مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٨

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي

مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٨

المؤلف:

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي


المحقق: الشيخ محمّد باقر الخالصي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٣٢

.................................................................................................

______________________________________________________

في عدم اشتراط الإمام أو نائبه ، وليس فيه زيادة على ما هو المعتبر عنده في إمام الجماعة ، حيث قال في باب الجماعة : وأولى الناس بها إمام الملّة ومَن نصبه ، فإن تعذّر الأمران لم تنعقد إلّا بإمام عدل. وقال بعد العبارة الّتي نقلناها أوّلاً : وإذا تكاملت هذه الشروط انعقدت جمعة وانتقل فرض الظهر من أربع ركعات إلى ركعتين بعد الخطبة ، وتعيّن فرض الحضور على كلّ ذكر حرّ بالغ سليم مخلّى السرب حاضر بينها وبينه فرسخان فما دونهما ويسقط عمّن عداه ، فإن حضرها تعيّن عليه فرض الدخول فيها جمعة انتهى (١).

قلت : قد نقل في «الإيضاح (٢) وغاية المراد (٣) والمهذّب البارع (٤) والروض (٥) والمقاصد العلية (٦) والمقتصر (٧) والجواهر المضيئة» عن أبي الصلاح القول باستحباب الاجتماع في زمن الغَيبة ، وهو معنى الوجوب التخييري. ونقل عنه الفاضل ابن العميدي في «تخليص التلخيص» والشهيد في «البيان (٨)» والفاضل المقداد في «التنقيح (٩)» المنع من جوازها في زمن الغَيبة كابن إدريس (١٠) ، فقد اختلف النقل عنه والترجيح للأكثر مضافاً إلى مرجّحات اخر ، ثمّ إنّ مَن استظهر من عبارة أبي الصلاح عدم اشتراط الإمام ترك منها شرطاً آخر ذكره في «المختلف» عند نقل كلامه ، وذلك لأنه قال : قال أبو الصلاح : ولا تنعقد الجمعة إلّا بإمام الملّة أو منصوب

__________________

(١) الناقل هو السيّد في مدارك الأحكام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢٤.

(٢) إيضاح الفوائد : في صلاة الجمعة ج ١ ص ١١٩.

(٣) غاية المراد : في صلاة الجمعة ص ١٦٤.

(٤) المهذّب البارع : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٤١٣.

(٥) روض الجنان : في صلاة الجمعة ص ٢٩١ س ٣.

(٦) المقاصد العلية : في صلاة الجمعة ص ٣٥٨.

(٧) المقتصر : في صلاة الجمعة ص ٨٠.

(٨) البيان : في صلاة الجمعة ص ١٠٢.

(٩) التنقيح الرائع : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٢٣١.

(١٠) السرائر : في أحكام صلاة الجمعة ج ١ ص ٣٠٤.

٢٠١

.................................................................................................

______________________________________________________

من قبله أو مَن تتكامل له صفة إمام الجماعة عند تعذّر الأمرين وأذان وإقامة (١). وقضية كلامه اشتراط الأذان والإقامة ، وهذا ممّا يوهن الاعتماد على كلامه أو يورث الظنّ بالخلل في النقل. ثمّ إنّ أقصى ما في كلامه عدم الانعقاد وهو لا يدلّ على الوجوب العيني خاصّة بإحدى الدلالات الثلاث ، بل الظاهر أنّ مراده الأعمّ من العيني والتخييري كما فهمه منه في «المختلف» على الظاهر منه. وممّا ذكرنا في عبارتي المفيد والتقي يظهر الحال في العبارات الآتية فأمعن النظر فيها.

وقال القاضي أبو الفتح الكراجكي في كتابه المسمّى «بتهذيب المسترشدين» على ما نقل (٢) : وإذا حضرت العدّة الّتي يصحّ أن ينعقد بحضورها الجماعة يوم الجمعة وكان إمامهم مرضيّاً متمكّناً من إقامة الصلاة في وقتها وإبراز الخطبة على وجهها وكانوا حاضرين آمنين ذكوراً بالغين كاملي العقل أصحاء وجبت عليهم فريضة الجمعة وكان على الإمام أن يخطب بهم خطبتين يصلّي بهم بعدهما ركعتين.

وقال في «الذخيرة» : وهو ظاهر الصدوق في المقنع حيث قال : وإن صلّيت الظهر مع إمام بخطبة صلّيت ركعتين وإن صلّيت بغير خطبة صلّيتها أربعاً ، وقد فرض الله سبحانه من الجمعة إلى الجمعة خمساً وثلاثين صلاة ، واحدة فرضها الله تعالى في جماعة وهي الجمعة ، ووضعها عن تسعة : عن الصغير والكبير والمجنون والمسافر والعبد والمرأة والمريض والأعمى ومَن كان على رأس فرسخين. ومَن صلّاها وحده فليصلّها أربعاً كصلاة الظهر في سائر الأيّام. قال : وقال في كتاب الأمالي في وصف دين الإمامية : والجماعة يوم الجمعة فريضة وفي سائر الأيّام سنّة ، فمن تركها رغبة عنها وعن جماعة المسلمين من غير علّة فلا صلاة له. ووضعت الجمعة عن تسعة .. إلى آخر ما في المقنع ، أعني إلى قوله «فرسخين». وقال الشيخ عماد الدين الطبرسي فيما نقل عنه في كتابه المسمّى بنهج العرفان إلى

__________________

(١) مختلف الشيعة : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٢٣٧.

(٢) نقله عنه السيّد في مدارك الأحكام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢٤.

٢٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

هداية الإيمان بعد نقل الخلاف بين المسلمين في شروط وجوب الجمعة : إنّ الإماميّة أكثر إيجاباً للجمعة من الجمهور ، ومع ذلك يشنّعون عليهم بتركها ، حيث إنّهم لم يجوّزوا الائتمام بالفاسق ومرتكب الكبائر والمخالف في العقيدة الصحيحة. قال في «الذخيرة» : فظاهر قوله «إنّ الإماميّة أكثر إيجاباً للجمعة من الجمهور» إنّما يستقيم على القول بعدم شرطية الإمام أو نائبه في الوجوب العيني كما لا يخفى على المتدبّر ، إذ على تقدير الاشتراط كان الوجوب العيني في جميع زمن الغيبة منتفياً ، فكيف يتصوّر الحكم بكون الإماميّة أكثر إيجاباً ، مع أنّ الجمهور لا يشترطون إلّا المصر كما يقوله الحنفي وحزبه وحضور أربعين كما يقوله الشافعي ، ويكتفون في إيجابها بإمام يقتدى به أربعة نفر من المكلّفين ، انتهى (١).

