إرادته الجبر وعدمه. وعلى كلّ تقدير فقد استدل الأشعري على مقالته بوجوه عقلية ونقلية ، نشير إلى أُمهاتها :
الأدلّة العقلية على عموم إرادته
١ ـ إنّ الإرادة إذا كانت من صفات الذات بالدلالة التي ذكرناها وجب أن تكون عامة لكلّ ما يجوز أن يراد على حقيقته. (١)
يلاحظ عليه : أنّه لم يبيّن وجه الملازمة بين كون الإرادة من صفات الذات وعموميتها لجميع المحدثات ، فكون الإرادة من صفات الذات لا يستلزم تعلّقها بكلّ ما يجوز أن يراد.
اللّهمّ إلاّ أن يرجع إلى وجه آخر ، وهو كون الإرادة من صفاته الذاتية ، والذات علّة تامّة بلا واسطة لكلّ شيء ، فيستنتج عموم إرادته لكلّ شيء من عموم علّيّة ذاته لكلّ شيء كما سيذكره.
٢ ـ دلّت الدلالة على أنّ الله تعالى خالق كلّ شيء حادث ، ولا يجوز أن يخلق ما لا يريده. (٢)
٣ ـ قد دلّت الدلالة على أنّ كلّ المحدثات مخلوقات لله تعالى ، فلمّا استحال أن يفعل الباري تعالى مالا يريده ، استحال أن يقع من غيره ما لا يريده ، إذ كان ذلك أجمع أفعالاً لله تعالى. (٣)
ويلاحظ على الوجهين : أنّهما مبنيان على أصل غير مسلَّم عند المعتزلة وهو أنّ أفعال العباد مخلوقة لله سبحانه ، وأنّه سبحانه علّة تامة لها ، وفاعل مباشري لكلّ شيء ، وقائم مقام جميع العلل والأسباب.
٤ ـ إنّه لا يجوز أن يكون في سلطان الله تعالى مالا يريده ، لأنّه لو كان في سلطان الله تعالى مالا يريده لوجب أحد أمرين : إمّا إثبات سهو وغفلة ، أو
ــــــــــــــــــ
١ ـ اللمع : ٤٧.
٢ ـ نفس المصدر.
٣ ـ نفس المصدر.