألف ج ١ ص ٥٩.

(٧) المصباح المنير : كتاب الباء ج ١ ص ٥٩.

٩٨

.................................................................................................

______________________________________________________

المعنيين ، ثمّ ذكر البيت المذكور في الصحاح. وأنت خبير بأنّ البيت المذكور ليس واضح الدلالة على ما ذكراه ، نعم قال الشريف الرضي (١) في مرثيته للحسين عليه‌السلام :

يا جدّ لا زالت كتائب حسرة

تغشى الفؤاد بكرّها وطرادها

أبداً عليك وأدمع مسفوحة

إن لم يراوحها البكاء يغادها

وهذا صريح في أنّ البكاء بالمدّ ما كان معه صوت.

وفي «كشف اللثام (٢)» أنّ ابن فارس في المجمل قال : قال قوم : إذا دمعت العين فهو مقصور ، وإذا كان ثَمّ نشيج وصياح فهو ممدود. وفي المقاييس قال النحويّون : مَن قصره أجراه مجرى الأدواء والأمراض ، ومَن مدّه أجراه مجرى الأصوات كالثغاء والرغاء والدعاء. وقال نشوان بن سعيد في شمس العلوم ، قال الخليل : إذا قصرت البكاء فهو بمعنى الحزن أي ليس معه صوت ، وإذا كان معه نشيج وصياح فهو ممدود.

قلت : هذا ذكره الأزهري (٣) في تركيبه على الألفية وذكر أنه نقل ابن النحاس في كافيه عن الخليل.

وحكى في «كشف اللثام (٤)» أيضاً عن الراغب أنه بالمدّ سيلان الدمع عن حزن وعويل ، يقال : إذا كان الصوت أغلب كالرغاء والثغاء وسائر هذه الأبنية الموضوعة للصوت ، وبالقصر يقال : إذا كان الحزن أغلب ، انتهى.

وقال الاستاذ في «شرح المفاتيح (٥)» : إنّ كلام القاموس صريح في عدم الممدود وكذلك كلام الصحاح في باب الألف والباء ظاهر في ذلك ، انتهى.

قلت : لم يظهر لي ذلك من الكتابين لكن لا ريب أنّ العرف لا يفرّق بينهما كمالا ريب في تقديمه على اللغة كما حرّر في محلّه.

__________________

(١) ديوان الشريف الرضي : في عنوان «وا لهفتاه لعصبةٍ علوية» ج ١ ص ٣٦٤.

(٢ و ٤) كشف اللثام : في التروك ج ٤ ص ١٧٨.

(٤) كشف اللثام : في التروك ج ٤ ص ١٧٨.

(٥) مصابيح الظلام : ج ٢ ص ٣٣٠ س ١ ٤ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

٩٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي «الذخيرة (١) وشرح المفاتيح (٢)» أنّ ما ذكره في الصحاح خلاف المعروف من العرف ومن ظاهر الأصحاب. قال في الأخير : فإنّ أحداً منهم لم يشر إلى التفرقة أصلاً ولا إلى استشكال مطلقاً ولو كان فرق أو إشكال لكان اللازم عليهم التعرّض لهما سيّما في مقام دعوى الإجماع. وفي «الكفاية (٣)» الظاهر العموم.

وفي «مجمع البرهان (٤)» الظاهر صدق البكاء على مجرّد الدمع من غير اشتراط الصوت عرفاً ولغةً وإن كان لغةً له معنى آخر أيضاً ، والأصل عدم الزيادة في اللفظ والمعنى ، وإنّ «بكى» في الخبر مشتقّ من المقصور ، وكذا «البكاء» في كلام الأصحاب. وأيضاً لا يعقل معنى يوجب الفساد في الّذي معه صوت إلّا مع إرادة الحرفين المبطلين لكنّه حينئذٍ من باب الكلام بحرفين ، انتهى.

وفي «الموجز الحاوي (٥) وحاشية الإرشاد (٦) والميسية وكشف اللثام (٧)» أنّ المفسد ما اشتمل على النحيب وإن خفي لا فيض الدمع بلا صوت للأصل. قال في «كشف اللثام» : ويرشد إليه كلام ابن زهرة إذ جعله من الفعل الكثير ، انتهى.

قلت : وكذلك فعل في «الذكرى (٨)» فجعله فعلاً كثيراً. وفي «إرشاد الجعفريّة (٩) والغرية وفوائد الشرائع (١٠) والروض (١١) والروضة (١٢) والمقاصد

__________________

(١) ذخيرة المعاد : في التروك ص ٣٥٧ س ١٠.

(٢) مصابيح الظلام : ج ٢ ص ٣٣٠ س ١ ٤ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٣) كفاية الأحكام : في المبطلات ص ٢٤ س ٢٩.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : في مبطلات الصلاة ج ٣ ص ٧٣.

(٥) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في أحكام الصلاة ص ٨٥.

(٦) حاشية الإرشاد : ص ٣٧ س ٩ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٧٩).

(٧) كشف اللثام : في التروك ج ٤ ص ١٧٨.

(٨) ذكرى الشيعة : في التروك ج ٤ ص ١٠.

(٩) المطالب المظفّرية : ص ١١٧ س ٢٠ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦).

(١٠) فوائد الشرائع : ص ٤٣ س ٤ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٦٥٨٤).

(١١) روض الجنان : في مبطلات الصلاة ص ٣٣٣ س ١٧.

(١٢) الروضة البهية : في التروك ج ١ ص ٥٦٥.

١٠٠