قلت : هذه العبارات غير واضحة الدلالة ومحلّ مناقشة كما في «رياض المسائل (٢)» وقد سمعت ما ذكرناه في عبارتي المفيد وعبارة أبي الصلاح. وهذا القول مصادم للإجماعات المتواترة على عدم الوجوب عيناً في زمن الغَيبة كما في «مصابيح الظلام ورياض المسائل» بل في «مصابيح الظلام» أنّ الناقلين للإجماع يزيدون عن عدد الأربعين (٣). وفي «حاشية المدارك» أنّها تبلغ عدد الثلاثين (٤).

قلت : جميع ما وجدته من الإجماعات ما يبلغ الثلاثة والثلاثين إجماعاً أو يزيد على ذلك بعضها على الاشتراط كما عرفت وبعضها مصرّح فيها بعدم الوجوب عيناً كما يأتي. ولعلّه في «مصابيح الظلام» استنهض على ذلك الإجماعات المنقولة في صلاة العيدين والإجماعات المنقولة في الشرائط كما يأتي إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) ذخيرة المعاد : في صلاة الجمعة ص ٣٠٨ س ١١.

(٢) رياض المسائل : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٣٧.

(٣) مصابيح الظلام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٦٨ س ٢٥ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٤) حاشية المدارك : في صلاة الجمعة ص ١٢٦ س ٨ (مخطوط في المكتبة الرضوية برقم ١٤٧٩٩).

٢٠٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وعن المحقّق الداماد في كتاب «عيون المسائل (١)» أنه قال : أطبق الأصحاب على نقل الإجماع على عدم الوجوب عيناً. وفي «كشف اللثام (٢)» لا تجب عيناً إجماعاً كما هو ظاهر الأصحاب ، وفي «الروضة» لو لا دعوى الأصحاب (دعواهم خ ل) الإجماع على عدم الوجوب عيناً لكان القول به في غاية القوّة (٣) ، انتهى. وهذه العبارات كما ترى ظاهرها نسبة دعوى الإجماع إلى جميع الأصحاب ، وهذا يؤيّد ما في مصابيح الظلام.

وقد نقل الإجماع صريحاً على عدم الوجوب عيناً بعد الإجماعات الّتي سمعتها على الاشتراط في «التذكرة (٤)» في موضعين «ونهاية الإحكام (٥) والتحرير (٦) ورسالة الكركي (٧) وجامع المقاصد (٨) والغرية والروض (٩) والمقاصد العلية (١٠)». وفي موضع من «كشف اللثام (١١)» لم يقل أحد منّا بتعيّن الجمعة في الغَيبة. وقال المحقّق الثاني في «رسالته (١٢)» على ما نقل : أجمع علماؤنا الإمامية طبقة بعد طبقة من عصر أئمتنا عليهم‌السلام إلى عصرنا هذا على انتفاء الوجوب العيني عن الجمعة في مثل زمان الغَيبة. وفي «تمهيد القواعد» نسبته إلى الأصحاب (١٣). وقد ادّعى المحقّق

__________________

(١) عيون المسائل (اثنا عشر رسالة) : في صلاة الجمعة ص ٢١٧.

(٢) كشف اللثام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢٠٢.

(٣) الروضة البهية : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٦٦٥.

(٤) تذكرة الفقهاء : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢٧ و ٢٨.

(٥) نهاية الإحكام : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ١٣.

(٦) تحرير الأحكام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٤٣ س ٣٤.

(٧) رسالة صلاة الجمعة (رسائل المحقّق الكركي : ج ١) ص ١٤٧.

(٨) جامع المقاصد : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٣٧٤.

(٩) روض الجنان : في صلاة الجمعة ص ٢٨٥ س ٧.

(١٠) المقاصد العلية : في صلاة الجمعة ص ٣٥٩.

(١١) كشف اللثام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢٢٨.

(١٢) رسالة الجمعة (رسائل المحقّق الكركي : ج ٢) ص ١٤٧.

(١٣) تمهيد القواعد : ص ٦٤ ضمن قاعدة ١٣.

٢٠٤

.................................................................................................

______________________________________________________

الثاني أيضاً في «جامع المقاصد (١) وشرح الألفيه (٢)» الإجماع على اشتراط الفقيه في الوجوب تخييراً. وفي «الذكرى» أنّ عمل الطائفة على عدم الوجوب العيني في الأعصار والأمصار (٣) ، ونحوه ما في «الخلاف (٤) والمعتبر (٥) والمنتهى (٦) والتذكرة (٧)» وغيرها (٨) من الإجماع فعلاً من عهده صلى‌الله‌عليه‌وآله على نصب إمام للجمعة ، فليتأمّل في وضوح دلالة هذا على المراد. وفي «كشف اللثام» أنّ الإجماع الفعلي واقع من المسلمين على أنه لا يصلح لإمامتها إلّا السلطان أو مَن نصبه (٩). وفيه أيضاً : أنّ ظاهر الأصحاب وصريح المصنّف على أنّ الجمعة إنّما تجب في الغَيبة تخييراً ، انتهى. ويأتي عند ذكر القول بالتخيير ما له نفع في المقام.

وأمّا القول الثاني : وهو التحريم فهو خيرة «السرائر (١٠) والمراسم (١١)» في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث قال : ولفقهاء الطائفة أن يصلّوا بالناس في الأعياد والاستسقاء وأمّا الجُمع فلا «ورسالة» الشيخ إبراهيم القطيفي المعاصر لمولانا الكركي «ورسالة» الشيخ سليمان بن أبي ظبية. وقوّاه في صلاة «المنتهى (١٢)» في آخر البحث ، وجهاد «التحرير (١٣)» وجعله في جهاد «السرائر»

__________________

(١) جامع المقاصد : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٣٧٥.

(٢) المقاصد العلية : في صلاة الجمعة ص ٣٥٩.

(٣) ذكرى الشيعة : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ١٠٥.

(٤) الخلاف : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٦٢٦ مسألة ٣٩٧.

(٥) المعتبر : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٢٨٠.

(٦) منتهى المطلب : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٣١٧ س ١٢.

(٧) تذكرة الفقهاء : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ١٩.

(٨) كالروضة البهية : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٦٦٣.

(٩) كشف اللثام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢٢٧.

(١٠) السرائر : في صلاة الجمعة وأحكامها ج ١ ص ٣٠٤.

(١١) المراسم : في باب ذكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ص ٢٦١.

(١٢) منتهى المطلب : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٣٣٦ س ٢٠.

(١٣) تحرير الأحكام : في الجهاد ج ١ ص ١٥٨ س ١٧.

٢٠٥

.................................................................................................

