مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٨

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي

مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٨

المؤلف:

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي


المحقق: الشيخ محمّد باقر الخالصي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٣٢

.................................................................................................

______________________________________________________

هذا الوجوب غير مراد من الأخبار ، لأنه خلاف الضرورة ، وإن أرادوا الأعمّ من الخالي عن الشرط أو ما كان مع الشرط فلا ريب أنّ العامّ يستلزم الخاصّ ، على أنه أيضاً فاسد بالضرورة ، وكذا الحال لو أرادوا القدر المشترك ، مع أنّ كون وجوبها مشروطاً في الجملة ضروري ، فالمتبادر من الوجوب في الأخبار كونه بشروطه ، لأنّ الضرورة صارت منشأ للفهم والتبادر.

فقد ظهر أنه لم يصحّ لهم الاستدلال بالصحاح ، لأنّ الدلالة إمّا أن تكون من اللفظ أو الأصل أي أصل عدم هذا الشرط ، فإن كان الثاني فقد عرفت الحال فيه ، على أنه حينئذٍ لا مدخلية للأخبار في الدلالة ، وإن كان الأوّل فالدلالة اللفظية منحصرة في الثلاث ، والمطابقة والتضمّن لا مساغ لادّعائهما في المقام ، والالتزامية لا بدّ فيها من اللزوم عقلاً أو عرفاً ، والأوّل منفي بالضرورة ، وينفى الأخير بما عرفت من أنه إن كان الوجوب من دون ملاحظة الشروط فالدلالة واضحة كما أنّ فساده واضح ، وإن كان مع ملاحظة الشروط فلا دلالة ولا لزوم فضلاً عن أن يكون عرفيّاً.

فإن قلت : لو كان ما ذكرت شرطاً لاقتضاه مقام ذكره ولو في خبرٍ من الأخبار.

قلت : الملازمة ممنوعة إلّا في مقام الحاجة إلى الفعل ، وإلّا فهذه الصحاح لم تذكر فيها الشروط المسلّمة مع ذكر الوجوب ، بل ظاهرها عدم الاشتراط ، وكذا الحال في أحاديث الشروط ، وزمان الأئمة عليهم‌السلام ما كان يمكن فيه تحقّق مضمون الصحاح ، فلا بدّ أن يكون الحال في الأخبار هو أنّ بعضها ما كان المقام يقتضي فيه أزيد من أنّ الجمعة واجبة على جميع المكلّفين من دون نظر إلى حكاية الاشتراط ، والبعض الآخر ما كان يقتضي فيه المقام أكثر من بعض الشروط ، لأنّ الشروط ثبتت من أحاديث متفرقة وكلّ حديث تضمّن بعض الشروط ، فلعلّ الإمام أو من نصبه من جملة الشروط ولم يذكر.

لا يقال : لمّا لم يذكر هذا الشرط في الأخبار الصحيحة وغيرها علمنا أنه ليس بشرط ، لعدم جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة.

٢٤١

.................................................................................................

______________________________________________________

لأنّا نقول : المدار في الاستدلال على الصحاح ولم تذكر فيها الشروط المسلّمة فيلزم فيها تأخير البيان عن وقت الحاجة إن سلّمنا أنّ وقت الخطاب وقت الحاجة ، وكذا الحال بالنسبة إلى الأخبار الّتي ذكر فيها بعض الشروط ، على أنّك قد عرفت أنّ المقام ليس مقام حاجة وبدونه لا يتمّ الاستدلال.

فإن قلت : لعلّ وقت صدور الأحاديث الدالّة على الشروط المسلّمة كان وقت الحاجة.

قلت : لم يرد حديث مستوفىً لجميع الشروط ، بل ثبتت متفرّقة من أخبار متفرّقة وكلّ حديث منها تضمّن بعض الشروط ، على أنه لو تمّ ما ذكرت لكان الدليل أحاديث الشروط خاصّة ، لأنّها تغني عن الصحاح ، فكيف يجعلون الدليل هو الصحاح؟ ثم إنّ أحاديث الشروط تضمّنت أنّ هذا شرط وهذا لا ينفي أنّ غيره شرط ، وإلّا لتدافعت أحاديث الاشتراط.

فإن قيل : يجوز أن يكون الوجوب طلبيّاً لا بالنسبة إلى الرواة ، بل بالنسبة إلى مَن يمكنه إقامتها من غير تقية ، فلا بدّ أن يذكر المعصوم جميع شرائطها ، ولمّا لم يذكر هذا الشرط علمنا أنه ليس شرطاً.

قلنا : إن أردت الاحتمال ففيه : أنه لا يناسب الاستدلال ولا بدّ من إثبات ذلك من الصحاح ودونه خرط القتاد ، على أنه يرد عليه كثير ممّا تقدّم.

ثمّ إنّ الأخبار الخمسة (١) الاول الّتي ذكرناها في صدر أدلّتهم ، وكذا صحيح (٢) زرارة عن الباقر عليه‌السلام ظاهرة في أنّ للجمعة موضعاً معيّناً يجب على جميع المكلّفين الإتيان إليه من كلّ ناحية إلى حدّ فرسخين ، ولا ريب في أنه ليس لها موضع مقرّر ، فلا بدّ من أن يكون هناك شخص معيّن لا تصحّ من غيره ، وعلى ما يذهبون إليه من وجوبها عيناً خلف كلّ عدل تكون هذه الأخبار وفيها الصحيح منزّلة على فرد نادر غاية الندرة ، بل لا يكاد يوجد ، إذ من المستحيل عادةً أن

__________________

(١) تقدّمت في ص ١٩٤ ١٩٥.

(٢) تقدّم في ص ٢٣٦.

٢٤٢

.................................................................................................

______________________________________________________

تكون جميع الأمكنة الّتي اتفق انعقاد الجمعة فيها في جميع العالم لا يوجد من كلّ ناحية منها إلى فرسخين رجل عدل مع أربعة أو خمسة.

هذا كلّه مضافاً إلى ما تضمّنه بعض الأخبار من وضعها عمّن كان على رأس فرسخين أو أزيد ، وأنه إذا زاد على فرسخين فليس عليه شي‌ء كما في حسنة محمّد بن مسلم (١) ، مع أنّهم ربّما يتمكّنون من عدل مع أربعة أو ستة فكيف تكون موضوعة عنهم وليس عليهم شي‌ء؟ إلّا أن يقول : المراد من لم يتمكّن من العدل والعدد وأن لا يكون من موضعهم إلى موضع انعقاد الجمعة إمام جماعة وعدد من كلّ ناحيه إلى فرسخين ، إلى غير ذلك من القيود والمفاسد ، مع أنّ دلالة الأخبار على كون الجمعة منصب شخص معيّن في موضع معيّن في غاية الظهور.

مضافاً إلى الإجماعات المتواترة والفتاوى المتضافرة والسيرة المعلومة في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمير المؤمنين عليه‌السلام ، وإلّا لكان إيجاب حضور المدينة أو الكوفة على مَن بعُد عنهما بفرسخ تكليف شاقّ لا وجه له ، والكلام في الوجوب والفضل أمر آخر. واحتمال أن لا يكون عندهم إمام جماعة وعدد بعيدٌ جدّاً.

