مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٨

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي

مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٨

المؤلف:

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي


المحقق: الشيخ محمّد باقر الخالصي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٣٢

[لو خرج وقت الجمعة متلبّساً بها]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولو خرج الوقت متلبّساً بها ولو بالتكبير أتمّها جمعة) كما في «نهاية الإحكام (١) والألفية (٢)» وموضع من «التذكرة (٣)» وهو الّذي يعطيه إطلاق «المبسوط (٤) والخلاف (٥) والشرائع (٦) والمعتبر (٧) وجامع الشرائع (٨) والإرشاد (٩) وكشف الحقّ (١٠)» ونسبه في «البيان (١١)» إلى كثير. وفي «الذخيرة» إلى الشيخ وجماعة (١٢). قلت : قال في «نهاية الإحكام (١٣)» : صحّت الجمعة عندنا. والإجماع ظاهر «كشف الحقّ (١٤)».

وذهب المعظم إلى اشتراط إدراك ركعة كما في «جامع المقاصد (١٥)» في غير هذا المقام. وهو المشهور كما في «الجعفرية (١٦) وإرشاد الجعفرية (١٧)» والمناسب

__________________

(١) نهاية الإحكام : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ١١.

(٢) الألفية : في صلاة الجمعة ص ٧٣.

(٣) تذكرة الفقهاء : في الجمعة ج ٤ ص ١٠.

(٤) المبسوط : في الجمعة ج ١ ص ١٤٧.

(٥) الخلاف : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٦٠١ مسألة ٣٦١.

(٦) شرائع الإسلام : في الجمعة ج ١ ص ٩٣.

(٧) المعتبر : في الجمعة ج ٢ ص ٢٧٨.

(٨) الجامع للشرائع : في صلاة الجمعة ص ٩٥.

(٩) إرشاد الأذهان : في الجمعة ج ١ ص ٢٥٧.

(١٠) نهج الحقّ وكشف الصدق : في الجمعة ص ٤٤٧.

(١١) البيان : في الجمعة ص ١٠٢.

(١٢) ذخيرة المعاد : في صلاة الجمعة ص ٢٩٨ س ٣٠.

(١٣) نهاية الإحكام : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ١١.

(١٤) نهج الحقّ وكشف الصدق : في الجمعة ص ٤٤٦.

(١٥) جامع المقاصد : صلاة الجمعة ج ٢ ص ٣٦٧.

(١٦) الرسالة الجعفرية (رسائل المحقّق الكركي : ج ١) في الجمعة ص ١٣٠.

(١٧) المطالب المظفّرية : في الجمعة ص ١٧٤ س ٩ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦).

١٨١

.................................................................................................

______________________________________________________

لُاصولنا كما في «الذكرى (١) وجامع المقاصد (٢) والمقاصد العلية (٣) والروض (٤)» ومذهب الشهيد ومن تأخّر عنه كما في «الذخيرة (٥)» وهو خيرة «المنتهى (٦) والتحرير (٧) والمختلف (٨) والذكرى (٩) والبيان (١٠) والدروس (١١) والجعفرية (١٢) والغرية وجامع المقاصد (١٣) وتعليق النافع (١٤) وحاشية الإرشاد (١٥) وفوائد الشرائع (١٦) وإرشاد الجعفرية (١٧) والموجز الحاوي (١٨) والميسية والمسالك (١٩) والمقاصد العلية (٢٠) والروض (٢١) والمدارك (٢٢) والشافية» لكن في بعضها أنه أقرب ، وفي بعض أولى ،

__________________

(١ و ٩) ذكرى الشيعة : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ١٣٣.

(٢ و ١٣) جامع المقاصد : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٣٦٧.

(٣) المقاصد العلية : في صلاة الجمعة ص ٣٥٥.

(٤) روض الجنان : في الجمعة ص ٢٨٤ س ٢٠.

(٥) ذخيرة المعاد : في صلاة الجمعة ص ٢٩٨ س ٣٠.

(٦) منتهى المطلب : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٣٢١ س ١١.

(٧) تحرير الأحكام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٤٤ س ٣٣.

(٨) مختلف الشيعة : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٢٣٤.

(١٠) البيان : في صلاة الجمعة ص ١٠٢.

(١١) الدروس الشرعية : في الجمعة ج ١ ص ١٨٨.

(١٢) الرسالة الجعفرية (رسائل المحقّق الكركي : ج ١) في الجمعة ص ١٣٠.

(١٤) تعليق النافع : في صلاة الجمعة ص ٢٣٩ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٤٠٧٩).

(١٥) حاشية إرشاد الأذهان : في صلاة الجمعة ص ٣٢ س ٢٢ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٧٩).

(١٦) فوائد الشرائع : في الجمعة ص ٤٤ س ٢١ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٦٥٨٤).

(١٧) المطالب المظفّرية : في صلاة الجمعة ص ١٧٤ س ٧ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦).

(١٨) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في الجمعة ص ٨٨.

(١٩) مسالك الأفهام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٢٣٤.

(٢٠) المقاصد العلية : في صلاة الجمعة ص ٣٥٥.

(٢١) روض الجنان : في الجمعة ص ٢٨٤ س ٣٠.

(٢٢) مدارك الأحكام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ١٤.

١٨٢

إماماً كان أو مأموماً ،

______________________________________________________

وفي كثير منها الحكم به من دون ذكر أقرب وأولى. ومال إليه في «الذخيرة (١)» ونفى عنه البأس في موضع من «التذكرة (٢)» والبُعد في «مجمع البرهان» وقال : الظاهر عدم الخلاف عندهم في إدراك الوقت بإدراك ركعة إلّا أن يكون لهم دليل في الجمعة بخصوصه بإدراكها بمجرّد التلبّس ، لأنه بدل من الظهر ، فكان وقته وقته ، انتهى (٣).

وحكى في «الذكرى (٤)» عن بعضهم إبطالها مطلقاً. وفي «الروض (٥)» بالغ بعضهم فأبطلها مطلقاً.

قوله قدّس الله تعالى روحه : (إماماً كان أو مأموماً) وكذا يتمّها جمعةً لو انفضّ العدد بعد التلبّس بها ولو بالتكبير كما في «الخلاف (٦) والمبسوط (٧) والشرائع (٨) وجامع الشرائع (٩) وجامع المقاصد (١٠)» وغيرها (١١). وفي «المدارك» وجوب الإتمام مع تلبّس العدد المعتبر في الصلاة ولو بالتكبير مذهب الأصحاب لا نعلم فيه مخالفاً ، انتهى (١٢). قلت : احتمل في «التذكرة (١٣) ونهاية

__________________

(١) ذخيرة المعاد : في صلاة الجمعة ص ٢٩٨ س ٣٣.

(٢) تذكرة الققهاء : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ١١.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٣٣٣.