______________________________________________________

أظهر (١). وفي «كشف الرموز (٢)» أشبه. وفي «كشف اللثام (٣)» أقوى. وجعله في «رياض المسائل (٤)» قويّاً. واستظهره في «المقاصد العلية (٥)» من الألفية. وعن الكيدري أنه أحوط (٦). ونقله في «مصابيح الظلام (٧)» عن الطبرسي والتوني. وقد يلوح من جملي علم الهدى والشيخ «والوسيلة» وكذا «الغنية» المنع كما يأتي نقل كلامهم. وظاهر جهاد «التذكرة (٨)» التوقّف حيث اقتصر على نسبة المنع إلى جماعة والجواز إلى آخرين.

ونسب جماعة (٩) التحريم إلى الخلاف وآخرون كالشهيد في «الذكرى (١٠)» وغيره (١١) نسب إليه الجواز ، ويأتي نقل كلامه. ونسبه في «رياض المسائل (١٢)» إلى الذكرى وليس كذلك كما يأتي نقل كلامها ، نعم استظهر منها في «جامع المقاصد (١٣)» الاضطراب في الفتوى. ونسب (١٤) إلى السيّد في «المحمّديات والميافارقيات» قال

__________________

(١) السرائر : في الجهاد ج ٢ ص ٢٦.

(٢) كشف الرموز : في صلاة الجمعة ج ١ ص ١٧٧.

(٣) كشف اللثام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢٢٢.

(٤) رياض المسائل : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٧٣.

(٥) المقاصد العلية : في صلاة الجمعة ص ٣٥٩.

(٦) إصباح الشيعة : في صلاة الجمعة ص ٨٧.

(٧) مصابيح الظلام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ١١٠ س ٢٤ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٨) لم نعثر على بحثٍ للجمعة في الجهاد من التذكرة ولا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منه فضلاً عن ذكر حكم من أحكامها.

(٩) منهم الفاضل الهندي في كشف اللثام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢٢٢ ، والفاضل الآبي في كشف الرموز : في صلاة الجمعة ج ١ ص ١٧٦ ، والمحقّق الثاني في جامع المقاصد : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٣٧٤.

(١٠) ذكرى الشيعة : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ١٠٤.

(١١) مدارك الأحكام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢٥.

(١٢) رياض المسائل : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٧٢.

(١٣) جامع المقاصد : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٣٧٦.

(١٤) نسبه إليه الفاضل الهندي في كشف اللثام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢٢٣.

٢٠٦

.................................................................................................

______________________________________________________

في جواب من سأله عن صلاة الجمعة هل يجوز أن تصلّى خلف المؤالف والمخالف جميعاً؟ وهل هي ركعتان مع الخطبة تقوم مقام أربع؟ فأجاب : صلاة الجمعة ركعتان من غير زيادة عليهما ، ولا جمعة إلّا مع إمام عادل أو مَن نصبه الإمام ، فإذا عدم ذلك صلّيت الظهر أربع ركعات (١). قال في «المختلف» وهذا يشعر بعدم التسويغ حال الغَيبة (٢). وقد نسب القول بالتحريم جماعة من العامّة (٣) إلى الشيعة.

وأمّا عبارة «الخلاف» فهي هذه : من شرط انعقاد الجمعة الإمام أو مَن يأمره الإمام بذلك من قاضٍ أو أميرٍ أو نحو ذلك ، ومتى اقيمت بغيره لم يصحّ ، وبه قال الأوزاعي وأبو حنيفة. وقال أبو حنيفة : إن مرض الإمام أو سافر أو مات فقدّمت الرعيّة من يصلّي بهم الجمعة صحّت ، لأنه موضع ضرورة ، وصلاة العيدين عندهم مثل صلاة الجمعة. وقال الشافعي : ليس من شروط الجمعة الإمام ولا أمر الإمام ، ومتى اجتمع جماعة من غير أمر الإمام وأقاموها من غير إذنه جاز. وبه قال مالك وأحمد ، دليلنا أنه لا خلاف أنها تنعقد بالإمام أو بأمره وليس على انعقادها إذا لم يكن إمام ولا أمره دليل. فإن قيل : أليس قد رويتم فيما مضى في كتبكم أنه يجوز لأهل القرايا والسواد والمؤمنين إذا اجتمعوا العدد الّذي تنعقد بهم أن يصلّوا الجمعة؟ قلنا : ذلك مأذون فيه مرغّب فيه يجري مجرى أن ينصب الإمام مَن يصلّي بهم ، وأيضاً إجماع الفرقة عليه فإنّهم لا يختلفون في أنّ من شرط الجمعة الإمام أو أمره. وروى حديث محمّد بن مسلم وذكر حديث الإمام وقاضيه والخمسة الآخرين ، ثمّ قال : وأيضاً فإنّه إجماع ، فإنّه من عهد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى وقتنا هذا ما أقام الجمعة إلّا الخلفاء والامراء ومَن ولّي الصلاة ، فعلم أنّ ذلك إجماع أهل الأعصار ، ولو انعقدت بالرعيّة لصلّوها كذلك ، انتهى (٤). وظاهره أنّ الوجوب

__________________

(١) الميافارقيات (رسائل المرتضى : ج ١) ص ٢٧٢.

(٢) مختلف الشيعة : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٢٣٧.

(٣) نقل هذه النسبة منهم البهبهاني في مصابيح الظلام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ١٠٩ س ٣ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٤) الخلاف : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٦٢٦ مسألة ٣٩٧.

٢٠٧

.................................................................................................

______________________________________________________

العيني لا بدّ فيه من الإمام أو مَن يأمره وأنها مستحبّة بدونهما ، فيندفع التدافع. والعجب الّذي ذكر في «السرائر (١) وكشف اللثام (٢)» إلّا أن يحمل قوله «يجري مجرى أن ينصب الإمام» على أنه يختصّ بما إذا نصب الإمام لا على أنه يشبه ما إذا نصب الإمام ، فتأمّل جيّداً.

وأمّا القول الثالث : وهو الوجوب تخييراً مع الفقيه الجامع لشرائط الإفتاء ، فهو قضية كلام «التنقيح (٣) واللمعة (٤)» أو صريحهما وصريح «جامع المقاصد (٥) وفوائد الشرائع (٦) والجعفرية (٧) وشرح الألفية» للمحقّق الثاني (٨) و «رسالته في الجمعة (٩) وإرشاد الجعفرية (١٠) والغرية» وهو الّذي فهمه من اللمعة في «الروضة (١١)» وقال إنّه صريح الدروس. وقال في «المقاصد العلية (١٢)» : تحتمله عبارة الألفية. وظاهر «التنقيح» الإجماع عليه من الأصحاب سوى العجلي ، قال ما نصّه : مبنى الخلاف أنّ حضور الإمام هل هو شرط في ماهيّة الجمعة ومشروعيّتها أم في وجوبها؟ فابن إدريس على الأوّل وباقي الأصحاب على الثاني ، وهو أولى ، لأنّ الفقيه المأمون كما تنفذ أحكامه حال الغَيبة كذلك يجوز الاقتداء به في الجمعة ،

__________________

(١) السرائر : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٣٠٣.