وأمّا خبر زرارة الّذي رواه في «الفقيه (٢)» قال : قال زرارة : قلت له : على مَن تجب الجمعة؟ قال : تجب على سبعة نفر من المسلمين ، ولا جمعة لأقلّ من خمسة من المسلمين أحدهم الإمام ، فإذا اجتمع سبعة ولم يخافوا أمّهم بعضهم وخطبهم. وقال أبو جعفر عليه‌السلام (٣) : إنّما وضعت الركعتان .. إلى آخره ، ففيه :

أوّلا : إنّه مضمر وإن كان الظاهر أنه أراد أبا جعفر عليه‌السلام ، لكنّ مثل ذلك يقال في مثل هذا المقام.

وثانياً : إنّ قوله «إذا اجتمع سبعة .. إلى آخره» يحتمل أن يكون من كلام

__________________

(١) تقدّمت في ص ٢٣٦.

(٢) من لا يحضره الفقيه : في صلاة الجمعة وفضلها ح ١٢٢٠ ج ١ ص ٤١١.

(٣) من لا يحضره الفقيه : في صلاة الجمعة وفضلها ح ١٢٢١ ج ١ ص ٤١٢.

٢٤٣

.................................................................................................

______________________________________________________

الصدوق كما احتمله الاستاذ ومولانا ملّا مراد (١). قال الاستاذ : ربّما يؤيّده قوله «وقال أبو جعفر عليه‌السلام» مع أنّ الظاهر أنّ ما رواه أوّلاً كان عن أبي جعفر عليه‌السلام ، فظهر أنّ ما ذكره بعده كان من نفسه. ويؤيّده ما مرَّ (٢) عن الصدوق في «الهداية» في تفسير هؤلاء السبعة. ويؤيّده أنّ الكليني والشيخ رويا عن زرارة ، عن الباقر عليه‌السلام مضمون «أن لا جمعة على أقلّ من خمسه ، أحدهم الإمام» من دون ذكر ما زاد عليه ، ونقل الحديث بالمعنى متعارف عندهم ولا سيّما الصدوق روماً للاختصار ، وصرّح المحقّقون بأنّ كلام الصدوق في الفقيه مخلوط مع الأحاديث بحيث يشتبه على الغافل غير المطّلع ، وإن لم تكن هذه مؤيّدات فلا أقلّ من حصول الريبة ، وعادة الفقهاء التوقّف بمجرّد الريبة في كون بعض ما ذكر في الحديث أو معه كلام المعصوم أو الراوي (٣) ، انتهى كلامه دام ظلّه.

وثالثاً : إنّ الجملة الخبرية لا تدلّ على الوجوب عند أصحاب هذا القول أو أكثرهم ، ومَن قال بظهورها في الوجوب لا يقول به في المقام ، لأنّها في مقام دفع توهّم الحظر ، لمكان استمرار الطريقة * على النصب ، وقرينة قوله «لم يخافوا» فكأنّه قال : لا يلزم وجود المنصوب ، فلا تدلّ على أزيد من رفع الحظر ، وإن كان هناك زيادة فهي المطلوبية كما هو قول المشهور. وأمّا القول بدلالة الأمر بعد الحظر على الوجوب فضعيف فكيف بالجملة الخبريّة. ثمّ إنّ المطلق ينصرف إلى الشائع المتعارف وقد عرفت أنّ المتعارف هو المنصوب ، مع أنّ هذا المطلق مقيّد بقيود كثيرة وكذلك السبعة والخطبة ، إذ من المعلوم أن ليس معنى الخبر أنه إذا اجتمع سبعة أيّ سبعة أمّهم بعضهم أيّ بعض منهم ، بل معناه أنه إذا اجتمع سبعة ولم يخافوا أمّهم بعضهم وخطبهم إن وجد فيه شرط إمامتها ، وكلامنا في الشرط ،

__________________

(*) الرسول والأمير صلّى الله عليهما وآله وغيرهما ممّن غصب (منه قدس‌سره).

__________________

(١) مصابيح الظلام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٨٣ س ٨ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٢) تقدّم في ص ٢٣١.

(٣) الفقيه ج ١ ص ٤١٢ حاشية ١.

٢٤٤

.................................................................................................

______________________________________________________

والأصل عدم الوجوب وخصوصاً العيني بل عدم الجواز ما لم يتحقّق الشرط ، ولا نعلم تحقّقه إلّا مع المنصوب ، والأصل عدم الوجوب بل الجواز مع غيرهما ، ولا يجوز العدول عن هذا الأصل إلّا بدليل.

لا يقال : بل المعنى أمّهم بعضهم إلّا أن يمنع منه مانع ، لأنّا نقول : أيّ مانع أقوى من عدم الإذن. والتفصيل يأتي في الكلام على الآية الشريفة.

وكذا الحال في صحيح (١) زرارة عن الباقر عليه‌السلام : إنّما فرض الله عزوجل من الجمعة إلى الجمعة. الحديث ، فإنّ ما ذكر في هذا الخبر جارٍ فيه ، على أنه من أخبار الفرسخين ، وقد عرفت الحال فيها. وقد عرفت الحال في صحيح (٢) عمر بن يزيد ، ويزيد في الردّ على الاستدلال به هنا أنه قد اشتمل على مستحبّات كثيرة ، فيحتمل أن يكون قوله عليه‌السلام «فليصلّوا» مراداً به الاستحباب كسائر الأوامر الّتي بعده ، كما هو مذهب المشهور.

وأمّا خبر الفضل بن عبد الملك (٣) ففي طريقه أبان بن عثمان ، وإنّما أجاز الجمعة ركعتين إذا كان من يخطب لهم ، وهو كما يحتمل العموم لكلّ من يتأتّى منه الخطبة يحتمل الاختصاص بمن يجوز له ذلك ويستجمع شرائطه ، ويكون الكلام في شرائطه فقد يشترط فيه إذن الإمام له بخصوصه.

وأمّا خبرا عبد الملك وزرارة فغايتهما الإذن لهما في الإمامة والائتمام بمن له الإمامة ، وأمّا عموم مَن له الإمامة أو إطلاقه فكلا. وكذا خبر هشام (٤) إنّما أفاد استحباب صلاة الجمعة جماعةً ، وأمّا عمومه لكلّ جماعة أو إطلاقه فكلا ، مع أنّ صلاة الجمعة تعمّ الرباعية ، مضافاً إلى ما عرفته من احتمال هذه الثلاثة حضور جماعات العامّة.

__________________

(١) تقدّم في ص ٢٣٦.

(٢) تقدّم في ص ٢٣٢.

(٣) تقدّم في ص ٢٣٧.

(٤) وسائل الشيعة : ب ٢ من أبواب المنفعة ح ٧ ج ١٤ ص ٤٤٣.

٢٤٥

.................................................................................................

