وعلا عن الجسم والجسمانية بحماس وأسلوب صريح ، بل يحاول إثبات الصفات الخبرية ، كالوجه واليدين له سبحانه ، كما يحاول إثبات استوائه على عرشه تعالى ويقول : « وإنّ الله استوى على عرشه » كما قال : (الرَّحْمنُ على الْعَرْشِ اسْتَوى ) (١) ، وإنّ له وجهاً بلا كيفكما قال : (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّك ذُو الجَلالِ والإِكْرامِ ) (٢) ، وانّ له يدين بلا كيف كما قال : (خَلَقْتُ بِيَدي ) (٣) ، وكما قال : (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ ) (٤) وإنّ له عيناً بلا كيف كما قال : (تَجري بِأَعْيُننا )(٥) (٦).
ترى أنّه اكتفى في التنزيه بلفظ مجمل وهو قوله : « بلا كيف » مع أنّ اللفظ المجمل لا يفيد الناظر شيئاً ولا يصونه من أن يقع في ورطة التشبيه والتجسيم. ولكنّه في « اللمع » لم يتعرض للوجه واليدين والاستواء على العرش ، بل أهمل ذلك إهمالاً تاماً ، وزاد على ذلك التصريح القاطع بتنزيه الله عن الجسمية ، وعلوِّه أن يكون مشابهاً للحوادث.
٣ ـ ترى بوادر التجسيم في « الإبانة » بوضوح ، ونأتي بنماذج من ذلك :
أ. ما ذكره تأييداً لقوله : إنّ الله عزّوجلّ مستو على عرشه ، أنّه روى نافع بن جبير عن أبيه : ينزل الله عزّوجلّ كلّ ليلة إلى سماء الدنيا فيقول : هل من سائل فأعطيه ، هل من مستغفر فأغفر له ، حتى يطلع الفجر. (٧)
ب. إنّه يصر على البينونة التامة بين الخالق والمخلوق ، ويقول : إنّه ليس في خلقه ، ولا خلقُهُ فيه ، وإنّه مستو على عرشه بلا كيف ولا استقرار. (٨)
ــــــــــــــــــ
١ ـ طه : ٥.
٢ ـ الرحمن : ٢٧.
٣ ـ ص : ٧٥.
٤ ـ المائدة : ٦٤.
٥ ـ القمر : ١٤.
٦ ـ الإبانة : ١٨ الأُصول برقم ٦ ، ٧ ، ٨ ، ٩.
٧ ـ الإبانة : ٨٨ ؛ أخرجه أحمد في المسند : ٤/٨١ من حديث جبير.
٨ ـ الإبانة : ٩٢٢.