(٢) كشف اللثام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢٣٣.

(٣) التنقيح الرائع : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٢٣١.

(٤) اللمعة الدمشقية : في صلاة الجمعة ص ٣٧.

(٥) جامع المقاصد : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٣٧٥ فما بعد.

(٦) فوائد الشرائع : في صلاة الجمعة ص ٤٨ س ١٨ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٦٥٨٤).

(٧) الرسالة الجعفرية (رسائل المحقّق الكركي : ج ١) في صلاة الجمعة ص ١٢٩.

(٨) شرح الألفية (رسائل المحقّق الكركي : ج ٣) في الجمعة ص ٣٣١ و ٣٣٢.

(٩) رسالة صلاة الجمعة (رسائل المحقّق الكركي : ج ١) في الجمعة ص ١٤٢ و ١٤٧.

(١٠) المطالب المظفّرية : في صلاة الجمعة ص ١٧٢ س ٤ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦).

(١١) الروضة البهية : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٦٦٣.

(١٢) المقاصد العلية : في صلاة الجمعة ص ٣٥٩.

٢٠٨

.................................................................................................

______________________________________________________

انتهى (١). وقد ادّعى الإجماع على ذلك في «جامع المقاصد (٢) وشرح الألفية (٣)». وفي «الغرية» لا نعلم فيه خلافاً. وفي «جامع المقاصد» أيضاً كلّ من قال بالجواز اشترط حضور الفقيه. وقد سمعت (٤) عبارته في صدر البحث الّتي فيها : أنّ عبارات الأصحاب ناطقة بذلك وأنّ إجماعاتهم منعقدة عليه وأنه قد نبّه عليه في المختلف وغاية المراد. قلت : قال في «المختلف (٥)» : لأنّ الفقيه المأمون منصوب من قِبل الإمام. ومثله قال في «غاية المراد (٦)» وهو ظاهر «المهذّب البارع (٧) وغاية المرام (٨)» حيث نقلا فيهما جواب المختلف ساكتين عليه. وفي «التذكرة (٩) ونهاية الإحكام (١٠) والدروس (١١)» وباب الأمر بالمعروف من «نهاية الشيخ (١٢)» أنه يجوز لفقهاء المؤمنين أن يجمعوا في حال الغيبة. وقد سمعت أنّ صاحب «الروضة» نسبه إلى صريح الدروس لمكان هذه العبارة. وفي «المقاصد العلية (١٣)» نسبه إلى ظاهره.

ونقل الاستاذ أنه في «المقنعة» في باب الأمر بالمعروف قال ما نصّه : وللفقهاء

__________________

(١) التنقيح الرائع : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٢٣١.

(٢) جامع المقاصد : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٣٧٥.

(٣) لم يذكر دعوى الاجماع في شرح الألفية وإنّما نسبه إلى اختيار أكثر المتأخّرين ثمّ قال : وعليه الفتوى ، راجع شرح الألفية (رسائل المحقّق الكركي : ج ٣) في صلاة الجمعة ص ٣٣٢.

(٤) تقدّم في صفحة ص ١٩٢.

(٥) مختلف الشيعة : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٢٣٩.

(٦) غاية المراد : في صلاة الجمعة ج ١ ص ١٦٤.

(٧) المهذّب البارع : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٤١٤.

(٨) غاية المرام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ١٧٦.

(٩) تذكرة الفقهاء : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢٧.

(١٠) نهاية الإحكام : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ١٤.

(١١) الدروس الشرعية : في صلاة الجمعة ج ١ ص ١٨٦.

(١٢) النهاية : باب الأمر بالمعروف .. ص ٣٠٢.

(١٣) المقاصد العلية : في صلاة الجمعة ص ٣٥٨.

٢٠٩

.................................................................................................

______________________________________________________

من شيعة الأئمة عليهم‌السلام أن يجمعوا ، ولم أجده في المقنعة ولا عجب ، لأنّ نسخها مختلفة. ونقل أنه قال في «النهاية» في باب الجمعة ما نصّه : يجوز لفقهاء المؤمنين إقامتها ، ولم أجده في «النهاية» أيضاً (١).

وفي «الذكرى (٢)» الفقهاء يباشرون ما هو أعظم. وقد تشعر بهذا القول عبارة «الغنية (٣)» وقد سمعتها فتأمّل فيها. وفي «الماحوزية» تحذلق بعضهم فادّعى الإجماع على اشتراط الفقيه. قلت : قال في «القاموس (٤)» تحذلق فلان إذا ادّعى أكثر ما عنده. وهذه جرأة عظيمة. وفي «الروضة (٥) والمقاصد العلية (٦)» أنّ ظاهر أكثر المجوّزين عدم هذا الشرط ، لأنّهم اكتفوا بإمكان الاجتماع مع باقي الشروط ، انتهى.

وقال في «الروض» أكثر المجوّزين على عدم اشتراط الفقيه وهم بين مطلق الشرعية مع إمكان الاجتماع والخطبتين وبين مصرّح بعدم اشتراط الفقيه. وممّن صرّح به أبو الصلاح والشهيد في الذكرى (٧).

قلت : الظاهر أنّ تصريحهم بإمكان الاجتماع دون باقي الشروط كالعدد لفائدة وهي أنّ سقوط الوجوب في زمن الحضور إنّما كان من حيث عدم إمكان الاجتماع والخطبة لعدم استيلائهم عليهم‌السلام وأنّ ذلك لم يتفق في حال ظهورهم غالباً ، والوجوب العيني إنّما يسقط في غيبتهم لعدم حضور الإمام عليه‌السلام الّذي هو شرط فيها إجماعاً ، لا من حيث عدم الاجتماع على إمام عدل ، وليس الحال كما ذكره أيضاً في «الروضة» من أنّهم ذكروا باقي الشرائط ، بل إنّما ذكروا التمكّن من

__________________

(١) مصابيح الظلام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٩٣ س ٢ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٢) ذكرى الشيعة : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ١٠٤.

(٣) غُنية النزوع : في صلاة الجمعة ص ٩٠.

(٤) القاموس المحيط : ج ٣ ص ٢١٩ مادة «حذَق».

(٥) الروضة البهية : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٦٦٣.

(٦) المقاصد العلية : في صلاة الجمعة ص ٣٥٨.

(٧) روض الجنان : في صلاة الجمعة ص ٢٩١ س ٢.

٢١٠

.................................................................................................

______________________________________________________

الاجتماع والخطبة لما عرفت ، ووجه السكوت عن إمامة الفقيه حينئذٍ إمّا اكتفاء بالظهور لاشتهار نيابته بينهم ، أو بناءً على أنه يندرج في المنصوب الّذي ذكروه مع باقي الشروط في بيان حكم زمان الحضور ، مع أنّ السكوت عنه في المقام لا يدلّ على عدم اعتباره ، وإلّا لكان العدد غير معتبر عندهم لأنّهم لم يذكروه.