______________________________________________________

ومَن أراد بسط الكلام في النقض والإبرام فعليه بالرجوع إلى «مصابيح الظلام (١)» فإنّه أزاح فيه الإبهام وأبان شناعة تلك الأوهام.

ونحوه «حاشية المدارك (٢) وكشف اللثام». قال في «كشف اللثام» بعد أن نقل عنهم الاحتجاج بأنّه قد ثبت وجوب عقد الجمعة والاجتماع إليها عيناً بالإجماع والنصوص من الكتاب والسنّة .. إلى آخره ما نصّه : وقد يقال شي‌ء من الإجماع والنصوص لا يفيد الوجوب عيناً لا قطعاً ولا ظاهراً إلّا فيما أجمع عليه ، فإنّ حمل الغير عليه ليس إلّا قياساً ، وإنّما ثبت الإجماع على وجوبها عيناً على المعصوم ومَن نصبه بخصوصه وعلى الناس إذا صلّاها أحدهما ، وإنّما يظهر من النصوص الوجوب عيناً مطلقاً لو أجمع على حملها على وجوبها عيناً مطلقاً ، وإن تنزّلنا فلو أجمع على حملها على وجوبها مطلقاً وإن تنزّلنا فإنّما تعارضه يعني الإجماع على عدم العيني لو عمل بها على إطلاقها أحد من الإمامية ، وليس كذلك ضرورة من المذهب. فلا قائل منّا بأنّ منادي يزيد وأضرابه أو أحد من فسّاق المؤمنين إذا نادى إلى صلاة الجمعة وجب علينا السعي وإن لم نتّقه ، فليس معنى الآية إلّا أنه إذا نادى لها منادٍ بحقّ فاسعوا إليها ، وكون المنادي بدون إذن الإمام له بخصوصه منادياً بحقّ ممنوع ، فلا يعلم الوجوب فضلاً عن العيني. وبعبارة اخرى إنّما تدلّ الآية على وجوب السعي إذا نودي للصلاة لا على وجوب النداء ، ومن المعلوم ضرورةً من العقل والدين أنه إنّما يجب السعي إذا جاز النداء ، وفي أنه هل يجوز لغير المعصوم ومَن نصبه؟ كلام. قلت : وبهذا يسقط ما حقّقه في الذخيرة كما يأتي ، على أنّ احتمال إرادة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من «ذكر الله» أظهر من احتمال إرادة الصلاة أو الخطبة ، ولا تصغ إلى ما يدّعى من إجماع المفسّرين على إرادة أحدهما ، خصوصاً إذا كنت إماميّاً تعلم أنه لا إجماع إلّا قول المعصوم. قلت : قوله هذا محلّ تأمّل.

__________________

(١) مصابيح الظلام : في صلاة الجمعة ح ١ ص ٨٣ ٨٤ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٢) حاشية المدارك : في صلاة الجمعة ص ١٢٣ (مخطوط في المكتبة الرضوية برقم ١٤٧٩٩).

٢٤٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وقال : مع أنّ «الصلاة من يوم الجمعة» بإطلاقها تعمّ الثنائية والرباعية بل الظهر وغيرها ، والسعي يعمّ الاجتماع وغيره ، وكلّاً من خطاب المشافهة والنداء حقيقة في الموجودين ، ولفظ الماضي فيمن وجد منهم الإيمان ، وإنّما يعلم مساواة من بعدهم لهم بدليل آخر من إجماع أو غيره ، وليس هنا إلّا إذا صلّى المعصوم أو مَن نصبه. قلت : وتعلم مساواة من بعدهم لهم في عدم الوجوب أيضاً كما إذا قلنا إنّ من لم يكن عنده المنصوب في زمن المعصوم لا تجب عليه الجمعة ، فإنّه يكون الحال في زمن الغيبة أيضاً كذلك بحكم الإجماع المنعقد على المشاركة في التكليف ، فتأمّل.

وقال : لا تخلو الآية إمّا أن يكون معناها إذا نودي لها فاسعوا إليها إلّا أن تكون ممّا لم يأذن فيها الشارع ، والأوّل ظاهر الفساد ، فتعيّن الثاني إلى أن قال : وإذا كان المعنى في الآية ما عرفت فإمّا أن يكون المانع هو العلم بعدم الإذن أو عدم العلم بالإذن ، والثاني هو المتعيّن ، لما عرفت من اشتراط كلّ عبادة بالإذن ضرورة من العقل والدين ، فلا فرق بين هذا المعنى وما ذكرناه. وإذا احتملت الآية ما ذكرناه كفى في عدم صلاحيتها لمعارضة الأصل ، فإنّ الناس في سعةٍ ممّا لا يعلمون ، بل الأصل حرمة العبادة المخصوصة والإمامة والاقتداء بالغير اكتفاءً بقراءته بلا إذن من الشارع مقطوع به ، وإذا جاء الاحتمال بطل القطع بالإذن ، فلم يخيّر الإقدام عليه فضلاً عن الوجوب ولا سيّما العيني ، انتهى (١) كلامه.

قلت : وكلّ ما تضمّن من الأخبار وجوب شهود الجمعة فهو كالآية في الكلام من الجانبين.

وقال في «الذخيرة» : المستفاد من الآية الشريفة وجوب السعي لصلاة الجمعة عند حصول النداء للصلاة المطلقة كما هو الغالب الشائع تحقّقه عند الزوال ، ومتى ثبت السعي عند تحقّق النداء وجب مطلقاً وإن لم يتحقّق النداء ، للاتفاق على أنّ وجوب السعي ليس مشروطاً بحصول النداء ، فالتعليق بالشرط المذكور في

__________________

(١) كشف اللثام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢٠٣ ٢٠٩.

٢٤٧

.................................................................................................

______________________________________________________

الآية منزّل على الغالب في بلاد المسلمين من تحقّق النداء عند الزوال ، فكأنّه كنّي به عن الزوال (١) انتهى.

وفيه : إنّا لا نسلّم أنّ المراد بالصلاة الصلاة المطلقة ، بل الظاهر أنّ المراد صلاة الجمعة ، ولا سيّما إذا قلنا إنّ «من» للتبيين وإنّ المبيّن هو الصلاة والأذان وإنّ التقدير على الأوّل كما ذكره ملّا فيض (٢) : إذ نودي للصلاة الّتي هي الجمعة ، وعلى الثاني : إذا نودي للصلاة الّذي هو أذان الجمعة ، بل الحال كذلك إذا قيل في التقدير : صلاة يوم الجمعة وأذان يوم الجمعة ، بل الحال كذلك لمكان السوق لو قلنا إنّها بمعنى «في» كما هو كثير في دخولها على الظروف كما في : من قبل زيد ، ومن بعده ، ومن بيننا وبينك حجاب ، وكذا إذا قلنا إنّها زائدة أو للتبعيض ، مع أنّ الأوّل شاذّ والثاني بعيد ، وعلى هذا يصير المراد إذا نودي لصلاة الجمعة يجب السعي ، والقدر الثابت من وجوبه إنّما هو عند النداء الصحيح ، وكون كلّ نداء صحيحاً هو محلّ الكلام. وقد سمعت ما ادّعاه المحقّق الداماد (٣) من الإجماع على النداء المشروط به وجوب السعي.

