للأنصار » وكان صيِّتاً، فنادىٰ : يا معشر الأنصار، يا أصحاب السمُرة، يا أصحاب سورة البقرة! فأقبلوا كأنَّهم الإبل إذا حنَّت علىٰ أولادها، يقولون : يا لبَّيك يا لبَّيك! فحملوا علىٰ المشركين، فأشرف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فنظر إلىٰ قتالهم فقال : « الآن حمي الوطيس »! وهو أول من قالها، ثُمَّ قال :
« أنا النبيُّ لا كذبْ |
|
أنا ابن عبدالمطَّلب » (١) |
واقتتل الناس قتالاً شديداً.
وقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لبغلته دُلدُل : « البِدي دلدل » فوضعت بطنها علىٰ الأرض، فأخذ حفنة من تراب فرمىٰ بها في وجوههم، فكانت الهزيمة (٢)، وقيل : إنَّ أمير المؤمنين عليهالسلام قد قتل منهم أربعين رجلاً (٣)، واستشهد من المسلمين أيمن ابن أمِّ أيمن، ويزيد بن زَمعَة بن الأسود بن المطَّلب بن عبدالعُزَّىٰ وغيرهما (٤).
ثمَّ كانت غزوة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلىٰ تبوك في رجب سنة تسع من مُهاجره (٥).
لمَّا بلغ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنَّ الروم قد جمعت جموعاً كثيرة بالشام؛ لغزو المسلمين في ديارهم، لم يتردَّد في مواجهة تلك الجيوش، فأمر الناس
_______________________
١) طبقات ابن سعد ٢ : ١١٥، الكامل في التاريخ ٢ : ١٣٧.
٢) ابن الأثير في تاريخه ٢ : ١٣٧.
٣) إعلام الورىٰ ١ : ٣٨٧، وروىٰ ذلك المفيد في الارشاد ١ : ١٤٤.
٤) الكامل في التاريخ ٢ : ١٣٩.
٥) الطبقات الكبرىٰ ٢ : ١٢٥.