(٤) ذكرى الشيعة : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ١٣٣.

(٥) روض الجنان : في صلاة الجمعة ص ٢٨٥ س ٢.

(٦) الخلاف : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٦٠٠ مسألة ٣٦٠.

(٧) المبسوط : في صلاة الجمعة ج ١ ص ١٤٤.

(٨) شرائع الإسلام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٩٥.

(٩) الجامع للشرائع : في صلاة الجمعة ص ٩٥.

(١٠) جامع المقاصد : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٣٨٤.

(١١) كشف اللثام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ١٩٩ و ٢٣٩.

(١٢) مدارك الأحكام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢٩.

(١٣) تذكرة الفقهاء : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٤١.

١٨٣

ولا تقضى مع الفوات. ولا تسقط عمّن تعيّنت عليه وصلّى الظهر ،

______________________________________________________

الإحكام (١)» اشتراط إتمامهم ركعة. وسيتعرّض المصنّف لذلك في مواضع وتمام الكلام هناك.

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولا تقضى مع الفوات) إجماعاً كما في «الغنية (٢) وجامع المقاصد (٣) والمسالك (٤)». وفي «المدارك (٥)» أنه إجماع أهل العلم. وفي «كشف اللثام (٦) والذخيرة (٧)» الظاهر أنه إجماعي. وقالوا : بل تصلّى الظهر أداءً إن بقي وقتها وإلّا قضاءً. وبعض هذه الإجماعات منقول على ذلك كإجماع صاحب «المدارك» وفي كثير من العبارات أنها تقضى ظهراً. وقد تأوّلوه تارةً بأنّ المراد بالقضاء المعنى اللغوي وهو الإتيان بالفعل ، وردّوه بأنّ المأتيّ به بعد خروج الوقت غير الجمعة فكيف يكون آتياً بها؟! وتارةً بإرادة المجاز ، لأنّها لمّا أجزأت عنها أشبهت القضاء ، واخرى بأنّ المراد تفعل وظيفة الوقت ظهراً ، وهذا أجاب به (أشار إليه خ ل) في «المعتبر (٨)».

[في عدم سقوط الجمعة عمّن تعيّنت عليه]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولا تسقط عمّن تعيّنت عليه وصلّى الظهر) كما نصّ على ذلك في «المبسوط (٩)» وغيره (١٠). وفي

__________________

(١) نهاية الإحكام : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٢٢.

(٢) غنية النزوع : في صلاة الجمعة ص ٩١.

(٣) جامع المقاصد : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٣٦٨.

(٤) مسالك الأفهام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٢٣٤.

(٥) مدارك الأحكام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ١٤.

(٦) كشف اللثام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ١٩٩.

(٧) ذخيرة المعاد : في صلاة الجمعة ص ٢٩٨ س ٢٩.

(٨) المعتبر : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٢٧٧.

(٩) المبسوط : في صلاة الجمعة ج ١ ص ١٤٤.

(١٠) شرائع الإسلام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٩٤.

١٨٤

فإن أدركها وجبت ، وإلّا أعاد ظهره ،

______________________________________________________

«التذكرة (١) والمنتهى (٢) وجامع المقاصد (٣)» وظاهر «المعتبر (٤)» الإجماع عليه. والمخالف كما في «الخلاف (٥)» أبو حنيفة وأبو يوسف والشيباني. ولا فرق في ذلك بين العمد والنسيان ولا بين أن يظهر في نفس الأمر الوجوب أو لا. نعم لو صلّى ناسياً وظهر عدم التمكّن من الجمعة أمكن القول بالإجزاء ، كذا قال بعضهم (٦) ، وضعّفه آخرون (٧).

قوله قدّس الله تعالى روحه : (فإن أدركها وجبت ، وإلّا أعاد ظهره) كما نصّ على ذلك كلّ مَن تعرّض له (٨) وفي «المنتهى (٩)» الإجماع عليه ، وقد يظهر دعواه من «التذكرة (١٠)» ونسب الخلاف في «الخلاف (١١)» إلى الشافعي في القديم حيث قال : يجب عليه السعي ، فإن أدرك الجمعة وإلّا أجزأته الظهر الّتي صلّاها.

__________________

(١) تذكرة الفقهاء : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ١٣.

(٢) منتهى المطلب : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٣٣٥ س ٢٤.

(٣) جامع المقاصد : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٣٦٨.

(٤) المعتبر : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٢٧٧.

(٥) الخلاف : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٦٠٧ مسألة ٣٧٠.

(٦) كالسيّد في مدارك الأحكام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ١٥ ، والسبزواري في الذخيرة : في صلاة الجمعة ص ٣١٠ س ٣٧.

(٧) منهم البحراني في الحدائق الناضرة : في صلاة الجمعة ج ١٠ ص ١٤٦.

(٨) كالسيّد في مدارك الأحكام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ١٥ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ١٩٩ ، والشهيد الثاني في مسالك الأفهام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٢٣٤.

(٩) منتهى المطلب : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٣٣٥ س ٢٤.

(١٠) تذكرة الفقهاء : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ١١ ١٢.

(١١) الخلاف : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٦٠٧ مسألة ٣٧٠.

١٨٥

ولو علم اتّساع الوقت لها وللخطبتين مخفّفة وجبت الجمعة ، وإلّا سقطت ووجبت الظهر.

______________________________________________________

[في ما لو علم اتّساع الوقت للجمعة وعدمها]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولو علم اتّساع الوقت لها وللخطبتين مخفّفة وجبت الجمعة ، وإلّا سقطت ووجبت الظهر) كما في «المبسوط (١) والشرائع (٢) والتحرير (٣) والتذكرة (٤) والجعفرية (٥) وجامع المقاصد (٦) والغرية وإرشاد الجعفرية (٧) وتعليق الإرشاد (٨)».

وقال في «التذكرة (٩)» : ولا تكفي الركعة الواحدة هنا خلافاً لأحمد. وفي «الدروس (١٠)» أنه المشهور. ومثله قال في «كشف الالتباس (١١)» لكنه اضطرب كلامه في نقل الأقوال اضطراباً لا يرجى التئامه ، وقد فهم أيضاً من عبارة «الموجز (١٢)» خلاف ما هو صريحها. وفي «البيان (١٣) والميسية

__________________

(١) المبسوط : في صلاة الجمعة ج ١ ص ١٤٧.

(٢) شرائع الإسلام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٩٤.

(٣) تحرير الأحكام : في صلاة الجمة ج ١ ص ٤٣ س ٢٦.

(٤) تذكرة الفقهاء : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ١١.

(٥) الرسالة الجعفرية (رسائل المحقّق الكركي : ج ١) في صلاة الجمعة ص ١٣٠.

(٦) جامع المقاصد : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٣٦٩.