ولو أبيت إلّا الخروج عن الظاهر قلنا الصلاة بإطلاقها تشمل الثنائية والرباعية الظهر وغيرها والسعي يشمل الاجتماع وغيره ، ونقول أيضاً : كما أنّ الغالب في بلاد المسلمين زمن نزول الآية وقوع النداء كذلك كان هذا النداء بحضور المعصوم أو نائبه مطلقاً أو غالباً ، فكما كنّي به عن الزوال كنّي به عن المعصوم ونائبه ، سلّمنا ولكنّه خطاب مشافهة فلا يشمل غير الموجودين ، ومن الجائز أن يكون وجوبها على الحاضرين لتحقّق الشرط وهو مفقود في غيرهم. وهذا من ثمرة النزاع في مسألة خطاب المشافهة وإن كان بعضهم كصاحب «الوافية (٤)»

__________________

(١) ذخيرة المعاد : في صلاة الجمعة ص ٣٠٩ س ٣.

(٢) تفسير الصافي : في تفسير سورة الجمعة ج ٥ ص ١٧٤.

(٣) تقدّم في ص ١٩١.

(٤) الوافية : في العامّ والخاصّ ص ١٢٤.

٢٤٨

ويشترط في النائب البلوغ ،

______________________________________________________

وغيره (١) ادّعى أن لا ثمرة ، على أنّ النزاع بين أصحابنا نادر حادث كما هو فيما نحن فيه.

ثمّ إنّ «إذا» ليست من أدوات العموم لغةً وإنّما تفيده عرفاً ، والمعروف عندهم أنّ العموم العرفي إنّما يكون على قدر ما ينساق الذهن إليه ويتبادر منه ، والمتبادر في المقام إنّما هو الأذان الصادر عن أمر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى المكلّفين ، وإلحاق الغير إنّما هو بواسطة الإجماع كما هو الشأن في جميع المدلولات الّتي يقع التعدّي فيها عن مفهوم اللفظ بحسب اللغة ، إلى غير ذلك من الإيرادات الكثيرة الّتي أوردها الاستاذ (٢) دام ظلّه على الاستدلال بهذه الآية الشريفة.

[في اشتراط البلوغ في النائب]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويشترط في النائب البلوغ) بلا خلاف كما في «المنتهى (٣)» وهو المشهور كما في «الذخيرة (٤) والكفاية (٥) ومصابيح الظلام (٦)» وبه صرّح في «المقنعة (٧) والتهذيب (٨) والاستبصار (٩) والنهاية (١٠) والمبسوط (١١)

__________________

(١) كقوانين الاصول : في العموم والخصوص ص ٢٣٤ س ٥ فما بعد ، والفصول الغروية : ص ١٨٤ س ١٩.

(٢) مصابيح الظلام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٨٥ س ١١ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٣) منتهى المطلب : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٣٢٤ س ٦.

(٤) ذخيرة المعاد : في صلاة الجمعة ص ٣٠٢ س ٦.

(٥) كفاية الاحكام : في صلاة الجمعة ص ٢٠ س ٢٧.

(٦) مصابيح الظلام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٦١ س ١٤ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٧) المقنعة : في صلاة الجمعة ص ١٦٣.

(٨) تهذيب الأحكام : في أحكام الجماعة ج ٣ ص ٢٩ و ٣٠ ذيل ح ١٠٤.

(٩) الاستبصار : في باب الصلاة خلف الصبي قبل أن يبلغ الحلم ج ١ ص ٤٢٤ ذيل ح ١٦٣٣.

(١٠) النهاية : في الجمعة وأحكامها ص ١٠٥.

(١١) المبسوط : في صلاة الجمعة ج ١ ص ١٤٣.

٢٤٩

.................................................................................................

______________________________________________________

والوسيلة (١)» وغيرها (٢) ممّا تعرّض فيه له. وهو المنقول عن القاضي (٣).

وجوّز في «المبسوط (٤) والخلاف (٥) والكفاية (٦) ومصباح السيّد» على ما نقل عنه في «المعتبر (٧)» في باب الجماعة إمامة المراهق المميّز العاقل في جماعة ، وقد يلوح ذلك من «الجُمل والعقود (٨)» ونقله في «الذكرى (٩)» عن الجعفي حيث قال : يؤمّ الغلام.

قال في «الخلاف (١٠)» : دليلنا إجماع الفرقة فإنّهم لا يختلفون في أنّ مَن هذا صفته تلزمه الصلاة ، وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «مروهم بالصلاة لسبع (١١)» يدلّ على أنّ صلاتهم شرعية ، انتهى ، لكنّه هنا في «المبسوط» اشترط البلوغ كما عرفت ، وقال هنا في «الخلاف (١٢)» الصبي الّذي لم يبلغ لم تنعقد به الجمعة ، فتأمّل جيّداً.

واحتمل حمل كلام الشيخ على إمامته لأمثاله ، وهو بعيد عن مرمى كلامه. وفي «كشف الرموز (١٣)» في باب الجماعة جمع بين قوله في النهاية بعدم جواز إمامته وقوله في المبسوط والخلاف بجوازها بجمل كلام النهاية على غير المميّز.

__________________

(١) الوسيلة : في صلاة الجمعة ص ١٠٤.

(٢) كالحدائق الناضرة : في صلاة الجمعة ج ١٠ ص ٢.

(٣) نقله عنه أبو العبّاس في المهذّب البارع : في الجماعة ج ١ ص ٤٧٠.

(٤) المبسوط : في صلاة الجماعة ج ١ ص ١٥٤.

(٥) الخلاف : في صلاة الجماعة ج ١ ص ٥٥٣ مسألة ٢٩٥.

(٦) كفاية الأحكام : في صلاة الجماعة ص ٢٨ س ٢١ ٢٢.

(٧) المعتبر : في صلاة الجماعة ج ٢ ص ٤٣٥ ٤٣٦.

(٨) الجُمل والعقود : في أحكام الجماعة ص ٨٣.

(٩) ذكرى الشيعة : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٣٨٥.

(١٠) الخلاف : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٥٥٣ مسألة ٢٩٥.

(١١) عوالي اللآلي : ج ١ ص ٣٢٨ ح ٧٤ وص ٢٥٢ ح ٨ باختلاف في الألفاظ ، ونقله أيضاً في البحار : ج ٨٨ ص ١٣٢ عن النوادر.

(١٢) الخلاف : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٦٢٨ مسألة ٤٠٠.

(١٣) كشف الرموز : في صلاة الجماعة ج ١ ص ٢١٥ ٢١٦.

٢٥٠

.................................................................................................

______________________________________________________

وحمل في «مصابيح الظلام (١)» الأخبار الدالّة على إمامته كخبر غياث (٢) على النوافل. واحتمل في «كشف اللثام (٣)» وكذا «المدارك (٤) ومصابيح الظلام (٥)» أنّ الشيخ ممّن يفرّق بين الجمعة وغيرها. كما احتمل هذا الفرق في «التذكرة (٦)» في جواب الشافعي.