ويفهم من «التذكرة» أنّ نيابة الفقيه هي موضوع البحث ومحلّ النزاع في الجواز وعدمه ، قال : وهل لفقهاء المؤمنين حال الغَيبة والتمكّن من الاجتماع والخطبتين صلاة الجمعة؟ أطبق علماؤنا على عدم الوجوب واختلفوا في استحباب إقامتها ، انتهى (١). لكن يبقى على هذا القول أنهم صرّحوا بأنه إذا كان الإمام فقيهاً يتحقّق الشرط وهو إذن الإمام عليه‌السلام. وفيه : أنّ النيابة مغايرة للإذن وهما شرطان في وجوبها ، وممّن صرّح بالمغايرة الشهيد في «الذكرى» كما يأتي إن شاء الله تعالى إيضاح ذلك. وقد سمعت عبارة التقي (٢) وكان ينبغي أن يقول : والمفيد كما قال بعضهم (٣).

وقال في «الذكرى» : وأمّا مع غيبته كهذا الزمان ففي انعقادها قولان أصحّهما وبه قال معظم الأصحاب الجواز ، إذا أمكن الاجتماع والخطبتان. ويعلّل بأمرين : أحدهما أنّ الإذن حاصل من الأئمة الماضين عليهم‌السلام فهو كالإذن من إمام الوقت ، وإليه أشار الشيخ في الخلاف ، ويؤيّده صحيحة زرارة (٤) قال : «حثّنا أبو عبد الله عليه‌السلام .. الحديث» ولأنّ الفقهاء حال الغَيبة يباشرون ما هو أعظم من ذلك بالإذن كالحكم والافتاء فهذا أولى ، والتعليل الثاني أنّ الإذن إنّما يعتبر مع إمكانه أمّا مع عدمه فيسقط اعتباره إلى أن قال : والتعليلان حسنان والاعتماد على الثاني ، انتهى (٥).

قلت : يدلّ على هذا القول الخبر المروي في «العلل» وهو صحيح أو

__________________

(١) تذكرة الفقهاء : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢٧.

(٢) تقدّم في صفحة ٢٠٠.

(٣) القائل هو الفاضل الهندي في كشف اللثام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢٣١.

(٤) وسائل الشيعة : ب ٥ من أبواب صلاة الجمعة ح ١ ج ٥ ص ١٢.

(٥) ذكرى الشيعة : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ١٠٤.

٢١١

.................................................................................................

______________________________________________________

كالصحيح ، قال فيه الرضا عليه‌السلام : «ولأنّ الصلاة مع الإمام أتمّ وأكمل لعلمه وفقهه وفضله وعدله» ويأتي نقل الخبر بتمامه ، وهو صريح في هذا القول إلّا أن يقال المراد به الإمام المعصوم.

وأمّا القول الرابع : وهو الوجوب تخييراً من دون اشتراط الفقيه ، ويعبّر عنه بالجواز تارةً وبالاستحباب اخرى ، فهو المشهور كما في «التذكرة (١) وغاية المراد (٢)» ومذهب المعظم كما في «الذكرى (٣)» والأكثر كما في «الروض (٤) والمقاصد العلية (٥) والماحوزية ورياض المسائل (٦)». وفي «غاية المراد» أيضاً أنه فتوى النهاية والخلاف والأتباع وأبي الصلاح والمحقّق في المعتبر والمصنّف في المختلف ، انتهى (٧).

وفي «المقاصد العلية» أيضاً أنّ الوجوب في حال الغَيبة مع المنصوب العامّ وغيره تخييري لا عيني كما أجمع عليه الأصحاب ، انتهى (٨) فتأمّل.

وهو خيرة «النهاية (٩) والمبسوط (١٠) والمصباح (١١) وجامع الشرائع (١٢) والشرائع (١٣)

__________________

(١) تذكرة الفقهاء : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢٧.

(٢) غاية المراد : في صلاة الجمعة ج ١ ص ١٦٤.

(٣) ذكرى الشيعة : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ١٠٤.

(٤) روض الجنان : في صلاة الجمعة ص ٢٩١ س ٢.

(٥) المقاصد العلية : في صلاة الجمعة ص ٣٥٨.

(٦) رياض المسائل : صلاة الجمعة في زمن الغيبة ج ٤ ص ٧٢.

(٧) غاية المراد : في صلاة الجمعة ج ١ ص ١٦٤.

(٨) المقاصد العلية : في صلاة الجمعة ص ٣٥٩.

(٩) النهاية : باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ص ٣٠٢.

(١٠) المبسوط : في صلاة الجمعة ج ١ ص ١٥١.

(١١) مصباح المتهجّد : في صلاة الجمعة ص ٣٢٤.

(١٢) الجامع للشرائع : في صلاة الجمعة ص ٩٧.

(١٣) شرائع الإسلام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٩٨.

٢١٢

.................................................................................................

______________________________________________________

والنافع (١) والمعتبر (٢) والتخليص وحواشي الشهيد (٣) والبيان (٤) وغاية المراد» كما سمعت «والموجز الحاوي (٥) والمقتصر (٦) وتعليق الإرشاد (٧) والميسية والروض (٨) والروضة (٩) والمقاصد العلية (١٠) وتمهيد القواعد (١١) والذكرى» وقد سمعت عبارتها ، وفيها عبارة اخرى يأتي نقلها. وظاهر «كشف الالتباس (١٢) وغاية المرام (١٣)» أو صريحهما. وهو المنقول عن القاضي وكذا المفيد والتقي على ما عرفت. وقد سمعت ما في «الخلاف» وما فهموه منه ، كما سمعت ما في «المختلف والتذكرة ونهاية الإحكام والدروس».

وقال في «الهداية» : إذا اجتمع يوم الجمعة سبعة أمّهم بعضهم وخطبهم ، ثمّ قال : والسبعة الّتي ذكرناهم هم الإمام والمؤذّن والقاضي والمدّعي حقّاً والمدّعى عليه والشاهدان (١٤). قيل (١٥) : ويظهر من الفقيه العمل بالخبر المتضمّن لذكر هذه السبعة.

__________________

(١) المختصر النافع : في صلاة الجمعة ص ٣٦.

(٢) المعتبر : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٢٩٧.

(٣) حواشي الشهيد : في صلاة الجمعة ص ٢٥ س ١٠ (مخطوط في مكتب الإعلام الإسلامي).

(٤) البيان : في صلاة الجمعة ص ١٠٢.

(٥) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في صلاة الجمعة ص ٨٧.

(٦) المقتصر : في صلاة الجمعة ص ٨٠.