(٧) المطالب المظفّرية : في صلاة الجمعة ص ١٧٣ س ١٣ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦).

(٨) حاشية إرشاد الأذهان : في صلاة الجمعة ص ٣٢ س ٢٣.

(٩) تذكرة الفقهاء : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ١٢.

(١٠) الدروس الشرعية : في صلاة الجمعة ج ١ ص ١٨٨.

(١١) كشف الالتباس : في صلاة الجمعة ص ١٤٠ س ٤ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(١٢) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في صلاة الجمعة ص ٨٨.

(١٣) الموجود في البيان هو الجزم بالفتوى بذلك ، وليس فيه الحكم بأقوائيته الدالّ على ترديده ، راجع البيان : في صلاة الجمعة ص ١٠٢.

١٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

«والمسالك (١) والمقاصد العلية» (٢)» أنّ الأقوى اعتبار إدراك الركعة بعد الخطبتين. وقال أيضاً في «الميسية» : ويجب الشروع متى احتمل ذلك ، فإن طابق صحّت وإلّا فلا. وفي «الدروس (٣) والموجز الحاوي (٤)» أنه يجب الدخول فيها إذا علم أو ظنّ أو شكّ في سعة الوقت لخطبتين وركعة. وفي «المدارك (٥)» قيل : تجب مع ظنّ اتساع الوقت أو الشكّ في السعة وعدمها ، لأصالة بقاء الوقت. ويشكل بأنّ الواجب الموقّت يعتبر وقوعه في الوقت ، فمع الشكّ فيه لا يحصل يقين البراءة بالفعل ، والاستصحاب هنا إنّما يفيد ظنّ البقاء وهو غير كافٍ في ذلك ، انتهى. ويأتي بيان الحال.

والمحقّق الثاني قال : إنّ المراد بالعلم في عبارة المصنّف ما يشمل الظنّ الغالب (٦). وفي «الشافية» لو تلبّس بها مع ظنّ الاتساع ، فإن كان صلّى ركعة أتمّها ، وإلّا فإشكال.

وفي «المنتهى» لو أدرك الخطبتين وركعة هل يصلّي جمعة أم الظهر؟ ظاهر كلامه في المبسوط أنه يصلّي الظهر ، ولو قيل يصلّي جمعة كان حسناً ، انتهى (٧). ولم يفرّق في «نهاية الإحكام» بين المسألتين فاكتفى هنا أيضاً بإدراك التكبير مع الخطبتين وقال : صحّت الجمعة عندنا (٨).

وفي «المدارك» عند قوله في الشرائع : وإن تيقّن أو غلب على ظنّه أنّ الوقت

__________________

(١) مسالك الأفهام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٢٣٥ ، وما فيه أيضاً عين ما في البيان من الجزم بالحكم المذكور ، فراجع.

(٢) ظاهر عبارة المقاصد هو كفاية إدراك ركعةٍ واحدةٍ في وجوبها ، راجع المقاصد العلية : في صلاة الجمعة ص ٣٥٥.

(٣) الدروس الشرعية : في صلاة الجمعة ج ١ ص ١٨٨.

(٤) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في صلاة الجمعة ص ٨٨.

(٥) مدارك الأحكام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ١٦.

(٦) جامع المقاصد : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٣٦٩.

(٧) مُنتهى المطلب : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٣٣٩ س ٨.

(٨) نهاية الإحكام : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ١١.

١٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

لا يتسع للخطبة وركعتين خفيفتين فقد فاتت الجمعة ويصلّي ظهراً ، ما نصّه : هذا بظاهره منافٍ لما سبق من أنه مَن تلبّس بالجمعة في الوقت يجب عليه إتمامها ، فإنّه يقتضي بإطلاقه جواز الشروع فيها مع ضيق الوقت. واجيب عنه بأنّ الشروع فيها إنّما يشرع إذا ظنّ إدراك جميعها ، لأنّها لا يشرع فيها القضاء ، وإنّما وجب الإكمال مع التلبّس بها في الوقت للنهي عن إبطال العمل ، واورد عليه أنّ قوله عليه‌السلام : «من أدرك من الوقت ركعة (١)» يعمّ الجميع. واجيب بأنّ هذا الحديث مقيّد بقيد يستفاد من خارج وهو كون الوقت صالحاً للفعل ، للقطع بأنّ ما لا يصلح للفعل يمتنع وقوعه فيه. وفيه نظر ، فإنّه إن اريد بصلاحيّة الوقت إمكان إيقاعه فيه فهو متحقّق فيه ، وإن اريد غير ذلك فلا دليل عليه ، انتهى (٢).

قلت : غرضه بذلك الردّ على المحقّق الثاني. وحاصل كلامه أنه قد قام الإجماع على أنّ الجمعة لا تقضى ، فلا يشرع فعل شي‌ء منها خارج الوقت ، وإن قيل بأنّ من أدرك ركعة من الصلاة أدّاها ، فإنّ من المعلوم أنّها ليست أداءً حقيقةً بالمعنى المقابل للقضاء. ومن البيّن أنّ المصلّي إذا نواها وهو يعلم أنه لا يدرك منها في الوقت إلّا بعضها لا ينوي إيقاعها في وقتها ، وهو بخلاف ما إذا لم يعلم بالحال فشرع فيها فانقضى الوقت فإنّه إنّما نوى إيقاعها في وقتها ، فلمّا انقضى قبل إتمامها لم يجب تجديد نيّة ولم يجز القطع.

وذلك لأنه قال ما نصّه : المراد بقوله : وإلّا سقطت ، أنه إذا لم يعلم إدراك جميع الصلاة مع الخطبتين مخفّفة تسقط الجمعة على معنى أنه يمتنع فعلها ويتعيّن فعل الظهر. وهو يصدق بصورتين : إحداهما ما إذا علم عدم الإدراك ، والثانية ما إذا شكّ في الإدراك وعدمه ، وينبغي في هذا أن يجب عليه فعل الجمعة ، لأصالة بقاء وقتها واستصحاب وجوب فعلها السابق. وأمّا الاولى فتحقيقها يبتني على أنّ التكليف بفعل يستدعي زماناً يسعه ، فإن عيّن الشارع الزمان اشترط فيه ما قلناه ، وحينئذٍ

__________________

(١) وسائل الشيعة : ب ٢٦ من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح ٦ ج ٥ ص ٤١.

(٢) مدارك الأحكام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ١٦.

١٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

فلا يشرع فعله في خارجه إلّا أن يثبت من الشارع شرعية قضائه ، وإن لم يعيّن زمانه استدعى زماناً بحيث يسعه. والفرق بينهما أنّ زمان الفعل في الأول يتعيّن بتعيين الشارع بخلاف الثاني فإنّه بطريق اللزوم ، إلى أن قال : وقد أجرى الشارع ما إذا ضاق الوقت عن اليومية إلّا عن مقدار ركعة مجرى الوقت الحقيقي حيث حصل إدراك ركعة من الوقت الحقيقي فصار بمنزلته ، هذا إن حكمنا بكونه أداءً عملاً بظاهر الحديث. ولو قلنا إنّ الجميع قضاء أو بالتوزيع فلا بحث ، لأنّ القضاء مشروع في اليومية. وأمّا الجمعة فلا يشرع فيها القضاء بالإجماع ، فعلى هذا لا يشرع فعل شي‌ء منها خارج الوقت ، لعدم صلاحية ما عداه لشي‌ء منها ، فلا بدّ من ظنّ إدراك جميعها ليشرع الدخول.

فإن قلت : لا يشرع فعل شي‌ء منها خارج الوقت على تقدير كونه قضاءً ، أمّا على تقدير الأداء فلا مانع منه وقد سبق أنّ الجميع أداء عملاً بعموم الحديث. قلت : لا شبهة أنه لا يعدّ أداءً ، إذ ليس في الوقت الحقيقي ، إلى أن قال : فإن قلت : قد سبق أنه إذا خرج الوقت وقد تلبّس من الصلاة بركعة أو بالتكبير يجب إتمامها جمعة فكيف جاز الشروع فيها مع ضيق الوقت؟ قلت : قد نبّهنا على أنه إنّما يشرع فيها إذا ظنّ إدراك جميعها ، فإذا شرع فيها بهذا الظنّ ثمّ تبيّن الضيق إلّا عن ركعة أتمّها حينئذٍ لا مطلقاً.

فإن قلت : لم جاز الإتمام في خارج الوقت وقد قرّرتم أنّ شيئاً من الجمعة لا يقع خارج الوقت لعدم شرعية القضاء؟ قلت : كان حقّه أن لا يقع أيضاً لكن لمّا كان قطع الصلاة منهيّاً عنه محرّماً وقد دخل فيها بأمر الشارع ونصّ معظم الأصحاب على صحّة الجمعة في هذه الحالة لم يكن بدّ من القول به.

فإن قلت : قوله عليه‌السلام : «من أدرك .. إلى آخره» يعمّ الجميع فلا فرق. قلت : الظاهر أنه مقيّد بقيد يستفاد من دليل من خارج يقتضي تخصيصه وهو كون الوقت صالحاً للفعل ، للقطع بأنّ ما لا يصلح للفعل يمتنع وقوعه فيه ، وقد قام الإجماع على عدم قضاء الجمعة فلا صلاحية. هذا حاصل كلامه. وقال : هذا أقصى ما يمكن

١٨٩

الثاني : السلطان العادل أو مَن يأمره ،

______________________________________________________

في تحقيق هذا الموضع (١).

[اشتراط السلطان العادل]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (الثاني : السلطان العادل أو مَن يأمره) اشتراط هذا الشرط في وجوبها مشهور بين الأصحاب كما في «المدارك (٢) والذخيرة (٣)» ومحلّ وفاق كما في «التذكرة (٤) ونهاية الإحكام (٥) والتحرير (٦) وكنز العرفان (٧)» وموضع من «مجمع البرهان (٨) وكشف اللثام (٩)». وفي «المعتبر» نسبته إلى علمائنا. وقال فيه في موضع آخر : اشتراط الإمام أو نائبه المعتمد في إثباته فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنّه كان يعيّن ، وكذا الخلفاء بعده كما يعيّن للقضاء ، فكما لا يصحّ أن ينصب نفسه قاضياً كذا إمام الجمعة ، وليس هذا قياساً بل استدلال بالعمل المستمرّ في الأعصار ، فمخالفته خرق للإجماع ، انتهى (١٠). ونحو ذلك في «الخلاف (١١) والمنتهى (١٢) والتذكرة (١٣)

__________________

(١) جامع المقاصد : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٣٦٩ ٣٧١.

(٢) مدارك الأحكام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢١.

(٣) ذخيرة المِعاد : في صلاة الجمعة ص ٢٩٨ س ٣٣.

(٤) تذكرة الفقهاء : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ١٩.

(٥) نهاية الإحكام : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ١٣.

(٦) تحرير الأحكام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٤٣ س ٣٤.

(٧) كنز العرفان : في صلاة الجمعة ج ١ ص ١٦٨.

(٨) مجمع الفائدة والبرهان : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٣٣٣.

(٩) كشف اللثام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢٠٠.

(١٠) المعتبر : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٢٧٩.

(١١) الخلاف : في شرائط انعقاد الجمعة ج ١ ص ٦٢٦ مسألة ٣٩٧.

(١٢) منتهى المطلب : في شرائط انعقاد الجمعة ص ٣١٧ س ٢.

(١٣) التذكرة : في شرائط انعقاد الجمعة ج ٤ ص ٢١.

١٩٠

.................................................................................................

______________________________________________________

والذكرى (١)» وغيرها (٢) كما يأتي.

وفي «الغنية» الإجماع على أنّ وجوبها يقف على حضور الإمام العادل أو مَن نصبه وجرى مجراه (٣). وعن القاضي أنه قال : الإمام العادل أو مَن نصبه وجرى مجراه ، والدليل على ما ذهبنا إليه الإجماع (٤).

وفي «الخلاف» الإجماع على أنّ هذا الشرط شرط في انعقادها (٥). وفي «السرائر» نفى الخلاف عنه وأنّ إجماع أهل الأعصار عليه (٦). وفي «المنتهى (٧)» الإجماع على أنّ الإمام أو إذنه شرط في الجمعة ، ومعناه أنهما شرط في انعقادها كما يفصح به آخر كلامه. ومثله إجماع «الذكرى (٨)» إلّا أنه ذكر النائب مكان الإذن ، وكلامه في آخره صريح أيضاً في أنه شرط في انعقادها.

وعن رسالة المحقّق الثاني (٩) أنّ إجماع العلماء قاطبة على أنه يشترط لصلاة الجمعة وجود الإمام المعصوم أو نائبه. وقال سبطه المحقّق الداماد في كتاب «عيون المسائل (١٠)» على ما نقل : أجمع علماؤنا على أنّ النداء المشروط به وجوب السعي إلى الجمعة لا بدّ أن يكون من قِبل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو الإمام أو مَن يأذن وينصبه لها ، وعلى ذلك إطباق الإماميّة.

__________________

(١) الذكرى : في شروط الجمعة ج ٤ ص ١٠٠.

(٢) كالمطالب المظفّرية : في صلاة الجمعة ص ١٧١ س ١ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦).

(٣) غُنية النزوع : في صلاة الجمعة ص ٩٠.

(٤) شرح جُمل العلم والعمل : في صلاة الجمعة ص ١٢٣ و ١٢٤.