هذا وفي «المختلف (٧)» في بحث الجماعة منع إجماع الخلاف وقال : بل لو قيل بالضدّ كان أولى. وعن «المنتهى (٨)» في كتاب .. * نفي الخلاف عن اشتراط البلوغ في الجماعة. وعن «الاقتصاد (٩) والتهذيب (١٠) والاستبصار (١١) والنهاية (١٢)» في بحث

__________________

(*) بياض في الأصل (١٣).

__________________

(١) مصابيح الظلام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٦١ س ١٦ وما بعده (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٢) وسائل الشيعة : ب ١٤ من أبواب صلاة الجماعة ح ٣ ج ٥ ص ٣٩٧.

(٣) كشف اللثام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢١٦.

(٤) مدارك الأحكام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٦٤.

(٥) مصابيح الظلام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٦١ س ٢٠ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٦) تذكرة الفقهاء : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢١.

(٧) مختلف الشيعة : في صلاة الجمعة ج ٣ ص ٥٣.

(٨) منتهى المطلب : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٣٢٤ س ٦.

(٩) لم نعثر على هذه الفتوى في الاقتصاد للشيخ الطوسي ، ويحتمل أن يكون الاقتصار بالراء المهملة للشيخ المفيد ولا يوجد لدينا.

(١٠ و ١١) لا يخفى عليك أنّ الجمع بين خبري إسحاق بن عمّار الناهي عن إمامة المميّز وطلحة ابن زيد المجوّز لإمامته اللذين هما الأصل في اختلاف الحكم في المميّز بين الأعلام مختلفٌ في التهذيب والاستبصار حسب ما يستفاد من عبارتهما ، فإنّ الجمع في الأوّل إنّما وقع بحمل خبر طلحة على خصوص عدم الاحتلام للمميّز العاقل المدرك المقرئ ووجود سائر أمارات البلوغ ، وفي الثاني بحمله على وجود كمال العقل والإدراك والإقراء مع عدم أمارات البلوغ من الاحتلام والإنبات والإشعار ، فالحملان منهما متفاوتان ، فراجع التهذيب : ج ٣ ص ٢٤ ٣٠ ، والاستبصار : ج ١ ص ٤٢٤.

(١٢) النهاية : باب الجماعة وأحكامها ص ١١٣.

(١٣) ما ذكره الشارح المصحّح وهو الفقيه السيّد العاملي رحمه‌الله من أنّ هنا بياضاً في الأصل بمعنى ان هنا

٢٥١

.................................................................................................

______________________________________________________

الجماعة عدم جواز إمامة المميّز.

وظاهر «نهاية الإحكام (١) والتذكرة (٢) والجعفرية (٣) والروض (٤) والذخيرة (٥)» التردّد في إمامته للبالغين في النفل فلا تغفل. وفي «إرشاد الجعفرية (٦)» المنع منه في النفل صريحاً. واستقرب في «الذكرى (٧) والدروس (٨) والهلالية والغرية» الجواز. وفيها وفي «الإشارة (٩) والبيان (١٠) والروض (١١)» جواز إمامته لمثله لتساويهم في المرتبة. وفي «الذخيرة (١٢)» لا يبعد العمل على خبر غياث لكنّه خلاف الاحتياط.

وفي «مجمع البرهان (١٣)» لو لا إجماع المنتهى لقلت بصحّتها معه ، لأنّ عبادته شرعية. قلت : لعلّه فهم الإجماع من نفي الخلاف في المنتهى ، لكنّه قال في

__________________

سقطاً من العبارة ولكنّي لا أرتضي به ، بل في المقام خلط وتقديم وتأخير ، وكأنّ الصحيح من العبارة المذكورة هكذا : وعن المنتهى من كتاب الخلاف نفي اشتراط البلوغ في الجماعة ، أو قُل : وفي المنتهى عن كتاب الخلاف نفي اشتراط البلوغ في الجماعة ، ولكنّ الأوّل أصحّ للظنّ بأنّ الشارح إنّما نقل ذلك عن كشف اللثام والحدائق وغيرهما كما هو عادته في نقل غالب عباراته ، فالواقع أنه لا سقط ولا بياض أصلاً ويدلّ على ذلك تصريح المنتهى بأنّ الشيخ صرّح في الخلاف بجواز إمامة المراهق المميّز ، فراجع المنتهى : ج ١ ص ٣٢٤ و ٣٦٨ وكشف اللثام : ج ٤ ص ٢١٦.

(١) نهاية الإحكام : في صفات الإمام ج ٢ ص ١٣٩.

(٢) تذكرة الفقهاء : في صفات الإمام ج ٤ ص ٢٧٨.

(٣) الرسالة الجعفرية (رسائل المحقّق الكركي : ج ١) في الجماعة ص ١٢٦.

(٤) روض الجنان : في صلاة الجماعة ص ٣٦٤ س ٢.

(٥) ذخيرة المعاد : في صلاة الجماعة ص ٣٨٩ السطر الأخير.

(٦) المطالب المظفّرية : في صلاة الجماعة ص ١٥٧ س ١٢ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦).

(٧) ذكرى الشيعة : في صلاة الجماعة في شروط الاقتداء ج ٤ ص ٣٨٦.

(٨) الدروس الشرعية : في صلاة الجماعة ج ١ ص ٢١٩.

(٩) إشارة السبق : في صلاة الجماعة وشروطها ص ٩٦.

(١٠) البيان : في صلاة الجماعة ص ١٣٢.

(١١) روض الجنان : في صلاة الجماعة ص ٣٦٤ س ٢.

(١٢) ذخيرة المعاد : في صلاة الجماعة ص ٣٠٢ س ١٢.

(١٣) مجمع الفائدة والبرهان : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٣٥٠.

٢٥٢

.................................................................................................

______________________________________________________

«المنتهى (١)» بعد ذلك : وفي المراهق نظر أقربه عدم الجواز. ونحوه قال في «نهاية الإحكام (٢)» في باب الجماعة ، وكذا في «التذكرة (٣)» في الباب المذكور. وقد تقدّم الكلام في عبادة الصبيّ في بحث المواقيت مستوفى بما لا مزيد عليه (٤).

وقال الكاتب فيما نقل : غير البالغ إذا كان سلطاناً مستخلفاً للإمام الأكبر كالوليّ لعهد المسلمين يكون إماماً ، وليس لأحد أن يتقدّمه ، لأنه أعلى ذوي السلطان بعد الإمام الأكبر ، وأمّا غيره من الصبيان فلا أرى أن يؤمّ في الفرائض مَن هو أسنّ منه ، انتهى (٥). وهذا لا ريب فيه إن وقع من المعصوم استخلاف الصبيّ الغير المعصوم. وفي «الإيضاح (٦)» الأقوى تفصيل ابن الجنيد. واقتصر في «الموجز الحاوي (٧)» على المعصوم ، وقال في «شرحه» : ظاهره عدم جواز إمامة غير المعصوم وإن كان مستخلفاً للإمام الأكبر إذا كان غير معصوم ولا بأس به ، والأكثر أطلقوا عدم إمامة غير البالغ ولم يستثنوا المعصوم ، انتهى (٨) فتأمّل فيه. وفي «المهذّب البارع (٩) والمقتصر (١٠)» في بحث الجماعة اختيار تفصيل ابن الجنيد.