(٧) حاشية إرشاد الأذهان : في صلاة الجمعة ص ٣٢ السطر الأخير (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٧٩).

(٨) روض الجنان : في صلاة الجمعة ص ٢٩١ س ١١.

(٩) الروضة البهية : في صلاة الجمعة ص ٦٦٤.

(١٠) المقاصد العلية : في صلاة الجمعة ص ٣٥٩.

(١١) تمهيد القواعد : ٦٤ ضمن قاعدة ١٣.

(١٢) كشف الالتباس : في صلاة الجمعة ص ١٣٦ س ٢٢ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(١٣) غاية المرام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ١٧٧.

(١٤) الهداية : في فضل الجماعة ص ١٤٥ و ١٤٦.

(١٥) القائل هو السبزواري في ذخيرة المِعاد : في صلاة الجمعة ص ٣١٠ س ١.

٢١٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وقد سمعت كلامه في «المقنع والأمالي» (١).

وقد يظهر من «التحرير (٢) والإيضاح (٣) والتخليص» وجهاد «التذكرة (٤)» التوقّف حيث لم يرجّح فيها شي‌ء.

ولم يتعرّض لحال الغَيبة في «جُملي السيّد (٥) والشيخ (٦) والوسيلة (٧) والغنية (٨)» بل قد يقال (٩) : إنّه يلوح منها عدم الانعقاد في زمن الغَيبة لجعلهم السلطان العادل أو مَن يأمره (أو منصوبه خ ل) شرطاً في انعقادها أو وجوبها.

هذا وقال في «الذكرى» : ربما يقال بالوجوب المضيّق حال الغَيبة ، لأنّ قضية التعليلين ذلك ، فما الّذي اقتضى سقوط الوجوب ، إلّا أنّ عمل الطائفة على عدم الوجوب العيني في سائر الأعصار والأمصار ، ونقل الفاضل فيه الإجماع ، وبالغ بعضهم فنفى الشرعية أصلاً ورأساً ، وهو ظاهر كلام المرتضى وصريح سلّار وابن إدريس ، وهو القول الثاني من القولين ، بناءً على أنّ إذن الإمام شرط الصحّة وهو مفقود. وهؤلاء يسندون التعليل إلى إذن الإمام ويمنعون وجود الإذن ، ويحملون الإذن الموجود في عصر الأئمة عليهم‌السلام على مَن سمع ذلك الإذن وليس حجّة على من يأتي من المكلّفين ، والإذن في الحكم والإفتاء أمر خارج عن

__________________

(١) تقدّم في ص ٢٠٢.

(٢) تحرير الأحكام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٤٣ س ٢٤.

(٣) الموجود في الإيضاح يختلف باختلاف النسختين ، ففي نسخة ، الأمر كما حكاه عنه الشارح ، وفي نسخة اخرى اختار الجواز بقوله : وهو الأقوى عندي. ولعلّه الظاهر من عبارته حيث استدلّ على الجواز بعموم الآية وبأنه إذا رفع الوجوب بقي الجواز وزوال وجوب الظهر لامتناع إحداث القول الثالث ، فراجع الإيضاح : في صلاة الجمعة ج ١ ص ١١٩.

(٤) تقدّم في ص ٢٠٦ أنّا لم نعثر على بحث الجمعة في التذكرة.

(٥) جُمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى : ج ٣) في صلاة الجمعة وأحكامها ص ٤١.

(٦) الجُمل والعقود : في أحكام الجمعة ص ٨١.

(٧) الوسيلة : في صلاة الجمعة ص ١٠٣.

(٨) غُنية النزوع : في صلاة الجمعة ص ٩٠.

(٩) لم نعثر على قائله.

٢١٤

.................................................................................................

______________________________________________________

الصلاة ، ولأنّ المعلوم وجوب الظهر فلا يزول إلّا بمعلوم. وهذا القول متوجّه وإلّا لزم الوجوب العيني ، وأصحاب القول الأوّل لا يقولون به (١) ، انتهى كلامه. وقد حكم أوّلاً كما عرفت أنّ القول الأوّل أصحّهما واستوجه هنا الثاني.

وليعلم أنّ قولهم تجب تخييراً أو لا تجب عيناً إذا صلّاها غير المعصوم والمنصوب من قبله له معنيان : أحدهما وهو المراد أنه لا يجب عيناً عقدها ، والثاني : أنه لا يجب الحضور وإن انعقدت أو علم أنّ جمعاً من المؤمنين اجتمع فيهم العدد المعتبر وحصل لإمامهم شروط الإمامة وأنهم يعقدونها. وفي «غاية المراد (٢) والتنقيح (٣)» أنّ التخيير إنّما هو في العقد لا في السعي إليها إذا انعقدت بل يجب عيناً ، قالا في الكتابين : موضع البحث إنّما هو استحباب الاجتماع لا إيقاع الجمعة ، فإنّه مع الاجتماع يجب الإيقاع وتحقّق البدلية من الظهر ، انتهى. وذلك للأخبار (٤) والآية (٥) على المشهور في تفسيرها.

ويظهر من «المقاصد العلية (٦)» بل صريحها أنه لا يجب الحضور وإن انعقدت ، ذكر ذلك في بحث وجوبها على المرأة إذا حضرت. وفي «كشف اللثام (٧)» يحتمل أن يخيّر فيها ويقصر النصوص على جمعة الإمام ومنصوبه كما يظهر من «شرح الإرشاد» لفخر الإسلام (٨) ، ولعلّه الوجه ، لأنه إذا كان في العقد الخيار لم يمكن التعيّن على مَن بعد فرسخين ، لأنه إنّما يتعيّن عليه إذا علم الانعقاد ولا يمكنه

__________________

(١) ذكرى الشيعة : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ١٠٥.

(٢) غاية المراد : في صلاة الجمعة ص ١٦٣.

(٣) التنقيح الرائع : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٢٣١.

(٤) وسائل الشيعة : ب ١٨ من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ج ٥ ص ٣٤.

(٥) الجمعة : ٩.

(٦) المقاصد العلية : في صلاة الجمعة ص ٣٦١.

(٧) كشف اللثام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢٢٣ ٢٢٤.

(٨) حاشية إرشاد الأذهان : في صلاة الجمعة ص ٢٤ س ٨ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٤٧٤).

٢١٥

.................................................................................................

______________________________________________________

العلم به غالباً إلّا بعد السعي. وقال أيضاً في موضع آخر : لا فرق عند هؤلاء بين زمني الغَيبة والظهور في كون الوجوب عينيّاً أو تخييريّاً فإنّها إنّما تجب عندهم عيناً عند الظهور إذا وجد الإمام أو نائبه بخصوصه كامرائه ، فإذا لم يوجد تخيّر المؤمنون إذا لم يخافوا في العقد ، وحال الغَيبة أيضاً كذلك من غير فرق إلّا أنه لا يوجد فيها الإمام ولا نائبه بعينه. وقال : إنّ تعيّن العقد على الإمام أو نائبه إنّما يعلم بالإجماع إن ثبت ، والآية وأكثر الأخبار إنّما تعيّن الحضور إذا انعقدت لا العقد ، انتهى كلامه (١).