(٥) الخلاف : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٦٢٦ مسأله ٣٩٧.

(٦) السرائر : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٣٠٣.

(٧) مُنتهى المطلب : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٣١٧ س ٢.

(٨) ذكرى الشيعة : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ١٠٠ و ١٠٤.

(٩) رسالة صلاة الجمعة (رسائل المحقّق الكركي : ج ١) ص ١٤٤.

(١٠) عيون المسائل (اثنا عشر رسالة للمحقّق الداماد) : في صلاة الجمعة ص ٢١٦ و ٢١٧.

١٩١

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي «الروض (١) والروضة (٢)» الإجماع على أنّ ذلك شرط مع حضوره. وفي «المقاصد العلية» الإجماع على أنّ ذلك شرط للوجوب العيني أو مع حضوره (٣). وفي «المدارك» أنّ مَن ادّعى الإجماع على اشتراط الإمام أو نائبه فإنّما أراد اعتبار ذلك في الوجوب العيني أو مع الحضور لا مطلقاً ، قال : وممن صرّح بذلك الشيخ في الخلاف والمحقّق في المعتبر والشهيد في الذكرى (٤) ، ويأتي نقل كلامهم.

وفي «جامع المقاصد (٥) والغرية» الإجماع على أنه يشترط في وجوب الجمعة السلطان العادل أو نائبه عموماً أو في صلاة الجمعة. قلت : وقد تشعر بذلك عبارة «الغنية» كما سمعت فتأمّل فيه. وفيهما في موضعٍ آخر : لا نعلم خلافاً بين أصحابنا في أنّ اشتراط الجمعة بالإمام أو نائبه لا يختلف فيه الحال بين ظهور الإمام عليه‌السلام أو غيبته ، وعبارات الأصحاب ناطقة بذلك. ثمّ ذكرا عبارتي التذكرة والذكرى كما يأتي نقلهما. وقالا : وقد نبّه على ذلك في المختلف وغاية المراد ، وقالا : وما يوجد من إطلاق بعض العبارات فعل الجمعه من غير تقييد فللاعتماد فيه على ما تقرّر في المذهب فصار معلوماً في كلّ عبارة.

وفي «التنقيح» أنّ مبنى الخلاف أنّ حضور الإمام عليه‌السلام هل هو شرط في ماهيّة الجمعة ومشروعيّتها أم في وجوبها؟ فابن إدريس على الأوّل وباقي الأصحاب على الثاني (٦).

هذا تمام نقل الإجماعات في اشتراط هذا الشرط على اختلاف أنحائهم فيه ، ويأتي إجماعات اخر لها نفع في المقام. والمنقول (٧) من كلام الحسن بن عيسى

__________________

(١) روض الجنان : في صلاة الجمعة ص ٢٨٥ س ٧.

(٢) الروضة البهية : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٦٦٣.

(٣) المقاصد العلية : في صلاة الجمعة ص ٣٥٨.

(٤) مدارك الأحكام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢٥.

(٥) جامع المقاصد : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٣٧١ و ٣٧٩.

(٦) التنقيح الرائع : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٢٣١.

(٧) لم نعثر على ناقلٍ نقل عنه.

١٩٢

.................................................................................................

______________________________________________________

صريح في اشتراط هذا الشرط. وقد استظهر الاستاذ من أربعة مواضع من الكافي اشتراطه ومن موضعين من الفقيه (١) وما من مصنّف ولا مسطور إلّا وقد صرّح فيه بهذا الشرط كما ستعرف. ومن هنا يعلم حال ما قال بعض الناس من الإجماع على وجوبها في وقت حضور الإمام أو نائبه من غير اشتراط.

وفي «المدارك (٢) والذخيرة (٣) والمفاتيح (٤) والماحوزية والرسالة المنسوبة إلى الشهيد الثاني (٥)» وكتاب «الشهاب الثاقب (٦)» ورسالة السيّد عبد العظيم ابن السيّد عباس الأسترآبادي ورسالة الشيخ أحمد ابن الشيخ محمّد الخطّي تلميذ المجلسي ورسالة الشيخ سليمان الماحوزي في الجمعة و «الشافية» إنكار اشتراط هذا الشرط من أصله. بل في «المدارك» أنّ كلام أكثر المتقدّمين خالٍ عن ذكر هذا الشرط (٧). وفي «الذخيرة» عبارات كثير واضحة الدلالة على خلاف هذا الشرط (٨). قلت : يأتي نقل هذه العبارات الّتي أشار إليها. وفي «المفاتيح (٩) والماحوزية» أنّ ادّعاء الإجماع على اشتراطه مقلوب على مدّعيه. قلت : هذه دعوى يشهد بخلافها العيان كما عرفت وستعرف.

وقد تحصّل من كلامهم في هذا الشرط أمران : الأوّل : الاتفاق على وجوبها عيناً مع السلطان العادل أو نائبه الخاصّ ، ويأتي الكلام في بيان المراد من هذا الوجوب العيني وبيان المراد من السلطان العادل. الثاني : اختلافهم عند عدم

__________________

(١) مصابيح الظلام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٦٤ س ٢٣ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٢) مدارك الاحكام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢٣.

(٣) ذخيرة المعاد : في صلاة الجمعة ص ٣٠٧ س ٣٦.

(٤) مفاتيح الشرائع : في وجوب صلاة الجمعة وأحكامها ج ١ ص ١٧.

(٥) رسائل الشهيد الثاني : في صلاة الجمعة ص ٥١.

(٦) الشهاب الثاقب : في صلاة الجمعة ص ١٩ و ٦٢.

(٧) مدارك الاحكام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢٣.

(٨) ذخيرة المعاد : في صلاة الجمعة ص ٣٠٧.

(٩) مفاتيح الشرائع : في وجوب صلاة الجمعة وأحكامها ج ١ ص ١٨.

١٩٣

.................................................................................................

______________________________________________________

حصول هذا الشرط ، وقد بلغ إلى أربعة أقوال : الأوّل : أنها واجبة عيناً أيضاً. الثاني : أنها حرام. الثالث : أنها واجبة تخييراً مع الفقيه الجامع لشرائط الافتاء. الرابع : أنها واجبة لذلك لكن لا يشترط في إمامها إلّا شروط إمام الجماعة.