وفي «النفلية (١١) والفوائد الملية (١٢)» أنّ الرواية (١٣) بإمامة ذي العشر مع إرسالها

__________________

(١) منتهى المطلب : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٣٢٤ س ٧.

(٢) نهاية الإحكام : في صلاة الجماعة في صفات الإمام ج ٢ ص ١٣٨.

(٣) تذكرة الفقهاء : في صلاة الجماعة في صفات الإمام ج ٤ ص ٢٧٨.

(٤) تقدّم في ج ٥ ص ٢٤٠ ٢٥١.

(٥) نقله عنه العلّامة في مختلف الشيعة : في صلاة الجماعة ج ٣ ص ٥١ ٥٢.

(٦) إيضاح الفوائد : في صلاة الجماعة ج ١ ص ١٤٩.

(٧) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في أحكام الجماعة ص ١١١.

(٨) كشف الالتباس : في صلاة الجماعة ص ١٧٧ السطر الأوّل وما بعده (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٩) المهذّب البارع : في صلاة الجماعة ج ١ ص ٤٧٠.

(١٠) المقتصر : في صلاة الجماعة ص ٩١.

(١١) النفلية : خاتمة في الملتزم ص ١٣٩.

(١٢) الفوائد الملية : في خصائص صلاة الجماعة ص ٢٨٦.

(١٣) ذكر الرواية في الوسائل عن الفقيه هكذا : «وبإسناده عن سماعة بن مهران عن

٢٥٣

والعقل ،

______________________________________________________

وضعف سندها تحمل على النفل أو على الضرورة.

[في اشتراط العقل في النائب]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (والعقل) هو شرط إجماعاً كما في «المعتبر (١) والتحرير (٢) والتذكرة (٣) ونهاية الإحكام (٤) والذكرى (٥) والغرية» في باب الجماعة وظاهر «المنتهى (٦)» في البابين ، لأنه نفى فيهما الخلاف كما نفاه في «الغنية (٧)» في باب الجماعة.

وفي «نهاية الإحكام (٨)» الإجماع على عدم إمامة المجنون. وفي «الخلاف (٩)» الإجماع على أنّ المجنون لا يؤمّ على كلّ حال. وفي «التذكرة (١٠)

__________________

أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : يجوز صدقة الغلام وعتقه ويؤمّ الناس اذا كان له عشرين سنين» ولكنّها في الفقيه نفسه رواها : اذا كان عشر سنين ، والظاهر بل من المقطوع به أنّ ما في الوسائل سهوٌ إمّا من النسّاخ أو من الطابع أو من صاحب الوسائل على احتمالٍ ضعيف ، وذلك لُامور ثلاثة : الأوّل أنّ محلّ النزاع إنّما هو في الصبى المميّز لا في ابن عشرين. والثاني التمييز بالسنين إنّما يقع لأكثر من أحد عشر ، وأمّا الأقلّ منه فتمييزه الجمع إنّما يكون بالسنة أو السنوات. والثالث وقوع السهو في «عشرين» مع أنه لا بدّ أن يكون «عشرون» حسب القواعد المعمولة وإن كان في الأعداد رأيٌ آخر عند بعض النحاة. وهذا كلّه أكبر دليل على وقوع الإضافة في العشر ، فراجع الوسائل : ج ٥ ص ٣٩٧ والفقيه : ج ١ ص ٥٦٧.

(١) المعتبر : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٢٩٠.

(٢) تحرير الأحكام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٤٤ السطر ما قبل الأخير.

(٣) تذكرة الفقهاء : في صفات إمام الجماعة ج ٤ ص ٢٧٦.

(٤ و ٨) نهاية الإحكام : في صفات إمام الجماعة ج ٢ ص ١٣٩.

(٥) ذكرى الشيعة : في صلاة الجماعة ج ٤ ص ٣٨٧.

(٦) منتهى المطلب : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٣٢٤ س ٦ وفي صلاة الجماعة ص ٣٦٨ س ٢١.

(٧) غُنية النزوع : في صلاة الجماعة ص ٨٧.

(٩) الخلاف : في صلاة الجماعة ج ١ ص ٥٦١ مسألة ٣١٢.

(١٠) تذكرة الفقهاء : في شرائط الجمعة ج ٤ ص ٢١.

٢٥٤

.................................................................................................

______________________________________________________

ونهاية الإحكام (١)» أنّ مَن يعتوره الجنون لا يكون إماماً ولو في وقت إفاقته. وفي «مصابيح الظلام (٢)» أنّ هذا أظهر أفراد ما ورد في الروايات ، إذ غيره لغاية ظهوره وعدم تأتّي إمامته لوجوهٍ كثيرة لا يحتاج للتعرّض له.

وقرّب في «المعتبر (٣) والمنتهى (٤) ونهاية الإحكام (٥) والتذكرة (٦) والدروس (٧) والنفلية (٨) والذكرى (٩) وكشف الالتباس (١٠) وجامع المقاصد (١١) والجعفرية (١٢) وشرحيها (١٣) والهلالية والروض (١٤) والروضة (١٥) والفوائد الملية (١٦) والنجيبية والمدارك (١٧) والذخيرة (١٨)

__________________

(١) نهاية الإحكام : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ١٥ وفي الجماعة ص ١٣٩.

(٢) مصابيح الظلام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٦١ س ١٢ وما بعده (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٣) المعتبر : في صلاة الجماعة ج ٢ ص ٤٣١.

(٤) منتهى المطلب : في صلاة الجماعة ج ١ ص ٣٦٨ س ٢١ وما بعده.

(٥) نهاية الإحكام : في صلاة الجماعة في شرائط الإمام ج ٢ ص ١٣٩.

(٦) تذكرة الفقهاء : في صلاة الجماعة في صفات الإمام ج ٤ ص ٢٧٦.

(٧) الدروس الشرعية : في صلاة الجماعة ج ١ ص ٢١٩.

(٨) النفلية : في صلاة الجماعة ص ١٣٩.

(٩) ذكرى الشيعة : في صلاة الجماعة شرائط الاقتداء ج ٤ ص ٣٨٧.

(١٠) كشف الالتباس : في صلاة الجماعة ص ١٧٧ س ٦ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(١١) جامع المقاصد : في صلاة الجماعة ج ٢ ص ٤٩٧.

(١٢) الرسالة الجعفرية (رسائل المحقّق الكركي : ج ١) في صلاة الجماعة ص ١٢٦.

(١٣) المطالب المظفّرية : في صلاة الجماعة ص ١٥٧ س ١٧ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦) والشرح الآخر لا يوجد لدينا.

(١٤) روض الجنان : في صلاة الجماعة ص ٣٦٤ س ٤ ٥.

(١٥) الروضة البهية : في صلاة الجماعة ج ١ ص ٧٩٢.