وقولهم بالوجوب التخييري مبنيّ على أنّ الوجوب أعمّ من العيني والتخييري وأنّ الإجماع منع من الأوّل فبقي الثاني ، ولا يخفى أنّ الواجب هو الفعل الّذي يمنع من تركه المدلول عليه بالأمر ، فإن أراد الشارع فعلاً معيّناً وإيقاعه من مباشر معيّن فعيني ، وإن أراد به الكلّي الدائر بين متعدّد فتخييري ، وإن لم يرد الكلّي والمعيّن من مباشر بعينه فكفائي ، فالوجوب ممّا يتّحد معناه ، واتصافه بالعيني وقسيميه إنّما هو باعتبار متعلّقه من الفعل والمكلّف ، فالأمر الإيجابي مع عدم ثبوت البدل يفيد العيني كما تقرّر في الاصول (٢). وبدلية الظهر للجمعة بناءً على العمل بالأدلّة في زمان الحضور إنّما هي مع تعذّرها كبدلية التيمّم للوضوء لا أنه جاز فعله معها كأفراد الكفّارة المخيّرة ، فإن أمكن وجاز إقامة الجمعة إمّا مع الشرط أو بدونه تعيّنت كما كانت في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعده وإلّا تعيّنت الظهر ، فالقول بتخيير المكلّف بناءً على أنه قسم من الواجب ممّا لا وجه له ، إذ مفهوم الأخبار لا يختلف باختلاف الأزمنة ولا يعتبر الزمان في الدلالة اللفظية.

وأمّا قولهم : إنّ رفع الوجوب العيني لعدم شرطه لا يستلزم رفع الجواز فيصحّ فعلها تفريعاً على أصالته ، فممنوع فإنّه يستلزم رفع الجواز المتنازع فيه ، لأنه بمعنى الوجوب وحيث تكون مجزية قامت مقام الظهر ، والجائز بل المستحبّ

__________________

(١) كشف اللثام : ج ٤ ص ٢٣٤ ٢٣٥.

(٢) كفاية الاصول : بحث الأوامر ، في اقتضاء إطلاق الصيغة .. ص ٩٩.

٢١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

لا يكون بدلاً عن الواجب ، على أنّها عبارة توقيفية تفتقر إلى البيان ، والأخبار إنّما تدلّ على الوجوب مع إمكانها كما مرَّ ، لا على بدلية الظهر لها مع وقوعها صحيحة ولا على استحبابها ، وأصالة الجواز ممنوعة كما يعلم من مراجعة دليلها في الاصول ، وليت شعري كيف يعملون بالأخبار الصحاح الدالّة على وجوب شهود الجمعة على جميع المكلّفين إلّا مَن كان على رأس فرسخين ، لأنه على القول بالتخيير ووجوب الحضور عند الانعقاد كما يجب على هؤلاء حضور جمعة اولئك كذلك العكس إذا انعقد جمعتان ، وإذا ساغ عقدها لإمام الجماعة يكون سعيه وسعي جماعته إلى الجمعة المنعقدة في دون الفرسخين وتحمّل المشاقّ ممّا لا يحسن شرعاً ، مضافاً إلى أنه لو عقد هؤلاء الجمعة في موضعهم لتيسّر حضور الجمعة لجماعة لا يتيسّر لهم حضور تلك الجمعة النائية عنهم ، فكيف يؤمرون جميعاً بحضورها ولا يرخّص لهم في تركه ، مع أنهم لو فعلوها في موضعهم لفعلوا الأولى والأفضل.

وما ذكروه دليلاً * أيضاً من حصول الإذن حال عدم استيلائهم عليهم‌السلام ، وهو في حكم غَيبتهم ، وذلك الإذن يقتضي التخيير بناءً على انتفاء الوجوب العيني في زمن الغَيبة بالإجماع ، فليس بتمام ، لأنّ عدّ ذلك الوقت من الغَيبة تكلّف ، مضافاً إلى أنّ صحّة صلاة المأذونين وهم زرارة وعبد الملك مستندة إلى إذن الإمام لهما في الإمامة أو الائتمام ، مع احتمال اختصاص الإذن بفعلها مع العامّة كما يفهم من

__________________

(*) وهو قوله تعالى : «وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلّا لِيَعْبُدُونِ» (١) و «أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى * عَبْداً إِذا صَلّى» (٢) وقوله عليه الصلاة والسلام : «صلّوا كما رأيتموني اصليّ» (٣) إلى غير ذلك (منه قدس‌سره).

__________________

(١) الذاريات : ٥٦.

(٢) العلق : ٩ ١٠.

(٣) صحيح البخاري : ١ / ١٥٤ ، سنن الدارقطني : ح ١٠ ج ١ ص ٣٤٦ ، الخلاف : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٣١٤ مسألة ٦٢.

٢١٧

.................................................................................................

______________________________________________________

«المقنعة (١)» حيث قال : ويجب حضور الجمعة مع مَن وصفناه من الأئمة فرضاً ويستحبّ مع مَن خالفهم ندباً ، روى هشام (٢) .. إلى آخره. وهذا يؤذن بأنه فهم اختصاص الرخصة بفعلها مع العامّة ، فليتأمّل.

وما استندوا إليه أيضاً من إطلاق الأدلّة وقولهم : إنّ اشتراط الإمام أو مَن نصبه إن سلّم فهو مختصّ بحال الحضور أو بإمكانه ، فمع عدمه يبقى عموم الأدلّة من الكتاب والسّنة خالياً عن المعارض ، ففيه أنّ الإطلاق مقيّد بالإجماع الّذي نقلوه على الشرط والروايات الواردة فيه. واختصاص الشرط بحال الحضور أو بإمكانه ضعيف جدّاً ، لأنّ الإجماع والنصّ مطلقان ، ودعوى التقييد من دون سند لا تسمع. ولا دليل لهم على الفرق بين الظهور والغَيبة. وتعذّر الشرط غير كافٍ في سقوطه ، إذ لو كفى لأمكن القول بجواز الصلاة مع تعذّر الطهور بغير طهارة أو الجمعة بغير العدد لو تعذّر. والوارد في الكتاب إن قلنا بعمومه إنّما ورد فيمن صلّى بصلاته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعموم السنّة مخصّص بأدلّة الشرط كما يظهر لمن راجعها.