وقبل الشروع في نشر الأقوال فلنبيّن المراد بالسلطان العادل ، ففي «المنتهى (١) ونهاية الإحكام (٢) والتذكرة (٣) والذكرى (٤) وجامع المقاصد (٥) وكشف الالتباس (٦) والغرية» وغيرها (٧) أنه الإمام المعصوم عليه‌السلام. وهو المراد من إمام الملّة كما عبّر به التقي (٨) ومن الإمام العادل كما في «الغنية (٩)» ومن إمام الأصل كما في «المراسم (١٠) والإشارة (١١) وجامع الشرائع (١٢)» وهو المراد من الإمام الواقع في الأخبار (١٣) كما ورد «أنّ الصلاة يوم الجمعة ركعتان مع الإمام وبغير الإمام أربع ركعات». وفي «الكافي» في باب أنّ الأرض لا تخلو عن حجّة عن الصادق عليه‌السلام : «أنّ الله أعزّ وأجلّ من أن يترك الأرض بغير إمام عادل» (١٤). وفي «المحاسن» عن الباقر عليه‌السلام : «من دان الله تعالى بعبادة يجهد فيها نفسه بلا إمام عادل فهو غير مقبول» (١٥).

__________________

(١) منتهى المطلب : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٣١٧ س ٢.

(٢) نهاية الإحكام : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ١٤.

(٣) تذكرة الفقهاء : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢١.

(٤) ذكرى الشيعة : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ١٠٠.

(٥) جامع المقاصد : في صلاة الجمعة ج ٢ ص ٣٧١.

(٦) كشف الالتباس : في صلاة الجمعة ص ١٣٦ س ١٥ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٧) كشف اللثام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢٠١.

(٨) الكافي في الفقه : في صلاة الجمعة ص ١٥١.

(٩) غُنية النزوع : في صلاة الجمعة ص ٩٠.

(١٠) المراسم : في صلاة الجمعة ص ٧٧.

(١١) إشارة السبق : في صلاة الجمعة وشروطها ص ٩٧.

(١٢) الجامع للشرائع : في صلاة الجمعة ص ٩٤.

(١٣) وسائل الشيعة : ب ٥ من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ج ٥ ص ١٣.

(١٤) الكافي : باب أنّ الأرض لا تخلو من حجّة ح ٦ ج ١ ص ١٧٨.

(١٥) المحاسن : باب ١٧ في عقاب من لم يعرف إمامه ح ٤٧ ج ١ ص ٩٢.

١٩٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي ثواب زيارة الحسين عليه‌السلام : «من أتى الحسين عليه‌السلام عارفاً بحقّه ، إلى قوله : وعشرين حجّة وعمرة مع نبيّ مرسل وإمام عادل» (١). وعن الصادق عليه‌السلام : «لا اعتكاف إلّا في مسجد جماعة صلّى فيه إمام عادل» (٢). وفي «الكافي» أنه ذكر عن الصادق عليه‌السلام : «لا غزو إلّا مع إمام عادل» (٣). وفي «التهذيب» في قتال أهل البغي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه قال : «إن خرجوا على إمامٍ عادل فقاتلوهم ، وإن خرجوا على إمامٍ جائر فلا تقاتلوهم» (٤). إلى غير ذلك من الأخبار كالخبر الوارد في حدّ السرقة (٥) ، والوارد في امرأة قتلت مَن قصدها بحرام (٦) والوارد فيمن قتل ناصباً (٧) ، وما أورده في «الكافي» عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : «ساعة مع إمامٍ عادل أفضل من عبادة سبعين سنة ، وحدّ يقام لله في أرضه أفضل من مطر أربعين صباحاً» (٨). ويظهر من الفقهاء أنّ الإمام والسلطان العادل والإمام العادل كان اصطلاحاً في المعصوم. وهذا ينفع أيضاً فيما سيأتي عند الاستدلال على اشتراط المعصوم ، بالموثّق وغيره. ويأتي تمام الكلام في ذلك إن شاء الله تعالى عند ذكر الأخبار.

وأمّا قولهم : تجب عيناً إذا صلّاها المعصوم عليه‌السلام أو المنصوب ، ففي «كشف اللثام» أنّ له معنيين ، أحدهما : وجوب عقدها عليهما عيناً إذا اجتمعت سائر الشروط ، وظاهر الشيخ ومَن بعده الاتفاق عليه. والثاني : وجوب الحضور على كلّ مكلّف إذا عقدها أحدهما أو علم أنه اجتمعت الشرائط عنده وأنه يعقدها ، وعليه الكتاب والسنّة والإجماع ، انتهى كلامه (٩).

__________________

(١) ثواب الأعمال : في ثواب من زار قبر الحسين عليه‌السلام ح ٢٥ ص ١١٥.

(٢) وسائل الشيعة : ب ٣ من كتاب الاعتكاف ح ٨ ج ٨ ص ٤٠١.

(٣) الكافي : باب الغزو مع الناس إذا خيف على الإسلام ح ١ ج ٥ ص ٢٠.

(٤) تهذيب الأحكام : باب ٦٤ في قتال أهل البغي .. ح ٧ ج ٦ ص ١٤٥.

(٥) وسائل الشيعة : ب ١٨ من أبواب حدّ السرقة ح ٤ ج ١٨ ص ٥٠٩.

(٦) وسائل الشيعة : ب ٢٣ من أبواب قصاص النفس ح ١ ج ١٩ ص ٤٤.

(٧) وسائل الشيعة : ب ٦٨ في أبواب القصاص في النفس ح ١ ج ١٩ ص ٩٩.

(٨) الكافي : كتاب الحدود ح ٨ ج ٧ ص ١٧٥.

(٩) كشف اللثام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢٠٤.

١٩٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وأمّا القول الأوّل : وهو الوجوب عيناً في زمن الغيبة فقد عرفت أنه خيرة الشهيد الثاني في «رسالته (١)» * وولده في «رسالته (٢)» وسبطه (٣) والشيخ نجيب الدين والمولى الخراساني في «كتابيه» (٤) والكاشاني في «المفاتيح (٥)

__________________

(*) قد أنكر في مصابيح الظلام (٦) كون هذه الرسالة للشهيد الثاني وقال : حاشاه أن يقع منه مثلها مع أنه مخالفها في جميع كتبه ، وقد اشتملت على كلام لا نجوّز وقوعه من مثله كنسبة علمائنا الأبرار إلى الإصرار على الضلال «منه قدس‌سره».

__________________

(١) رسائل الشهيد الثاني : في صلاة الجمعة ص ٥١.

(٢) الاثنا عشرية : في صلاة الجمعة ص ٨ س ١ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٥١١٢).

(٣) مدارك الأحكام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢٥.

(٤) ذخيرة المعاد : في صلاة الجمعة ص ٣٠٨ س ٢١ ، وكفاية الأحكام : في صلاة الجمعة ص ٢٠ س ٢٥.

(٥) مفاتيح الشرائع : في وجوب صلاة الجمعة ج ١ ص ١٧ و ١٨.