(١٦) الفوائد الملية : في صلاة الجماعة ص ٢٨٦.

(١٧) مدارك الأحكام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٦٥.

(١٨) ذخيرة المعاد : في صلاة الجماعة ص ٣٩٠ س ٤.

٢٥٥

والإيمان ،

______________________________________________________

وكشف اللثام (١) والكفاية (٢)» في باب الجماعة جواز إمامته حين إفاقته ، وأكثرهم (٣) صرّح بالكراهية ، وظاهر «الكفاية (٤)» في المقام التوقّف ولعلّهم لو لحظوا الأخبار بعين الاعتبار كما في «مصابيح الظلام» لقالوا بالمنع ، لكنّي وجدتهم ذكروا ما ذكره في «التذكرة (٥)» هنا في وجه المنع وهو جواز عروض الجنون له حينئذ وأنه لا يؤمَن احتلامه في نوبته وهو لا يعلم وأنه ناقص عن المراتب الجليلة ، واستضعفوه وقالوا : إنّ تجويز ذلك لا يرفع تحقّق الأهلية ، نعم الأقرب الكراهية (٦) لذلك.

[في اشتراط الإيمان في النائب]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (والإيمان) هو شرط إجماعاً كما في

__________________

(١) كشف اللثام : في صلاة الجماعة ج ٤ ص ٤٤٠.

(٢) كفاية الأحكام : في صلاة الجماعة ص ٢٨ س ٢٢.

(٣) كمنتهى المطلب : في صلاة الجماعة ج ١ ص ٣٦٨ س ٢٢ ، نهاية الإحكام : في صلاة الجماعة في شرائط الإمام ج ٢ ص ١٣٩ ، تذكرة الفقهاء : في صلاة الجماعة في صفات الإمام ج ٤ ص ٢٧٦ ، الدروس الشرعية : في صلاة الجماعة ج ١ ص ٢١٩ ، ذكرى الشيعة : في شرائط الاقتداء ج ٤ ص ٣٨٧ ، كشف الالتباس : في صلاة الجماعة ص ١٧٧ س ٦ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣) ، جامع المقاصد : في صلاة الجماعة ج ٢ ص ٤٩٧ ، الرسالة الجعفرية (رسائل المحقّق الكركي : ج ١) في صلاة الجماعة ص ١٢٦ ، المطالب المظفرية : في صلاة الجماعة ص ١٥٧ س ١٨ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦).

روض الجنان : في صلاة الجماعة ص ٣٦٤ س ٥ ، الروضة البهية : في صلاة الجماعة ج ١ ص ٧٩٢ ، الفوائد المليّة : في صلاة الجماعة ص ٢٨٦ ، مدارك الأحكام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٦٥ ، كشف اللثام : في صلاة الجماعة ج ٤ ص ٤٤٠.

(٤) كفاية الأحكام : في صلاة الجماعة ص ٢٨ س ٢٢.

(٥) تذكرة الفقهاء : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢١.

(٦) مدارك الأحكام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٦٥ ، وكشف اللثام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢١٧ ، ذكرى الشيعة : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ١٠١ ، روض الجنان : في صلاة الجمعة ص ٢٨٨ س ٢٩ وما بعده ، جامع المقاصد : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٣٧٢.

٢٥٦

.................................................................................................

______________________________________________________

«الخلاف (١) والمعتبر (٢) والمنتهى (٣) والتذكرة (٤) والذكرى (٥) والغرية وكشف الالتباس (٦) وكشف اللثام (٧)» وفي «الغنية (٨) والذخيرة (٩) والمدارك (١٠) والنجيبية ومصابيح الظلام (١١)» نفي الخلاف عنه ، فبعض هنا وبعض في باب الجماعة.

والإيمان عندنا إنّما يتحقّق بالاعتراف بإمامة الأئمّة الاثني عشر عليهم‌السلام إلّا مَن مات في عهد أحدهم فلا يشترط في إيمانه إلّا معرفة إمام زمانه ومَن قبله كما نبّه على ذلك في «كشف اللثام (١٢)» وهو الّذي تعطيه الأخبار. وقد قام الإجماع ونطقت الأدلّة العقلية والنقلية على أنّ المؤمن مَن يعرف الاصول الخمسة بالدليل ، والمخالف في ذلك شاذّ حادث متأخّر معلوم الاسم والنسب وهو مولانا ملّا أحمد المقدّس الأردبيلي (١٣) على أنه غير قاطع بجواز التقليد بل ظانّ ظنّاً ، قال : إنّه لا يسمن من جوعي فكيف من جوع غيري ، وتبعه على ذلك جماعة من الأخباريين ، وقد ذكرنا أسماءهم وحججهم وما ردّهم به مشايخنا «فيما كتبناه على الوافية (١٤)» في الاصول.

__________________

(١) الخلاف : في صلاة الجماعة ج ١ ص ٥٤٩ مسألة ٢٩٠.

(٢) المعتبر : في صلاة الجماعة ج ٢ ص ٤٣٢.

(٣) منتهى المطلب : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٣٢٤ س ١١.

(٤) تذكرة الفقهاء : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢٥.

(٥) ذكرى الشيعة : في صلاة الجماعة ج ٤ ص ٣٨٨.

(٦) كشف الالتباس : في صلاة الجمعة ص ١٤٠ س ٢٠ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٧) كشف اللثام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢١٧.

(٨) غنية النزوع : في صلاة الجماعة ص ٨٧.

(٩) ذخيرة المعاد : في صلاة الجمعة ص ٣٠٢ س ١٥.

(١٠) مدارك الأحكام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٦٥.

(١١) مصابيح الظلام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٦١ س ٢١ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(١٢) كشف اللثام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢١٧.

(١٣) مجمع الفائدة والبرهان : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٣٥٠.

(١٤) لم نعثر على كتابه.

٢٥٧

والعدالة ،

______________________________________________________

نعم قال الشيخ في «العدّة (١)» ما نصّه : وأمّا ما يرويه قوم من المقلّدة فالصحيح الّذي اعتقده أنّ المقلّد للحقّ وإن كان مخطئاً في الاصول معفوّ عنه ولا أحكم فيه بحكم الفسّاق ، انتهى.

[في اشتراط العدالة في النائب]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (والعدالة) تنقيح البحث فيها يتمّ برسم مباحث :

الأوّل : في معنى العدالة

أمّا لغةً ففي «المبسوط (٢) والسرائر (٣)» وغيرهما (٤) أنّ العدالة في اللغة أن يكون الإنسان متعادل الأحوال متساوياً ، ونحوه ما في «المدارك (٥)» وغيرها (٦) من أنّ العدالة لغةً الاستواء والاستقامة ، انتهى.

وأمّا معناها شرعاً لثبوت الحقيقة الشرعية فيها كما هو صريح جماعة كالشيخ (٧) والعجلي (٨) فكلام الأصحاب في المعتبر منه في إمام الجماعة والشاهد في الطلاق وغيره ، وفي الراوي ومستحقّ الزكاة على القول باعتبارها فيه مختلف على الظاهر ، ولذا اختلفت أفهام متأخّري المتأخّرين في مرادهم ، إلّا أنّ الظاهر كما نصّ جماعة أنّ العدالة المعتبرة في إمام الجماعة والشاهد واحدة.