ثمّ إنّ فعلها مردّد بين الحرمة والجواز ، وكلّ أمر تردّد بينهما وجب الاجتناب عنه حتى يعلم الجواز ، فالتارك لاحتمال الحرمة والجهل بالوجوب معذور بخلاف الفاعل لاحتماله الوجوب أو ظنّه مع احتمال الحرمة. وليست كذلك الأربع ركعات لما يأتي من أنّ فعلها أرجح.

على أنّ الأصل والقاعدة في العبادة التوقيفية وجوب الاقتصار على القدر الثابت منها في الشريعة ، وليس هنا إلّا الجمعة بهذا الشرط وباقي الشروط الآتية ونفيه بأصالة البراءة لا يتّجه على القول الصحيح من أنّها اسم للصحيح منها ، إذ لا دليل على الصحّة بدونه من إجماع ولا من كتاب ولا سنّة ، أمّا الإجماع فلمكان الخلاف إن تناسينا انعقاد الإجماع على الاشتراط ، بل على هذا القول يكفي في

__________________

(١) المقنعة : في صلاة الجمعة ص ١٦٤.

(٢) وسائل الشيعة : ب ٥ من أبواب صلاة الجمعة ح ١ ج ٥ ص ١٢.

٢١٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الاشتراط الشكّ في الاشتراط ، لأنّ ما شكّ في شرطيّته فهو شرط عندهم ، وغاية الآخرين أي الكتاب والسنّة الدلالة على وجوب الجمعة ، ولا كلام فيه ، بل هو من ضروريات الدين ، وإنّما الكلام في أنّ الجمعة المؤدّاة بدون هذا الشرط صحيحة أم فاسدة؟ ولا ريب أنّ المأمور به فيهما إنّما هو الصحيحة ، ولا إشارة فيهما إلى صحّتها بدونه ، مع ما ستسمعه إن شاء الله تعالى من حال دلالتهما ، وأنّ في جملة من النصوص دلالة واضحة على الاشتراط وإن تفاوتت ظهوراً وصراحة.

وقد يستدلّ لهم بأنّ الأصل عدم وجوب أربع ركعات في الظهر عيناً إلّا فيما أجمع عليه فيه ولا إجماع هنا وفيه : أنه معارض بأنّ الأصل عدم قيام الخطبتين مقام ركعتين إلّا فيما أجمع عليه ولا إجماع هنا.

وقد يستدلّ أيضاً بالتأسّي. وفيه : أنه لا معنى للتأسّي هنا ، إذ لا يتأسّى به صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند صلاة الجمعة إلّا الإمام ، إلّا أن يقال : المراد التأسّي فيما يمكن فيه التأسّي ، وهو في المأموم الاقتصار على ركعتين ، لكن لا بدّ من إمام تصحّ إمامته والائتمام به ، ثمّ إنّه لو تمّ لدلّ على الوجوب عيناً ، لأنه لم يظهر لنا أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله تركها في الحضر يوماً ، وإنّا قد حصل لنا القطع باستثناء الجمعة من هذا العموم بالإجماع فعلاً وقولاً ، لأنّ الأئمّة عليهم‌السلام وأصحابهم رضي‌الله‌عنهم لم يكونوا يفعلونها مذ قبضت أيديهم. فإن قيل : إنّهم معذورون فيبقى وجوب التأسّي فيمن لا عذر له سليماً عن المعارض. قلنا : لا عذر أقوى من عدم جواز الإمامة والائتمام إلّا بإذن إمام العصر ، وقد اشتهر اشتراط الإذن هنا بخصوصه بين الخاصّة والعامّة ونقل الإجماع عليه وعلى عدم تعيّن الجمعة في الغَيبة.

واستدلّوا أيضاً بالاستصحاب ، لأنّ الجمعة كانت جائزة بل واجبة بإجماع المسلمين عند حضور الإمام أو نائبه فيستصحب إلى أن يظهر المانع ، وهو ضعيف جدّاً ، لأنّ الإجماع على جوازها ووجوبها بشرط حضور الإمام أو نائبه ، وهذا لا خلاف في استصحابه في الغَيبة ، وإنّما الكلام في أنه لا نائب فيها ، كذا قال في

٢١٩

.................................................................................................

______________________________________________________

«كشف اللثام (١)». وقال أيضاً : إنّ الاستصحاب هنا دليل الحرمة ، فإنّ الأئمة عليهم‌السلام منذ قبضت أيديهم لم يكونوا يصلّونها ولا أصحابهم فيستصحب إلى أن تنبسط يد إمامنا عليه وعلى آبائه أكمل الصلاة والسلام.

وردّ الاستدلال بالاستصحاب في «رياض المسائل» بأنّ ذلك الإجماع معارض بإجماعهم على عدم الوجوب على من اختلّ فيه أحد الشرائط فيستصحب إلى زمن الغَيبة ، قال : ودعوى اجتماع الشرائط في زمن الغَيبة ممنوعة ، كيف لا وهو أوّل المسألة ، وليس قولك هذا أولى من قول من يدّعي عدم اجتماعها في زماننا ، بل هذا أولى لما مضى مع أنّ الوجوب المجمع عليه حال الظهور هو العيني لا التخييري ، والاستصحاب لو سلّم يقتضي ثبوت الأوّل لا الثاني ، انتهى كلامه دام ظلّه (٢).

وقال في «كشف اللثام» : واستدلّوا بالآية الشريفة ، قالوا : وذلك لأنّ الشريعة مؤيّدة وكلّ حكم في القرآن خوطب به الناس أو المؤمنون يعمّ مَن يوجد إلى يوم القيامة ما لم ينسخ أو يظهر الاختصاص ، وإن لم يتناول النداء والخطاب في اللغة والعرف إلّا الموجودين ، فالآية دالّة على وجوب السعي إلى الصلاة يوم الجمعة إذا نودي فيه لها ، أيّاً مَن كان المنادي وفي أيّ زمان كان ، خرج ما خرج بالإجماع فيبقى الباقي ، فإذا نودي في الغَيبة وجب السعي إلى الصلاة إلّا فيما أجمع فيه على العدم ، وإذا وجب السعي إليها لزم جوازها وصحّتها شرعاً ، وإلّا حرم السعي إليها كما يحرم عند نداء النواصب من غير ضرورة.

قال : وفيه : أنّ الآية ليست على إطلاقها بل المعنيّ بها وجوب السعي إذا اجتمعت شرائط صحّة الصلاة أو وجوبه إلّا إذا وجد مانع من صحّة الصلاة ، فإن كان الأوّل قلنا الشرائط مفقودة في الغَيبة لما قدّمناه ، وإن كان الثاني احتمل أمرين : الأوّل وجوب السعي ما لم يعلم المانع ، والثاني عدم وجوبه ما لم يعلم

__________________

(١) كشف اللثام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢٢٤ ٢٣٠.

(٢) رياض المسائل : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٧٤ ٧٥.

٢٢٠