ومع ذلك لم يتفطن لظاهر قوله سبحانه : (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) (١) وقوله : ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَة إِلاّهُوَ رابِعُهُمْ (٢) والآيتان تنافيان البينونة الكاملة التي يدّعيها الأشعري.
ج. ويستدلّ على أنّ الله في السماء بما روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه سأل جارية فقال لها : أين الله؟ قالت : في السماء. فقال : فمن أنا؟ قالت : أنت رسول الله. فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم للرجل الذي كان بصدد عتقها : أعتقها فإنّها مؤمنة. (٣)
د. ويقول : إنّه سبحانه يضع السماوات على اصبع ، والأرضين على إصبع ، كما جاءت الرواية عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من غير تكييف (٤) ويكتفي في نفي التجسيم بكلمة مجملة ، أعني قوله : « من غير تكييف ».
٤ ـ إنّ الشيخ في « الإبانة » يصرّح بأنّه لا خالق إلاّ الله ، وأنّ أعمال العبيد مخلوقة لله مقدورة ، كما قال : (وَاللّهُ خَلَقكُمْ وَما تَعْمَلُونَ ) (٥) ، وأنّ العباد لا يقدرون أن يخلقوا شيئاً وهم يُخْلَقُون. (٦)
ومن المعلوم أنّ القول بأنّ فعل العبد مخلوق لله لا ينفك عن الجبر وسلب الاختيار عن الفاعل ، لأنّ الفعل إذا كان مخلوقاً له سبحانه ، وكان هو الموجد والمحقّق ، فما معنى كون العبد مسؤولاً عن فعله ـ خيره وشره ـ ؟
ولمّا كان أهل الحديث معتقدين بهذا ( مع كونه نفس الجبر ) أبقاه بحاله ، ولم يشر في كتاب « الإبانة » إلى شيء يعالج تلك المسألة العويصة.
ــــــــــــــــــ
١ ـ الحديد : ٤.
٢ ـ المجادلة : ٧.
٣ ـ الإبانة : ٩٣ والحديث أخرجه مسلم باب تحريم الكلام في الصلاة : ٢/٧١ ، ط مصر.
٤ ـ الإبانة : ٢٢ أخرجه البخاري : ٩/١٢٣ في تفسير قوله : لماخلقت بيدي.
٥ ـ الصافات : ٩٦.
٦ ـ الإبانة : ٢٠ الأصل ١٧.