(إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)(١) فمن اتّقى الله فيما أمره لقي الله مؤمنا بما جاء به محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم. هيهات هيهات فات قوم وماتوا قبل أن يهتدوا وظنّوا أنّهم آمنوا ، وأشركوا من حيث لا يعلمون ، إنّه من أتى البيوت من أبوابها اهتدى ، ومن أخذ في غيرها سلك طريق الرّدى ، وصل الله طاعة وليّ أمره بطاعة رسوله ، وطاعة رسوله بطاعته ، فمن ترك طاعة ولاة الأمر لم يطع الله ولا رسوله ، وهو الإقرار بما نزل من عند الله : خذوا زينتكم عند كلّ مسجد ، والتمسوا البيوت الّتي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، فإنّه قد خبّركم أنّهم رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصّلاة وإيتاء الزكاة ، يخافون يوما تتقلّب فيه القلوب والأبصار ، إنّ الله قد استخلص الرسل لأمره ، ثمّ استخلصهم مصدّقين لذلك في نذره ، فقال : (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ)(٢). تاه من جهل ، واهتدى من أبصر وعقل ، إنّ الله ـ عزوجل ـ يقول : (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)(٣) وكيف يهتدي من لم يبصر؟ وكيف يبصر من لم ينذر؟ اتّبعوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأقرّوا بما نزل من عند الله وابتغوا آثار الهدى ، فإنّهم علامات الأمانة والتقى واعلموا أنّه لو أنكر رجل عيسى بن مريم عليهالسلام وأقرّ بمن سواه من الرسل لم يؤمن ، اقتصّوا الطريق بالتماس المنار ، والتمسوا من وراء الحجب الآثار ، تستكملوا أمر دينكم وتؤمنوا بالله ربّكم» (٤).
[٢ / ١٩٩] وبإسناده عن سليمان الجعفري ، عن أبي الحسن الرّضا ، عن أبيه عليهماالسلام قال : رفع إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قوم في بعض غزواته ، فقال : «من القوم؟ فقالوا : مؤمنون يا رسول الله! قال : وما بلغ من إيمانكم؟ قالوا : الصبر عند البلاء والشكر عند الرّخاء والرّضا بالقضاء. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حلماء (٥) علماء كادوا من الفقه أن يكونوا أنبياء ، إن كنتم كما تصفون ، فلا تبنوا ما لا تسكنون ولا تجمعوا ما لا تأكلون واتّقوا الله الّذي إليه ترجعون» (٦).
* * *
[٢ / ٢٠٠] وبإسناده عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام وبأسانيد مختلفة ، عن الأصبغ بن نباتة قال : خطبنا أمير المؤمنين عليهالسلام في القصر ونحن مجتمعون ، ثمّ أمر فكتب في كتاب وقرئ على الناس.
__________________
(١) المائدة ٥ : ٢٧.
(٢) الفاطر ٣٥ : ٢٤.
(٣) الحجّ ٢٢ : ٤٦.
(٤) الكافي ٢ : ٤٧ ـ ٤٨ / ٣.
(٥) في بعض النسخ «حكماء».
(٦) الكافي ٢ : ٤٨ / ٤.