__________________

(١) عدّة الاصول : مذهب المصنّف في الخبر الواحد ج ١ ص ٣٤٧ ٣٤٨.

(٢) المبسوط : كتاب الشهادات في مَن تُقبل شهادته ومَن لا تُقبل ج ٨ ص ٢١٧.

(٣) السرائر : كتاب الشهادات في اشتراط العدالة في الشاهد ج ٢ ص ١١٧.

(٤) كالحدائق الناضرة : في صلاة الجمعة ج ١٠ ص ١٣.

(٥) مدارك الأحكام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٦٧.

(٦) كجامع المقاصد : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٣٧٢ ، ومجمع الفائدة والبرهان : ج ١٢ ص ٣١٢.

(٧) المبسوط : كتاب الشهادات في مَن تُقبل شهادته ومَن لا تُقبل ج ٨ ص ٢١٧.

(٨) السرائر : كتاب الشهادات في اشتراط العدالة في الشاهد ج ٢ ص ١١٧.

٢٥٨

.................................................................................................

______________________________________________________

فالمتأخّرون كما في «المدارك (١) والذخيرة (٢) والماحوزية» أنها ملكة نفسانية تبعث على ملازمة التقوى والمروءة ، ونسبه الشيخ نجيب الدين العاملي في «شرحه» إلى العلماء. وفي «مصابيح الظلام (٣)» أنه المشهور بين الأصحاب. وفي «مجمع البرهان (٤)» في موضعين منه أنه مشهور بين عامّة العامّة والخاصّة في الاصول والفروع ، والأمر كما ذكر ، فإنّي وجدت جملة من كتب الجمهور «كالمحصول (٥)» وغيره (٦) وكتب الخاصّة كالمصنّف (٧) ومن تأخّر عنه (٨) إلّا من قلّ دون من تقدّم عليه قد سطر فيها هذا التعريف في الاصول والفروع مع زيادة ونقصان يأتي التنبيه عليهما إن شاء الله تعالى. وقد اعترف في «الذخيرة (٩)» بعدم عثوره على هذا التعريف في كلام غير المصنّف ، وقال : ليس في الأخبار له أثر ولا شاهد عليه فيما أعلم وكأنهم اقتفوا في ذلك أثر العامّة ، انتهى. ونحو ذلك أو قريب منه قال في «مجمع البرهان (١٠) والمدارك (١١)».

__________________

(١) منهم المجلسي في البحار : ج ٨٨ ص ٢٣ ، والسبزواري في الذخيرة : ص ٣٠٥ س ٣٤ ، والشيخ سليمان البحراني وتلميذه الشيخ عبد الله البحراني على ما نقل عنهما في الحدائق الناضرة : ج ١٠ ص ٥٨. مدارك الأحكام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٦٧.

(٢) ذخيرة المعاد : في صلاة الجمعة ص ٣٠٣ س ١٨.

(٣) مصابيح الظلام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٩٣ س ١٩ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٣٥١ وفي كتاب القضاء في الشروط العامّة للشاهد ج ١٢ ص ٣١١.

(٥) هو للامام الرازي ولا يوجد لدينا.

(٦) كالمُستصفى من علم الاصول : ج ٢ ص ١٤٣.

(٧) منها مختلف الشيعة : كتاب القضاء في الشهادات ج ٨ ص ٤٨٤.

(٨) جامع المقاصد : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٣٧٢ ، ذكرى الشيعة : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ١٠١ ، الحدائق الناضرة : في صلاة الجمعة في تعريف العدالة ج ١٠ ص ١٣.

(٩) ذخيرة المعاد : في صلاة الجمعة ص ٣٠٥ س ١٢.

(١٠) مجمع الفائدة والبرهان : كتاب القضاء في الشروط العامّة للشاهد ج ١٢ ص ٣١٢.

(١١) مدارك الأحكام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٦٨.

٢٥٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وأمّا المتقدّمون على المصنّف فقال الكاتب على ما في «المختلف (١)» كلّ المسلمين على العدالة إلى أن يظهر منه ما يزيلها. وقال المفيد (٢) في كتاب «الإشراف» على ما نقل أنه يكفي في قبول الشهادة ظاهر الإسلام مع عدم ظهور ما يقدح في العدالة. وهو ظاهر «الاستبصار (٣)» في كتاب الشهادات. وقال في «الخلاف» : إذا شهد شاهدان يعرف إسلامهما ولا يعرف فيهما قدح حكم بشهادتهما إلى أن قال : دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم. وأيضاً الأصل في الإسلام العدالة والفسق طارٍ عليه يحتاج إلى دليل ، وأيضاً نحن نعلم أنه ما كان البحث في أيّام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا أيّام الصحابة والتابعين ، وإنّما هو شي‌ء أحدثه شريك بن عبد الله القاضي ، فلو كان شرطاً لما أجمع أهل الأمصار على تركه (٤) ، انتهى. وهو ظاهر «المسالك (٥)» أو صريحها كما يأتي إن شاء الله تعالى. ومال إليه في «المبسوط» حيث نقله عن قوم ثم قال : إنّ الأحوط خلافه (٦). واقتصر الشيخ في «النهاية (٧)» في الطلاق على اعتبار الإسلام في الشاهدين.

فقد تحصّل أنّ الأصل عند الكاتب والمفيد والشيخ في الكتب المذكورة في المجهول الحال العدالة ، لأنّ الأصل في الإسلام العدالة ، والأصل في جميع أقوال المسلم وأفعاله الصحّة والفسق طارٍ على هذا الأصل وغلبته لغلبة المجاز على الحقيقة ، فلا تعارض بين الأصلين ، لأنّ ثبوت المظنّة لا يجدي مع انتفاء المئونة ، والقائل بأنّه لا بدّ من حسن الظاهر كما يأتي يقول أصلان تعارضا ، فلا بدّ من ظاهر يعضد أحدهما ، وليس هو إلّا حسن الظاهر مع ادّعائه تواتر الأخبار بعدم الاكتفاء

__________________

(١) مختلف الشيعة : كتاب الصلاة في الجماعة ج ٣ ص ٨٨.

(٢) نقله عنه الشيخ البحراني في الحدائق الناضرة : في صلاة الجمعة ج ١٠ ص ١٨.

(٣) الاستبصار : كتاب الشهادات باب العدالة المعتبرة في الشهادة ج ٣ ص ١٤ ذيل ح ٣٥.

(٤) الخلاف : كتاب آداب القضاء ج ٦ ص ٢١٧ مسألة ١٠.

(٥) مسالك الأفهام : في صلاة الجماعة ج ١ ص ٣١٢ و ٣١٣.

(٦) المبسوط : كتاب آداب القضاء في كيفية البحث عن حال الشهود ج ٨ ص ١٠٤ ١٠٥.

(٧) النهاية : باب أقسام الطلاق وشرائطه ص ٥١٠.

٢٦٠