(٦) مصابيح الظلام : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٨٧ س ٢٤ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

اشتهر بين القائلين بعدم وجوب الجمعة أو حرمتها الرد على الشهيد الثاني القائل بوجوبها عينا الذي كتب في ذلك رسالته المعروفة بان الرسالة المذكورة اما ليست من تأليفه واما انه كتبها في صغره واوان تحصيله حينما لم يكن بتلك المثابة في التحقيق والرأي واول من فتح هذا الباب الوحيد البهبهاني رحمه‌الله وقلده في ذلك أكثره تلاميذه لا سيما صاحب الجواهر فانه شدد النكير عليه وجاء بما هو افضع وكنا حينما عثرنا في الجواهر على هذا الكلام ورأيناه بعد ذلك في المصابيح راجعنا كتبه المؤلفة فرأينا ان كلا الدعويين غير محققة وذلك لتكذيبهما تصريحه قدس‌سره في آخرها بلقبه المعرف بها وبتاريخ الفراغ منها وهو الأول من ربيع الأول السنة الثانية والستين وتسعمأة هجرية فانت اذا راجعت تاريخ روضته ومسالكه لرأيت ان تاريخ الفراغ من الأول ، الذي لا ريب في انه كتبها في كمال رأيه وتحقيقه الحادي والعشرين من جمادى الأولى السنة السابعة والخمسين وتسعمأة وتاريخ الفراغ من الثاني ، الثامن من ربيع الآخر السنة الرابعة والستين وتسعمأة ، فرسالته المؤلفة في الجمعة انما الفها بعد فراغه من الروضة بخمس سنوات واما مسالكه فالفها بعد الفراغ من رسالته بسنتين فانت اذا رأيت ذلك لا تشك في قصور هذه الاعلام ان لم نقل في تقصيرهم في التحقيق وانهم ربما ابتلو بالقضاوة القاسطة والحكومة غير العادلة نعوذ بالله من الزلات المغوية والعثرات المهلكة.

١٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

والشهاب الثاقب (١) والوافي (٢)» والشيخ سليمان في «رسالتيه (٣)» والسيّد عبد العظيم والشيخ أحمد الخطّي ومولانا الحرّ في «الوسائل (٤)» ومولانا الشيخ أحمد الجزائري في «الشافية» وصاحب «الحدائق (٥)» والسيّد علي صائغ. واحتمله احتمالاً في «الذكرى (٦)» ونسبوه (٧) إلى المفيد في «المقنعة وكتاب الإشراف» وإلى أبي الفتح الكراجكي وإلى أبي الصلاح التقي وإلى ظاهر الصدوق في «المقنع والأمالي» وإلى الشيخ في «التهذيب» وإلى الشيخ عماد الدين الطبرسي. وقال بعضهم (٨) : إنّ في عبارة النهاية إشعاراً به ، والإشعار في عبارة الخلاف أقوى ، انتهى. وقالوا : إنّ الشهيد الثاني نسبه في رسالته إلى أكثر المتقدّمين. قلت : وقد سمعت (٩) ما في «المدارك والذخيرة» من نحو هذه النسبة.

ونحن ننقل لك كلام هؤلاء المتقدّمين ليتضّح الحقّ ويبين. ففي «المقنعة» ففرضها يعني الجمعة الاجتماع إلّا أنه يشترط حضور إمام مأمون على صفات يتقدّم الجماعة ويخطبهم خطبتين يسقط بهما وبالاجتماع عن المجتمعين من الأربع الركعات ركعتان ، وإذا حضر الإمام وجبت الجمعة على سائر المكلّفين إلّا من عذره الله تعالى منهم ، وإن لم يحضر إمام سقط فرض الاجتماع ، وإذا حضر إمام يخلّ شرائطه بشريطة من يتقدّم فيصلح به الاجتماع فحكم حضوره حكم عدم

__________________

(١) الشهاب الثاقب : ص ٧ فما بعد.

(٢) الوافي : أبواب فضل الجمعة وشرائطها ج ٥ ص ١١٢٧.

(٣) نقله عنه البحراني في الحدائق : في صلاة الجمعة ج ٩ ص ٣٩٦.

(٤) وسائل الشيعة : ب ٥ من أبواب صلاة الجمعة ج ٥ ص ١٢.

(٥) الحدائق الناضرة : في صلاة الجمعة ج ٩ ص ٣٧٨.

(٦) ذكرى الشيعة : في صلاة الجمعة ، ج ٤ ص ١٠٥.

(٧) نسبه إليهم البحراني في الحدائق : ج ٩ ص ٢٨٥ ٣٧٩ ، والمجلسي في البحار : في باب وجوب صلاة الجمعة ج ٨٩ ص ١٤٣ ، والطباطبائي في الرياض : ج ٤ ص ٣٧.

(٨) القائل هو السبزواري في الذخيرة : في صلاة الجمعة ص ٣٠٨ س ١٩.

(٩) تقدّم في ص ١٩٣ هامش ٧ و ٨.

١٩٧

.................................................................................................

______________________________________________________

الإمام. والشرائط الّتي تجب فيمن يجب معه الاجتماع أن يكون حرّاً بالغاً طاهراً في ولادته مجنّباً من الأمراض إلى أن قال : فإن كان كذلك واجتمع معه أربعة نفر وجب الاجتماع. ومن صلّى خلف إمام بهذه الصفات وجب عليه الإنصات عند قراءته ، والقنوت في الاولى من الركعتين في فريضة ، ومن صلّى خلف إمام بخلاف ما وصفناه رتّب الفرض على المشروح فيما قدّمناه ، ويجب حضور الجمعة مع من وصفناه من الأئمّة فرضاً ، ويستحبّ مع مَن خالفهم تقيّةً وندباً إلى أن قال : فإذا اجتمعت هذه الثمانية عشر خصلة وجب الاجتماع في ظهر يوم الجمعة على ما ذكرناه وكان فرضها على النصف من فرض الظهر للحاضر في سائر الأيّام ، انتهى (١).

وقال في «كشف اللثام» بعد نقل هذه العبارة : يجوز أن لا يريد إلّا ذكر صفات منصوب الإمام كما فعله الشيخ والفاضلان وغيرهم وإن لم يرده فإنّما يظهر من كلاميه وجوب حضورها إذا انعقدت بهذه الشروط وجواز عقدها بهذه الشروط ، أمّا وجوبه بها عيناً فكلا انتهى (٢) ، فتأمّل (قلت) : وهذا التأويل جار فيما ذكره أيضاً في كتاب الإشراف ، ويؤيّده تصريحه في «إرشاده» بأنّ الجمعة منصب الإمام وجعله ذلك من مسائل اصول الدين كما يأتي نقله. وقد صرّح بالاشتراط في صلاة العيدين وأنّ شروطهما شروط الجمعة ، إلى غير ذلك من التأييدات الّتي لا تكاد تحصى. وقد فهم منه جماعة (٣) القول بالاستحباب ، ذكروا ذلك عند ذكر مذهب الكركي.

