العرش والسماء ، فوق كلّ شيء إلى تخوم الثرى ، فوقية لا تزيده قرباً إلى العرش والسماء كما لا تزيده بعداً على الأرض والثرى ، بل هو رفيع الدرجات عن العرش والسماء ، كما أنّه رفيع الدرجات عن الأرض والثرى ، وهو مع ذلك قريب من كلّ موجود ، وهو أقرب إلى العبد من حبل الوريد وهو على كلّ شيء شهيد. (١)
ويقول في موضع آخر :
العلم بأنّه تعالى مستو على عرشه بالمعنى الذي أراد الله تعالى بالاستواء ، وهو الذي لا ينافي وصف الكبرياء ، ولا يتطرق إليه سمات الحدوث والفناء ، وهو الذي أُريد بالاستواء إلى السماء حيث قال في القرآن : (ثُمَّ اسْتَوى إِلى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ) (٢). وليس ذلك إلاّبطريقالقهر والاستيلاء ، كما قال الشاعر :
قد استوى بِشْرٌ على العراق |
|
من غير سيف ودم مهراق |
واضطر أهل الحق إلى هذا التأويل كما اضطر أهل الباطل إلى تأويل قوله تعالى : وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنما كُنْتُم إذ حمل ذلك بالاتفاق على الإجابة والعلم. (٣)
٦ ـ رأيه في تكلّمه سبحانه
قد ذهب الغزالي في تفسير تكلّمه سبحانه إلى ما اختاره شيخه فقال : إنّه تعالى متكلّم ، آمر ، ناه ، واعد ، متوعد ، بكلام أزلي ، قديم ، قائم بذاته ، لا يشبه كلام الخلق ، فليس بصوت يحدث من انسلال هواء أو اصطكاك أجرام ، ولا بحرف ينقطع بإطباق شفة أو تحريك لسان. (٤)
وقال في موضع آخر :
ــــــــــــــــــ
١ ـ قواعد العقائد : ٥٢.
٢ ـ فصلت : ١٠.
٣ ـ قواعد العقائد : ١٦٥.
٤ ـ قواعد العقائد : ١٦٥.