وقال في كتاب «الإشراف» فيما نقل باب عدد ما يجب به الاجتماع في صلاة الجمعة ، عدد ذلك ثماني عشرة خصلة : الحرّية والبلوغ والتذكير وسلامة العقل

__________________

(١) المقنعة : في صلاة الجمعة ص ١٦٣ و ١٦٤.

(٢) كشف اللثام : في صلاة الجمعة ج ٤ ص ٢١٥.

(٣) لم نعثر من هذه الجماعة حسب ما تفحّصنا في كتب القوم إلّا على البهبهاني في المصابيح : في صلاة الجمعة ج ١ ص ٧٠ ، فراجع لعلّك تظفر على غيره.

١٩٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وصحّة الجسم والسلامة من العمى وحضور المصر والشهادة للنداء وتخلية السرب ووجود أربعة نفر مما تقدّم ذكره من هذه الصفات ووجود خامس يؤمّهم له صفات يختصّ بها على الإيجاب ظاهر الإيمان والطهارة في المولد من السفاح والسلامة من ثلاثة أدواء : البرص والجذام والمعرة بالحدود المشينة لمن أقيمت عليه في الإسلام والمعرفة بفقه الصلاة والإفصاح بالخطبة والقرآن وإقامة فرض الصلاة في وقتها من غير تقديم ولا تأخير عنه بحال والخطبة بما يصدق فيه من الكلام ، فإذا اجتمعت هذه الثماني عشرة خصلة وجب الاجتماع في الظهر يوم الجمعة على ما ذكرناه وكان فرضها على النصف من فرض الظهر في سائر الأيّام ، انتهى (١). وله عبارة في «المقنعة» تعطي اشتراط الإمام يأتي (٢) ذكرها في القول الثالث.

وقال في «إرشاده» في باب ذكر طرف من الدلائل على إمامة القائم بالحق

__________________

(١) الإشراف (مصنّفات الشيخ المفيد : ج ٩) باب عدد ما يجب به الاجتماع في صلاة الجمعة ص ٢٤.

(٢) عبارة المقنعة ، نقله الشارح في ص ٢٠٩ عن استاذه حيث قال في تلك الصفحة : ونقل الاستاذ أنه في المقنعة في باب الأمر بالمعروف قال ما نصّه : وللفقهاء من شيعة الأئمة عليهم‌السلام أن يجمعوا ، انتهى. ثمّ قال الشارح بعد ذلك : ولم أجده في المقنعة ولا عجب لأنّ نسخها مختلفة ، انتهى.

أقول : بل هو موجود في المقنعة المطبوعة لدينا بعينه مع زيادة وهو قوله : وللفقهاء من شيعة الأئمة عليهم‌السلام أن يجمعوا بإخوانهم في الصلوات الخمس وصلوات الأعياد والاستسقاء والخسوف إذا تمكّنوا من ذلك وأمنوا فيه من معرّة أهل الفساد ، انتهى موضع الحاجة من المقنعة : ص ٨١١. ومن القريب حسبانه إرادتها في الصلوات الخمس التي منها الجمعة ، فإنّها بناءً على صحّة الإتيان بها أو وجوبها من الصلوات الخمس بلا شكّ خصوصاً بملاحظة ما ذكره رحمه‌الله في باب صلاة الجمعة من قوله : ففرضها وفّقك الله الاجتماع على ما قدّمناه إلّا أنه بشريطة حضور إمام مأمون على صفات يتقدّم الجماعة ويخطبهم خطبتين يسقط بهما وبالاجتماع عن المجتمعين من الأربع الركعات ركعتان ، انتهى. (المقنعة : ص ١٦٣). فإنّ قوله «يسقط بهما وبالاجتماع ..» صريحٌ في أنّ إتيان الجمعة يسقط الظهر عن المكلّف فهي في عداد الصلوات الخمس ، فتكون نتيجة العبارات المذكورة اذا انضمّ بعضها مع بعض هي التخيير بين الجمعة والظهر ، فتأمّل.

١٩٩

.................................................................................................

______________________________________________________

محمّد بن الحسن عليه‌السلام : من الدلائل على ذلك ما يقتضيه العقل بالاستدلال الصحيح من وجود إمام معصوم كامل غني عن رعاياه في الأحكام والعلوم في كلّ زمان ، لاستحالة خلوّ المكلّفين من سلطان يكونون بوجوده أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد ، وحاجة الكلّ من ذوي النقصان إلى مؤدّب للجناة مقوّم للعصاة إلى أن قال : مقيم للحدود حامٍ عن بيضة الإسلام جامع للناس في الجمعات والأعياد ، انتهى (١). فتراه كيف جعل الجمع في الجمعات من منصب الإمام وخواصّه كالعصمة والكمال والغنى عن رعاياه؟

ثمّ إنّ المفيد في كتاب «الإشراف» وكذا «المقنعة» لم يذكر عدالة الإمام ، فلو ثبت منه الخلاف بمجرّد عدم ذكر السلطان العادل لزم أن تكون عدالة إمام الجمعة خلافية ، واللازم قد تسالم الخصوم على بطلانه ، فإثبات الخلاف في اشتراط الإمام لعدم ذكره وعدم إثباته في اشتراط العدالة في العبارتين تحكّم ، مع أنّ الإجماعات المنقولة في اشتراط العدالة لا تبلغ عُشْر الإجماعات في اشتراط الإمام أو منصوبه ، ثمّ إنّ الفقهاء متّفقون على أنّ القضاء منصب الإمام والفقيه منصوب من قِبله ومع ذلك لا يذكرون في كتبهم الفقهية غالباً سوى صفات الفقيه وذلك لا يقتضي أن يكون الفقهاء لا يقولون بأنّ القضاء منصب الإمام وأنّ الفقيه منصوب منه.

وقال في «الذخيرة» : ظاهر الشيخ في التهذيب موافقة المفيد في المقنعة ، لأنه ذكر في شرح هذا المقام بعض الأخبار الدالّة على وجوب صلاة الجمعة من غير تخصيص ولا تقييد ولم يتعرّض لتقييد أو تأويل فيه ، انتهى (٢). ويأتي بيان الحال في الأخبار.

وقال أبو الصلاح فيما نقل عنه : ولا تنعقد الجمعة إلّا بإمام الملّة أو منصوب من قِبله أو مَن يتكامل له صفة إمام الجماعة عند تعذّر الأمرين. قالوا : وهو صريح

__________________

(١) الإرشاد (مصنّفات الشيخ المفيد ج ١١) في ذكر طرف .. ج ٢ ص ٣٤٢.

(٢) ذخيرة المعاد : في صلاة الجمعة ص ٣٠٨ س ٣.

٢٠٠